شاهد من باب إربد



وولدتُ يا أمي على أرضٍ بكتْ
لَمّا رأتْ لحمي على القمصانِ
قلتُ أعيدُ نفسي مرّةً أخرى
إلى وطنٍ بلا شرفات تسكنها الملاحمُ
والحنينُ الحرُّ من إيقاع مسألة الطريقِ

ونزلتُ من طيني
ولا امرأةٌ رأتْ في حالتي طيفاً من الماضي
ولا خلعتْ ثياب البحرِ عن نهدينِ
ما كلّمتها
وهممتُ بالكفن الذي أحضرتُهُ من غيمةٍ
في السرِّ درّبها المناخُ
وكنتُ أسألُ طفلتي
هل جاء مولانا من المنفى ليغسلَ حيرتي؟
فأنا رقدتُ الأمسَ
أكتبُ عن شبيهِ الحلمِ في الوقت الإضافي

وعلى الأرائكِ
كان يجلس شاهدٌ من تلِّ إربدَ
قلتُ أعطيهِ القصيدةَ
وزنُها ما زال في أذني
وما زالت حروفُ الموتِ تشهدُ للفتى
كيف انتحى في الليل
يضبطُ خطّ ساقية انحرافي


وأنا الذي ما جئتُ من قاموس سيدةٍ
أضاعت خطوهاً ليلاً
ولَمْ ألغِ اصطفافي
لي أن أدلّلَ زوجةً نامتْ على سَجْعِ القصيدةِ
واستراحتْ من خيالٍ لَمْ يعدْ في الطين تمثالاً
فقلتُ أردُّ ما منعتْهُ في الفجرِ البعيدِ إلى كياني
ثمّ أمحو ما تهرّم من طفولتنا معاً
وأردُّ للكلماتِ ثوبَ حوارها
لَمّا تحطُّ على الحقيقةِ من رؤوس الشّكِّ
علَّ بيانها يخطو إلى لحمي
وأردُّ للوهمِ الأخيرِ خيارَهُ
 لكنها عادتْ بمرآة اليقينِ إلى الجسدْ
هل كنتُ أمحو ما مَحتْ من غفلة الكرّاسِ
في دوران رقدتها التوسّلَ للأبد؟
أم كنتُ أرسمُ مَدخلَ الحرّاسِ للفوضى
هل عدتُ أم عادتْ بمنهلِّ السماء
كما الغيومُ؟
إذا توحّشها الزمانُ بمقلةٍ عريانةٍ
رفّ الحبيبُ لها من غفلة الكرّاس
جفنَ توسُّلٍ _ يبقى على العينينِ _ خافي!!!
وإذا التقينا
يا خليَّ البالِ في المرآةِ
شاهدنا وجوهاً لَمْ تزلَ ثكلى
بنقص الياسمينِ


 قلبي وليدُ الأرضِ واللغةِ العتيقةِ
غير أنيَ قد رأيتُ بأرضنا جيشاً من القطط الكسولةِ
ينهرُ النارَ العتيقةَ في عروق الأرجوانِ
وطائراً يشتقُّ من فعلٍ ثلاثيٍّ سماءً للحوارِ
وما الحوارُ سوى رؤوسٍ أينعتْ في الحربِ
حان قطافها
وأنا على رِسْلي أقودُ مدينةً أولى
لبحر الحبِّ
لا زلزلتُها بيدي
ولا مدتْ على خطوي الغبارَ الجامعَ الحافي

وأنا المخبأُ في دمي
حين التقينا ما فتحتُ لها البلادَ
ولا رسمتُ لها الحدودَ المكثراتِ على الخرائطِ
ثمّ ما وَسِعَتْ قناديلي ضياءَ الوجهِ
ما اختار الفؤادُ سبيلهُ في البحر
ما أوسعتهُ طرباً
لأنّ الروحَ في الراحِ

وأنا المخبّأُ في بيان الأرجوانِ على الحدودِ
تركتُ خلوتنا لأيامٍ قصارٍ سوفَ أنجيها
من الودعِ المتاحِ

الطائرُ المولودُ خلف ستائر الريح القتيلةِ
والرهانُ على الخروج من الفضاءِ
وغاية المعنى
وما أنجزتُ في السهلِ القريبِ من الغرابةِ؟
كلُّها تمشي إلى أوقاتها
إذ قالَ لي ولدٌ هنا نحروكَ في الفوضى
فما أنجزتَ
قلتُ لظلّهِ:
أنجزتُ في عمري منابعَ للحقيقةِ
خلف هذا النهرِ
خِلتُ مصبّهُ غيماً تعاقبهُ
القصائدُ بالرياحِ

- من أيِّ مسألةٍ أتيتَ إلى التوحّدِ بالجراحِ؟
- من علبة الكبريتِ
من سروالِ أجدادي
ومن طينٍ تشقّقَ هائماً بندى الخيولِ
يخبُّ في صحرائها فجراً
ويرجعُ غاضباً من ريحِ إيلافِ


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x