السماء التي وحّدتْ آلها


السماء التي وحّدتْ آلها


لا أريدُ الذهابَ إلى ساحةٍ
لا أريدُ الذهابَ إليها
... تورّطني ساحةٌ لا أريدُ الذهابَ إليها
تورّطني
ثم تأسفُ
حتى يظنَّ الكسالى من الناسٍ
أنّ المدى راحلٌ لا حلول لهُ
وأنّ المرايا تفضُّ بكارة أعشابهِ
وأنّ سماءً، وتسقط
حين أسوّي من الوجدِ
ما قد تسوّي الحياةُ لأبنائها
... تستبدُّ بقلب الغيوم
إذا هَدْهَدَ الموتُ أسبابهُ
وانتحى جانباً يُشْهِد الناسَ آجالها

... سأنحت باب الحكاية
حتى يقوم من الموت برزخ أمي
ويشعل شيباً عصياً
على زمنٍ جادهُ الوصل
لَمّا تعاطى من الريح أسمالها

هنا في المكان
وقد عافني الخوفُ حيناً من الدهر
إذ لَمْ أنم كالنجوم
وما كان لي أن أنام
وفي سلة الماء فوضى القصيدة
تكتبُ - مَهما تناوشني الليلُ-
أطلالها
هنا في المكان
وما في المكان سوايَ
أنا من يرتّبُ أعمالها

... يمورُ الصعاليكُ في منتهاي
وأشهدُ
كنا نواة الندى في سماء الرعاة
وكنا نواسي الكؤوسَ
إذا أُفْرِغَتْ من صداها
وكنا نبات المديح على منتهاها
وكنا نواةَ الشبابيك
تفتح باباً إلى الشمسِ
أو تجتلي سندباد الضحى
من نسيم يريحُ الكواعبَ
في البحر
تصعدُ أنفاس من جامعوا الظلّ
في خلوةٍ
ما  خلا البوحُ أثقالها
... يمورُ الصعاليك في منتهاي
يعدّون شمس الحصى
حين يألفها الظل
ما من مكانٍ
وأنبشه تربةً
تربةً
كي أقيم النواعير
تملأُ باب السماء بلذتها
وما من مكانٍ
لأجمع فيه التوابيت
لكنني غالباً ما أطلُ على ساحةٍ
حين تنأى القصيدة
 أو حين تقلبُ سور الكلام
على ناقةٍ حدّدتْ فالها

... كأني أريد الحديث عن الذكريات
هنا في مكان سحيق، وتهوي به الريح
يأملُ أن يستردَّ الخطى من خطاها
لماذا أكون سواها ...
وتسقط في مبتغاها
لماذا ترمّلُ نفسي
وتمسك ما لا يمسُّ من الغيم أبيضَ؟
نفسي تحوّلُ مرجانها باتجاهي
لماذا أكون سواها
تكون سوايَ إلهي؟
لماذا تحدُّ من العطش المحتوى
في مياهي؟
إذن يا شبابيك لا تفتحي
روحنا للكسوف
إذا غبتِ يوماً
فأيامنا خلو أحلامنا منتقاةْ
ولا تمهلي طائري نقرتين
على باب نفسي
فقد فتفت السهمُ صلصالها
الغبارُ
القليلُ
الخجولُ
يغطي سماء الحقول بأركانهِ
كما ساحة كنتُ نهّدتها بالصورْ
ثم جمّعتها تربة
وحصى
والمكان الذي لا رماد بهِ
طاعنٌ بالرياش
ويفرغ حكمته في نشيدي
إذن يا شبابيك لا تفتحي روحنا واستعيدي
دماً خالصاً من غزال الثرى
إن وصلنا إلى  كأس نهر الحوانيت ليلاً
وما من مكان هنا في الخباء
يجيد اتصال الصدى بالندى
مثلما قد وصلنا زحافاً على علةٍ
تنذر الأرض زلزالها
... والرعاة نبيهون جداً
خلاف الذي قيل عنهم
وهم ينتمون إلى سيدٍ في الخلاف
كأن الذي بينهم مشمشٌ من خراج الذنوب
وبيض نعام
ويحتاسُ ليلاً إذا فوّض الموتُ تمثالها

لا أريد الذهاب إلى ساحةٍ
فاض عنها النعاسُ
وواسى دم الحبِّ، كرمى لها
قد أجوسُ المكان إذا عاد متّهماً
باجتلاب الحصى
من سماء الأبوة في الخاصرة
لا أريد الذهاب إلى الذاكرة
لا أريد التورّط
أكثر من عابرٍ في الطريق
يرمّمُ أحوالها
لا أريد التورّط أكثر، لكنني
إذ تفيضُ الحوانيتُ أُكثرُ من وحدتي
واجداً سعةً من بهاء الندى
في السماء التي وحّدتْ آلها


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x