أرى أنه ليس في حلمه

أرى أنه ليس في حلمه

 

هو لم ينتهِ بعدُ من حُصَّةِ

النومِ، لكنهُ

مثل عيني

يرى في المنام

أنَّهُ يذبحُ الكبشَ في لحظةٍ

ويرى

أنَّهُ في الصباحِ، يُضلُّ الذي

.. قد رأى


لَمْ أجرْ

وجهَ هذا السريرِ من النومِ

بعدَ الذي جاءني

 

وأنايا قليلَ السُّدى

عند شباكِها

أمسكُ الشعرَ من بابهِ

دون حراسِها


نصفُ كأسٍ
ولكنني قلتُ أخفي المدى
بين قوسين
أخفي الترائبَ في المَيْتِ
حتى أرى ما يرى شاعرٌ
من مدائنَ تسعى إلى جبلٍ
فوقه جبلٌ
تحته قلَّتي

نصفُ كأسٍ
ولكنني أختمُ الحانةَ السابلةْ
بامتداد الذنوبِ إلى عاشقٍ ما رأى
من صفاتِ الهوى غيرَ حُجَّتها     

نصفُ كأسٍ
وأشتقُّ من حجلٍ حُجَّةً
تلك حُجَّتها
والمواتُ الذي هو أدنى
يُدلّى هنا خلف غيمٍ قوامُ حياتي بهِ
قلّةٌ تمتري حالةً عند باب المدينةِ
باب النجوم
وأعلى
وفي ندبةِ الغرغرات صدى جدولٍ
كنتُ نشَّبتهُ بالقليل من التبر
في ثوب أفراسِها

نحلةٌ
كنتُ أوْلى لها من كثيرٍ من الشمسِ
غبتُ
وغيَّرتِ الريحُ ناقتها
فاستترتُ عن السيفِ أكثرَ 
لكنني حين عدتُ التزمتُ اتجاهي

نحلةٌ  أكتوي وجْدها
حافظاً ما عليَّ من السيفِ، لو أنَّهُ
وارتدى
حين قمتُ لهُ لامحاً وردةً 
كنتُ خبَّأتها خلف لحمي

نحلةٌ كنتُ علَّمتها بالسنين
السنين التي كشفتْ شمسها
ثمَّ خاطتْ أقانيمها
والسنين التي عاجلتْ نيَّة الخوفِ
في داخلي

نحلةٌ كان زخرفها عاشقٌ
نام في حلمهِ
ثمَّ حطَّمها
حين قالت لهُ: هيْتَ لك
كم مكثتَ على الأرض؟
تسعاً…!!

أرى أنهُ ليس في حلمهِ
ليس في حلمهِ ما يشي بالكلام
عاشقٌ ظلَّ تسعاً يُعرّي الخطى
الخطى عبر أشجارها
والخطى عبر ساريةٍ من غمام

 

كم مكثتَ على الأرض؟

تسعاً …

وتسعاً سعيْتَ إلى برِّها

ثمَّ أنزلتَ عاشقةً عن صروح الهوى

واحتميتَ بما ظلَّ من لوثة البحر

إنَّ الذي فَلَقَ السِّحْرَ

لَمْ يسكن الزّيتَ، لكنه غيَّرَ الريحَ

ما أمطرتْ لؤلؤاً دون منزلهِ

والطيورُ التي عاجلتهُ

أثارتْ شهيتهُ باتجاه الذنوب


لَمْ يَرَ المنجنيقَ على تلَّةٍ

 

تلك خلوتهُ 

ما براها بخطوتهِ 

ثمَّ ما عاجل الحبَّ إذ نوَّسَ الليلَ

عن بابهِ 

واكتفى بالقليلِ من المِسك

أو بالصدى

حين مرَّ الصدى بالقلوبْ


كنتُ لما أرى حكمتي

في الطريق إلى المفرداتِ

أقيمُ الصدى  

ثمَّ أملي لهُ عن سراة الليالي كتاباً

وأفتح باباً إلى العثرات السميكةِ

إنَّ يدي في الوصول لها غايةٌ

كيف أصرخُ000 يا أيها الموتُ

لو كنتَ أمْهلتَ روحي

ترى ما رأيتُ من الزّيتِ

إنَّ العبورَ إلى المفرداتِ هنا معتمٌ

 

والصدى

طينة البحر من جُور خُنّاسِها


لَمَّ فاكهةً

كان رتَّبها من قديم الزمان

مرَّ سهواً عليها الردى

كان ينوي احتفال الندى

نادم الشعرَ

غنَّى

ولَمْ يكتفِ بالندى

وأرى أنَّهُ

حين ينزاح بالشعر يرمي مداركَهُ بالسنين

السنين التي غيَّرت تلّة المنجنيق

وأرى أنَّهُ

لَمْ يردَّ الهوى بغتةً

لَمْ يمرَّ كما مرَّ قلبي على حانةٍ للغناء

كنتُ أدخلها خلسةً، خلسةً

دون أن أمَّحي من ثيابي

 

