وأردُّ الأخضر لي



      -1-
كوكبني الضوءُ
فقلتُ أتوهُ بأشجاري
وأردُّ الورقَ الأبيضَ لي
من أجلِ حياةٍ أخرى

كوكبني في الحربِ
فقلتُ ينوءُ القوسُ بأحمالي
فأردُّ الورقَ الأحمرَ
والأسودَ لي
من أجلِ حياةٍ فضلى
كوكبني في الموتِ
فقلتُ أردُّ الأخضرَ لي
وأعودُ لأهلي
أيتها الذكرى

      -2-
ألهاني النايُ
ولَمْ يرفق بغزالي
فتركتُ النايَ إلى الراعي
وحذفتُ خيالي

ألهاني النايُ
وما زلتُ أدندنُ بالرغبةِ
والخوفُ سؤالي
هل قَدَري أن أتركَ في كلِّ قصيدةِ عشقٍ
بيتاً من غامضِ
هذا الحزنِ العالي؟

      -3-
القهوةُ بعد الثامنة صباحاً
والمتنبي
ونعاسُ الأطفالِ على إيقاع حمائمنا
حرّاسُ الشهوةِ
والشعرِ
وحرّاسُ مخيمنا

القهوةُ أوّلُ امرأةٍ تتجاذبني
وصليلُ الأطفالِ هنا
في قاع القلبِ مرايا
والمتنبي أوّلُ من يقرؤني
ويضيفُ لأشعاري
شيئاً مكبوتاً
من لحمٍ خبّأهُ الأطفالُ
وقاموا ينفتحونَ على لحم
سرائرنا
      -4-
الصّورةُ انقلبتْ
من فاعلٍ مجهولْ
الصّورةُ انكسرتْ
من سائقٍ مجهولْ
الصّورةُ انتشرتْ
في بيتِها المأهولْ
من ذا يُصوِّرُها غيباً على الجدرانْ؟
جاري يراوغُها عن شعبة المرجانْ
الصّورةُ انفلتتْ
من قلبها الإنسانْ
من ذا يُؤنّثها في عالَمٍ مقتولْ؟

      -5-
حذفتُ الحشوَ
وذكّرتُ المرآةْ
المرآةُ ذكَرْ
والصورةُ في اللوح المكتوبِ ذكَرْ
العينُ ذكَرْ
والساعيةُ إلى المعنى
في الليلِ
ذكَرْ
والنايُ كذلكَ في المعنى
أنثى

      -6-
قال: انتظرْ
الأرجوانُ مُعتّقٌ
ويدي تشيخُ وتنحني
والناسُ لا رؤيا لهمْ
قال: انتظرْ
سبحانَ من جَبَلَ الحكايةَ كلَّها
من غامضِ الليمونِ
عرّفها لهمْ
قال: انتظرْ
فلممتُ نفْسي من تمرُّدِها
وسقتُ لها جنينَ الأرضِ
سقتُ تمائمَ المعنى
" وكلُّ جُهينةٍ خبرٌ يقينٌ "
ليس من سلوى
إذا حَجَرَ الردى أعمالهمْ
قلتُ: انتظرْ
فرمى بإصبعهِ
على ورقِ السّماحةِ
... ثمَّ لا معنى لهمْ


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x