لا أريد الآن عزف الناي



                  إلى جِهاد هديب

لا أريدُ الآنَ عَزْفَ الناي
أوْ شيئاً يُقَرِّبُني مِنَ الأَلَمِ الأخيرِ
ولا أريدُ لِفِطْنَتي
أنْ تَنْسلَ الخَيْطَ الرفيعَ
مِنَ العجينْ

لا أريدُ لِظُلْمَتي أنْ تَنسجَ الأشعارَ
أو تَستوردَ الأقمارَ
مِنْ ماءٍ وطينْ
مثل المرايا الصَّاخباتِ على جدار اللايقينْ
سأُوَزِّعُ الحُمّى على دمعي
وأسألُ يا جِهادُ: أكانَ موتُكَ دورةً
للناي
في كأسِ الحياةِ
وموئلِ الأسماء
أمْ كنتَ الذي رَصَدَتْهُ ذاكرةُ الغوايةِ
دافعاً وَرَقَ اخْضِرارِ الأرضِ في ثَوبٍ
تَعَوَّدَ أنْ يَمُرَّ على سَرايا اللاجئينْ

لا أريدُ الآنَ شُرْبَ الشَّاي
أوْ رَصَّ الصُّفوفِ
أمامَ مقبرةِ الحديقةِ
لا أريدُ لِسِحْنَتي أنْ تأخذَ الأخبارَ للرؤيا
ولا للحرفِ في بحرِ الجريدةِ
إذْ يُغادرها سريعاً
حارسُ الهَمْسِ المُبَلّلُ بالسِّنينْ
  مثلَ الحكايا الدَّارِساتِ رُسُومَهُنَّ
الغادياتِ إلى الصُّفوفِ الضَّامراتِ
رؤى السَّجينْ
سأُشاركُ الطُّرقاتِ وَحْلَ خُطى الشُّعَراءِ
يَنْبَعِثونَ مِنْ وجعي
إلى منفاي
وَحْلَ رياحِنا مِنْ حيثُ يُخْتَرَقُ الحنينْ

لا أريدُ لِصَفْحَةٍ في عالمي الوَرَقِيِّ
أنْ تَسْتَأثرَ الألَمَ المُضاءَ
بلوحةٍ
أَسْمَيتُها
وَجَعاً على ناي القصيدةِ ياسمينْ

لَمَّا أُغازِلُ ألفَ حَنْجَرةٍ
على بابِ البهاءِ
وَتَنْفلُ الأشياءَ سيدةُ البكاءِ على يديَّ
سأَنْظُرُ الوقتَ الأخيرَ لأَنْزوي
وأعودَ مَحْمُولاً على لغةٍ سَتَبْرَأُ
حين أَدْخُلُها مَجازاً
مِنْ سَوادِ الأسبرينْ

لا أُريدُ لِفائضِ الذِّكرى
فَراسِخَ مِنْ غُيومِ قَصْقَصَتْ ظلي
فأَفْرَدها المُنادي يا بلادي
تحتَ هَبَّاتِ الأنينْ

سأظلُّ أَذْكُرُ غَيْبَةَ الرَّجُلِ الشُّجاعِ
ومُنْتَهى سَرْدِ البلاغةِ باقْتِحامِ الموتِ
مرفوعَ الجبينْ
وعلى يديهِ عَباءةٌ مَكْوِيّةٌ بِتُخومِها
حتّى إذا نَزَلَتْ منازلَها
وأَدْرَجَها حُوارُ العائدينْ
فَرَدَتْ نسيجَ حياتهِ الملأى
بأَشْراطِ الحنينْ!! 

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x