وكنتُ الذي دُقَّ في الليل بابي

تُرى هل يجيئون من قلَّةٍ؟

هل يجيئون من وترٍ نافرٍ؟

من لواقحَ تُثري الثرى بالسحاب


قلتُ: ما مرَّ بي عاشقٌ مثل قلبي

ونبَّأني بالخطيئةِ

ما لمَّني من غيابي .. كما

لمَّني!

وأرى أنني ما أرى .. أنني

قمتُ وحدي إلى قاتلٍ جزَّ حلمي بسيفٍ

وغابَ على نية الذبح

أعلى

وإن رُدَّ سيفي

فإنّي أردُّ النوى للذبيح

وأمضي إلى ريح قرطاسِها


تلك رِدَّتها سيدي

 

هل ترى؟

جعلتْ غرَّتي منجماً للجوى!

ها هنا يبتدي خوفهُ

ليس من تعبٍ

تعبٍ نافرٍ في التراب

يبتدي خوفهُ

حُجَّة قد تؤاخي لهُ جبلاً

من لدن عابرٍ فوق أنفاسِها

                                       

أيها البيلسانُ الشفيفْ

أنتهي بالكلام الخفيفْ

كان لا بدَّ من لغةٍ للدخول إلى المسألةْ

ثمَّ من لغةٍ تعبرُ الحائط المرمريَّ

إلى لغةٍ في المخيطِ الذي ضارع السنديانْ

ونسوِّي المكان

 

أيها البيلسانْ

هاتفٌ غيَّرَ الماءَ في الكأس

 

قال: اختفى ما يُرى من طِعان

وأبهرهُ الصَّيدُ، لا قوسَ لكْ

لَمْ يَرَ الدمعَ في الجفنِ

لكنهُ مرَّ فوق الذبيحةِ، قال: اختفى

ظنَّ ما لامني

والشذى عذرة الوردِ

من نحل إحساسِها


ورميتُ شِباكي
فمرَّتْ هنا خلسةً
كنتُ أعرفُ أنَّ الهوى
نهرُ قداسِها

قلتُ: تأتي الطيورُ عذارى إلى العشِّ
لا عشَّ لي
قلتُ: تأتي العذارى عذارى
ولا عينَ لي
ضلَّ عن سربهِ ذكَرُ النحل

لكنها بعد حينٍ من العسل المشتهى
رحلتْ
ثمَّ ألقتْ لهُ بالقليل من المِسكِ
قالت: مكثتَ على الأرض تسعاً
فيكفي
أنا ردَّتي من عروقي
ويكفي
بأنكَ منّي تعلمتَ كيف الندى
يشتهي وردةً ما أجازتْ لهُ
غيرَ صحن التراب

كلُّ أزرقِها ناعمٌ
كلُّ أزرقها وحشةٌ، وحشةٌ
وغوايتُها لا تُمسُّ
إذن يا سماءُ ارفقي
في طريقي مرايا
مرايا يلامسنَ عيني
مرايا يحوِّطنَ ظنّي

وإنْ  كلّ شيءٍ هنا ناعمٌ، خافتٌ
ويُرى ضوءُ نبراسِها

وأرى في الهزيمةِ ما قالهُ جارُنا
نحن من فقدَ الأمرَ
من ظنَّ أنَّ الغبارَ استحالةُ موتِ الخيول
وأنَّ المدى آخر الريح
في نصفِ أيار إن كان فيهِ السَّفَرْ

وأرى في الهزيمةِ ما قالهُ جارُنا

يومَ أخفى الطعان الجميلَ

على هجر نسناسِها


نَفَرَ الوقتُ بين الأصابع

كيف أرتِّبُ بعثي
وكيف نُرمِمُ هذي المسافةَ
كنتُ إذا طاف حولي المكانُ
أقوِّمُ موتي على طيلسان النجوم
وأنسى الخلائق

حتى يمرَّ المكانُ على ساعدي

بعد حومتهِ تحت شُبّاكها
أسندَ الخوفَ في جوف مرآتهِ
لَمْ يرَ الوجه مثلَ الذي قد رأى في المنام
ورأى
أنهُ
ليس في نفسهِ
أنهُ

ما تلظّتْ يداها بأعتابهِ

تلك أعتابهُ
هل تراها  كما الحبّ مدهشةً؟
السماءُ إذن
ترسلُ النهرَ في حلمهِ

ثم تبني لهُ قوسَ أعراسِها


شجرٌ أصفرُ

وطيورٌ تهاجرُ مكسورة العشِّ

 

