لا شيء يُربكني




- لا شيءَ في هذا المساء الساحلي
- هل أربِكُ الغزلانَ قالت جدتي؟
- هذا مساءُ النحلتينِ
وصمغُ منْ أفردتُهُ قلقا
وأنا أهاجعُ ظلّ مرآتي
لكيْ أجِدَ الشبيهَ الحرَّ
أو أخطو كما اتّفقا

وحفرتُ إقليمينِ في جسدٍ بعيدٍ
غيرِ مُؤتَمنٍ على ضلعٍ قديمٍ
كان لي أن أنحني وحدي
على كفِّ التجاعيد التي حفظتْ
لأمي نصفَ قامتها
عن الوطنِ السعيدِ
فقلتُ: يا ولدي
فراح يقلّبُ المعنى
- أنا المخبوءُ في قلمٍ أتى دهرٌ عليهِ
فزادَهُ ألقا

- لا شيءَ يربكني
ولِدتُ لعامِ قهرٍ في مرايا الكونِ
سيّلتِ الخطى لحدودِ قافيةٍ
أتتْ مثلي على مَهلٍ
فبعثرتُ الضياءَ على قناديلي
ولَمْ يستصلح المجرى لهُا طُرقا

- هل كنتَ تنهاني عن الميلادِ
قبل تفتّح الليمونِ في أيامك الأولى؟
وهل جرّبتَ مثلي
أن تنامَ الآنَ خلفَ مصاطبي؟
ليحلّ هذا الغيمُ في فصل الربيعِ
على دم حرِّ
هنا في قلبِ هذا الارتباكْ

ظلان للمعنى هنا
وجهانِ للمعنى هناكْ

- هذا الجموحُ يجيءُ مشتبكاً
مع العشبِ المُدلّلِ في حدائقنا
وأنتَ كلوحةٍ في الضوء
تنشلُ منْ يديكَ حصافةِ المبنى
وتنسخ عن جلابيبي خيوطاً للقصيدةِ
إذ أعي مدناً تراوح في الهوى شبقا

وتجمَّلتْ لغتي
انطلقت إلى لغاتِ الأرضِ
لا وطنٌ
ولا أبريق يدلق نفسهُ شجنا
ولا حرثٌ لآخر تربةٍ في القاعِ
يسكنها الهواء الحرّ
إذ يغدو نبيا في الفراغ
ولا قلاعَ لعسكر الأيام
إذ تنجو من النسيانِ
ها أنذا أجوع بمفردي
وأحلّ ضيفاً في الحروب على دمي
فيعيرني من لحمهِ ورقا

لي أنْ أُقلِّمَ صفحة الأشجارِ
أنشرُها على حبل الجهاتِ
أزيغُ عنْ ولدي
ليفتلَ شاربيهِ
ويحفظَ الأشعارَ من ديوانيَ المنسيِّ
في الطرقاتِ أنشرُها
وأرحلُ في علوّ الماءِ
يهطلُ من علٍ شبقا

لي غرفتانِ
وخادمٌ في الكأسِ
أغنيتانِ مع وقْفِ الشبابِ
ولَمْ أرَ الأزواجَ ينتحلونَ من صفةِ الخلودِ
حكاية التفّاحِ
من ورقِ البنفسجِ غرّةً للنومِ
لكنّي أبيتُ على الطريقةِ ذاتِها
فليأتِ طقس ما
لنشعل في الحديقةِ ثوب أسرار الحياةِ
وليأتِ مَهما الليلُ خلّفَ لي طريقاً
عامراً بالخوفِ
حتّى نأمُرَ الملكاتِ أن يخرجنَ منْ
أحداق ليلكةٍ
ونغرَق في العطايا
وليأتِ مَهما ازورّتِ الرؤيا
وأطلقني
ولَمْ أُبْصِرْ لهُ حدقا
هوَ سائسُ الورقِ الذي تطويهِ
مرثاةُ الزوابعِ
ينظر البريُّ لي
فأرى على بابي وجوهاً غازياتٍ
تطرحُ الأحداثَ بين الماءِ والمرآةِ
أفتلُ شاربيَّ
يموتُ من غيظٍ جُواري في الوشايةِ
ثمَّ افتحُ مثلَهُ نفقا

لِتَنْفُقْ سيرةُ الأحداثِ عن خللِ الحروفِ
هنا أبي
وجوادُ ساريتينِ تتجهانِ للمنفى
ولو صفّى لهُ في الأرضِ
من ميراثهِ علقا


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x