أمطار موسميّة


 
       إلى كمال النجار

في تشرينِ الثاني
بعد غياب النَّرجسِ
قرأَ الشَّاعرُ ليلاً
آخِرَ ما حاكتْهُ الريحُ
على أرضٍ صَعَدَتْ مِنْ غفوتها
وأتتْ بالظلِّ 
على ملكوت الناسْ


في تشرينِ الثاني
مِنْ يوم الجمعةِ قبل ضُحى الحرَّاس
نَحَتَ الواحدُ منّا نحلَ روايتهِ
وأتى بالظلِّ إلى عينِ الوسواسْ
في تشرينِ الثاني
للعام الألفينِ وخمسةْ
سِرْنا بترو أخضرَ نحو رواء الشَّمسِ
وفي جعبتنا شيءٌ ما
يُشبهُ إيقاعَ الأقواسْ

في تشرينِ الثاني
مِنْ هذا القَرْنِ المعجونِ بأوجاع
الطائرِ إذ يعبرُ مثلَ الريحِ
على جسدِ المتراسْ
عُدْنَا مِنْ وَجْدٍ صوفيّ
أكثرَ إيلاماً
مِنْ وجعٍ مُسْتَتِرٍ تحت غناء الكأسْ

في تشرينِ الثاني
قال صديقي: نأخذُ مِنْ سربِ حماماتٍ وطناً
أو نأخذُ مِنْ وجعٍ منفيٍّ في الحضرةِ
كلَّ تقاليد الأعراسْ

وَنَزَلْنا خلفَ حصار الشَّارعِ
قُلْنا لذواتٍ لا ترعى خلفَ غيومِ الصحراءِ:
هنا يَسْكُنُ قلبُ الشَّرقِ
ولا قلبَ لِمَنْ يسألُ ناقتَهُ
أين تخبئُ مبسمَها المذبوحْ!!

وَنَزَلْنا ظلَّينِ على جسدٍ مسفوحْ
كانت أطيافُ الأرضِ تُرَجْرِجُ طاقتها
وتمدُّ ستاراً مِنْ غضبٍ
فَكَتَمْنا آخرَ حنجرةٍ فاضَ بها الأوَّابونَ
وَقُلْنا للريحِ:
أريحي سنبلةً صَعَدَتْ مِنْ جوفِ الجمعةِ
نحو فضاءِ الرُّوحْ!

وَنَزَلْنا
وصديقي يحملُ وردتَهُ ويبوحْ

وَوَصَلْنا
أوَّلُ مَنْ طَرَقَ الحاجةَ فينا
نبعُ الصلصالْ

فتحتْ نافذةُ الشَّمسِ لنا جَسَدَاً
فَدَخَلْنا
وَدَخَلْنا كالفستقِ بين قشور الأحوالْ

مرَّ بنا الشَّاهدُ
والحافي
ورعاةُ النجمِ
فَقُلْنا للمشهدِ: كنْ سُكَّرَ هذا التجوالْ 

وَبَدَأْنا نرسمُ تحتَ دبيبِ النَّملةِ شيئاً
 قالتْ مِنْ فرطِ حرارتها: لا يسبقني
أحدٌ للقمحْ
وَخَدَشْنا
كيف خَدَشْنا سَهْمَ مرارتها بالخيلْ
وَتَرَكْنا حارتها
والخاتمُ في أصبعِها
يشهدُ أنَّ غزالَ الكرة الأرضيةِ
مات على جَمْهَرَةِ السَّهلْ

وَبَدَأْنا
لكنَّ الحاجةَ في تشرينِ الثاني
خَدَشَتْ سهرتنا بفراغ القهوةِ
إذ لا كأسَ هنا
أو كأسَ هناكَ
تُرَجْرِجُ حالتَنا بالهيلْ

ولنا أنْ نُسْهِمَ في تعليم الكوكبِ
كيف يمرُّ على شمس حزيرانَ
ولا يتنهَّدُ مِنْ عتمة ليلْ

كنتُ أفكِّرُ في تعميد الشَّكْلِ الشِّعريِّ
برمزٍ أسطوريٍّ
قبلَ دخوليَ في كهف النسيانِ
قادتني قدمايَ إلى المنفى
فوجدتُ شَبيهي
يسرقُني مِنْ نفْسي
وينادمني في الصَّحوِ
فقلتُ: صديقي الإنسانْ
يمرُّ على وتري
ولهُ أنْ يعقدَ ما شاءَ مِنَ الليمونِ على وتري
ولهُ أنْ يسألَني عن آخر مملكةٍ
عَبَرَتْها الجانْ
وصديقي ليس يكافئُ
غيرَ حفيفِ الطَّيرِ
على الشَّجرِ الإنسانْ

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x