قصائد الغربة


          -1-
علّمني "الدانوبُ"
بأن أتزوّجَ من إمرأةٍ
لا تكتبُ سيرتها في الليل
هذا الأزرقُ
والمحمولُ على أجنحةِ الخيل
علّمني أن أكتبَ سيرتها
بعد ضمور الرمل
علّمني ثمّ تتابع في مِشْيَتِهِ
خوفاً أن أكتبَ سيرتَهُ
في كلِّ مساءٍ
تحت بكاء السّيْل

          -2-
في زاغرب حيثُ الأنثى أنثى
كان صديقي يعشقُ بالمقلوبْ
قلتُ لهُ ذات فضاءٍ: احذرْ
الماءُ هنا وَقْعُ الخيلِ على الدانوبْ
قال: تذكّرْ
عشتُ الهربَ كثيراً في ستةٍ أيامٍ
خلعتها من رقبةِ حُزني امرأةٌ
صاحتْ: من مِنّا المغلوب؟
في ستةٍ أيامٍ قَصُرَ الماءُ عليها
وتراخى الزئبقُ في ميلان الكفِّ
رأيتُ امرأةً أخرى
تسترقُ النظرَ إلى الجسر المعطوبْ

في ستةِ أيام
وتطالبُني أن أنسى نفْسي
وأداري غفلتها
وأتوبْ
يا هذا
أحتاجُ بأن أمشي فوق الماءِ
فقلتُ لهُ:
ضَعُفَ الطالبُ
والمطلوبْ

          -3-
في المنشور الأولِ للطقس الشعريِّ
ونحن نؤثثُ أوّلَ حنجرةٍ للقول
مدَّ الساحلُ لي أنجمَ قصتهِ
فقرأتُ هنا في الغربةِ لا يخفى
نجمُ سهيلْ

غادرتُ الأرضَ صبيّاً
وصبيّاً عدتُ إليها
وأنا أحملُ ما أعطاني الدانوبُ
من الغربةِ
وجداً صوفيّاً
ومناسكَ للحلمِ
وعمراً شفويّاً
لا يسقي غير إناث الخيلْ.

          -4-
حين تقولُ أتيتُكَ
أفتحُ نافذتي للنهاوند
هل أُجْمِلُ بعضَ مرارةِ نفسي؟
فأنا أوّلُ جيتارٍ خافَ على لحن سمرقند
وأنا أوّلُ من أودعَ سرَّ الماء بها
وتغنّى: يا جمرةَ روحي
أمّا بعدْ
نفش الطاعونُ بها
والراعي ما زالَ يضاجعُ في الليمونِ مرارتهُ
ويبيعُ الورد!

          -5-
قصفٌ
ودمارٌ
وبيوتْ
هل أُجْمِلُ قصتنا
وأموت؟
أم أكتبُ فوق الساحلِ
هذا ما جاء بهِ سِفْرُ الطاغوت
أم أتحاشى
أن أذكُرَ أنّ الراعي
منذ الأسطورةِ قام على تحنيط الناس
أمام التابوت!!

          -6-         
لَمْ ينطو البحرُ يوماً
على لؤلؤٍ نام في صحن هذا الفَلَكْ
فاهدئي يا بيوتَ السّمكْ
البيوتُ القديمةُ نهرٌ
ومجرى
وأوّلُ طفلٍ سقى نفْسَهُ
نفْسَهُ من عيون التنكْ
والبيوتُ الجديدةُ أمرٌ
ونهيٌ
وطينٌ هَلَكْ



إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x