قصيدة اللعبة


دمعتانِ على خدِّ أنثى
وَتَنْسَرِحانِ
إلى أنْ يصيرَ الحنينُ تراباً
على نَهَاوند النَّغمْ

دمعتانِ على خدِّ أنثى
وَلَمْ يتمترسْ وجهُ الحياةِ
على طعنةٍ في الخفاءِ
ولَمْ ينتبهْ للألَمْ

قال حدِّدْ منازلَ روحكَ
قلتُ التي في جيوبِ النَّدى
وَضَحِكْنا معاً
كيفَ لي أنْ أمدَّ لهمْ
منْ وجودي سماءً
وأقبضَها بعد طيِّ القلوبِ
على وتر الرَّصْدِ يا سيدي
لا تزغْ بعدَنا
إننا تربةٌ منْ عَدَمْ

وأمشي على جذعِ ناي
يُؤَرِّخُ أحلامَهُ
ثُمَّ أكتبُ فوق الثرى
إنَّ قوماً تنادوا هنا مصبحينَ، بلا
حيث كانت نَعمْ
أحالوا الردى
غايةً لبلوغ القَدَمْ

إنّهم منْ ورائي
ولَمْ يشهدوا للعذارى صلاةَ البكاءِ
وناموا على حادثٍ ضالعٍ بالزفيرِ
ولَمْ يشهدِ الذئبُ نومي
على حزنِ أهلي
ولَمْ ينتمِ ذات لؤمٍ لإفكٍ ودَمْ!

إنّهم منْ ورائي
ولَمْ يعلموا بالبياضِ الذي اختلطتْ روحُهُ
بالسَّوادِ
ومال لظلّ تحرِّكهُ الشَّمسُ
نحو الذي سوف يدنو إلى ماءِ روحي
لأجمعَهم ذات يومٍ على عرش نفْسي
ومائدة لاجتباء الرؤى
بين أب وأُمْ!

كنتُ أحتارُ منْ سيدٍ في الحواشي
يقولُ: ترابُكَ منذ اصطفاكَ الخيالُ
معارجُ سَيْلٍ عَرِمْ
كنتُ أختارُ حكمةَ روحي
وأقبضُها تحت عَسْفِ الخفاءِ
أعيدُ الحياةَ لهذي الرِّمَمْ

ويمشونَ مثلي
إلى غاية في الطريقِ
ويقتتلونَ على صورة ٍ
كنتُ جنَّدتُها في خيالي
وأجَّلتُها ذات لؤمٍ
لتخرجَ منْ بين فَرْثٍ ودَمْ!

طارَ طائرُهم يا أبي
في خطاب الألَمْ
وتداعتْ على الحقل فزَّاعةٌ
كنتُ ذات ضحى
أستردُّ لها السندبادَ
وأغسلُهُ بالحنينِ الذي لا جوابَ لهُ
طارَ طائرُهم يا أبي
في خطاب جديدٍ
يكيدونَ كيداً
ليحفرَ في السَّطرِ  وجهَ الذي قال: لا
لرهان الألَمْ

هنالكَ
كنتُ الفتى القرويَّ الذي لا يُبارى
أخطُّ السماءَ القريبةَ منْ خافق الزعفرانِ
لأفتحَ بابَ الشُّهودِ على النَّحلِ
يمضي إلى زهرةٍ في الجبالِ
يُداري فضاءً ضريراً
ويكتمُ ريحَ الورَمْ
فَنَمْ
كي يراكَ السَّبيلُ
إذا خطَّ بوحكَ في الجبِّ
هذا دمٌ عالقٌ منذ كانت إرَمْ

دمعتانِ على خدِّ أنثى
نبيذٌ يدورُ بأسمائهِ للعذارى
ويجمعُ شملَ الحوانيتِ سرَّاً
ويجمعُ شملَ الغيوم على مطرٍ في الحقولِ
ولا يشطبُ الممكنات منَ اللعثماتِ
يدور بِمخلاتهِ
كي يُستطابَ النشيدُ على شفةٍ
لا تجيزُ الصدى في براري الحِمَمْ

