مدخل

 
                                              مفرد في غمام السفر 

] النصُّ الشبيه والنصُّ الغائب [

قراءات في تجربة عبد الله رضوان الشعريّة

2005

مدخل 

                                     (1)

     ثلاثة مفتتحات مهمة تدخل في بنية النصّ الشعري، باعتباره

مُنتجاً مُذوّباً في كأس الحياة، من حيث تشكيل وشائج الرؤيا، التي

تربط أضلاع المثلث الإبداعي.

 

    ولتمرين  الحوزة  الشعرية على هذا المفتتح المعرفي،  يستند

الشاعر بصفته الأثيرية على حركة هذه الرؤيا التي تستند  بدورها

على هذه المواصفات:

 

 

           النصُّ المقروء:

                          الشاعر - النصّ - المتلقي

           النصّ الشبيه:

                          المتلقي- الشاعر – النصّ

           النصّ الغائب:

                         النصّ – المتلقي – الشاعر

 

(2)

        يحتفي  "النصُّ  المقروء"  بالذات "  الشاعر"  وظهورها على

 الشاشة  البصرية  لاختياره  بنية  اللغة  الإشارية  فيوضات الذاكرة

  المعرفية،  لتتواءم  مع البنية  التصويرية  التي يلجأ  إليها المبدع،

    للكشف عن الحواس الممغنطة لجملة الأنساق التي يعاينها المتلقي في

قراءته للكلية النصية المصاحبة " للنصّ الشبيه"، " والنصّ الغائب" ،

في أفعال حضور الإتّباع.

     ويتناول " النصّ الشبيه " الأنساق التي يعاينها المتلقي في " النصّ

المقروء"، لمرونة الانحياز التخيّلي الذي يطرأ على الشاشة البصرية ،

لجهة انتقالها من الحواس الممغنطة  إلى ذاكرة المتلقي الإسترجاعية ،

أو التأملية، حيث يصار إلى إخفاء " النصّ المقروء ".

    لرغبة في الكشف عن  ضمير اللغة المستتر في خطاب الابتداع

وينحاز " النصّ الغائب " إلى رغبة المعنى وإسقاطاته، للعبور بالبنية

النصية،  من  بنية قائمة  على اللغة وإشاراتها،   واحتفالها بالضمير

المستتر في  خطاب  الابتداع، إلى  بنية  قائمة على مواصفات ذات

بعد تكتيكي يقوم على موازنة البيان التاريخي، لجهة اتصاله بديمومة

الذات الظاهرة والباطنة في خطاب الإشباع.



مقدمة الكتاب

 

(1)

     لا تدعي هذه القراءات بأنها تستند على منهجية نقدية محددة،

 وإنما  تحاول  استمطار المنطقة  الوسطى  للشعر،  والتي تنتهز

 الجمهرات  اللغوية الفائضة لتعيد إحيائها  من  جديد، وهي بذلك

 تستوطن الفعل الشعري وممتلكاته، وتستنطق النصّ من حيث هو

 إشارة وجود، لما هو متخيل وموجود.

 

(2)

      ولم  تكن القراءات إلا  جواز  مرور لأكثر الحالات تشعباً

 وانفتاحها باستبصارها  للفعل الشعري وإشاراته،  وهي قراءات

 توافقت  في أكثر  معطياتها  مع شاهدي المتخيل حول مفردات

التجربة الشعرية، من حيث سلوك النصّ في مكوناته البنائية.

 

 

(3)

      وتجيء  القراءات  لا  لتقرر  مفردات العنوان فقط،  ولكن

لاستشراف المستوى العام والخاص،  لرؤيتي حول تجربة الشاعر

عبد الله  رضوان  التي  وجدت  نفسي  حيالها  منكبة على تفتيت

أقانيمها، ضمن دائرة الشعرية العربية، في نظرة إختلاسية لشعرية

التوقع " النصّ الشبيه "، وشعرية التناص " النصّ الغائب"، من هنا

جاءت  القراءات  مستندة  على  أطياف البنية الشعرية ومفرداتها،

ومستفزة لجهوية النصّ الشعري، حيث لم اسمح للقراءات،أن تحدد

الشكل الشعري، أو موضوعاته.

