كان مثلي وينسى

 


كان يَشْعُرُ مثلي تمامًا

بأيامِهِ الناحلاتِ نحولَ الغُيومِ

ويقرأُ بعد الضُّحى آيتينِ

ويمشي على قَدَمينِ، وينسى

كان مثلي يحاولُ رَتْقَ المساءِ

فيبدو ضَعيفا

وَيُقْلِقُهُ صوتُ ريحٍ

إذا ما تَجَلَّى على بابهِ

في المساء، وينسى

وكان نحيفا

تركتُ لَهُ ما يُناسبُ قَهْرَ الرّجالِ

إذا ما تَخَلَّفَ عَنهمْ

ثيابًا على كُمِّها صُورتانِ

وطاقيّةً للطُّيور التي شأْنُها

أنْ تنامَ قليلًا

وأرضًا بلا حارسٍ

سوف يَصنعُ شايًا لِزُوّارهِ في المساءِ

ويُفْزِعُهم حين تَعْبُرُ أفعى إلى كأْسِهِ

ثُمَّ يتركُهمْ سَاهمينَ، وَمَرْضى

وينسى

كان يَشْعُرُ مثلي تمامًا

ويقرأُ نِصْفَ كتابٍ عَنِ الصافناتِ

يقولُ: أنا قَبْضَةٌ مِنْ نسيجٍ

تعتّقَ أُنْسَا

كان يَشْعُرُ مثلي تمامًا

بأنَّ الصَّفيرَ الذي في الأعالي

نهارٌ يَمُرُّ بثقْبِ الحياةِ

فيمطرُ حدْسا

ولكنَّهمْ في البِنايةِ

قبلَ اكتمالِ الأَساسِ يَمُرُّونَ مَثْنى

فُرادى

وَيَنْتَهِزُونَ اعتلالَ الأفاعي

كان يَشْعُرُ مثلي، وينسى

وكان حَصيفا

يَضُجُّ كَوَمْضِةِ بَرْقٍ على ساحلِ المُتْعَبينَ

يهيِّئُ خيمتهُ أو يُضارعُ مَرْسى

كأنّي بهِ لا يرى غيرَ هذي الحُدوسِ

وَيَحْدُسُ مثلي

بأيامِهِ الناحلاتِ نحولَ الغُيومِ

ويُلقي على الشَّفتينِ احمرارَ الشَّفقْ

سعيدًا حزينًا

ويبقى يَشلُّ التِّلالَ بأكْتافِهِ

غيرَ أنَّ انثيالَ الحنينِ

لَهُ وَقْتُهُ في مَقاهي الأرَقْ

تركتُ لَهُ بَصْمَةَ العابرينَ

فأَذْهَلَني، واحترقْ

وهو يَرمي إلى زُمْرَةِ النَّحلِ

ريقَ مَنازلهِ

ناحِلًا 

أوْ ضَعيفا

لَهُ جُمْلةٌ مِنْ بقايا انتظارِ الحنينِ

ويشَقى

كان يَشْعُرُ مثلي

تمامًا بأَصْقاعِهِ في البلادِ

حَزينًا على نَهْرِها

كان يَشْعُرُ مثلي

بأَثْقالِهِ في البلادِ التي أَقْنَعَتْهُ

بِمَيْلِ المُمِيلاتِ في نَحْرِها

وبعد الضُّحى

غَرَّبَتْهُ مَسيحًا على حِجْرها

كان مثلي تمامًا

ولكنَّهُ صارَ وعْلًا طريدًا

كوعْلٍ طريدٍ، ويفتحُ أبوابهُ للنَّجاةِ

يضارعُ إنْسا!!

كان يَشْعُرُ مثلي تمامًا

بِمَيْلِ المعيقاتِ

يُرْهِنُ نِصْفَ الأصابعِ

يَأْمَلُ أنْ لا تَحيفَ بأحلامهِ الكائناتُ

إذا ما انتشينَ خَريفا، وينسى!!


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x