وكان النرد في المقهى


وكان النردُ في المقهى
يؤنّبُ طفلةً داستْ على المعنى
وفي حركاتها شيءٌ من البوحِ المؤجّلِ
لَمْ تكن تمشي إلى نفسي
أبوها حاضرٌ
والغيمُ يسردُ ما تنحّى
من دم التلِّ الصغيرِ على الترابِ
وكنتُ أخفي ظلّهُ في حبة الزيتونِ
لي من غامضِ الشفتينِ طيرٌ
مات قبل ولوجهِ في الفخِّ
قلتُ: لعلّهُ يحيا إذا حدّثتهُ عن طفلةٍ أخرى
هنا نامت على رمشي
هنا علّمتها الأسماءَ
رمزَ الخلوةِ الأولى
لتنجبَ للفتى أسطورةً
وهنا دسستُ مؤخّراً في الشعرِ
ما من شأنهِ أن يُعجزَ الشعراءَ
لو مرّوا على المبنى

هنا في صورةٍ أخرى
أخذتُ النهرَ من موجِ المرايا                           
ثمَّ رحتُ إلى البعيدِ أُهذّبُ المقهى
وأنا أطاردُ ما تخيّلَ شاعرٌ
من غيمةٍ تُسبى

ما كنتُ أنقصُ من كلامِ الريحِ
سلسلةِ الصدى
حين ابتُليْتُ بصعقةٍ
سمّيتُها جَدَلاً منازل للردى
إذ راحَ ينسبُ حاجتي لقصيدتي
ما كنتُ أنقصُ من فضائي نجمةً
سمّيتها فخّاً لأحلام الطفولةِ
كان يرقبني أخي
والماءُ يخدشُ حاجتي لطفولتي
والشعرُ كان يدلِّلُ الفوضى
هنا في قمح حورانَ المخبأَ في التلالِ
وما تؤدّيه التفاعيلُ الحزينةُ
من خروج النصِّ عن ولدٍ خرافي

يمشي إلى الصحراء
يعطيها الأمانَ إذا ترمّل في قوافيها القطا
بحثاً عن الطللِ القديم على شفاهِ الناس
أو يمضي إلى البئر الحرونِ على دروب العابرينَ
يُمشِّطُ الكلماتِ من أوتارها فجراً
يحاور نهدها
لَمّا تسوق النخلَ قطعانٌ إلى بلدٍ
ويسكنُهُ الجرادُ
إذا أتاح العشبُ قامتهُ
ولَمْ يُهدى إلى البحر القديمِ
وما رأى يوماً ضفافي


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x