وإذ يرشح الماء



وإذْ يرشَحُ الماءُ بعد ثمانيةٍ
والسماءُ تعودُ إلى غيمها
يلمعُ الشيءُ في إبرةِ الانكسارِ
ويدنو
ولو علَّقوا ثوبَ أمّي هنالكَ
في آخرِ الأغنياتِ على شهوةٍ
واستعادوا الحياة إلى أُمّها!!
وإذ يرشحُ الماءُ بعد ثمانيةٍ
والحياةُ كما قلتُ تعدو إلى رحمها
سوفَ أصطادُ شيئاً عزيزَ الصفاتِ
وأتبعهُ مثل نبعٍ
لأزرعَ في النفسِ أخبارها
هنالك سوفُ أجيرُ أبي ثمَّ أمي
وأقطعُ عهداً
لَأِنْ رافقتني إلى كُمّها
وأجارتْ ظنوني
لَأن كان ذلكَ، عهداً
سأنجي البحارَ على فِهمها
وإذ يرشحُ الماءُ عن لوحةٍ في أعالي الندى
وينشلني من خطوب الضجرْ
سأدفعُ بالبيلسانِ إلى مطرٍ عالقٍ بالمطر
ثمّ أحرِفُ أنسابَهُ في تجمّع هذا الهواءِ
وأُعطيهِ أرضاً مؤنقةَ العشبِ
أرضاً تعيشُ على رسمهِ
فانظروا يا " هَداكمْ " إلى رسمها

يقولُ أبي: كنتُ يوماً أعودُ مريضاً
فأسكرني لونُ عنّابهِ
واختفاءُ يديهِ
فعدتُ إلى البيتِ
والليلُ يشعُرُ أنّي تيبّستُ في غيمةٍ
تحت ظلّي
ولم أتقِنِ الشُّربَ
والصمتَ
فاعتاد مثلي
يرى الشمسَ تضمرُ أسرارها
غيرَ أنّ الجميعَ يؤدون فرض الوَلايةِ للناي
والبيلسانِ
وإذ عاد للناي بعضُ الذي كنتُ يوماً أخونُ
على شرفةٍ ينعسُ الطيرُ فيها
رأيتُ ملامح خلف المرايا
تُسِرُّ النظرْ
فقلتُ: إذنْ يا أبي
كان مثلي مريضاً
فعدتَ يديهِ
ولم تختطفني من الأرجوانِ
لماذا؟
أليسَ أنا من يجابِهُ ظلمَ الذينَ أتوْا
على كلّ شيءٍ
وشدّوا وثاق البصرْ
فعاتبني
كنتُ أذكرُ أنّي نسيتُ يدي
في الصلاة على مهلها
والحياةُ كما قلتُ لم تبتعدْ
عنْ دم الخلوة الثامنةْ
لهذا أصرَّ عليّ
_ تزوّج
فقلتُ وهلْ جدّتي آمنةْ
أراحتْ عناكبَ منشودةَ العِرْقِ في حلمها

وبين الحرير وقمصانها في الكتابةِ
شيءٌ تذكّرتُ أنّي نسبتُ لهُ
نصف روحي
فأخلفني موعداً
كان لي
أنْ أغادرَهُ
وإذ أتذكّرُ
يُجبى الندى من كرومِ السماءِ
وما زلتُ أحفظُ إيقاعها
وليمونةً هرمتْ في سؤال الشتاتِ
إلى أيِّ بئرٍ يلطّفُ هذا البريدُ رسائلَنا؟!،
وإذ نتثنّى على خصرها سامقينْ
ونرجسُ هذا الحنينْ
يدورُ إلى سِلْمها

سامقاً بالجلالِ
أدور على وردةٍ في الجوارِ
أنا المُخمليُّ اللدودُ المُصفّى
وحارسُ نبعِ المخيمِ
إذ تمرحُ الريحُ
أبقى الوفيَّ العفيَّ
وأصبرُ لو غرّ بي وجعٌ ناطقٌ يا أبي
والحياةُ على مهلِها تستردُّ الذي بعتُ
دكان عمّي
وباحة خيل الرفيقِ حسنْ
فهلْ يُسترَدُّ الوطنْ
وهل أنبني من جديدٍ على كلّ شيء حَسنْ؟!
وأعدو معكْ
لأقرأ فاتحةَ الخصبِ
ثمّ إذا جئتُ أدخلُ في الانتظارِ
أراكَ تودّعَني مع عزوفِ المماتِ
ولي أنْ أزعزعَ ما لا يُثنّى مع العزمِ
لو أرَّقَ الحلمُ قلبي
وشيَّعني
كانتظار أخيرٍ على عزمها

