يثقلهُ الوسواس الخنّاس


يثقلُهُ الوسواس الخنّاس
تثقلُهُ مرآةٌ تعكسُ هيئة هذا الظلِّ
على مرأى الناسْ
والطينُ الأبلهُ في غرفٍ حمِئةِ
يُثقلُهُ الأوّابونَ إلى المعنى

عشرُ ليالٍ
وسوادٌ ومناخٌ غيرُ لطيفْ
وهوَ على شرشفهِ الأبيضِ
يرسمُ ألَمَاً ما
وسؤالاً عن لغةِ الإعياء
ومحكمة التفتيشْ
عشر ليالٍ
ويقابلُها عشرُ نهاراتٍ سوداء
كذلك تمرِضُهُ
يبرقُ صوتاً
فيرقُّ الناسُ
وتنعاهُ سلالتُهُ
منْ هذا الأبديُّ الطالعُ
منْ عُرْفِ الفجرِ نحيفاً؟!
هل يعلنُ عن أبديتهِ في الركضِ
إلى مدنْ بيضاءَ وسوداءَ
أم أنّ  الأبدية فيهِ مرايا التنحيفْ
أمْ يعرى
ويعيشْ
أم يستصلحُ من ألَمٍ لحنا؟!

وتدور الساعةُ
والكأسُ الحبلى نصفينِ لأعراضِ الحمّى
تنبهُ سيرتهُ
فيغطّ طويلاً في النوم
فتكثر أسئلةٌ في البالِ
هنا بيتُ الجيرانِ
هنا في آخر نقطة ضوءٍ إمرأةٌ 
وقواميسٌ تعبث بالضوءِ
وتُعرِبُ عظماً فيئنُّ
تغالبه أقراصُ الكحّةِ
يشمخُ حيناً
ويرى حيناً آخرَ امرأةً تتنهّدُ
لا تستأثرُ بالرّيحانِ
ولا الحنّا

الجدرانُ على عادتها تحجبُ شمسَ اليومِ
صياح الدّيكِ
وكركرةَ الأطفالِ البلهاءْ
والبائعُ يسعفُ نخلَ البردِ
فهل كان الغازُ بليداً في المنزلِ
أم أنّ الثلجَ على الجدرانِ وفيا
كانَ لحمّى البردِ
فغالبهُ الإيقاعُ على الماشي شجنا

هلْ طأطأ هذا الوجهُ مراياهُ
فأسكنها حَزَنا؟
إذ كان الساحلُ في الشرفةِ
يمتدُّ إلى رملِ غوايتهِ
ليفيضَ عليَّ بأشياءَ قليلاً ما أعهدُها
وأسافرُ بين يديها مثل الحوتِ
كأنّ الموجةَ بطنٌ لنهارٍ مختومٍ
بظلالِ الشّكِّ
ظلالِ الغَرَقِ الأوّلى
والنزعِ الأوّل للغيبِ
أنا المرجُوُّ لأيامي
هل وقعتْ قدمايَ على سيرتها
أم خلعتْ شرفتها الريحُ
فألهمها المنفى الأبديُّ حرارتها
والمعنى شكّل صورتها
بين نزوع الشكِّ
وأدراجِ المنفى سَكَنا؟!!

علّمني التسبيحَ
فألجمتُ الخوفَ
وكدتُ لفرط يقينيَ أمشي
فوق الماءِ نبياً مرهوناً بتعاليم بالغيبِ
وأدهنُ ظلماتِ العمرِ بأسرابِ طيوريَ
ثمّ أعودُ لأشكمها عدداً
وأغازلُ تربتها
لأعودَ إذا ما أظمأني قوسٌ
من روح الغيمِ
تدلّى من كهنوتِ الشعر
تدلّى ودَنا
هلْ يَبُسَ الحرفُ قديماً
في سلّةِ حادينا؟
كان يمارسُ غبطتهُ الأولى
في تكسيرِ الضمّةِ
منصوباً كان على نخوتهِ
لا يظهرُ في آخر تكوينٍ للرؤيا
وأنا كنتُ أظاهرُهُ في سِبحة جملتهِ
أو أسترعي للجملةِ أياماً معدوداتٍ
بينَ هلالينِ
وأستدعيها إنْ خَرَقَ الشاعرُ
في لعبتهِ
ما لا يشبههُ
وأدافعُ عنهُ إذا وسَنا!!

يثقلهُ الوسواسُ الخناسُ
وضوحُ البنيةِ في تأنيثِ المعنى
ووقوفُ الطائرِ بين هلالينِ
أمام سماءينِ ويعلو
لا يهبطُ لو عصفتْ بالريحِ منازلُ معجزةٍ
أو غزلتْ منْ جملتها الأرضُ
على سعةٍ كفنا

بين سماءينِ
يُداري فقهَ الأيامِ
ويعجنُ ما نبتَ على زغبِ الماضي
ويقهقهُ لو فقهوا
أو عجزوا
وتنام ثلاثةُ أسرابٍ من تحنيط الشكلِ
قريباً من سيرتهِ
ليعودَ بمعجزةٍ أخرى
يختارُ لصحبتهِ
في مسرى الحُجّةِ ما عجنا

هل يلزمهُ الآنَ إذنْ أنْ يعجنَ نحتاً عفويّاً
ليضارعَ سكرتهُ في الحانِ
ويخفتَ بعد عبور النرجس في الكأس؟!
وهل يلزمهُ الآن بأنْ يعبر ثوباً منْ خِرَقٍ
وجفانٍ في الريحِ
وهل يلزمهُ امرأة ليعيرَ الفارسَ وثنا؟!

حوريةُ هذا البحرِ
عروسٌ تتخطى الثابتَ في الفجرِ
وتخطو كالموجِ على دائرة الفوضى
لتصافحَ إنسيّاً مرّ بلا ذنبٍ
مرّ وحيداً في هجرتهِ
مصحوباً بغزالاتِ الرؤيا
حوريةُ هذا البحرِ جناحٌ في فصلٍ
محجوبٍ بالطيرانِ
كتابٌ مفتوحٌ لقراءةِ هذا الإيقاعِ
ونبضٌ لا يفنى

لو صدّرهُ الجسمُ إلى تربتهِ
أو أشكلَهُ المرضُ الطاعنُ في الروحِ
أخيراً في باحتهِ
وثنى ركبتهُ القفزُ على الأشياءِ
وغادرَ لحمتَهُ، وبنى منزلَهُ
في آخرِ سطرٍ لغرابة هذا المبنى

النصُّ بجملتهِ
هل يثقلُهُ الأوابونَ إلى المعنى؟!
عشر ليالٍ يعرى
ويعيشُ
ويستصلحُ من ألَمٍ في محكمة التفتيش
حياةً
ويضارعُ زمنا


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x