الجهات



أكرمي جملتي
ثمّ خيطي الندى
فالمرايا على سنِّها العبقريِّ
تنادي على سيرةِ الأرضِ فينا
وفينا عقاربُ وقتٍ تقصّتْ يد الأشقياء
فهرَّتْ على منزلي
رمل أيامِها السّودِ
لَمْ تتكئ مثلنا جمرةً
أو حنينا
لهذا لهوتُ مع الوقتِ حتى غروب الرواسي
وعشتُ أنا والجهاتُ
ولَمْ نفترشْ للنهار يقينا
أكرمي جملتي وحدَها
والمعاني
وشقّي من الأرضِ نبعَ الشقاءِ
ولا ترحمينا
لأنا عَطِشنا كثيراً
وكنّا نبيعُ مياه الحيادِ
لأهل الحدادِ
ونسكَرُ
لو شفَّ ثغرٌ عن الطينِ
وانشقَّ لحمُ الكتابة حرزاً
وطينا

جمعنا الهواءَ هنا
في كراريسِ هذي البناياتِ
ثمَّ ارتقبنا هطول الحجارةِ
شيئاً من الأبديِّ الغريبِ
تناثرَ صعقَ انتظارٍ
فخضنا كما النّاسُ خاضوا لعابَ الحياةِ
ومرّوا خفافاً على الوقتِ
لا وقتَ للناسِ
حتّى نباركَ هذا الخلاصَ الحزينا

كذلك نحنُ اعتباطاً
خرجنا إلى شرفة في الرصيفِ
ولَمْ نستترْ من خواءِ المدى مترفينا
فمالتْ رؤوسُ الشّهودِ على لحمنا
كانسحابِ الجبالِ على السّهلِ
إذ يرقبُ الخوفَ فينا


هوَ السّهلُ يا ليلُ قَصِّرْ
فما أرجوانٌ هنا يدّعي الوحيَ
لكنّهُ الوحيُ إذ ينزعُ الآنَ منّا
ضلالاً مبينا
جمعنا الهواءَ بكرّاس ليلٍ طويلٍ
تماماً كما يفعلُ الأشقياءُ
وهمْ ينزعون من الشمسِ
جسماً ضنينا
ويتحدونَ لملء الفراغِ بناياتهمْ
ليلَ نثر القصيدةِ
أو ليلَ هذا المكوثِ على الصبرِ
ملء التشظّي
وإيقاع هذا العزوفِ عن الأرضِ 
ملء الصّدى
في قرار الصعاليكِ إذ يُنشئونَ سجونا
وإذ يركبونَ القوافي مساءً
وينسحبونَ جفونا
كذلك مرّ الهواءُ ولَمْ يشترينا

... ظَهَرْنا على الملكوتِ
سما طائرٌ في بقاع البلادِ
على ثورةٍ لانفكاكِ العقالِ
ومرْبِطِ جوع اليتامى
ونهر الخزامى
فجئتُ بأميالِ خيلي
لأغبطَ ناسي
وهمْ يصطفونَ نحاسي
لبعضِ الأماسي
ولكنني ما خرجتُ عنِ السّربِ
حتى أعيدَ لكمْ ما رأيتُ
فصلّوا صلاةَ الدّعاءِ
وشُدّوا أصابع هذا الدّعاءِ لأجلي
فقدْ أبرأتنا الحياةُ منَ الرّكضِ
قالَ الإمامُ: تواصَوْا
وقال المؤذّنُ فينا:
على سكّة الجُرفِ أمرانِ
خلو انكسار المرايا
يقولُ النبيُّ المطاردُ من أهلهِ:
لا تردّوا السبيلَ إلى الاعوجاج
فيَقضي على الليلِ ذِبْحاً سمينا

ويربو طنينُ المكانِ على ساكنيهِ
ويُنشى
وخلو انفتاحِ القصيدةِ في الفجرِ
يُنشى الضحى بعدَ نأيِ الجهاتِ
جهاتِ السكارى
ويسمعُ للأحدبينِ أنينا

