أوّل تجربة للماء


أوّل تجربة للماء


ماءٌ لخصائص بحر النطفةِ‏
ماءٌ لزيارةِ نفْسي إذ تعشقُ نفْسي‏
وتشاهدُ أخيلةً
ورياحاً
وسمومْ‏

ماءٌ لخيول التربةِ
حين تؤم مساحة عمري‏
ماءٌ لزوابعَ من جُدُرٍ
تهلكُ
إذ تتهالكُ‏
أو تتمالكُ غبطة كأسي‏
ماءٌ لمديح الأسبوع بأكملهِ‏
إذ أنفردُ بماء السحر
وأنقشُ وجه الرؤيا‏
تأويلاً يخرجني عن لغةٍ
فضَّ خصائصها الموتى‏

ماءٌ
وأقلِّبُ وجه الريح
وأفتحُ بابَ المعنى‏
وأسوّي أصغرَ أجرام الغبطةِ‏
يا ذا الغبطة كيف تكشِّفُ
عن ساقيةِ ‏ الإمدادِ ...
وبي جسدٌ مَحموم‏

أقصاني عن حضرتهِ ما شاءْ‏
فقبضتُ غيوماً
وسماءْ
وأثارَ عجاجاً
مستنداً رئة الريحِ الكبرى
فوقفتُ أميزُ صدى ما جاءْ‏

وتركتُ يدي
لتسوحَ هنا
وهناكَ‏
وعاشرت رياحاً لا تخمدُ في لغة الأسماءْ‏ْ
ونفختُ حدودَ المعرفة الأولى‏
حتى أدناني صاحبُ مرآتي‏
وقضى‏ أن أتصاعدَ مني‏
أن أنْصُبَ فخَّاً لحرير كلامي‏
أن أتعدَّى بالحرف سلالَ الخوفِ‏
وأن أتصيَّدَ غيماً مرقومْ‏  
 
ثمرٌ مشتبكٌ بخريف الخوفِ‏
وأدناني من حضرتهِ‏
مكّنني من ناي الرعيانِ‏
وكان لهُ مشهدهُ البريّ‏
وهَدْهَدة الطائر ذي المنقارِ‏
وَيُنْفِقُ ما لا يصفرُّ
ويشبه قافيةَ اللؤلؤ
في بحرٍ معلومْ
في‏ أوّل‏ تجربةٍ‏ للماءْ‏
كان له أرضٌ واسعةٌ
وسماءْ‏
كان يؤوساً
وخفيفاً
ويقيمُ جنائزَ من زبدِ البحرِ
ويُدمنُ‏ كأسَ البرِّ‏ِ
فإمّا يخضرَّ هنا‏
أو يصفرَّ هنا‏
وهو ملومْ‏
وأعيدُ مساحة عمري خضراء
كما كانت
وأقصُّ شريط السجنِ‏
لأنسجَهُ علماً‏
وأشفُّ عن الماضي‏
وإذا نَخَلتْ أجراسُ الموتى‏
أسماءَ نخيل الأرضِ
وأسرابَ العسرةِ‏
مكّنني من جرس التأويل‏ِ


وأجازفُ أن أصنع جبّاً‏
أن أتحاشى ريقَ السيدِ‏ في المرآةْ‏
ليكون مسائيَ أخضر
أكثرَ من عشبِ المنفى‏
ثمَّ أعدُّ كياناً لوجود التقعيدِ
على سعة المعلومْ‏
لا أسرارَ تحومْ‏
لا أسرارَ تُرَجْرِجُ وردَ الغرفةِ‏
حين أنام وحيداً‏
ومعي نصفُ كلامي‏
وأعطّلهُ‏ مفتتحاً لغة الرعدِ:‏
أعدّوا عبادَ الشمس بوجه الشمسِ‏
وماء الملكوتِ
ورمز الإخصابِ‏
ونعناع المرجْ‏
وأعدُّوا جدرانَ الغرفةِ
‏بينا أدخلُ في مسألة الماءْ‏    


ثمرٌ مشتبكٌ بالأسماء‏ْ
أدناني من خضرتهِ
وأسال الغصنَ على أرض النطفةِ
شيّعني لسؤالٍ مكلوم
أين نشيدُ الأنثى فيما سيكون؟‏
وأين الرقعةُ في الشطرنج تماوِجُ أسودَها؟‏
أدناني من خضرتهِ‏
وقضى ما شاءْ‏
في أوِّل تجربةٍ للماءْ‏
لا أبلغُ إلا باباً محتشماً بعباءتهِ‏
جبلاً كنتُ وشمتُ بصورتهِ الناي‏
لا أبلغُ من جمجمة الموتِ سواي‏
لا أبلغُ إلا الشاعرَ لَصَّ بحارتهِ ليلاً‏
بنواميس الشعرِ
دعتْهُ خفيفاً
وأنيساً في آنية المرجِ‏
فأوّلَ‏ في النصِّ‏ِّ مشاهدَ‏
من‏ حزبِ‏ القيّومْ‏


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x