 

(4)

       أما  ترتيب  القراءات  فقد جاءت لتخدم أبجدية العنوان من

حيث صلته بالنوعية التي تسعى القراءات لتأسيسها، أبجديةً تشكل

قدرة  اللغة  والنصّ  على  التعاطي  مع  شعرية التوقع، وشعرية

التناص، واستلهامه لبؤر الإشعاع الكامنة في اللغة والمتن/

 

(5)

       وكان السبب الرئيس وراء اختيار هذا المنهج في القراءات،

إذا جاز أن نسميه منهجاً،  هو  ترك  النصّ الشعري ليفتح ذراعيه

 

أمام شيفرة الرؤيا التي انطلقت منها القراءات، شيفرة إقامة النصّ

النقدي الذي يسير جنباً إلى جتب مع اللغة، في أدقّ حيواتها، بعيداً

عن الشكل.

 

(6)

     وقد  وجدتُ القصائد  قادرة  على  النهوض ببوتقة الظل إلى

بؤرة النور تلك المساحات  التي  تتقارب  فيها مقومات كل ما من

شأنه أن يعيد آلية الحسابات المسكوت عنها في الخطاب الشعري ،

فهي  وإن  بدت  ذات  خطاب  استقرائي واقعي موشح بانثيالات

الصوت، إلا أنها مع ذلك كانت تحفر في مرايا الشعر حفراً جمالياً

ينهل مع كل جملة تفاصيل الأمكنة بتراثها، والأزمنة بأجيالها عبر

لغة استندت على عائلة التناص التراثي في شقّيه الحسي والنفسي.

 

(7)

     سمّيتُ  المعنى وما  يحمل من مفاجآت حسيّة وحدسيّة، وما

يتبناه من توافر المسميات في اللغة، وما يفضي إليه من علاقات بين

الإشارة والقول الشعري،  وما ينفتح  عليه من إحساس بالمستوى

المتقدم لمغايرة الذات، بشعرية التوقع، " النصّ الشبيه".

 

 

      أما  شعرية التناص " النصّ الغائب"،  فقد  جاءت من استمزاج

الرؤيا  التراثية  بالرؤيا المعاصرة، بعيداً عن خياطتها بمسلة الحرفية

الذهنية  لذاكرة  المعنى  الماضوي،  حيث  تنقلب الصورة  إلى فعل

ديمومي يحدث في لحظة التناص،  لحظة الكتابة،  لحظة البحث  عن

ذات  قادرة على  الاتساع المكاني والزماني، دون الالتفات على جهة

الإشارة والقول الذي مضى.

 

(8)

      من هنا تبحث القراءات في المعنى لجهة اتصاله بشعرية التوقع

وتبحث في الرؤيا لجهة اتصالها بالتناص، باعتبار أن المسافة الفاصلة

بين  الشعريتين  هي  مسافة  وهمية  ولكنها  قادرة  على  تحديد آلية

النصّ البنائي.

 

(9)

       لا  تقر القراءات  النظر الظاهري  للنصّ،  إذ أنه يشكل حالة

المسودة الأولى  للكتابة الشعرية،  فهي  لا تشرح ولا تمارس ضغطاً

على  النصّ  ولا  تكشف العلاقات السطحية لمران المفردة والصورة

والوزن،  ولكنها  تحاول  استمزاج  ما  يبطن  في المفردة والصورة

 

 

والوزن من خلال مغنطة المسميات بالمعطيات الشعرية، فهي تشكل

الانفتاح الأتم على فتنة الغواية التي يمارسها الشاعر والنصّ معاً .



ثلاثة هوامش

(أ)

      ّثبتُّ بعد مقدمة الكتاب قصيدة بعنوان " حارس الشعر " كنتُ

أهديتها للشاعر عبد الله رضوان  وهي منشورة في ديواني " عليك

بمائي "  الصادر عن المؤسسة العربية للنشر والتوزيع في بيروت

1999

 

(ب)

      ووضعتُ  إشارات  ما  يشبه  السيرة  الشعرية، وهي رؤية

تأويلية نصية- تقترب  من الشعر والنثر والنصّ المفتوح وتعريف

المصطلح- عن جملة المعطيات التي تناولها وتعامل معها الشاعر عبد

الله رضوان.

 

(ج)

       وأخيراً أرجو أن أكون بصرتُ بالنصّ الشبيه والنصّ الغائب

وأن  أكون  تلمّستُ  منابت  النصّ المقروء،  ومسالك  عائلة النصّ

الشبيه والنصّ الغائب، بما يضمن للقارئ أن يضع ذاته في حرارة

هذه  النصوص،  بعيداً  عن  الشروحات  التي  تثقل كاهل الشعرية

والتوقع، والتناص

                          والله من وراء القصد

                                         المؤلف إربد 1م1م2005

 

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x