شجرٌ وأعلى

                                                                               
            إلى مهند ساري

شجرٌ على سفح البلاد تدلّى
شجرٌ وأعلى
هلْ خانني الشعرُ المُصفّى
وِزْرَ إمْرَتِهِ
وقد شيّعتُهُ في لحظةِ التكثيفِ
أمْ أنَّ الزوابعَ تتلى؟!

شجرٌ وأعلى!
قال للأيامِ: إنَّ الماءَ أشواقُ الغيومِ 
إلى الهبوطِ، فعاجلتْهُ الريحُ
جنْبَ البابِ تبسطُ غصنَهُ
أبدَ الحداثةِ لو تهيّأَ للرؤى
وصفى كمائدةْ ينزّلَها الإلهُ
ومجلى

أبدَ الحداثةِ ليس يبْلى

نقشَ الخيالُ ثمارَهُ
والأرضُ نصفُ مدارهِ
ويمارسُ الأبديُّ فِعْلَ حنينهِ
لحياكةِ أخرى
إذا رُفعَ الجمالُ إلى الجلالِ
وقدَّ أحلاماً لفضِّ غمامةٍ تتسلّى

ويظلُّ  فعْلُ حنينهِ الأزليُّ
خلوَ حياتهِ
ويعودُ من فرْطِ الكتابةِ نحوها
ليصيرَ أغلى

لم يرتكبْ صمتاً
لينفرَ حائطُ التكوينِ
أو ينجو من المنفى
فلا إثماً تعاورَهُ المُقلُّ
وكانْ يُمسي حارساً للبوحِ
يُنجبُ ذات أبعادِ المسافةِ
عن يدٍ صمتاً مُقلّا

حجَّ في يومينِ
واستلقى على فُرُشٍ من الصحراءِ
فانحازتْ كتائِبُهُ لوجهِ الشّرقِ
لو فَقِهوا تلاوتَهُ
لصارَ العشبُ يُتلى

وحدي أنا منْ سرّبَ الحجلَ الجميلَ
وسلَّ خيطَ الشعرِ من إبطِ الخفاءِ
يقولُ: أرقُدُ في تأمّلِ لوحةٍ
فأقولُ: أهلا
أهلاً لكلِّ سفينةٍ في البحرِ خبّأها الرعاةُ
ومرَّ أسلافٌ ولم يستفيئوا أنسابها
لكنّهم حلبوا المحارةَ، ... والقوافي 
حكمةُ المرعى
وعادوا
ثمَّ أنزلهمْ إلى شجرٍ مُدلّى

لعَمْر الدّهرِ:
كلُّ الشعرِ ملمومٌ على امرأةٍ
ونصفُ الدهرِ مشغولٌ بأسبابي
وصيّرني على حدِّ السيوفِ الآنَ كهلا
لعَمْر الدهرِ:
إنَّ الصمتَ أحلى

صقرٌ من النسيانِ ردَّ على القصيدةِ نحرها
فرأيتُ أنثى تركبُ الموجَ المُعتّقَ
تنحني لظلال إيقاعِ الطقوسِ
فقلتُ هيّئني إلى الطيرانِ
لو بجناح أحلامٍ
ودرّبني
لأصعدَ في اللغاتِ جميعها
وأعودَ لو قلتَ: الخيانةُ أحلى
لأعود أعلى

النارُ أولى
والأساطيرُ التي هدأتْ على حرفٍ
تقيمُ صفاتها
ولديَّ من أسبابها طفلٌ
نزيلَ الخوفِ يبحثُ عن صفاتِ الشكلِ
والأيامٌ واقفةٌ
ولم يتخلَّ

لا زلتُ أَحبِسُ جوفَ أقلامي
بداياتِ الركونِ إلى الحقيقةِ
ليس يفنى في التلالِ الصخرُ
أحمِلُهُ، فتنشقُّ البلادُ إلى ينابيعَ
وأسألُها صلاةً خلف نافذةِ القصيدةِ
سرُّها عبدٌ ومولى!!

قلتُ أمشي نحو سلسلةٍ من الأقدارِ
أرقبُ في نسيج النايِ صبّاراً
وأشهدُ للفتى...
كانتْ منازلُهُ رهانَ اللفظِ
في تحوير حالاتٍ من الكشفِ
اقترافَ الغيبِ في تشكيلِ صَفصافِ البلادِ
وكانَ خِلاّ

النارُ أولى
إذ أعيدُ الطينَ للأنسابِ
والمعنى إلى حبلِ الغسيلِ
...، رأيتُ في عصفِ التلاوةِ خُلّةً
ورأيتُ نخلا

أمشي
.../ أعلّلُ في كلامي
حُزمةً من جذع هذا السنديانِ
وأشتهي ما قد تُثيرُ الريحُ للنارِ القريبةِ
من أصابعنا،...
.../ حذفنا سيرةَ الطللِ البعيدِ
كأننا تُهنا...،
وأجمل لوحةٍ في العمرِ
أنْ يدنو من الأمواجِ قبطانٌ
يحاولُ أنْ يُعيرَ العمرَ ألواناً
وينجو
لو بصدرٍ تائهٍ
وجناحِ قبرةٍ
تفتّتَ واضمحلا

هل كانَ منفياً أخي
أم كنتُ مثلَ أخي
أقيمُ لغايةِ الإبكارِ نسلا؟!!
أم زجّنا بمتاهةِ الأسرارِ
جِنيُّ القصيدةِ
واستراحَ
وَصَرّنا لغةً على سَعة البلاغةِ
فانتصرنا للهواءِ
وللمجازِ
ولم نقمْ منْ دفء هذي النارِ
فالإيمانُ أعلى

الآنَ أقصي منْ أريدُ
وما يريدُ التائهونَ من الديارِ 
...، ألمْ أجدْ جرحي على الكلماتِ
والغاياتُ تُجلى

لمْ أفتعلْ وجهاً بذي عينينِ
حِرْزاً للسكارى
والمساكينِ القُدامى
ثمَّ أبناءِ الحيارى
والسبيلِ
وكمْ بلغتُ منَ الكتابةِ مُرّ أيامٍ قصارٍ
خلتُ فيها الحرفَ نَصلا!

الآنَ أُقصي حمأةَ الإيقاعِ عن شجرٍ
وأهذي بالفروعِ
إذا تبدّدَ فِعلُ هذا الموتِ عن روحي
وأهذي...، ثمَّ أرفعُ للغناءِ مرارتي
وأفيضُ قتلا

هل خانني الشعرُ المُصفّى
وِزْرَ إمْرتهِ وقايضني
لأسألَ عنْ رمادِ الريح جيراني
وقد أشغلتُهم
ويدي على خدّي تُريقُ حريرَها
في لحظةٍ من إبرة التمكينِ
تنهاني عن الإخفاءِ في لغةٍ أمارسُها
وتبقى مثل أيامٍ قصارٍ
حاجةَ المعنى لمرماهُ...،
وأدناهُ...!!
هنا صِمْغي
... وأصغى للملوحةِ خلف هذا البحرِ
والأوتارُ ساكنةٌ.../،
وشاحبةٌ هي الأعمارُ لو جسمي تولّى

أرأيتَ صباراً
إلى جُدُر الحكايةِ يقتفي أثراً
ومثلي يتبعُ السببَ المعلّلَ...،
هذه الدُّنيا على أثرٍ تنامُ إذا مَرِضتُ
ولو عَرضْتُ الأرضَ إبطاءً وشُغلا.

الأرضُ ثكلى
والسماءُ الحَمْلُ أعلاها
ولم تفتِقْ منازلَها ثيابُ غوايةٍ
ولها إذا حجّتْ مرايانا
نقومُ الليلَ
والأرحامُ حُبلى

متجددٌ هذا الحوارُ الداخليُّ
ويشتهي صُبّارةً رشقتْ على سُرُرِ الحديثِ
رهانها
أو أهلها...،
وبقيتُ مثلَكَ أرقمُ التاريخَ بالأشعارِ
بالحدْسِ القريبِ من المرارةِ
يستوي في النصِّ إنْ جفلتْ يداهُ ملوحةً...،
البحرُ
والصحراءُ
مثلَكَ أنتشي
وأقولُ: أهلا
أهلاً لألفِ غمامةٍ حطّتْ على كأسي
فكوّرها المُحبُّ
ولم يقمْ من نارِهِ
سكنتْ
فأشعلَها مصابيحَ
احتفى بالنّصِ
والأشجارُ دانيةٌ
وأهلي مثلُ أهلِكَ غائبونَ عن الصلاةِ
وقد تقدّسَ سرُّها
فسرتْ على وترِ الحياةِ من الكتابةِ
ترتيلاً
وفضلا
ولم نغلقْ على صلواتهم
في الليلِ قِفلا

شجرٌ على سفح البلاد تدلّى
شجرٌ وأعلى
هُوَ في الكلامِ مخبّأٌ عنْ لوحةٍ محروسةِ الألوانِ
يُعتِقُ عن جفونِ الأرضِ رملا
ليظلَّ أحلى
ليظلّ منتسباً إلى غزواتهِ
ويردّ عن سِربِ الخطى
_ في خيمةٍ بدوية...،
ما جاءَ يسعى
أو جرى _ رجلاً  يُجيزُ تطايرَ الأعرافِ
عنْ جبلِ الرمايةِ 
أنْ يطيشَ
وأنْ يضلاّ

وأقلّ من حَجَرٍ على بابِ النهارِ
هو القرارُ إذا سعى
...ولعمر هذا الدهرِ
إنَّ الفجرَ ينصتُ للرصيفِ وما وعى
والنّاسُ ينسحبونَ منْ قِصَرِ الثيابِ
يمارسونَ الخوفَ
...لا تغفو على صدر الحديقةِ
_ لو تأخّرَ جملةً عن نفسهِ _ امرأةٌ معا
ولها تأنّثتِ الديارُ
وصار لي بيتٌ أبيتُ ظلالَهُ
وأقولُ: هلْ عَقَد الندى في حِجْرهِ
ما كان أوسَطُهُ مُقلاّ
أو سَوْسَنَ الثمرَ الغريبَ وصلّى؟!

