مزار القصيدة




1- هكذا قد يقال



أسرُّ لها نجمةً
في عروق القصيدةِ
أهوي بها من علٍ في مكانٍ عتيقٍ
لتبكي على دمعتي مرّةً
مرتينِ، وتنسى
بأني تركتُ لها حوزةً في الخيالْ!


هيَ الآن بعدي
تُلَمْلِمُ أحداقها
وإنْ نمتُ عن غايتي
أُبتلى بالغيوم، ولا أنتهي
هكذا يخرج الماءُ من بحرهِ
بعد طرد الرمالْ

هكذا قد يقالْ
بعد موتِ الرجالْ



2- طاعن بالقصيدة



طاعنٌ بالقصيدةِ
والشَّهدُ فيها
منذُ أنْ طاعَني ساقيها
غيرَ أني وقد طفحتُ حضوراً
صار شوقي لِمَن يرويها
هِيَ منّي كنفْسي
وإنْ غلَّبتني
كذا يفعلُ الحبُّ
في عاشق لا يليها

أنا زوجُ الندى
ابنُ أختِ الورودِ
وصاحبُ أنفاسِها
والنحاةُ الذين تنادواْ إلى جسمها
حطَّموا نسلَ خيل اللغاتِ
فمنْ يشتريها؟

هِيَ كُلّي
وكُلّي مُسَمّى
إذا ما قَرَضْتُ كلاماً
أتى بالمُسَمّى
على قارئيها

كفاها بأنَّ الندى
مَنْ حَمَاها مِنَ الموتِ
حتى إذا ما تنفَّسَ فيها النَّدى
كنتُ فيها


3- قيلولة



كلُّ شيءٍ هنا في القصيدةِ
كان عصيّاً على صورةٍ
لا ترى نحتها
وحول الخطى غصّةٌ مُهملةْ!

قال لي
بعد أنْ شاهدَ النارَ
تجتاحُ في دربها مقلةً للطيورِ
إنهُ شاهدَ الموت يفنى
على جسر باب لحديقةِ
حتى إذا قام يمشي عليهِ
تلكأ، ثمّ استوى
واقفاً لا خيار لهُ
غير برجٍ طفا فوق دمعٍ غزيرِ

تسلل بين الأصابعِ
يكتبُ أشجانهُ
مُشمساً ظلهُ الأبديَّ القريبِ منَ
الماءِ، لكنهُ بعد ليلٍ من الصمتِ
أجرى دماً في فؤادٍ ضريرِ

وكنتُ أنا الزعفران الذي
لَمْ ينمْ لحظةً فوق موالهِ في سريري

وفي آخر الليل قلتُ لهُ:
هل رأيتَ الفتى
قال: إني رأيتُ القريبَ من الوجدِ
يمشي إلى نهد نعشي
ولَمْ ينتبهْ
أنّ هذا السرير تغطّى بقيلولةٍ
فوق باب الحديقةِ
حتى إذا مرَّ بي طائفٌ من رؤى
قال: يكفي بأن تكتبَ اللحنَ
عند مزار القصيدةِ 
في يومِها المستنيرِ!


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x