لكَ ما تريد



لكَ أنْ تحدَّدَ ما تريدُ مِنَ الكتابةْ
عِنَبَ الأساطير البعيدةِ
حين تُكْتَشَفُ القصيدةُ في ثياب الأبجديَّةِ
حاجبَ الليمونِ إذ يصحو على حُلُمٍ
فراشةُ نفْسهِ تخبو على قَبَسٍ بعيدِ

لكَ أنْ تحدِّدَ ما تريدُ مِنَ الكتابةْ
سِجْنَاً يعيلُ مرارةَ السَّطر الوحيدِ
حَجَرَاً وقام إلى القصيدةِ شاهراً روحاً
لِيُكْمِلَها
وقيلَ لحارس الليمونِ
أنْ لا يُغلقَ الديوانَ
أنْ يتفيَّأَ المعنى إلى وطن
وراحَ إلى القصيدةِ في المساءِ
لأنَّهُ عَرَفَ الحقيقةَ نفْسها
مِنْ طَعنةِ الحرِّ الشَّديدِ

لكَ أنْ تحدِّدَ ما تريدُ مِنَ الكتابةْ
زَمَنَاً، وذابَ على سريرة حُبِّهِ عِنَبٌ
كما أسلفتُ يشرحُ دمعتي للناي
حين يُرَقْرِقُ الوجدَ المخبَّأَ في دمي
وغزالةً ما استسلمتْ لغزالةٍ
ولها بأنْ تطوي الرسائلَ في البريدِ

لكَ أنْ تحدِّدَ ما تريدُ مِنَ الكتابةْ
خمراً، وتنسى حَيْرتي
هذا خطابُ الأرجوانيِّ العنيدِ
سيفاً حريرياً
ومقهى للقصيدةِ
فارغاً مِنْ لعبة النردِ الطريدِ

لكَ أنْ تحدِّدَ ما تريدُ مِنَ الكتابةْ
جَسَدَاً ينامُ عن المرايا
طائراً بدم القصيدة ِكلِّها
وينامُ مُغْتَرِبَاً هنا
وهناكَ إيقاعٌ لحكمةِ ما يريد مِنَ النشيدِ
عِشْقَاً بدائيَّاً تَصَوَّفَ في الهوى
ثغراً تَسَوْسَنَ تحت طعم الموتِ
لَمْ يهرمْ حمامٌ أرجوانيٌّ
على الغصن الوحيدِ

لكَ أنْ تحدِّدَ ما تريدُ مِنَ الكتابةْ
فَرَحاً على الطرقاتِ منفيَّاً
ويذهبُ تحت قافية الرعودِ
خَطَّاً بيانيّاً يمرُّ مِنَ المكانِ إلى الغوايةِ
باتجاهِ القلبِ
ينقشُ ما يشاءُ منَ السُّدودِ
لكَ أنْ تحدِّدَ ما تريدُ مِنَ الكتابةْ
سَهْلاً يحنُّ إلى الغزالِ
وقامةً تصغي إلى حبر الشمالِ
وهالةً لجنون هذا الرعدِ في الموت السَّديدِ
قَمْحَاً يسلُّ مرارةَ الحصَّادِ
قوسَ دَمٍ نحيلٍ غيرَ معقوفٍ على
ميلان هذا الغربِ مِنْ شرقِ الحياةِ
وكلُّ شيء في الجهاتِ
مُوَجَّهٌ لخطى الْمُريدِ

لكَ أنْ تحدِّدَ ما تريدُ مِنَ الكتابةْ
طيَّارةً ورقيَّةً تسعى إلى ما يُشبهُ الأطفالَ
ورديَّاً، أصابعَ فوق نهر الموتِ يحفظُها
كتابٌ أحمرٌ
لا سور يمنعُها مِنَ التحليقِ
أو شوكٌ يعيقُ حوارَها
عن فتنةِ البعث الجديدِ

لكَ أنْ تحدِّدَ ما تريدُ مِنَ الكتابةْ
ما قالَ مَنفيٌّ لأولِ شَيْبَة في الرأسِ
كوني حاضري
وغدي
وأمسِ الطّلْعِ مِنْ ورد سعيدِ

لكَ ما تريدُ مِنَ الكتابةْ
وجهٌ جميلٌ
ضاحِكٌ
وَمُحَنَّكٌ
حَكَّ الفراغَ بقبضةِ الزمن الحديدِ


لكَ أنْ تفرَّ مِنَ الحديثِ
عن الطقوسِ 
وأنْ تعزِّزَ رقصة المقهى
على وتر العبيدِ

لكَ ما تريدْ
للريح سنبلتانِ تنتسبانِ للفعلِ المقاوم
في ولوج المشهد الشِّعريِّ
قلتُ أردُّ بعضَ الريحِ، علَّهما
تقيمانِ الثرى في الحقلِ
أو أنمو على قصبٍ قريبٍ من لهاة القمحِ
أو أنسى يدي في الجرحِ
أنسى خاتمَ العرسِ السعيدِ

لكَ ما تريدُ
العاشقاتُ القارئاتُ
لكأس هذا الشِّعرِ يمنحنَ الأصابعَ
ما تناثرَ مِنْ حياة الحبِّ
يُفْرِغنَ الحياة من الفراغِ
يَدُرْنَ بي سَبعاً طِباقاً
تحت قيد الريحِ مِنْ زَغَبِ القطا
وأنا الذي ما "هَيْتَ" كانت تحت جمرتهِ
جواباً عن مُصاهرةِ الجليدِ

لكَ أنْ تحدِّدَ ما تريدُ مِنَ الكتابةْ
اسماً
نبيذاً سائغاً للموتِ
مِنْ كَرْم حَميدِ


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x