وأتى على وجعٍ قديمٍ
دلَّ جيراني عليَّ
وقال لي: خُذْ حجةً من صبرِ هذا الانتظارِ
ففزتُ بالنّسرينِ
فاز الشّعرُ بالرّؤيا
وكنا اثنينِ نحمسُ للضعيفِ مقامَهُ
ونجيزُ وجهاً للغمامِ...
هنا على جبلٍ نُخلخلِ جملةً
ونهفُّ بالرؤيا
ونستدعي الطيورَ إلى الزِّحامِ
نزوّج المعنى لآخر جملةٍ تسعى
إلى باب القصيدةِ قرّةً للعينِ
خشيةَ أن ينامَ وأنْ يملاّ

حرفي جناسٌ في الرياحِ
وبعضُ أبناء القبائل يدرجونَ على الرّمالِ
وكنتُ أوّلَهمْ أردُّ الغزوَ
أمنعَهمْ إذا ما القيظُ  في الممشى
تجلّى...، 
من حُدائي
حرفي طباقٌ في سمائي
حرفي
ولي أبديةُ الممشى
وإنْ تَعِبوا رُزِقتُ بزوجتينِ

...، ولي يدٌ ممدودةٌ شَهَقَتْ على المعنى
فجلاّ
كمْ تجلّى يا إلهي
كم تجلّى؟!

علّمتُهُ بدم العصافيرِ العليّةِ
ثمّ فرّغتُ الحقولَ من الفخاخِ
وكان لي... فمنحتُهُ قلبينِ
قلتُ سأدخلُ الأبوابَ مفرَدةً
وأمشي باتجاهي
يا إلهي
مزّقوا ثوبي فجلَّ
عن زوابِعِهمْ غنائي واستقلَّ

ليس يجريني على نصِّ الحوارِ دمٌ
ويغريني
ولكنْ صدمةَ الصبّارِ تشرحني
فألقيها على مَهَلٍ
وأحذِفُها على مَهَلٍ
وأندُبُها لأهلِ البحرِ مشّاءً
أنا العفويُّ إذ أبكي
وإذ أنجو أكسِّرُ في بلاد الشمسِ بعلا

ولَهُ سأدفعُ بالجمالِ من الجلالِ
وأنتقي خامَ الكلامِ ليطمئنَّ القلبُ
أنّي لا أريقُ سواحلي في الليلِ ظلا

النارُ أولى
النّارُ ما فَقَدَتْ لها شَبَهاً
فأمِنْتَ خلخلةَ الحروفِ
وكانَ طينُكَ سرمديَّ الذاتِ
أوصلتَ الأصابعَ للشقوقِ
وما حَرَفْتَ النصَّ عن سببينِ:
هذا للندى،...
ولدى الخِرافِ العشبُ يُمسِكُ للصّدى
الإيقاعَ جهلا

وأمِنتَ أعلى
فالتقينا بعد بحرينِ، التقينا
أنتَ تمزجُ بحرنا عذباً فراتاً يا أخي
...مهلاً أخي
عَرَجَ الكلامُ
ولستُ أرجِأُ لانضباط الموجِ سيقاني
ولستُ أُصِرُّ ذاكرةً لأجهلَ
نزعةَ الغرقِ الشحيحِ
ولستُ مرهوناً لبعض الريحِ
إنْ خَفَقَتْ على دِرْع الكتابةِ
أو تخلّتْ...، ثمّ جمّلَها الغناءُ
ولستُ إلا.../
شجراً على شجرٍ تدلّى

وأقولُ: مهلا
هذه الدُّنيا على أثرٍ تنامُ إذا مَرِضتُ
ولو عَرضْتُ الأرضَ إبطاءً وشُغلا.
فالأرضُ ثكلى
والسماءُ الحَمْلُ أعلاها
ولم تفتِقْ منازلَها ثياب غوايةٍ
ولها إذا حجّتْ مرايانا
نقومُ الليلَ
والأرحامُ حُبلى!!

وأقولُ مهلا
هلْ كان سهلا
الجنوحُ إلى مزاميرِ الغوايةِ يا أخي
هل كان سهلا؟

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x