نصف أرض وممحاة قلب


أنا ذاهبٌ للحقيقةِ
حتى أمارس بعض الجنونْ
وماضٍ إلى الموتِ
حتى إذا عزف الخوفُ نصفي
وعاينَ شكلي
ونام على سرِّهِ العابرونْ
أنختُ جبالي وظلي
وقلتُ: أنا قادمٌ من لغات الحنينْ
أنا ذاهبٌ للندامى
لطينِ الخليقةِ
مذْ صاغها القتلُ في ليلةٍ
واحتفى بالقليلِ من النّارِ
في شعبة لَمْ تطأْ وحلها قدمٌ
أو قرارٌ مكينْ
أنا راقدٌ في قرارٍ مكينْ
وأدفعُ بالنّاسِ نحو الغمامِ
إذا مسّني الخوفُ
عدتُ إلى ثوب أمّي
وما ملكتْ جرّتي من نبيذٍ حميمْ


لهوتُ بمائدة الريحِ...،
قال احتراق الحصى في شوارعِ
هذا الشتاتِ رؤى السّالمينْ
وفي عدّةِ القتلِ
تحت التلال القديمةِ نهرٌ من الشّكِّ
هل يبعثُ الماءُ غزلانهُ باتجاهي؟!
وهل يفتري الليلُ
إذ لا أراكمْ هنا نائمينْ؟!
دخلتُ إلى الموتِ وحدي
وذِبْحٍ عظيم
فقلتُ لروح البلادِ
هنا نهاوند الحياة المقيمْ
وخالطتُ حرفَ استواء الكواكبِ
مع ظلّها
والتجأتُ إلى نحرها
في سؤال الأنينْ

وطافت على سيرتي
نصفُ أرضٍ
وممحاةُ قلبٍ
لها أنْ تفيضَ برمّانةِ العشقِ
لو أكثروا من دعاء الضّحى
ما استوى الماءُ في رئةِ الشّوقِ
أو في غمام اليقينْ
ولو أكثروا بالتماس الرحيقِ من الوردِ
ما احتاجَ دمعي غبار السنينْ

ومنْ لُطفِ نفْسي
رأيتُ على سوسنِ الشعرِ باباً
وأغلقُهُ
لو أتى من سباتٍ قديمْ
ومنْ سلّةِ الرّمزِ
من شهوةِ الغاضبينْ
ومن لُطفهِ...، سرّني واقفاً في ظلالي
ولو أكثروا من دم الرّيحِ
لاحتاجَ نومي مِهاد الحريمْ
وما أثقلتْ مقلتايَ خلاخيلها
من رموش النعيمْ
إذنْ ليس يبقى هنا أيُّ لغزٍ مُقيمْ
ولستُ أثقْ بالرعايا
لأنَّ المرايا
إذا حُمِّلتْ طينها
واستوتْ مع زحافِ الجنينْ
أقامتْ لنا دولةً من رماد وطينْ

أضعتُ من الوقتِ ما تقشعرُّ لهُ
رقصة النملِ في خطوها
وهيَ سلوى على كلِّ جرحٍ دفينْ
أضعتُ العماراتِ في حومةِ الرّكضِ
بيتَ السرايا
وميدانَها
والفضاءَ المُلبّد بالانتصار المُبينْ
إذنْ سوفَ أنجو
وينجو معي
كلُّ شيءٍ
وينجو كذلكَ قلبي
وأعمالُهُ والسّالكون!

كأنَّ المخيمَ صفّى لنا
بعد هذا المراسِ قناديلَهُ....،
واحتفى مثلنا بعد طيِّ السّحابة بالطيبينْ
وقفّى لنا بعضَ أعمارنا ذات أمرٍ
ومعجزةٍ...،
أننا لَمْ نذقْ شهوة البحرِ
لَمْ نسألِ الموتَ إنْ كان فينا هوى الميّتينْ
لنبقى فرادى على دكةِ الغُسْلِ
يبقى الجميعُ هنا حولنا
بعد طيّ الكتابةِ
مثل السّكارى هنا صاغرينْ

وأدفعُ عن ساحلي
بعض هذي الفصولِ...
لأقرأ حجمَ انتصاري
وسيلَ انكسار الطّغاةِ
ومرعى أبي
وشوالَ الطّحينْ
لأدفعَ هذا الأنينْ
وأسكنَ وحدي على تلّة الغَزْلِ
أغزل شيئاً من الذكرياتِ
وشيئاً من الأرضِ
حتى إذا فرَّ بعضي لبعضي
وداوى يدي من جراحِ الذهولِ
وزاوجَ بينَ انشطار المدى
 وانسلالِ الغصونْ.
أعدتُ لهُ كلَّ ريح كريمْ
وخالفتُ كأسي
وشاهتْ وجوهُ السّبايا
على فضة الأوّلينْ

ألَمْ يأتِ من خامةِ الموتِ صقرُ البرايا
وكّنَّ على مسرحِ الطامحينْ؟!!
ألنتُ لهُ جانباً من وجودي
فأدركني واقفاً في العراء السّقيمْ
فأجّجتُ ما لا يطاردُهُ الغيمُ
تحت العروشِ
وما لا يطاردُ حدْسي
ومع حكمة الصائمينْ
حزمتُ المتاعَ وخالفت بعضي
وآمنتُ أنَّ الندى بعضُ آياتهِ
شهوةُ الحالمينْ

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x