ماذا سأكتبُ والفراغُ يَلُوكُني؟ للشاعر هلال الفارع

ماذا سأكتبُ والفراغُ يَلُوكُني؟ للشاعر هلال الفارع



إهداء إلى أخي الشاعر أحمد نمر الخطيب


بِبَهَائِكَ ازْدَانَتْ صُدُورُ قَصَائِدِي          طُوبَى لِشِعْرٍ مِنْ بَهَاكَ ازْدَانَا
للهِ أنتَ، نَثَرْتَ فَوْقَ بَيَاضِهَا                  مُدُنًا تُحَلِّقُ في المَدَى أَلْوَانَا
وأَفَضْتَ فيها مِنْ بَيَانِكَ أَنْهُرًا         تَجْرِي، فَتَعْزِفُ في الْوَرَى أَلْحَانَا
ماذا سَأَكْتُبُ يا أُخَيَّ، وَفي يَدي                  قَلَمٌ تَمَاطَرَ حِبْرُهُ أَشْجَانَا؟
وَأَراقَنِي كِسَفًا تَقَاطَرَ صَمْتُهَا             وَتَرَاقَصَتْ في مُهْجَتِي أَحْزَانَا
فَإِذَا يَدِي فَوْقَ السُّطُورِ كَلِيلَةٌ                    فَقَدَتْ بِكُلِّ مَحَطَّةٍ أَوْطَانَا
وَإِذَا فَمِي يَهْفُو لِكُلِّ مَطِيرَةٍ                       وَيَعُودُ في إطْبَاقِهِ ظَمْآنَا
ماذَا أَقُولُ، ولَيْسَ لي إلاَّ دَمٌ                          سَدَّدْتُهُ لِنَوَائِبِي أَثْمَانَا
أَسْتَعْطِفُ القَلْبَ الشَّقِيَّ صَبَابَةً            فَيَصُبُّ في أَرَقِي الشَّقَا عُنْوَانَا
ما زِلْتُ أَرْكُضُ خَلْفَ كُلِّ وَدِيعَةٍ                 وُرِّثْتُهَا، وَلَبِسْتُهَا أَكْفَانَا
وَطَفِقْتُ أَخْضِبُهَا بِقَانِي راعِفٍ              ما انْفَكَّ يَبْرِي عاشِقًا وَلْهَانَا
أَمْضِي، يجَاذِبُنِي الرَّجَاءُ، وأنْثَنِي          مِزَقًا كَسَاهَا الْمُبْتَلَى خُسْرَانا
هَيْهَاتَ تَعْصِمُنِي الأَمانِي مِنْ غَدٍ        أَرْخَى الظَّلامَ، وَجَرَّدَ الصُّوَّانَا
أَرْجُو الْحَيَاةَ، وَلَيسَ لي مِنْهَا سِوَى         زَمَنٍ تَوَالَدَ في النَّوَى أَزْمَانَا
فَإِذَا انْبَرَى، أَفْرَدْتُ دُونَ سِنِيِّهِ                 عُمْرًا تَهَاوَى دُونَهَا تَحْنَانَا
قَلْبِي يَرِفُّ، ولَسْتُ أَمْلِكُ لَجْمَهُ              وَيَكَادُ يَهْرُبُ مِنْ دَمِي أَحْيَانَا
وَبِخَاطِرِي كَسْرٌ تَأَبَّى جَبْرُهُ                 يُدْمِي الْقُلُوبَ، وَيَسْفَحُ الْهَتَّانَا
وَتَقُولُ لِي: لِمَ كُلُّ هذا الْحُزْنِ في       جَسَدِ الْحُرُوفِ، يُزَلْزِلُ الأَرْكَانَا
والشِّعْرُ فَلْسَفَةٌ، وَرِحْلَةُ شَاعِرٍ            عَبَرَ الْبُحُورَ، فَأَطْلَقَ الْمُرْجَانَا؟!
اِحْلَمْ، وَطَوِّفْ بالأَمَانِي، واشْتَعِلْ               حَتَّى تَكُونَ بِبَحْرِنَا رُبَّانَا
يا وَيْحَ عَاذِلَتِي، وَهَلْ مِنْ شَاعِرٍ           مِثْلِي أَكَبَّ عَلَى الْمُنَى إِدْمَانَا؟
إِنِّي لأَحْلُمُ أَنْ أَرَى شَبَّابَتِي                تَسْبِي الْحُقُولَ، وَتَسْتَبِيحُ الْبَانَا
وَتَمُرُّ في صَدْرِ الرَّبِيعِ، وَتَنْثَنِي             لِتُرِيقَ فِيهِ قَصَائِدِي غُدْرَانَا
وَأُحِبُّ أَنْ أَغْفُو على سَفْحٍ لَهُ                   أُرْجُوزَةٌ مَجْدُولَةٌ رُعْيَانَا
تَذْرُو الْعُقُولَ، فَكَيفَ إِنْ هَمَسَتْ لَهَا            إطْلالَةٌ قَدْ أُتْخِمَتْ وِدْيَانَا؟ 
ماذَا سَأَكْتُبُ، والْفَرَاغُ يَلُوكُنِي              وَيُمِيتُ فِي أَعْمَاقِيَ الإِنْسَانَا؟
الْبَحْرُ غَادَرَنِي، فَأَخْلَقَ زَوْرَقِي          وَنَسِيتُ بَعْدَ تَصَحُّرِي الشُّطْآنَا
تَعِبَتْ يَدَايَ، وَضَوْءُ قَافِيَتِي خَبَا             فَإِلَى مَتى سَأُسَاوِرُ الشِّرْيَانَا؟

كُتب بواسطة:

مقالات أخرى قد تهمّك

0 Comments: