الأرض شآميّةُ والقلب سمائي


في منتصفِ الأرضِ
ولا أعرفُ أنَّ الأرضَ تقودُ الرأسَ
من القرنينِ
وجدتُ صراعاً في الحلبةِ
إفكاً
ولهذا جئتُ إلى بيتي
وقفزتُ إلى آخر نقطة ضوءٍ في الحيِّ
لهوتُ عن الدبكةِ
واخترتُ بهائي

في الماضي من سهر الأيامِ
هنا في بيتِ صفيحٍ
كان يُرائي أصغرُ أطفال الحارةِ
قلتُ أُدجِّنهُ
وأصيحُ: أنا حَجَرُ الصّوانِ
فقدتُ الشِّقَ
وما هيَ إلا لحظاتٍ من مرمر روحي
تتفقّدُ غيمي
تَصِفُ الرحلةَ من باب الخوفِ
على رئةِ الأطفالِ يميسونَ على شجرٍ
يحتلُّ ردائي

بين الشاطئ والرّملِ
إذا رَمَلَ الخاطفُ لذّتهُ
يستأنسُ موجُ الشعرِ
أقومُ لأغسلَ بوحي
من بعض ندائي

في الطابقِ بعد العاشرِ
والخيمةُ أعلاها نجمٌ لا يسألُ عن شيءٍ
غير التابوتْ
لَطَم الخَناسُ حديقة جاري
واستوحش من جفن الياقوت
ظلّلني بيد الشمسِ
فأوصلتُ لهُ مزمار الشوقِ
التقتِ الأرضُ بمذياعِ الشارع
فاختلَّ ضريحي
فأريحي يا امرأة الكبريتِ
يدي من نار نسائي

لَمْ يسألني أحدٌ عن جمر المعنى
بَدَد الإيقاعِ
وتكسير الوزنِ إذا لَفَظَ البحرُ مرارتهُ ونأى...
لَمْ يدفعْ بي شجرُ التلِّ إلى ماضٍ يخدعني
أو ماضٍ قام إلى جسدي من سعفةِ نخل الرهبوت
لَمْ يسألني أحدٌ
عيني في زرقتها مطرٌ
مطرٌ في زرقتهِ أحلامٌ ورياشْ
خاصرةٌ ضجَّ عليَّ تحرُّشُها
الموتُ فِراشْ
والسّاعونَ إليَّ من الفوضى
بعضُ نصيبي
وحبيبي
يكنُسُ في الباحةِ نصف هوائي

كَوَّرتُ ترابي
لا شيء يهادنُ رأسي
سوسنةٌ في الحقلِ تضارعُ زاويةً
وتقرِّبني أرملةٌ
تبحثُ عنْ زوجٍ آخرَ
في نافذةٍ تُشبهني
شحّاذٌ يقطعُ في الليلِ طريقَ الجنِّيّاتْ
أشبهُ ما لا أتخيّلهُ
وتراً في عُودٍ خشبيٍّ ألقاهُ اللحنُ
إلى باب الحاناتِ
ورملاً تحت خطاي ولا ظلَّ لهُ
إذ عدتُ إلى زريابَ
وَضِعْتُ كثيراً
وأنا أبحثُ عنهُ
وكان يجمّلني
لا شيءَ يهادنُني
غيرُ الفزّاعةِ في البرِّ
سلبتُ رياش الصقرِ
وخبّأتُ لها زمناً
منْ يذكُرُني؟
الماءُ، ومَجرى السّطحِ
حمامةُ أيامي..
وأمامي يكرجُ ظلُّ المرآةِ
أراهنُ لا شيء يهادنني
غيرُ الفزّاعةِ في البحرِ
وكنتُ أسايسها
وأموتُ على استحياءِ
في منتصف الأرضِ رأيتُ جداراً ينقضُّ
فملتُ إلى ترميم بكائي

ولدي لَمْ يُفطمْ بعدُ
هنا تركَ الغيبُ يدي
فبركتُ على سرِّ حذائي
المشاءونَ إليَّ ضُحى
الغجريّةُ
والسيفُ بلا أيِّ حدودْ
القصفُ الموعودْ
والشجرُ المحمودْ
آياتُ الغربةِ فنجانٌ ذو خطينِ
سحلتُ على كأسي
فوجدتُ امرأةً في آخرِ سِنٍّ يُؤلمها
فتحتْ لي جرّتها
فشربتُ
شربتُ
وصوتٌ من أقصى الدمعِ ينادي:
يا  الوِرْد المورودْ
هذا أفقُ خيالكَ
سجنُ المشاءينَ إلى الجدلِ الموعودْ
هذا النجم الموءودْ
والحِرْزُ المفقودْ
لا شيءَ يُكسِّرُني
وأنا المولودْ!!!
المولودُ على مَهَلٍ
ويقاضي في شهقتهِ الخنّاس الوسواس
المولودُ على عَجلِ
ويُداري وسوسة الناس
من يتفقّدُني؟
اللهبُ الأحمرُ
أم سطوةُ جدّي
أم باكورة أعمالي
حين أراقبُها تمشي للطينِ الرّخوِ

تعبرُ جاريةٌ بزقاقِ الحارةِ تحتلُّ غنائي
فأدُسُّ حرارةَ أعمالي بشفيفِ الفستانِ
أقامرُ في تقريع الأولادِ
أما حَجَرَتْكَ الريحُ
وقامتْ تتزيّا؟!
دعْ عنكَ ثُريّا
قُمْ، واشهدْ مائي
قُمْ، فالأرضُ شآميّةُ
والقلبُ سمائي



إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x