سفح لأحلام المرارة



ضيّعتُ في الصيفِ المدائنَ كلَّها
فخشيتُ أنْ أختارَ من أعراقها
ما يحتفي بضياعِها
وهجرتُها
سِبْقاً فِعالاً
واحتميتُ بألفِ أغنيةٍ من المعنى
ولَمْ أنظرْ بخافيةِ الظنونِ
فقد ربحْتُ من الحياةِ
قيامةَ القُصّيبِ
فاندفعَ الحبيبُ إلى رياحِ صُواعِها

ما كنتُ ألمحُ بالضّلالِ
غواية الولد الصّغيرِ
وما تركتُ على حدودِ السّجنِ ملهاةً
لأنّي مُذ أتيتُ بلادها
واخضوضرتْ لغتي
بلحنِ متاعها
غالبتُ ظنّي
والتفتُّ لقاعها

أنا من هناكَ
ولي شجونيَ
واختزال الحرفِ في صور القصيدةِ
وانحباسُ الأرضِ عن قدمينِ زوّرتا
حدودَ الأمنياتِ
وبعض تفصيل المراعي
كان لي مرضي وباعي
وانعكاسُ العودِ عن رقص الجنودِ
ووشوشات الطيرِ
حين تقيم أعراساً لأطفالٍ حيارى

قال لي ولدٌ تعلّمَ
أن ينامَ على الحصيرةِ
في الظهيرةِ
 ظهرُهُ سفحٌ لأحلامِ المرارةِ
قال لي ومضى
فقلتُ لجارِهِ: لا تحسدوهُ
على البلاغةِ
إنْ تأخّرَ صُلبُهُ
وأتى يقيمُ صلاتهُ بيراعها
لا تحسُدوهُ
رأيتُ في بيت العزاءِ قصاصةً
ملأى بأسماكِ الرّحيلِ إلى الترابِ
كأنّهُ بحرٌ
ويُغلقُ في الضّحى
ويميلُ نحو جياعها
غافٍ هو الصّبرُ المقطّمُ في دمي
غافٍ
ويصفو
إذ أنا أمشي
وأقطرُ منْ ضباع الأمسِ خوفاً
ثمَّ ألقمُهُ فمي 
ما أنَّ في خفرٍ
ويعزبُ عن سريري
والتهاءِ الوقتِ بالباب القصيرِ
أطأطئ الأرضَ التي تحيا هنا تحتي
وأسحبها إلى أعلى
لينهضَ سيّدي النسيانُ من نسيانهِ
ويرومُ باب وداعها

غافٍ على شجرٍ
من الرّيفِ المهاجرِ نحو أمنيةٍ أحرّكها
لتصبح في الأمانةِ بعضُ أشيائي التي جنّدتها
مأوى لغزلانِ
ودفترَ للخروجِ على العروشِ
ومستوى حرفي غبارُ صراعها

يا أنتَ
هل من شرفةٍ تسعى
إليَّ بِعيرها
وصواعِها؟
لَمْ أتّخذْ لوناً لقمصانِ الرحيلِ
وقُدَّ لي مسرى أبي
فرأيتُ أسباطَ اللغاتِ على الأرائكِ
ينعمونَ بهمزةٍ حُرِفتْ إلى ليلِ انقطاعِ الشمسِ
لا ليلٌ يعيرُ رعاتهُ شكل الكواكبِ
إنّها المرآةُ تسفرُ عن خطى إقلاعها

يا أنتَ
لي بعثٌ وحيدٌ مفردٌ في السّجنِ
تأويلي غيابةُ شاعرٍ لَمْ ينسجِ المعنى
على شبّاكها
فأتتهُ صاغرةً
ولكنْ لَمْ يشأْ
قَدَري أنامُ على جموحي
والهوى
مثلي
يعزُّ على منازلهِ جوى إخضاعها

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x