ولي أنْ أطوفَ على صدر يومٍ
أكونُ الفتى في الحصار الجديدِ
وأنْ أغتنمْ
كلَّ ريح تفوّضني أمرَها
ولي أنْ أرى سيِّداً
-                     بين جند الخفاءِ وسنارة الموتِ-
يأتي بأسرارهِ كلِّها
ويعطي الإشارة لي: لا تغرغر هنا في الحليبِ
إذا كَبُرَتْ في يديكَ الأصابعُ
واخفضْ لهم توتَ هذا الطريقِ جناحاً
إلى لعبة أحكَمَتْ جمرَها
ولا تدخل الجبَّ وحدكَ
فقد آلَ بي وترُ الظلِّ
نحو سؤال الإضاءةِ في الناي
ناي المحبِّ إذا الناسُ ناموا
وحال القلوبِ إذا جُنِّدتْ للفراغ
وموت المؤلفِ، نحل الجماهير
تصعدُ أرجوزةً أفشلتْ سرَّها

وكلُّ يد في الفضاء تلوِّحُ لي
أنْ أعيدَ حدودَ أبي في القصيدةِ
إنْ كثَّفتْ سطرَها
تحت قنبلةٍ حجَّمتْ خصرَها
وهناك إذا الشُّمسُ قد كَوَّرتْ نحرَها
دمعةٌ لا ترى في الكتابةِ غيرَ صدى
ساحلٍ طافَ حول الهَرَمْ

قال: لا
قلتُ: حدِّدْ سؤالكَ
ضاعَ الجوابُ على شَفةِ الزعفرانِ
وهنِّدْ حسامَكَ جنبكَ
ضاعَ القطا
بعد ليلٍ طويلٍ هنا في بريد القَسَمْ
قال: لا
قلتُ: حدِّدْ معالِمَ ما لا تَرى
سيِّدي ما جَرى غيرُ وقْعِ الربابةِ
في نَهَاوند النَّغَمْ

دمعتانِ على خدِّ أنثى
وَتَنْسَرِحانِ
إلى أنْ أنامَ على جبهة الشِّعرِ
هذا فؤادٌ يكلِّمهُ الحبُّ
إنَّ النزوح إلى زهرة  في الجبالِ
هنا عالقٌ بالهواءِ
ولكنَّهُ بعد جلْب المرارةِ
يدنو إلى زعفران القِدَمْ

كلُّ شي هنا قابلٌ للندمْ
حاجةُ الزعفرانِ إلى غيمةٍ في السماء البعيدةِ
نَهْرٌ يمدُّ لهُ القلبُ أرجوزةً للغناءِ
وصقرٌ تعلَّمَ أنْ يكتبَ الشِّعرَ
فوق القِمَمْ!

كلُّ شيء
ولَمْ ينتبهْ سيِّدي للكتابةِ في آخر الليلِ
لَمْ يستعدْ منْ نبيذي رياحَ الكتابةِ
لَمْ يتجهْ في البكاء شمالاً
ليحفلَ بالناي في نومهِ
ثُمَّ يُزجي لهُ غابةً منْ حُلُمْ

لأنَّ الغزالةَ تفترشُ الريشَ
طار بها صاحبُ الزعفرانِ
إلى ساحةِ الكائناتِ التي في الممرِّ
اللصيقِ ببيتي
وتنهرُني إنْ كَسَرتُ الرجوعَ
إلى حالةِ الضوء قبل العدَمْ

إذنْ يا رفيقي الذي في ضريحي
أقِمْ بين خطِّ السوادِ
وخطِّ البياض على رأس روحي
وهيِّىءْ لوجدِكَ ما لا يُصابُ مِنَ الريحِ
بعد اغتيالِ الحصى في جنوحي
وقُمْ يا صدى
لا تكنْ مثل جسم الوضوحِ
وقُمْ بعد بوح الفتى
واحتفالي بِفِعْلٍ تصرِّفُهُ الكائناتُ
على جمرةِ الشفتينِ
إذا فاقَ فَمْ

إنَّهُمْ في ثيابي
ثيابكَ يا سيِّدي
تحت عَظْمٍ ودَمْ!

إنَّهُمْ في غيابي
غيابكَ يا سيِّدي
فاستعذْ بالنشيدِ
ولا تحفظ الزعفرانَ بكأس الخدَمْ

إنَّهُمْ منْ ورائي
وراءكَ يا سيِّدي
لا تَنَمْ
دمعتانِ على خدِّ أنثى
وهذا الذي حبُّهُ زعفرانُ الخطى
ذات غَمْ
أعادَ لهذي القصيدةِ غيمةَ روحي
ولكنَّهُ غادرَ القلبَ
بعد انكسارِ القلَمْ





إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x