خاتمة الكتاب / مفرد في غمام السفر

 


     بعد  الذهاب  بعيداً  خلف  ما  يتأسس  على  المناهج النقدية من

انزلاقات،  وبعيداً عن الذهنية المسبقة في التعامل مع النصوص، التي

ربما في اتكاءاتها على الاحتمالات النقدية، تجعل  من النصّ الشعري

دمية  يلبسها  التاجر  ما  يشاء  من  الثياب،  وجدتُ  نفسي  محاطًا

بعائلة  النصّ  الشعري  الذي  عايشته  في منامه، وحلمه، وصحوته،

متلبساً  في   تقمصاته  لأكثر  الأشياء  وضوحاً،   وأكثر  المسميات

انتشاراً بمنازل الحياة الجزئية، ومنازل الملكوت المحيطة بالكائن.

 

     وبدا  لي  من  خلال  هذه   المعايشة،  أو  الضيافة إمكانية أن

أمارس  معه  كلّ  طقوس  القوة  والضعف، طقوس الفرح والحزن،

وطقوس  الغياب  والحضور،  وطقوس  الحياة  والموت،  فمارستها

جميعاً، فتكشفت لي إنسانية النصّ الشعري وفضاءاته المطلقة التي لا

يقيدها  حد،  وتكشف  لي  أسبابه  ومسبباته،  ودوافعه،   ونورانيته،

وبشريته،  ومن   خلالها  كان  لي صيد كما أرى ثميناً، فقد تدارسنا

معاً أن حوزة النصّ الشعري تتوافر على ثلاثة نصوص، النصّ

المقروء، النصّ الشبيه، والنصّ الغائب، ويلظمها عقدان لؤلؤيان،

 

 

 

شعرية  التوقع،  وما  تمثله  من  أحوال  تبدأ  من  المعنى وتنتهي به،

وشعرية  التناص،  وما  تمثله  من  مقامات تبدأ من الرؤيا وتنتهي بها

 

     واتفقنا  معاً  على  أن  شعرية  التوقع  تستدعي  لغتها  وهيكلتها

من مغنطة ا لنصّ الشبيه الذي تربطه مع لحمة النصّ المقروء وشيجة

مقاربة  المسميات من أسمائها وعنواناتها، كما واتفقنا على أن شعرية

التناص  تستدعي  تمازج  الرؤيا  مع  الحس  المقترن   بوشيجة  أنا

النصّ،  لاتصالها  بالقناع  من  حيث  الانتقال باللغة من فضاء القول

الإشاري إلى فضاء المصاهرة والارتباط العضوي بالفعل الإشاري.

 

      كما  وتبين  لنا  من  خلال  استرسال الحواس في الكشف عن

النصوص  الثلاثة،  بأن  اللغة  في  تشكلاتها  النصية  تعتمد   على

مصاحبة  المفردة  بصفتها  الحامل  الأثيري لكلّ مقابسات المرجعية

النصية.

 

     وقدمتُ  في نهاية الكتاب فصلاً مستقلاً جامعاً أسميته" الهوامش

الجامعة"  لأنه  بمثابة المغناطيس اللاقط للنصوص الثلاثة" المقروء،

الشبيه، العائب"، حيث بينتُ كيفية انتشار كلّ واحد، وعلاقته بالآخر، وإمكانية استقلاله ومدى التزامه بشعرية التوقع،

 

وملامسته   لشعرية  التناص،  وأهمية  التفات  النصّ  الشعري  لهذه

الميكانيكية   الحية  في   اللغة،   وكيفية  ارتقاء  القارىء   للمستوى

البنائي، للكشف عن النصّ المناسب.

 

     ويلحظ  القارىء  بأن  الكتاب  لم  يستند  على  مرجع  ما،  ولم

يقتبس  قولاً  من  هنا  وهناك،  مع  أهمية  المراجع التي  تحدثت في

موضوع  الشعرية،  والاقتباس  الذي  يثري  فضاءات   البحث،  ولم

يعتمد  أيضاً  على  مقاربة  نصوص  عبد الله  رضوان الشعري  مع

نصوص  لشعراء آخرين، مع أهمية هذه المقاربة أيضاً، وما  تتيح لنا

من  إثبات  صحة  المنطلق  الذي  قام عليه  البحث، لثقة الباحث بأن

تجربة الشاعر عبد الله رضوان   قد أوفت بالغرض المنشود، وأتاحت

هذه الفرصة.

 

 


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x