باتجاه قصيدة أخرى


لغتان في فوضى القصيدةِ
لا أخالُ بأنني أوسعتُ حرفَهما دما
لغةٌ إلى نارِ الأصابعِ
وهيَ تسعى في بريد الشمعِ
تُمهرُ كلَّ ليلٍ طائشٍ بغبار مرآتي
وقد علّقتُها
بهوى القصيدةِ سُلّما
وعلى الرموش من الجداول موجةٌ
لغةٌ تنوب عن المرايا
ثُمَّ تخطرُ باتجاه غزالةٍ
لترى النعاس يفزُّ من بحر الظما
وأنا أطيل الحرفَ
أنجز خلو خوفي خلوةً
وأخطُّ فوق الريح وجداً
ذائباً وفَما

وهناك لَم يشتدَّ عودُ الصندل الخشبيّ
في سقف البيوت
ولَم أحدّدْ سهو أحلامي
ولَم أدخل وحيداً
في فضاء الغرفة الحيرى بحنائي
ولَمْ أخطفْ وجودَكَ مغنما

وهناك في المرآةِ
سيدةٌ تذودُ مرارة الليل الموشّى
بالذنوبِ، وقد تخطّاها
فحيحُ الكائناتِ إلى بياضٍ
كلّهُ وبرٌ
ولوحٌ طائشٌ
أوقعتهُ ليلَ الفؤاد وقد سَما

وهناك أرصفةٌ
من الكثبانِ طائشةٌ
وشكّلتِ الحياة من الخيام مخيّما
حتى إذا قام الغلامُ إلى القصيدةِ
فكَّ طلسمهُ حصاةً
تحت ريش الموتِ
واستدعى نجوم النبع
من مجرى الكتابةِ
ثُمَّ غادر شمع أعصاب السرير
وحطَّ في ألق الزجاجِ
فقلتُ: يا مولى القصيدةِ
لا تؤاخذني بما
فَعَلَ الكلامُ بحبلِ ذاتي
حين أعجمتُ الخيولَ
وساقني كأس الرمايةِ
باتجاه قصيدة أخرى
وأشبعني الندى ندما

لغتانِ في صحو الثباتِ
وقد تلظَّى شاهدي بهوى القصيدةِ
فاستندتُ إلى جدار الأرجوانِ
لِيَبْرأَ البحرُ الذي حَوَّطتهُ بدم المحارةِ، مثلما
ذَهَبَ السِّوى عن غبطة اليعسوبِ
حين الوردُ أودعهُ السِّوى، فَتَجَهَّما

لغتانِ في بئر الأساطير البعيدةِ
هل أحدِّدُ سهوَ أيامي
وأقطعُ نافلَ الصوت الذي نَفَرَ الرعاةُ
لظلِّهِ
وتحكَّموا
بحمامةِ الريح الذبيحةِ
حين طيَّرَها الردى، ورمى

وذهبتُ أَسْتَبِقُ الرياحَ
وجدتُ سيِّدةً تذودُ عن السريرِ
بكاءها
وغناءها حيناً
وحيناً تستفيضُ بدمعةٍ حَيْرى
إذنْ فوضايَ أني لَم أكُنْ وحدي معي
ولها بأنْ تعاودَني الحنينَ
إلى الوثوب على ترابٍ
كان في قسماتهِ قَسَمَا

ضاع الحنينُ
فما بقاؤكَ يا خليَّ البالِ
لو ردّوكَ للحبر الذي
ما غضَّ عن طرفِ الهوى
قَلَما
وجدوكَ مُنْقَسِمَاً على فوضاكَ
ما أبقاكَ
لو زيَّنتَ لي اسماً منَ الأسماءِ
لو رَفْرَفْتَ لي عَلَما

ما قلتُ إلا نصفَ هذا المشهدِ الشعريِّ
حين تلوتُ في حَرَمِ القصيدةِ حاجتي
وهتفتُ: نصفي كائنٌ في الريحِ
فاشهدْ يا رعاكَ اللهُ سيّدةً
على مَجرى الكتابةِ
تستميلُ منَ الثرى بحراً
وتغرقُ في ثرى الورقيِّ
إنْ شطَّ الفؤادُ على رمال الموتِ
مُبْتَسِما

نصفي يحيكُ هديلَ مولاتي صباحاً
باتجاه قصيدةٍ أخرى
ويحملُ جثتي
إنْ عُلِّقتْ في حبل ذاكرتي
وأثقلها المدى هَرَما

يا ريحُ هذا منزلي
ما جئتُ منْ نُزُلِ الحياةِ
أقصُّ ما نَقَصَ السريرُ
ولا أحاولُ أنْ أفيءَ إلى الحياةِ
فَلِمَ التمنُّعُ عن وجوب الموتِ
إذ كرزتْ يداهُ
على رموش القاطعاتِ الباتراتِ
أصابعَ الليمونِ
أو كرزتْ على شفتيهِ
سيِّدةٌ تخطَّتْ ذنبها، فَسَما

يا ريحُ هذا منزلي
حالٌ من الفوضى يُرقِّصُ ضعفَنا
وسيولةٌ منْ حامض الليمونِ
ترمزُ للخلاص منَ اليباسِ
وكائنٌ فَطِنٌ على طول القصيدةِ
لَم يخالفْ نفْسهُ إذ قال: يا مولى
القصيدةِ
لا تؤاخذني بِما
فَعَلَ الكلامُ بحبل ذاتي
حين أَعْجَمْتُ الخيولَ
وساقني كأسُ الغوايةِ
باتجاه قصيدةٍ أخرى
فسوَّيتُ الندى حَرَما





إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x