صريع غواية يُمحى



أبكيتني
ورجعتَ من نفْس الطريقِ إلى صباي
أبكيتني
لتضيقَ من صبري خطاي
أبكيتني
لأثيرَ بالعينِ الدفيئة مخبأ الأنثى
وأحملها إلى عرشي
وأرجع باتجاه البيتِ
تسبقني رؤاي

أمي رأتْ في خطوتي خَجَلا
فقالت يا بُنيَّ أمِنْ نُواسي السّهلِ
أم مِنْ ثعلبٍ طاح المكانَ
أتيتَ مرتبكاً وحيراناً
فقلتُ لها لَمّا رأيتُ البابَ متّصِلاً مع المعنى:
أعيلي جمرةَ الصمتِ القديمةَ في المرايا
وانقشي سرّي على الجسدِ النحيلِ
وهيّئي نومي على لغتي
وما صنعَ الوغى

طاشتْ على سمعي
حكايات الأساطيرِ الجريحةِ
فانسلختُ عن الزمانِ أقلّم الذكرى
وأفردها على الطرقاتِ
وأَذِنْتُ للبحرِ الطويلِ خروجَهُ عن غرّة الكلماتِ
وأذِنتُ للبحر البسيطِ دخولَهُ في اللونِ تمثالاً
وملتُ إلى الكلامِ أراجع التاريخَ من عصرٍ حديديٍّ
إلى كهفٍ قديمٍ كان زوّجهُ الفتى لمدينةٍ في الليلِ
إذ طاشتْ نواةُ القمحِ في الريحِ الطريدةِ
واختبأتُ بداخل المعنى
ولَمْ أسألْ جذوع النخلِ عن مائي
كأني أستعيدُ الذكرياتِ
قال الفتى لعروسهِ في الليلِ: لا مرآةَ في الصالونِ
لا باباً وأغلقهُ على الشرفاتِ، لا جارٌ يعير الصمتَ
لا ثوبُ القصيدةِ ينتمي لحضور أمي، حين تكتشفُ
الضحى نهراً من النارنجِ، أو تأتي الغريبةُ بالدِّلالِ
وبالكلامِ، وبالسؤالِ عن البكارةِ

بعد انتظاري يا حفيدي في الحروبِ مرارةً
ورجوع ذاتي للسماءِ
وجدتُ أنّ السّهلَ غبّرَهُ الحديثُ عن السلالةِ
لا تقلْ يا طيرُ هذا منتجُ التكوينِ
منذ البدءِ كانت تستوي بظلالها الآثامُ
والأرضُ القديمةُ كان منزلها الضحى
بعد انحساري عن كلامي
ما مَحا ظلّي غواهُ عن البنفسجِ
قلتُ أنسبُ قلّتي للموتِ
أو أمشي إلى سَكَنِ الحياةِ هناكَ خلف التلِّ
تشهدني القبائلُ كلُّها
وتعيدني بعثاً من العشبِ القليلِ
على الحوافِ   

زوّجتني لنهايةٍ أخرى
وأنا أزوّجُ منتهاي إلى الغياب
ليجيء من نسلي صريعُ غوايةٍ يُمحى
وأنا أقولُ لناقةٍ ضبحا
بيني وبيني أنني شجرٌ
أسميهِ من الصفصافِ ذاكرةً
على ورق القوافي

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x