يعقلُ ليلَها الأبدُ



العُمْرُ أوقعَ مقلةَ الغيم ابتداءً
حين شاهدني على جمرِ التحسُّرِ
قلتُ: يا صمدُ
في كوكب الجوزاءِ مملكةٌ
وأعرفُها
كما أنجو إذا ولجَ الضّحى
وظننتُ أني قربَ عينِ الأرضِ أنفردُ

في مفرقِ الطيرِ المناهضِ
للجناحِ أسنّةٌ
وجلبتُها من مرقدِ المعنى
وغيريَ يرقدُ
لي ما للقصيدةِ
من سماءٍ خلتُها تتعمّدُ
لي ما للحوارِ من البلاغةِ مورِدُ
فتهيئي يا بنيةَ المعنى المُسَّوَّغِ للجمالِ
فقد جنيْنا الخمرَ منكِ، وأشهدُ
أنّي لفحتُ النارَ في جسد الكلامِ
وخضتُ في بيتِ البلاغةِ
ما يجوزُ
وَيُبْعَدُ

شجرٌ قديمٌ قال لي:
يا أيّها المنسيُّ في الكلماتِ
كيف أعيشُ منسيّاً هنا
ويموتُ قربَكَ من تركتَ
فتسعَدُ

شجرٌ قديمٌ
غامضٌ في ثوبهِ
ومقدَّدُ
فتهيّئي يا جملةَ الريحِ القديمةَ
واستعيدي من فضاءِ الشعر
ما قد ينجلي عن سيفهِ
أو يُغمدُ
فأنا تركتُكِ في مَهبِّ الكائناتِ قليلةً
وحسرتُ ثوبَكِ عن رهانِكِ
فادخلي في جُبتي
لأموتَ وحدي في ظلالكِ، أو أعيشَ
وإنْ أعشْ أمشي إلى جمر الكتابةِ
ثمَّ أمشي، وأرقدُ

الأرجوانُ موحَّدُ
ويدي تطالُ السّقفَ مرفوعاً
وجرحُكَ فرقَدُ
ونعاسُ إمرأةٍ على تختِ اللظى
تتوحّدُ
ووسادةً تتوسّدُ
ما للنعاسِ إذا رآنيَ خافضاً رمشي
يطيرُ كأنّهُ فجرُ الضّحى، أو يبرُدُ

يا لائمي أوَ ما لَمَمتَ من البنفسجِ حيرةً
وطفقتَ تكسحُ ثلج أيامٍ خلتْ
ووعدتَ نارَ تشتُّتي بالوصلِ
أوقفتَ الخطى عن غيمةٍ
وتركتَ ناركَ في الشتاتِ
وقد غفتْ
يا لائمي ما للنفيرِ إذا دنتْ روحُ المقامِ
من الغمامِ، وأرسلتْ شيئاً من التذكارِ
كنْ روحاً لمرآةِ الصبايا
يا الصبايا المائلاتِ...، تتلمذتْ
عيني على غزلانها...،
والعينُ بالعينِ ابتداءً يا حفيدَ سلالة الرؤيا
تقرُّ إذا بدا لوحُ الزمانِ على الجدارِ
كأنّهُ فيضُ الدوالي
والعينُ بالرمشِ المُدلّى خلسةً في الليلِ
تقرأُ ما تشاءُ من الليالي
وهيَ انكسارُ الشمسِ في هُدُبِ الخوالي
وهيَ انتظارُ الشوقِ بعد الذوقِ
يحملُ نفْسهُ الصوفيُّ من حالٍ لحالِ
وهيَ الخيالُ إذا مشى يوماً على ثوب الخيالِ
وهيَ المساءُ تحسُّراً
وظلالُ من في البيتِ
بعد الصمتِ تسحبُ نفْسَها شغباً 
ومأمنُ دمعها أنَّ الطريقَ مُعبّدُ

جرحي من الكلماتِ
والليلُ الطويلُ عمارةٌ مسحوبةٌ من طوبها
ودخلتُها قسراً
وكدتُ أرومُ ساحلَها
فألقتني الحياةُ على الشواطئ
قلتُ يا اللهُ: هل تعفو المدينةُ في يدي
وتطالُ سكّاني
ومنأى حُصّتي العددُ

أنا المسكونُ بالترياقِ يا بلدُ
أجاري جارتي تأوي لِمَنزلها
فأغشاها، وأحميها
فيعقلَ ليلَها الأبدُ
وأضبطُها مع الأشباحِ كُمثرى
يُقشِّرُ ضعفَها الولدُ
فأحمي ضعفها
وأقولُ: يا صمدُ

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x