قالتِ الريحُ سلاما

                       
                      إلى غسان تهتموني

لماذا كلّما وسوستُ للشجر القديمِ بِحيرتي
نَبَتَ الخفاءُ
وغافلَ الأياما؟
لماذا كلّما رقَّ الغناءُ
وجدتني أمشي على حذرٍ
وأنسى غفلتي أعواما؟
لماذا كلّما شاهدتني وحدي
على حَجَرٍ، أسوقُ الماءَ
أو أسقي الأيامى؟

أنا من فائض المعنى
فتقتُ الأرضَ عن أسبابها ليلاً
وخاتلتُ الغماما
وخنتُ غوايتي يوماً
وألقيتُ الندى للعشبِ
إذ أضحى حُطاما

أنا مذ كان لي شرفُ القصيدةِ
جزتُ في أعماقها دمعي
وأخّرتُ الملاما


أنا وحدي
إذا ما حلَّ في نصِّ الخطابِ
وراح يمشي وحدهُ نحو الخزامى 
أنا وحدي
وهذا الشعرُ طوّافٌ على قلبي
وأزجرُهُ بروح الناي
إذ يغشى المناما
لِمَنْ هذا القصيدُ يرقرقُ المعنى
ويخذلني إذا ما سقتُ من جذعي
غبار الأرضِ
أو سقتُ اليتامى؟

كأني ما فتقتُ النصّ
أو لملمتُ حقلَ الماء بالغربالِ
ثمّ صعدتُ ناي الغيمِ متّجهاً
إلى ناي الكلامِ
وقد دعاني الموتُ للرؤيا
إذا ضاقتْ عبارتهُ
وغيّرَ سيفَهُ الخشبيَّ
مارسَ حربةً في الليلِ
ثمّ رمى إلى موتِ الرياحِ شعارَهُ يوماً
وَكَنَّ على الحقيقةِ ذات أمسيةٍ
وما أرخى ستائرهُ
ولكن غيّرَ المعنى تماما
كأني ما رميتُ سلالتي للموتِ
واخترتُ الغماما
وما شرّقتُ في الكهفِ الذي
تنحاز عنه الشمسُ في المبنى
وتسألهُ الحِماما

كأني يا حبيس المفرقينِ
أقمتُ للموتى غوايتهم
وحاسبتُ الظلاما

كأني في رحيلي نحو باب الحبِّ
أشعلهُ ضراما

لأنجز هبّة الذكرى
وأعطيها السلاما

ولكني أنا وحدي
وأقلقها تماما
لأني لا أطيقُ الجمرَ أنْ يخبو
إذا هبّتْ رياح الوجدِ
أو سَلِمَتْ قواما

لأني لستُ منتبهاً
لغير حوارها العالي
تماما...،


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x