سلام على ثوبها


بدأتُ وحيداً
وكانَ على تلةِ الريحِ
وجهُ الصّباحِ فتيّا
فتيّاً
وليس لهُ سكّةٌ للظهيرةِ
ليس لهُ تربةٌ في الجريدةِ
نعيٌ
وليس لهُ...
فاطحنوا حبّة القمحِ عصراً
وشدّوا نبالَ الخطابة غيّا
ولا تأخذوا من سراب الكتابة
شيئاً نقيّا
لأنَّ السبيلَ إلى حيرتي
طافحٌ بالنبيذِ، ومُنشى
وفيهِ من الليلِ مَمشى
فشدّوا على سيرتي
قد خُلقتُ بروح الكلامِ
سلامٌ على بردةٍ في الشمالِ
سلامٌ عليّا

أنا الطاعنُ الآنَ بالهمِّ
جرّبتُ شويَ الصقورِ على عجلٍ
فارتبكتُ
وما قوّمتني على البحرِ أمّي
ولكنّها عاودتْ طيَّ نبضي
وأرختْ عليَّ من الخوفِ طيناً قصيّا
سلامٌ عليها
وقد زوّجتني صباحاً
وطلقتُ نصف الكلامِ عشيّا
أنا طفلُها في الهجير
وفي الحربِ
في ساعة العشقِ
لَمْ أنتبهْ
أنَّ ميلاد نفْسي أتى مُشبعاً بالغوايةِ
يحرثُ طينَ الكواكبِ
ينمو على ركبةِ السنديانِ قليلاً
ويغشى بألف انتظارٍ حواراً عصيّا

أتتْ من سبيلِ
وتحملُ ضلعي
وترسو على حزنها في الحديثِ
ولَمْ تستردَّ الغناءَ الشقيّا
أشارتْ، فخان الكلامَ لساني
وطارتْ إلى أهلها
ثمَّ خارتْ غصونُ السماءِ
ومالتْ عليّا
أنا شكلُها في المرارةِ
أقسمُ أنّي دفنتُ نزولي من الرّحمِ
حتى أوازي رحيلي سريعاً
وأرقبُ بحري يطاردُ نجماً خفيّا

لها بعد هذا منَ السنديانِ
قليلٌ من الموتِ
أو تربة في الحنينِ
أنا ما اتّخذتُ المكانَ قصيّا
لألهو بكأس المرارةِ
أو أستبيح الهواءَ بُكيّا
ولكنّها الأرضُ شقّتْ ذراع الصلاةِ
فأومأتُ للطيرِ
أنْ كُنْ بطفلي حفيّا
وكانتْ إذا ما نبا الليلُ
تزجي إلى الله من مقلتيها دعاءً
وتسترُ ضلعي
وإنْ مالتْ الرّيحُ...،
مالتْ
وإنْ صار للشوكِ قلبٌ
أعارتْ فساتينها...،
يا لأمّي التي جاورتني قليلاً
وهزّتْ جيوشَ الدموعِ
لتسردَ في الروحِ نبضاً جنيّا

سلامٌ على ثوبها
ما تكشّفَ يوماً لغيري
وما أخذتْ بالإشارةِ رمزاً سويّا

قرأتُ بلوحِ الغيابِ طهارتها
واختتمتُ الحياةَ
وما جاءَ في أثرِ الريحِ
من لدنِ الناي
أنَّ الأنوثة كانت طراداً بغيّا
وقلَّبتُ نفسي
ولَمْ أجدِ الحربَ في الحبِّ
حتى تخيّلتُ لي في المنامِ رسولاً صفيّا
وأني سأقضي على الخوفِ جهراً
وأني إذا ما أتاني المريدُ على عجلِ
يشتهي بعض أيقونةٍ من دمي
سوفَ أرمحُ بالموتِ
حتى إذا سوّي القبرُ
أو سوّيَ الأمرُ
أو سُرّبَ العُمْرُ في ليلةِ وضحاها
رجعتُ من الصّبرِ
أو من رفّة الدّهرِ طفلاً رضيّا



إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x