زحام الهجرة


 

قالوا: أجزلتَ
فأوفيتَ
ووفَّيْتَ
فقلتُ: قليلٌ أنْ يكتبَ مَنْ طحنتهُ الريحْ؟!
قالوا: وجَمَعْتَ العالَمَ في كفِّ الشِّعرِ
فقلتُ: وهل أنسى أرضاً جَزَعَتْ
منذ نما في المنفى وجعٌ
وتقلَّبَ في الليلِ جريحْ؟!
قالوا: وَسَكِرتَ بماء الشِّعر طويلاً
وَصَعَدتَ إلى آخر ما يُبنى في الكونِ
فقلتُ: وهل يمنحني هذا حَجَراً
في أرض بلادي
ويغطيني ثوبُ الشجرِ الأخضرِ
في البردِ، إذا ما جُهِّزَ في منفاي
ضريحْ؟

قالوا: وَعَشِقْتَ فتاةً شقراءَ
وَزُرْتَ المتنبي ليلاً
وأخذتَ الأرضَ بكفَّيْكَ
إلى جبلٍ لَمْ يأنسْ لِسواكَ
وَعِشْتَ كما تهوى
علَماً ينضافُ إلى الشِّعرِ
وجزتَ البحرَ بمركبكَ الذهبيِّ
فقلتُ: وهل يُغني هذا ولداً
ضيَّعَ في الحربِ غيومَ أصابعهِ
تحت زحام الهجرةِ
حتى صار وحيداً وطريداً
لا يقدرُ أنْ يدخلَ فردوسَ حديقتهِ
إلا محمولاً فوق جناحيْ نورسهِ
أو أنْ يحملَ جثتهُ ذات ضُحى
ويبوحْ؟!

قالوا: لكنَّ الإنسانَ هو الإنسانْ
فقلتُ: بلى
لكنْ أنْ يبقى داخلَ فردوسِ حديقتهِ
لا يأسرُهُ النايُ
ولا التَّصريحْ!

قالوا: أَجْزَلْتَ
فأَعْطَيْتَ
ووفَّيْتَ
فقلتُ: وهل يستدرجُ عُودي أغنيةً
دون هبوبِ الرُّوحْ؟!

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x