النخل الأخير / للشاعر مجذوب العيد المشراوي

النخل الأخير / للشاعر مجذوب العيد المشراوي

 

إهداء لأحمد الخطيب


 لم ْ يَبْتَدِعْ وَطَنًا ليصْبِحَ بائسًا
 ليخيط َ من ْ مدن ِ الخريف ِ شتاء َ

لِيَموت َ منْقَسِمًا وراءَ جنونِهِ
 ليُعيدَ لصَّمْتِ العَتِيدِ مساءَ

لَمْ يَجْتَرِحْ جُمَلا ً تـُكَذ ِّبُ بعضها
فهيَ الشَّهيَّة ُ ترْفُضُ الأخطاءَ

لمْ يَحْتَجِز ْ سُحُبًا لتـَكْبُرَ وسْطَه ُ
مُدُنُ الصَّفيح ِ فيَلـْـعَن الأسماءَ

يجتاز ُ جنْبَ الطـّور ِ أصْعَبَ ثورَة ٍ
 ويَحُط ّ ُ عن ْ أمل ٍ هَوَى الأعباءَ

وتَقودُهُ قرْبَ السّماء ِ حَمِيَّة ٌ
 ظَلـَّت ْ تُنَجِّسُ تَحْتَه ُ الأعداء َ

في شارع ِ الأيتام ِ يَرْقــُدّ بعضُهُ
متَوَسِّدًا قَدَرًا أتى وقَضاءَ

لا تُرْعِبوه ُ فكل ّ مِتـْـر ٍ عنده ُ
يُخْفِي نَبِيًّا أو يشدّ ُ سماءَ

بلغ َ الفطام َ بدون ِ أي ّ بهيَّة ٍ
ونمَا بريئا يَشْرَب ُ الإعياء َ

وتَسَلـَّقَ الأيَّام َ فوق َ جُنُونِهِ
وبَنَى لرَجفَة ِ قلْبِهِ إسْراءَ

لا تزعِجوه ُ فكل ّ شبْر ٍ عنده ُ
 من ْ طُهْرِهِ لا يقبَل ُ الإفتاء َ

جَلسَتْ بِهِ الطّرُق ُ القديمة ُ وارْتَوَتْ
 فهُوَ الهيَام ُ يلطِّف الأجواءَ

ودَعَتْهُ للسَّيْرِ الأخير ِ شجونَه ُ
فخُطَاه ُ فينَا تُبْدِعُ الأشياءَ

ما زال َ في عشقين ِ يَرْسُمُ روحَهُ
نخْلا ً تراقَصَ حولنَا أضواءَ

أنت َ المُقَسَّم ُ في الجِرار ِ عبَرْتَنِي
 فَوَصَلـْت َ إذ ْ شَكّلـْتَ بي الأنْواءَ

وتَلوْتَ من ْ آيات ِ عشْقِكَ باسِمًا
 فهُو َ البُراق ُ يعلِّم ُ الإمْلاءَ

ونَجَوْتَ من عزْف ِ البداوَة ِ ..أنت َ
تَسْكُبُ نخْلَة ً أَهْدَت ْ لك َ الأثـْداءَ

لا تُزْعِجوه ُ فقد يسافر ُ زهْرُه ُ
مَتَحَرِّقـًا ويَحُط ّ ُ عنه ُ دماء َ

وتموت ُ أسئلة ُ اليباب ِ بجنْبِه ِ
فهيَ القَبِيحـة ُ لا تحب ّ ُ رداءَ

إن لم ْ يَكن ْ بشرا تقَطَّرَ .. إنّـه ُ النــْـنَـخلُ
الأخير ُ يُعَطّر ُ الإهداء 
َ


المقال السابق
المقال التالي

كُتب بواسطة:

0 Comments: