حديث القصيدة

 

    بدأتْ الخلية تأخذ شكلها   ، وتحدّد مساراتها   ، بدءاً من التمركز حول بؤرة القصيدة   ، وليس انتهاءً بتوزيع المفردات على معابر الجمل ومنطلقاتها اللغوية والفكرية   ، بدأتْ تنمو وتتحيّز لجهة السلالة المعنوية   ، وبدأتْ في استخلاص عسلها التركيبي

    أنا القصيدة مفردة واحدة في شعاب المفردات وانسلاخها عن الترادف الذاتي والذهني   ، حملتُ في جعبتي هيبة الكلام   ومقام الرجوع إلى حرير التراب 

في مسيرتي بطانة القرى والجبال والسهول  ، وفي

معاولي حديث المطر   ،

      أنا القصيدة التي تعيش في الكهوف والجبال والوديان  ، وقامتي مستنبتٌ الخطر  ، لم أترك دليلاً واحداً في معاقل اللغة  ، إلا وسقتُهُ لحاملي في منابر العتمة والضياء  ،

   أنا وضوح السنديان والعصا   ، ومنبع الغموض في مرايا الريح   ،

   أنا القصيدة التي ترقق المفردات  ، وتبعث الحياة في الرفات  ، أعيش في كمائن الرموز التي تصاب بالجراح  ، وأسكن الجهات

   في بيان التوقيت لولادة القصيدة   ، انسلخت العتمة عن الواصف وسلوم وسعيد المكوجي في كهف القطا

قرّروا الخروج إلى المفردات   ،

_ سنبدأ في مجاورة المفردات منذ الآن

أدرك الواصف قوة الانبعاث في كلام سلوم

_ ولكن بحذر  ، وعلينا أن نبدأ بالذين يتسعون ويستمعون للخطاب الشعري

   وقال سعيد باندفاعٍ آخر

_ وأنا سأبدأ بتحرير مسالك القصيدة

   وأضاف الواصف

_ ولكن عليك بمباعدة المسالك

    هي اللحظة إذن يا رجب  ، فأين أنت  ، أتكفي تعاليمك  ، أم أنك في لحظة ما ستبدو أكثر وضوحاً في الغموض  ، أم أنك ستكتفي بإرسال الإشارات من علٍ

هي اللحظة الآن

   حزم الواصف أمتعته اللغوية  ، وخطى باتجاه أبي المنقذ  ، فرد أمامه بيان القصيدة وحديثها  ، وقال:

_ عليك بتحرير اللغة  ، وبيان تشكيلاتها النحوية

_ صفحة  ، صفحة أيها الواصف

_ لنبدأ إذن بصفحة الرمز   ،

_ يجب أن يبقى في طيّ الكتمان إلى وقت معلوم

_ إذن من أيّ صفحة تشير

_ صفحة المفردات  ، فهي المكوّن الرئيس للقصيدة والرمز حارسها وقائدها إلى الدلالة

_ هذه مهمة سلوم

_ بل مهمتنا جميعاً

    بعد أيام مقروءة من حديث القصيدة  ، نفرت المفردات إلى وجودها  ، فلم يعد كهف القطا وحده مستنبت الخلية  ، فأصبح هناك  ، كهف الضباع  ، وكهف الكنز  ، وكهف الحوريات  ، وكهف العودة وهو بيت أبي الوداد

  بدأت الخلايا تتعالق مع الكهوف قوة وحذراً   ، غضباً وانفتاحاً   ، بسطاً وقبضاً   ، تحركها جميعاً خلية كهف القطا 

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x