كأنّا رَسَوْنَا على الثلجِ
قال الوحيدُ الذي فرّ منْ جِلدِهِ باتجاهي
أنا حالة الصّفرِ
ذوبُ الترابِ على راحة الطاعنينَ القُدامى
ملاذُ القتيلِ من الجُرفِ
صرخةُ أشجارهِ إذ تمرُّ على النهرِ
ريفُ الخطى لو تشظّتْ غصونا
على بعد ضوءين
خِلْتُ النّدى مُستكينا
فهرّتْ بلادٌ على ساكنيها
وقامر قلبي
فزدتُ البهاءَ القديمَ سلاماً
تماماً
وجئتُ إلى سيرةٍ
وانحدرتُ صبياً
وشيخاً عجوزاً
وغيماً ثمينا
فعلّمني صبرُ نفْسي:  
هنا خلوةٌ في بيات الحياةِ
فلا  تَقْفُ ما ليسَ يُجبى، تماماً
وما ليس يُجبى نهارٌ مُقفّى
وعُمرٌ مُصفّى
ولا تَقْفُ ما ليس يخفى
أنا السرمديُّ
الجهاتُ أمامي
ونايُ الرّعاةِ إمامي
وهذا طريقُ الصّفا
فاتّبعْ خطوتينِ على سِلكِ هذا الطريقِ
ودُرْ حيثُ دارَ بناقتهِ
كلّنا عابرٌ للطريقِ إماماً
وهُمْ خلفنا سالكونا

كفيفاً تظلُّ إذا ناسَ شيءٌ
ومرّت خَطايا الشعوبِ على سَعة الانتظارِ
ووحدكَ تعلو على دمعتيِّ الوجودِ
خيالاً رصينا

كفيفاً مُعافى من الليلِ والنهرِ
صبراً لهذي المرايا
وشعبٌ يرى في منامِ الجهاتِ_ إذا فرّ
أو كَرَّ _ فجراً أمينا
وأنتَ إذا ما احتشدتَ على كلّ نهرٍ
يُغالبُكَ النهرُ
أو تقفز الأرضُ من رحمها
ثَمَّ رملٌ يعيشُ على وقعها
في المساءِ هجينا

كأنّك ما كنتَ
أو كنتَ مثلي رحيماً
وخِلاً لهذي الكتابةِ
إذ تمنحُ الريحَ وقتاً دفينا
أو تسرقُ الريحُ منها
حوراً مكينا

كأنّك فينا
تدوخُ على إثرِ ما يصنعونَ
وتخفى
فيخفى الرّمادُ
وتخفى الولاداتُ شيئاً فشيئاً
وليلٌ طويلُ الغواياتِ
يغبطُ مشيَ العُراةِ
وينسخُ
ثَمَّ اتّسا...عٌ لشبرٍ من الموتِ
شبرٍ من الانتشاءِ الأخيرِ
المُقِرِّ بفعلِ الرعاةِ
وشبرٍ من الأرضِ
يحتاجُ أنْ نتدلّى
لنسألَ كلّ الجباةِ: لماذا نبهتمْ
على خفّةٍ من خفيفِ الذنوبِ القرينا؟!
وحِرتمْ بأمصالِ هذي الذنوبِ الصغيرةِ
كيفَ انسحبتمْ إلينا
ومنّا
وفينا
ولَمْ تُنشئوا سورةً للجمالِ
الجمالِ المُسمّى يقينا
كأنّك ما جُزتَ رتْقَ الجهاتِ
ولا خنتَ فَتْقَ المرايا
تشظّيتَ حتّى استللتَ الفراغَ
استويتَ على الأمرِ
متَّ كما أنتَ تهوى
وفي الأرضِ صبرٌ
وعبّادُ شمسٍ
وقوسٌ
وأشجارُ كينا