نهرٌ، وبيتٌ لهُ من يديهِ

مداخل شتّى

وقلتُ: إذا جاء يسعى

سأسعى إلى بيتها

والنوافذُ مغلقةٌ أيها القلبُ

حتى تلامسَ وحشتها بالرضا

ثمَّ قلتُ لهُ: رنةُ العود جادتْ لك اللحنَ

أيامَ كنتَ تجودْ

 

قلتُ: في حكمة الحبِّ، لا عشَّ  لي

لا عيونُ الندى مُزهِرات على قلَّتي

قلتُ: ذلك حيناً من الدهر، لكنني

لَمْ أدمْ فوق جنة أنفاسِها

 

المسافةُ  

لا عشَّ لي

لا حضوري .. يباغتُ

لا غيبتي في سحابةْ

 

المسافةُ ما ورَّط الحبَّ  بي

فضةٌ  من لدن عابرٍ

من لدن مارقٍ فوق نهر القداسةِ

من سابحٍ في البراءةِ

لا عشَّ  لي

كان موعدنا الفجر قبل الضحى

كنتُ عاجلتها بالربابةْ

وما ادّاركتْ مذبحي بعدَ إيناسِها

 

كلُّ شيءٍ توابعهُ في الطريق

إلى المفردات

ونصفُ عماءٍ أحارُ بهِ حيرتي

لا أرى غيرَها

غيرها سلّةٌ  في طريقٍ أجانبهُ

ثمَّ لا ألمسُّ الشعرَ: يا شعرُ

خذ قلّتي

واتَّقِ النايَ

إنَّ الغيابَ لها حُجَّةٌ

 

قلتُ: أدخلُ في النومِ، لا ظلّنا

في حزيران سوَّى الطيورَ عذارى

ولا بابُ متراسِها


لستُ أفتحُ شُبّاكها بنشيدي

ولستُ  أُغيرُ على كرمتي باتِّباع الهوى
كلُّ متَّبعٍ جثَّتي يصطلي نارَ عودي

لستُ أغلقُ شُبّاكها
كنتُ علَّمتهُ بالرقائق في لمسة العابرين
إلى النهر
علَّمتهُ بالقليل من الخوفِ
كنتُ اختلفتُ مع الريح:
يا ريحُ هل سلَّني من يديهِ
كما سلَّ من قبلُ ماءَ وجودي؟

لستُ أهدِمُ شُبّاكها
لكأنّي أكاشفُ ما يتّبعْ جثّتي

من سقوطي
سقوطي الذي أترَبَ الحبَّ
حين ألَمَّ بسكانهِ
وألَمَّ بما يعتري صهوتي فوق عرش الكلام
وما من فتى في العجاجِ
وما من خيولٍ
لأعبرَ بالماءِ من ضفّتي
للضفاف بكرّاسِها

لَمْ يدمْ ضعفهُ

لمَّهُ الشعرُ من شجرٍ أصفرٍ

لمَّهُ من يديهِ

عاجلتهُ بنيَّتها من شبابيكَ مسلوخةٍ

أو شبابيكَ حائرةٍ دون حائلها

حائل الوردِ  إن مرَّ

أو حطَّهُ النحلُ في كأسِها


علَّلتْ قلّتي قبلَ هذا الطواف

 

وانمحتْ من ثياب القصيدةِ

في مأتم السوسنةْ

كنتُ أمنحها قلّتي

إنما لستُ أمنحها عتقها من يدي

عتقها من جراحي الكثيرةِ

من سلّةِ الشعر في ليلة الأربعاءِ

إذا مرَّ ليلٌ على الأغنيةْ

لستُ أمنحها قلَّتي

فالعراةُ على باب غرفتها

يوقظون الهواءَ بأجراسِها

 

 


المقال السابق إسقاط متأخّر
المقال التالي عرائش النهاوند

كُتب بواسطة:

مقالات أخرى قد تهمّك

  • ولد أعمى                            …
  • أرى أنه ليس في حلمه   هو لم ينتهِ بعدُ من حُصَّةِ النومِ، لكنهُ مثل عيني يرى في المنام أنَّهُ يذبحُ الكبشَ …
  • إسقاط متأخّر يندفعُ الجبلُ الأخضرُ سرّةُ ليلك نحوي يندفعُ الماء إلى جدولهِ أكثر نحوك أكثر من امرأةٍ أكث…
  • البئر   أتلمّسُ ماءَ الركبةِ أنهرُ ماعزَكَ المرميّةَ فوق البئرْ وأراكَ تمرّْ بقليلٍ من نارٍ …

0 Comments: