السبيل إلى الموت



           -1-
في رقعة الحلمِ
جاء أبي بالذي نَصَلَ القلبَ
قلتُ لهُ قبل أن أشهدَ الذبحَ:
دعني أرى الكبشَ
فاحتال مثل غمامِ الكلامِ عليَّ
وقال: انتبهْ يتدلّى
وقد يتجلّى
ويرجعَ نحو السماءْ

وهلْ لوزةٌ في أعالي الهبوبِ
تمارسُ أحزانها في العراء؟
وقال لهُ الطيّبونَ: هوَ البكْرُ
فاختر إلى ذلكَ... الطفلَ
قال أبي: في افتراش الشهادة
ليسوا سَواء
وأبي في الحقيقةِ نصفٌ على الماءِ يمشي
ونصفٌ على الأرضِ قمحٌ
وما بين قمصانه يجلسُ الأصدقاء
ففكّرَ كيف السبيلُ إلى الموتِ
فكّرَ
ثمَّ اهتدى للفيوضِ التي أثَّثتها يدُ الأتقياء
وعاد إلى خيمةِ الجرحِ
عدتُ
وعاد
وأمْطَرَنا بالبكاء
البكاءِ الحميدِ الذي لا يذيبُ الطّللْ
كلُّ شيءٍ وصل
وانتهى الأمرُ  في خيمةٍ للعزاء
           -2-
ويصدحُ في الجسمِ صوتُ الجهاتِ:
اقترب يا فتى
فالجهاتُ شماليةُ القلبِ
وادخل إلى عُمْقِ أنثى المكان
المكان الذي كان يأوي إلى نفْسهِ مرتينِ
إذا جنحَ الموتُ
كان السرابُ قريباً من النّفْسِ
أبعدَ من وردةٍ تغرقُ في حومة الخوفِ
لا هو ثابتٌ في التصوُّرِ
أو قابلٌ للتحوِّل
فاختر إذن بين ذبذبتينِ
مأوى عيالكْ

ويصدحُ حالي لحالك
أنا من غيومٍ ترقّقَ فيها الصدى غيرةً
وانتهى في خيالك
ومن همزةِ الوصلِ حين تشيّعُ
معنى اختلاط الكلامِ
ومعنى تنصُّلِ عينِ الحكايةِ
في طَرْفِ شالك

كأنّك تبدو قليلَ الفحولةِ
تبدو قليلَ المهابةِ
تبدو قليلَ النهوض من القبرِ
فانهضْ
ودُمْ مثل بازلتِ هذا الزمانِ
على بابِ كهفٍ قديمٍ
لأغزلَ شمسَ الضّحى
في شِمالكْ



إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x