نهر معتّق



جرى البحرُ
أو قال يجري حبيبي على موجهِ
فأذني لي...،
بأن أستريح قليلاً إذن يا غيومُ
تورّطَ قلبي
وشاختْ نجومُ

جرى البحرُ من غبطة الحرفِ
دلّى إليَّ بألفٍ من الخيلِ
كانت معي بعضُ آياتهِ
فاعتمدتُ التي نسختها يدُ الخوفِ زهواً
فيا عادياتِ المساءِ اقبليني
طريدَ خطاك التي هيّجتها الهمومُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

جرى البحرُ من خفّةٍ في العروقِ...،
الأوائلُ من ملّكوني على نفحة الطيبِ 
يا أرجوانَ الجمالِ اختصرْ
فالنساءُ أتينَ إليها زرافاتِ
قطّعنَ ثوبَ الحياءِ
ولَمْ تستعذْ من بقايا النبيذِ الكرومُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

ليومينِ من غبطةٍ واتكاءٍ على سروها
نام طيري
ونام الحوارُ الحميمُ
انتهينا إلى ساحةٍ نصفُ سكانها
يعرفونَ الندى
وانتهينا إلى غابةٍ نصفُ سكّانها
حيّرتهم حريمُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

إذن يا جحيم الخطى
كيف يمشي إلى حِجْرنا في المساء الجحيمُ
وكيف تزولُ الحروفُ عن السطرِ
والحبُّ بوحٌ قديمُ
وكيف نداري الشفاه عن السوسنِ المُشتهى
والغزالُ على عهدهِ
كائنٌ في الرياش التي أثّثتها
الحياةُ الرءومُ

إذن يا جحيم الخطى
كيف نأسى على زمنٍ ضاع منا
وآياته ما تزالُ على عهدها بنيةً للحياةِ
وفيها من السّردِ ما قد رواه الحكيمُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

جرى البحرُ
يا أُمّنا الأرضُ في الممكناتِ
وما الطهرُ إلا صلاة الفتى
يا فتى،...
الماءُ جسمُ الحياةِ القديمُ
فهيئ لهُ من لدنكَ الكتابةَ
هيئ لهُ الحقلَ
كُنْ جمرَهُ إنْ تلظّى
وكنْ نبعَ إيقاعهِ
لو تورّط فيهِ السقيمُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ
وقلتُ لأسرارهِ: يا حيارى
أما كان يكفي فؤاداً بتولاً
ليمنحَ ظلي ملاذاً
ولو لحظةً
ثمّ يُزكي الكلامَ الذي قد يريدُ
وما قد يريدُ
يريدُ الفؤادُ الكليمُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

ويا حكّةً في الفضاء البعيدِ
أعيدي إلى البحرِ موجَ الصَّبايا الذي
قد تعتّقَ في العالمينَ
انهضي من سباتِ الندى في الورودِ
ويا بحرُ
يا من رأى في الغزالةِ مشيَ الخيالِ
أعنّي على لحظةٍ
لا يكونُ لها في الغناءِ
غرامُ مُقيمُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

تجلّى إذن يا قلمْ
إنَّ سعيكَ خلفَ الخيالِ قصيدةُ بحرٍ تعتّقَ
ثمَّ استوتْ كالأجاصِ المُدلّى
من الغيمِ نحوي
ونحوكَ
لا تنقر القلبَ هذا الخليل الملاصقَ للغيبِ
كُنْ في فضاء يديهِ دماً ذات وجدٍ
تدلّى من الروحِ طُهراً
لينأى
بنا
ذاتَ وجدٍ حوارٌ حليمُ
تجلّى إذن
يا نهاري المقيمُ
فقد آذنَ الشوقَ هذا النبيذُ المُعتّقُ
هذا الخيالُ المُجنّحُ
هذا القليلُ الأليمُ
تجلّى
وعُدْ للكواكبِ
آياتِ شمسٍ نأتْ خلف ضَوْءِ السكارى
كما الطيرُ في سَبَحِ الليلِ ينأى إلى عشّهِ
كي تنام الفراخُ التي
قد تجلّتْ على المُدبراتِ العذارى
وما سعيُها نافرَ القشِّ
إلا كما السُّكرُ ينحتُ غلمانهُ في الضحى
إذ يعمُّ الهواءُ النسيمُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

وأبدأُ سردَ الحكايةِ
كان الفتى هائماً في القصيدةِ دهراً
ولا يألُ جهداً بأن يرسم العشقَ في النصِّ
أن يدهن النصَّ بالأرجوان احتفالاً قصيراً
وينسى
فبعد السنينِ العجافِ على عشرةٍ
من دواعي الجنونِ
يُطلّ لهُ رأسهُ من رمالِ الكثيبِ
ليرقى إلى حزنهِ
ثمَّ يأسى على غيبةٍ
ما تفصّدَ منها الغيابُ اليتيمُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

شُغلتُ بها
مثلما تُشغلُ الأرضُ بالطيّبينَ
وأعملتُ نارَ انطوائي بأعشابها
كيْ أحدَّ المرايا التي عاجلتني إلى سردها بالمرايا
وقلتُ لنفْسي: إذا نمتِ عن حبها
في الغضاضةِ من ذا ألومُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

ولكنَّ سرباً من الحزنِ غطّى فضائي
وجرّمني في حدوثِ الرياحِ الزنيمُ
فقلتُ أردُّ لنفْسي
جدائلَ كأسي
وأسقي ندامى الأيائلِ من جرّةٍ
سرّبَ البحرُ فيها بطائنَ خمر الجفونِ
لأسكرَ بعدَ جنوحي
من العشقِ ثانيةً يا كريمُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

وكانت تطوفُ حواليَّ
كلّ النساء اللواتي قرأن القصيدةَ
حتى كأني تخيّلتُ أن الجمالَ ظلومُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

على مَهلكَ الآن...،
سوف تُغيرُ عليكَ الشدائدُK فاحذرْ
وعُدْ للحياةِ، ولا بأس
ما عاد في الأرضِ خيلٌ تدوسُ القفارَ
ولا عاد في الشعرِ ذاك الذي جنَّنتهُ تميمُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

فقلتُ إذن يا مرايا
استدلّي على الموتِ
قالت: كذا الموتُ في كلِّ ما أنتَ ترعى
سلالمَ للبحرِ هذا المُعتَّقِ
قلتُ إذن للزمانِ أفقْ يا عقيمُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

وأدفعُ بالسّرِّ نحوي ونحوكِ
أدفعُ عن شرفاتِ القبيلة حزني
وأمري انطوائي على حاجبيهِ
فتقضي إلى موتها في الضحالةِ بومُ
تورّط قلبي
وشاختْ نجومُ

إذن يا فراغي اللئيمُ
أعودُ إلى منبعٍ في الصّفاءِ أغني
لنا أملٌ غارقٌ في الجنونِ
ويكفي بأنَّ الفتى قد طوتهُ الهمومُ
تورّط قلبي على كلِّ حالٍ
وشاختْ همومُ

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x