زهرة اللوتس



      -1-
فتّحَ الوردُ في حَيِّنا
يا جميلَ المُحيّا
ويا راكباً طبقاً عن طبقْ
فتّحَ الوردُ
والوردُ يأسى على شارعٍ طافحٍ بالقلقْ
الحبيباتُ يهمسنَ لي: يا فتى
إنّ وجداً غريبَ الكتابةِ
سرَّ عنْ وجدنا واحترقْ
فامنحِ الكأسَ
ما طاب من لذّةٍ خمريّة الريحِ
وادفعْ بنا للغرقْ
كلُّ شيءٍ هنا في الحقولِ مُسمّى
وأنتَ رقيمُ الندى في الورقْ

      -2-
تفتّحَ وجهُ الفتى
حين صار مُكِبَّاً على هاتف الليلِ
قال لهُ صاحبٌ طافحٌ بالحريرِ:
أقِمْ دارةً للأملْ!
فهبَّ مُكِبَّاً على قلبهِ
_ كلَّما لُمتني يصطفيني الخَجَلْ!

تفتّحَ وجهُ الفتى
في ضحى الحاسراتِ عن الرأسِ
شوقاً لهُ، واستترْ
من شِباكٍ تَفتَّحَ في خيطها
اسمُ من ماتَ في حُلْمهِ
ثمَّ عاد إلى ليلهِ
ذات حُلْمٍ أغرْ
يصطفي من نساءِ الحديقةِ وجهاً
تشيَّعَ فيهِ الصدى
وارتحلْ

هكذا يألفُ الحبُّ
من غربلَ الشمسَ في كأسهِ
ثمّ راح إلى خلوةٍ لا حلولَ لها
غير هذا الغزلْ

      -3-
اقطفي زهرةَ اللوتسِ
مشِّطي قلبَ ريح الأساطيرِ
حتى يراعي الندى مقلتيكِ

اقطفي سوسنَ الحبِّ طيري إليَّ
كما أنني سأطيرُ إليكِ
وافتحي للمدينةِ نبعاً من الماءِ
تجري القبائلُ، كلُّ القبائلِ في ضفتينِ
من الحبِّ صفصافةً في يديكِ

كم من الشِّعرِ ينتفُ ريش الحكايةِ
كم من سرايا دمي تشتهي ما لديكِ؟
اقطفي زهرة اللوتسِ البكرِ
أو فامنحيني بقاءً على غصنِ ذاتي
إذا وسوسَ العاذلونَ عليكِ!!

      -4-
في آخر الدنيا
وجدتُكِ تصطفينَ الموتَ
تختارينَ أضلاعي
وتنسلّينَ من موتي إلى بابٍ يضيقُ
ووجدتُ صبرَكِ يُمهلُ المعنى طويلاً
ثمَّ يمنحني الهواءَ
وينبري في الصمتِ
يلصقُ ما تهيّأ من غبار الأرضِ
في لوحِ الحياةِ
وينثني كالريح تطرقُ بابها وتضيقُ
ووجدتُ مفتاحي يُكَرْكِرُ صامتاً في بابهِ
ولَمْ يصحُ الهوى في داخلي
ووجدتُ أنَّ عباءة الأسماءِ
في المعنى
تضيقُ
ووجدتُ بيتَكِ غامضاً في صمتهِ
ووجدتُ أنّ شقاوتي ليلاً
تضيقُ

      -5-
رجلٌ بيدين مُذهَّبتينِ من الكلماتِ
وحبرِ المائدةِ الكبرى، وغيورْ
تلقاهُ على ناصيةِ الموتِ يعيدُ حرارتَهُ ويثورْ
لكنْ حينَ تسافرُ في عينيهِ امرأةٌ
يحملُ هَمَّ الأطفالِ وينأى
هل قالَ أخيراً شيئا
أمْ مات وحيداً في خلوتهِ خلفَ السُّورْ؟!!

رجلٌ بيدينِ مُعلَّقتينِ على جبلِ المنفى
وغيورْ
تنعشُهُ ذاكرةُ المعنى ويدورْ
بين اللثغةِ
والعُصفورْ



إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x