قصيدة للشاعر  باسل محمد البزراوي

قصيدة للشاعر باسل محمد البزراوي



إهداء إلى أحمد نمر الخطيب

خطيبُ, جئتُ إليكَ الآن مُعتذِرا
 بما اقترفتُ بلا قصدٍ وما بَدَرا

خطيبُ, عفواً إذا زلَّت يدي وغوتْ
فإنّ قلبيَ كالنيشانِ ما اعتكرا

قلبي حلَلْتَ بهِ مذْ أدركتْ أذُني
همسَ الحروفِ وعزفاً أنعش الفكَرا

يصفو لمثلِكَ, للشعر الذي عبقتْ
أمواجُهُ المسكَ والأحلامَ والعِبَرا

يصفو لمثلِك إذ تنسابُ ساقيةٌ
معَ الأصيل تناغي الفجرَ والسَّحَرا

كتبتُ ما شابَ وجهَ الشعرِ وانطلقتْ
 حروفيَ السودُ تُبدي القولَ والصُّوَرا

عميتُ, واللهِ إذْ شاهدتُ ما كتبتْ
 يدايَ, حتّى فقدتُ الصبرَ والبَصَرا

أصابني المسُّ واستغفرتُ مُرتجفاً
كمن أراقَ دماً أو كان قد كفَرا

كادت حرارةُ جسمي في تثاقلِها
تودي بيَ الروحَ لا تُبقي لها أثرا

وقد "عرقتُ" وهاجَ الجسمُ مُرتعشاً
وزادَ ضغطي..وبانَ العقلُ مُنحسِرا

ما ذا دهاني؟ وأعمى ناظريَّ وما
 عهدتُ نفسي كما أمسيتُ مُنتحِرا

جنيتُ واللهِ ما لم يجنِهِ أحدٌ
 من الأنامِ وصارت زلّتي خَبَرا

فقمتُ أمحو جناياتي وأصلحُها
حتّى وقعتُ بأدهى ما أرى كَدَرا

فكنتُ مثلَ الذي للعين كَحَّلَها
وصارَ مكحولُه من فعلِهِ عَوِرا

وما قصدتُ إساءاتٍ أبيّتُها
ولا قصدتُ حبيباً فاقني قدَرا

فلستُ ممن يرى في السوءِ صورتَهُ
ليستقلّ إلى أحلامِهِ سقَرا

ولستُ أمشي دروبَ البذءِ أذرعُها
ولا أغُذُّ الخُطا أبغي الهوى وطَرا

لا والإله الذي أعطاكَ منزلةً
عندَ السماكِ , فأمسى شعرُكَ المطَرا

واللهُ يغفرُ للمظلومِ زلَّتَهُ
فاغفرْ هداكَ الذي أحياكَ والبشَرا

إنْ شئتَ جئتُ حمى الأردُنِّ مُعتقلاً
 عِقالَ رأسي بعنقي أركبُ الخَطَرا

أو شئتَ أتيك بالأغلالِ تحملُني
آلُ البزورِ فيقضي الواترُ الوتَرا

وعامرُ العظمِ يحدو الركبَ مُنطلقاً
بهِ لإربدَ, يبغي السبعَ والنَّمِرا

والموقدِيُّ وبسّامٌ يُؤازرهم
 لطفي, فهلْ لكَ ألاّ تقبلَ الوُزَرا

وإنْ أردتَ أتى المجذوبُ يحملهُ
شوقُ الجزائرِ للأقصى ذرَا شرَرا

كذاك يأتي خميسٌ كي يرَوِّقَنا
بالأغنياتِ التي زانت لنا السَّمَرا

فما تقولُ أخي, باللهِ إنّ لنا
أمراً,فأعذرْ أوَ إنّي أنتحي الحُجَرا

ولن ألوذَ بها ما لم تُسامحني
ولن أشدَّ لها رحلاً وأتّزِرا

نفسي فلسطينُ مثل النخل عاليةٌ
فلن أهونَ ولن أستحسِنَ الخوَرا

نفسي فلسطينُ قد طاولتُ جَرمقَها
فلا تُذِلَّ بها نفساً لها خَفَرا

قاومتُ دهراً وأوهى القيدُ أعظُمَتي
ومِعصَمَيَّ, ولن أهوي وأنكسِرا

وكم شربتُ الردى والبردُ ينخرُني
ويستبيحُ النوى أحلامِيَ الخُضُرا

لكنْ أمامِيَ شهمٌ كِدْتُ أوجعُهُ
فلا أراني أبيتُ الليلَ مُنتظرا

ما نِمتُ ليلي فقد ساهرْتُ أنجُمَهُ
 على " البرندةِ" أحسو البُنَّ والضَّجَرا

وأستَمِخُّ على سيجارةٍ نفِدت
لتستبِدَّ بيَ الأخرى فتحتضِرا

ظلَلْتُ ما بينَ فنجاني ومِنفَضتي
دهراً, كأنّي طريدٌ لاذَ مُنذعِرا

تروحُ بي فكرةٌ ..تأتي نظيرَتُها
فصِرتُ نهباً لما يأتي وما عبَرا

تُطِلُّ زوجي "بنُصِّ الليلِ" تسألُني
فقلتُ:لوذي , فجوّي ساءَ واعتكرا

تُلِحُّ, فاغرورَقتْ عينايَ , فاستترَتْ
عنّي,وجاءت بكوبِ الشايِ مُستَعِرا

قالت:بربّكَ قل لي.قلتُ. فارتسمت
على المُحيّا علاماتٍ تشي نُكُرا

فقلتُ:روحي,فراحت ثمَّ أرجعَها
أمرٌ,وحلَّ بنا إبليسُ مُستترا

فأشعلَ "الطوشةَ" الكبرى وما فتئت
حتّى الصباحِ رعودٌ تقصفُ المَدَرا

دخلتُ ليلاً وإيَّاها بموقعةٍ
برّاً وجوّاً ودالَ النصرُ وانشطرا

حلّت بصدري رصاصاتٌ مُدَمدَمةٌ
فما اشتكيتُ جراحاً أحدثت حُفَرا

قاومتُ بالنارِ إذ أطلقتُ قاذفةً
منَ القصَائدِ أهجُوها لتنحسِرا

ماذا خطيبُ؟ فهل ما زلتَ تُنكرُني؟
من بعدِ هذا وهل ما زِلتَ مُعتكِرا؟ 

المقال السابق
المقال التالي

كُتب بواسطة:

0 Comments: