ضوء المخلاة




في منتصفِ الليلِ
ولي أنْ أجترَّ النَّاهدَ مِنْ كأس الغيرةْ
دقَّ البابَ عليَّ صديقي
قلتُ أجالِسُهُ في صحن البيتِ
ولكني لا أملكُ غير جدار
سيقَ لهُ النرجسُ
والليل غريبٌ
وغريبٌ أنْ تأخُذَك الحيرةْ

يشبهني
_ وأنا لا أنظرُ في المرآة صباحاً _
هذا القادمُ مِنْ أعماق السيرةْ
إذ أتنكَّرُ وحدي
بقناع تخرجُهُ الجنيّاتُ مِنَ الأسطورةْ
وأداعبُها عن كلِّ إطار
لا يحملُ في داخلهِ صورةْ

وعلى جانبهِ
يظهرُ تحت الإبطِ الأيمنِ
ثقبٌ لجلال الإبرةِ
إذْ أسعفُ بعضَ أصابع
كنتُ درجتُ لها الخيطَ الأبيضَ
فوق بساطِ الديرةْ

يتلوَّى خَطٌ مفتوحٌ
نحو الأبيضِ
أغلقُ ذاكرةَ الفوضى
وأعودُ إلى أوَّل سورةِ ريح
نزلتْ مِنْ ثغر المرآةْ
وأعود إلى ضيفي وصديقي
لا أحملُ في الواقعِ أكثرَ إيلاماً
مِنْ قنديل يفقدُ نورهْ

لَمْ يأتِ الشايُ
ولَمْ يرجعْ هذا القمرُ المعزولُ عن الرؤيا
إلا بضعَ دقائقَ
قلتُ لضيفي
وصديقي
معذرةً
فأنا لستُ سواكَ
لهذا خذْ ما شئتَ مِنَ النرجسِ
أغلقْ خلفكَ بابَ البيتِ
ولا تدرج ثانيةً لأراكَ
فما علَّمني الموتُ سِوى أنْ أتوحَّدَ فيكَ
بعيداً عنكَ
ولا أنظرُ للمرآةْ
علَّمْني أنْ أتنازلَ عنكَ قليلاً
حين أراكَ على ضوء المخلاةْ
فأنا لَمْ أفتح نافذةً في الفجرِ
ولَمْ تفتحْ روحُكَ في صلصالي
بعضَ حياةْ





إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x