نويتُ الوضوحَ
فأورقَ هذا الشّقاءُ
وعبّأني بالضجيجِ كما كنتُ أهوى
أنا الأبديُّ الأخيرُ
اصطفيتُ لميلادِ حرفي الرّصيفَ
وقلتُ لهُ: لا تكنْ مثقلاً بالخطايا
ولا تنزعجْ بالمرايا
إذا ما لمستَ الوجوهَ التي في المرايا
ورحتَ إلى الأرضِ
تُبْرِئُ منْ وعكةِ الريحِ هذا الصّفا
وجالَ بكَ الصوتُ
في كلّ ما كنتَ تكتبُ
أنتَ ولِدتَ لتكتبَ
عشتَ لتكتبَ
متَ إذا الموتُ صارَ ذبيح النهايةِ
والحدْسُ صار مُشينا

هيَ الجُملةُ البِكْرُ، قلْبُ الموازينِ
غدْرُ النّحاةِ بأفراسها
والبداياتُ
زجُّ التشابُهَ في لعبة النحلِ
إذ يفرطُ الوردَ
يَمْشُطُ سربَ الجهاتِ
ويأتي إلى بيتهِ قاتلاً
ومُعينا
وبوحُ العلاقةِ بين المؤنّثِ والزهرِ
بين الوصولِ إلى خلوةٍ
والنكوصِ إلى فرصةٍ للجلالِ
وبين المثال وبين الخيالِ
هنا شُبْهةٌ للذكورةِ
لكنّها لا تَشيُل مداها
ولا تستردَّ يدَ الغَزْلِ
تَعْمى قليلاً، وتُنسى
إذا ما تأنّث هذا المكانُ
المكانُ المُعوّلُ
تُنسى
كذلك نحنُ إذا ما اختلفنا نسينا

أكرمي جملتي
وسيقَ الذينَ اتّقوْا في الخرابِ
اتّقوْا سالمينا
لأنّ البداياتِ تشبِهُ أصلَ الوجودِ المُصفّى
وفتحَ العلومِ المُقفى
وصفوَ الغيومِ وأصفى
لتسلُكَ مثلي على قلّة البحرِ مينا

كأنّي سأفرغُ نصي
على شاطئٍ غارقٍ بالنهاياتِ
يشتطُّ لو عدّلوهُ كطودٍ عظيمٍ
ومرّ على يَبَسِ الأرضِ
يشتطُّ بعدي
ويقفو على كلّ بحرٍ سفينا

كأنّي تحوّلتُ عنْ كَرْمةٍ السِّرِّ
ظنَّ النبيّونَ مثلي
وعادوا يظنّونَ أنّي اختلقتُ الظنونا

أبوحُ لأهلي بأشراطِ نفْسي
أنا العفويُّ
وأكمِلُ حدْسي إذا ما اشتهيتُ جنينا
أبوح لهمْ بالذي فرَّ من صمتهِ واختفى
ثمَّ حجَّ إلى الماءِ
كَرَّ إلى البحرِ
واعتاد مثلي الرّمايةَ حيناً فحينا

وحيناً أنا أهلُهُ والرعاةُ
وحيناً أنا صبرُهُ والرّماةُ
وحيناً أنا غزْلُهُ في الشتاتِ
وحيناً أنيبُ لأهلي شتاتي
وأسلخُ ما ظلَّ من أصغريهِ المتونا
لأكملَ نقصي
وأزدادُ حِرْصاً عليهمْ
إذا ما أشادوا سجونا

لأصلِ القصيدةِ فصلٌ الغوايةِ
نصلُ الحروفٍ
وفصلٌ رميتُ بهِ نحو باب الخيالِ
إلى حُجبٍ مترعاتٍ بماء السماءِ البعيدةْ
فأورقَ هذا النشيدُ
وأورقَ لي بعدَ نشر المرايا
على السطحِ ريحاً معتّقةً
واشتهاءً غريباً لهمْ
وما ضرّهمْ
أنْ ألوّحَ بالموتِ غيبَ حَنُوطٍ من الناسِ
أو أنْ أردَّ لأصل الحياةِ فتونا