أعيدُ إلى النصِّ بهجتهُ
وهوَ يضمرُ أحداث عمري
وينسى دمي
إذنْ فانهضوا...،
قادمٌ سرُّ أنثى الحديقةِ
بعد الذي شبَّ عن طوقهِ
قادمٌ لا يني بذرةَ الشوكِ
أو يتخلّفَ عن شهوة الماءِ إذ يتهادى
ويزرَعني شتلةً غاض لها
في شقوق التوجّسِ
حتى إذا نبستْ
واستوتْ
وأعجبني ضرعُها
قلتُ: هذا سوايَ العليلُ
وهذا سوايَ النحيلُ
وهذا البديلُ
البديلُ إذا ركنتْ حَيْرتي في حوار الكلامِ المُذهّبِ
واختلَّ بوحُ اللغاتْ
وهذا أنا
والبلادُ يحمِّسُها الطيرُ
وهوَ يُحلِّقُ في أوّل السّربِ
لا في المجازِ
ولكنّهُ أبّد الريحَ
وانسلَّ عن وهمها
دعتْهُ الجموعُ إلى ذهبٍ ناصعٍ بالبياضِ
وسنبلةٍ لم تفز بالرياحِ
وما أبّنتْ شكلَها
أو غدتْ تستحمُّ عذارى البلادِ على لؤمها
فكفَّ عن الركضِ في أوسطِ الليلِ
وانحاز بعدي إلى حكمها
وحينَ صعدنا على درجِ البيتِ
لم نأوِ ظلاً
لأنّ يدَ الظلِّ  أمرٌ من الجِنِّ
والجنُّ أبلقْ
.../ دخلنا إلى غفوة الرجلِ الميْتِ
حتى إذا ما افترشنا جبين الضحى
صارَ يَعرَقْ
فكدنا لهُ سوفَ تُحرقْ
وسوف تُعمِّرُ شاطئ هذي البلادِ بزيتٍ وزنبقْ!!
ففاجئنا بانحسار يديهِ عن العقدة الثالثة
هيَ الكارثةْ
ونصفُ زجاجة خمرٍ
.../ وبيتْ
وأولادُ لم يبلغوا سِنَّ يأس الحياةِ
وفازوا برهبةِ عُمرٍ
.../ وصمتْ
ودكّوا الحجارةَ في كلِّ وادٍ
وهاموا على وجه تذكرةٍ
ليس معنى هطول السحابِ على الأرضِ
أنْ نتزيّا بأمراضنا
حين يخطف وجهُ البكاءَ منازلَهُ الحانيةْ
وليس الحقيقيّ أنْ يخرجوا من لدنْ سُقمها

.../ كفيتُ من الأمرِ أسبابهُ
وكَفَتُّ البنينَ.../،
ألم تسجُدِ الريحُ
والأرضُ
والفجرُ أبيضُ
والعالمُ الأرجوانيُّ صاح على كلّ خلقٍ هنا
وهناك ستنزلُ بوابةُ المتّقينْ
لهذا خلدتُ إلى حضنِ حرفي
وقلتُ: سأعبر بيتَ الصديقِ إذن
يا أبي فانتظرْ
الشهودُ عناصرُ مربوطةٌ بالقدرْ
والحواةٌ هُمُ الشجرُ المُنتظرْ
والنظرْ.../
إلى دمهِ يسقطُ الجرحُ
والناسُ
والعَبَقُ المُستكينْ
ولا شيءَ يُذكرُ حين أموجُ إلى فمهِ
يغمزُ النحلُ  ماءَ اليقينْ
وينظرُ من إبرةٍ الشعرِ نحو الرحيل الأخيرِ
إلى فضة الموتِ في ختمها

ودخلنا معاً نحوَهُ
كان طفلٌ يُداعبُ أورامَهُ
والنساءُ إلى جُدُرِ اللطمِ تسعى معي
نحو تلك الفصولِ التي كان أثثها
قالت الأمُّ: كان رفيقَ الطيورِ
ويسألني في الصباح عن الهدهدِ الحرِّ
هل عادَ من صبوةِ الليلِ
أم نام خارجَ حدِّ البيانْ؟،
وعن " بنتِهُ " هل تعشّتْ
وهل خلخلتْ صدرها بانتظامْ؟
وفي الرُّكنِ قالت غزالتُهُ:
 كان لي فرجاً حينَ أهذي بورد الغرامْ
وكان إذا ما سقطتُ على وزرة الخوفِ
يهذي على ركبتيَّ
فأهذي
وأدخلُ قاموسَهُ كي ينام
ولم ينبسِ الطفلُ
كان على رسلهِ يقتفي ظلّنا
وينسجُ من لحمهِ غابة للحمامْ

قريبيْنِ جداً من اللحدِ كنّا
وكنّا نشيّعُ بردَ العظامْ
ونُخفي تراتيلَ أسرارِنا يا أبي
فهلْ يتوسّطُ عُمري الغوايات
إنْ جُزتُ هذا الكلام
وأرّقتُ عينَ السطور الأخيرةِ في لؤمها!!
هُوَ الأمرُ
والأمرُ قابَ الوجودِ يُطلُّ على قوسهِ
وإنْ صرَّ لي حجلٌ كأسَهُ
واختلفتُ على كأسِهِ
هل أريقُ الذي كنتُ حبّرتُ منْ نفسهِ؟!
أمْ أسايسُ جنيّةَ القولِ حتى
إذا ما أجزتُ الخروجَ على النصِّ
لوّح لي بيدينِ
وهزَّ الرغيفَ على رأسهِ
أمْ أعلِّلُ شيئاً أردتُ لهُ النّورَ
لكنّه غادرَ البيتَ منْ حدْسهِ
أمْ أقولُ لطفلي: أنا كنتُ جار أبي في ملاحمَ
لا تنتهي الآنَ من حجمها!!
لهذا سأنزلُ من رَبْكةِ البيتِ
نحو يدٍ صافية
وأعدُّ لطيري سماءً...، تقولُ ليَ العافيةْ:
أذنتَ، وأبصرتَ، فاشتدّ  عُودُ القرنفلِ
هذا أنا راغبٌ بانتصارٍ أخيرٍ على القافيةْ
أنْ أُسلِّمَها جعةً من هوائي
وأرحلَ حيث أنا عالقٌ في تراجمِ هذي الحياة
ومملوءَةٌ غيمتي بالكثيرِ
ولكنني أكتفي بالولادةِ حتّى أُربّي الصغيرَ
وأرضِعَهُ من حليبِ الرجولةِ
أو أنْ يعودَ إلى أمّهِ
وتعودَ إلى أمّها

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x