بورتريه الشاعر



لي غايةٌ
ولها قميصٌ من بلادٍ زُرتُها يوماً
فألقتني على منديلِها
فوشمتُ غصنَ السنديان
وسلالمي مقهورةٌ تأبى الطيورُ وصالَها
ولها تركتُ الليلَ ناطوراً على خوفي
وترجمتُ الحياةَ
سليلة الأوقاتِ
حتّى ردّني حُلُمي إلى باب الرِّهانْ

لي غايةٌ
أن ينتشي من حبرهِ الإنسانْ
وله الغوايةُ كُلُّها
أنْ أمتطي ظهر الحصانِ
لأعيش في أبد الحديثِ عن الغرابةِ
والكتابةِ عن سقوطِ الموتِ في بئر الدّهانْ
ولهُ المضارعُ يستريحُ على أريكة سنديانْ
ولهُ إذا نامَ الوليُّ قصاصتانْ
ينأى بمفردة الحضور
إلى القشورِ
وتصطفيهِ من السحابة مقلتانْ

لي غايةٌ في الوردِ
لي تحنيطُ قبّرةٍ
وأسألُ عن ملاسنةِ الرياحِ مع الدخانْ
والليل والنجم المساء
وطفلتانْ
نأتا بألفِ قصيدةِ في البحرِ
قلتُ أردُّ للأولى يدي
وأعيرُ نفسيَ للصبابةِ والحسانْ
فإذا المراكبُ كلُّها مخطوفةٌ
والموجُ منسرحٌ على جسدِ الرمالِ
وساعدانْ
قطّا شخيرَ البردِ في أنفِ الرّمايةِ
واستباحا في الغداة يد اللسانْ

مُدّهامتانْ
وأرى بريد البوحِ منكسراً
وميّالاً إلى الفوضى
فأهجع قرب باب النومِ
أهجع والندى
والشمعُ مقصورٌ على جسد الغريبةِ
لا غرابة بالتقاط القمحِ
من ثغر الزمانْ

ولهم إذا حضر الخفيرُ
ليرتقي رأسي هنا
وهناك في منفى نشيجيَ طائرانْ

يتصببُّ الموتُ المُدلّى من فراغ الكأس
بالريح الطليقةِ
والذي يشقى لهُ في السرِّ
موتٌ من جُمانْ

وأنا دليل الذاتِ
في تكسيرِ عظم الانكفاءِ
وطاقتي حرفٌ يصفِّرُ... لا مكانْ

ولها إذا طال انتظارُ الشوقِ
خلف سريرها قلبٌ
ولي من سيرة المعنى  
إذا قرأ النبيُّ ظلالهُ في الحلمِ
طفرةُ ترجمانْ
وأنا أدرِّبُ طائري:
لا تُفشِ سرّاً إن رأى ريش النعامةِ
أو دعاكَ إلى الحقيقةِ راهبانْ
فلكلِّ ريحٍ صولجانْ
ولكلِّ مغناة هنا في الروح
يرقصُ بهلوانْ
ولكلّ موتٍ حاجبانْ
ولكلّ طفلٍ لثغُ حرفٍ من حنانْ
ولكلِّ أغنيةٍ قيانْ
ولكلّ مسألةٍ غيابةُ أرجوانْ
ولكلِّ ساريةٍ هواءٌ
لا يدانْ
ولكلِّ ثوبٍ قيلَ ينسُجُهُ فلانْ
أرجوحتانْ
فبأيِّ إيقاعٍ تُرى يتهامسانْ
الموتُ
والإنسانْ!!!
هل يُعْشِبُ الأنفاسَ
لي
بوحي؟
وآخرُ حيرتي خَبَرٌ... لكانْ
جرّبتُ تنقية الهواءِ من الحليبِ
ومن تعاقبِ طفلتينِ
ومن تزاحمِ جارتي للطيلسانْ
فوقفتُ كالبندولِ أتبعُ حاجتي
ودقائقي مرهونةٌ للحيْقُطانْ
لكأنها رئة ٌ بها مرضٌ
وتعريضٌ لجانْ
وكأنها لغةٌ  على ذِكْر الحواملِ
جاءت الدّنيا  لتسعى في حبور الأرضِ
نحو المهرجانْ
فبأيِّ أنفاس الفؤادِ تُكذّبانْ؟!!

هل يُعْشِبُ الأنفاسَ أمطارٌ مزلزلةٌ
ووجهٌ من بياضٍ
اثنتانْ
أمّي
وأوّلُ طفلةٍ جاءتْ لتسكن حيرتي
وتغيبَ في كبدِ الرّعانْ
كانت مدللةً
وتخشى أن أغيبَ ...غيابُها
سفرٌ على لحمي
وعضّةُ أفعوانْ
ماحقْتُها قمراً على ضجرٍ
وألَّفتُ القصيدةَ مرّتينِ
فأثلجتْ صدري
وساوسُ
... أينَ كانْ!!
هذا الرفيقُ من الأمان!!!

غابتْ
وأيقظتِ الدِّنانْ
فلأيِّ مائدةٍ سأنسبُ حاجتي
وأنا الذي سَفَحَ المساءَ بإصبعٍ منهوبةٍ
فتنزّلتْ بصماته في كلّ آنْ

مُدهامتانْ!!!
الصورةُ الأولى
قياسُ البعثِ من مدنِ الطِّعانْ
والصورةُ الأخرى
بيارقُ من حليب الغيمِ
ريحٌ ثرّةٌ
وخسارتانْ
لوحي الذي اختطتْ يدي أنسابَهُ
وزواجُهُ من نفْسِهِ
والليلُ دانْ
فبأيِّ رسمٍ يا أخي
سأريحُ ذائقة الفحولةِ عن يدي
وألفُّ نصفَ غوايتي شجراً
وفاكهةً
ونخلاً ذات أشياعٍ
وأبّا
وبأيِّ طائرةٍ أغادرُ جثتي
لأعيشَ حدْبا
وبأيِّ قارعةٍ ستفتحُ قهوتي
وتر الكمانْ     

المجدُ للفعل المضارعِ
للقصيدةِ تستر الوجه المقاومَ
للعبورِ إلى الخرائطِ
والدخولِ إلى مواقيت الزّمانْ
المجدُ للرِّعيانِ
للقنص البعيدِ على روابي حُمرة الرّمانْ
المجدُ للوردِ الذي نَحَتَ الصداقةَ
واستعار الرّمزَ
واختلفتْ يداهُ على دمي
فأعارها لغتي
وزوّجها الحِسانْ
المجدُ للتفّاح يكرجُ منْ أسارير الجنانْ
المجدُ للإنسانْ
لعبورهِ شجري وموتي
والكتابة
والغرابةَ
واختصار النورِ عن جيشٍ من العميانْ

لي غايةٌ
ولها قميصٌ
لو جَفَتْ رأدَ الضّحى عينانْ
فبأيِّ أوردةٍ تُرى يتنافسانْ
الموتُ
والإنسانْ


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x