أزحزحُ هذا الخيالَ
لينشرَ ظلي امرؤُ الماءِ
وهوَ يوازنُ بين اليباس الكبيرِ
وردةِ فعلٍ الغيومِ
إذا صكّ سيفاً
وأملحَ كأساً
على عَجلٍ في متاهةِ هذا الرصيفِ
ولكنّهُ كان أقربَ من نفْسهِ للخروجِ
على النّاسِ حيّاً
وميْتاً
وأقربَ من لكنةِ النّارِ
إذ تنبري للخريفِ
وخصرِ المتاهةِ أقرب منّي إليَّ
ومن نفسِهِ يا أبي
ما لهذا الخريف يقعقعُ مثلي؟
ويا منْ تأخّرَ عن نفْسهِ واشتراني
كأنَّ الفيوضَ الجريئةَ سردُ الحقيقةِ
في مِخبرِ الأرضِ
أو في عُلوِّ السماءِ ملاذٌ
لنشتقَّ  أخضرَ هذي المعاني
ونفتحَ للناسِ باب القصيدةِ
إذ هُمْ على طينة الحبِّ
يتكئونَ حصونا
ووسواسُ منْ يا دمي
سوفَ ينثرُ فينا خلاصةَ هذي
الجبالِ الطحينةِ
شكلَ الحوارِ الحزينِ
ووحدةِ نشْرِ المرايا
ومنْ كانْ يشطحُ مثلي
حدودُ القبائلِ
مُلكي، وخمري
ووسواسُ شعري
وخلانُ عُمري
ونهري المقفى الغريبُ السميُّ
المعَدُّ لعصرِ الخلودِ
وميّاسُ خدٍّ شفيفٍ معافى
ندوبُ الحصى الراهناتِ
خيالُ الرفاقِ على كلِّ سيْلٍ
قضى الأرجوانُ عليهِا
وشاخَ  شجونا
ووسواسُ منْ يا دمي
خلفَ شريانهِ المُستبدِّ أطاعَ الهوى
وغدا مثلَ أنفاسهِ مثقلاً بالشفقْ
ووسواسُ منْ يصطفي طير هذا اليمينِ
ويشعلُ روح اليسارِ بهذا القلقْ
ووسواسُ منْ كانَ يرحل فجراً
وخلوَ اتصالي بحُلْمِ المتاهةِ
شقّ لمرآةِ هذا البياتِ عرينا؟!

وليس لشيخٍ عليَّ وصايا
ولو جردوني الحقولَ الأخيرةَ في الحرفِ
لو علّقوني على حبل هذي المسافاتِ نفياً
وناموا على ثوبِ نصّي
وفِرعُ الصبابةِ يرشحُ زيتاً على البابِ
يرشحُ فوقَ الثآليلِ خَلّاً وتينا

فلا تمنحونا
سوى عشبِ هذا الجرادِ من الأرضِ
حتّى تكلَّ الفوانيسُ
والطيرُ
والأرجوانُ الحرامُ
وحتّى يُصادرَ عشبي الهواءُ مُجونا

تأنيْتُ في خلْقِ حرفي
وأكثرتُ من لوثة الوسوسةْ
وجادلتُ أهلي
هنا برقُ ليلٍ طويلٍ
وبرقُ الغوايةِ أطولْ
تجاوزتها بهدوءٍ لسردِ الكتابةِ
قلتُ: إذا عدتُ عاد النبيّونَ مثلي
على أثَرٍ من لفيف الجموعِ التي
أخذتْ زينةَ القومِ
فاحتاجَ مثلي امرؤُ العصرِ عمراً مؤجّلْ
ليدخلَ في الأمرِ
أمرِ التيبُّسِ تحتَ أثيرِ الزمان المُكبّلْ
ويدخل في أمرهِ
بعد طحنِ الزجاجِ المكثّفِ
يُلقي بأصحابهِ في جنوب الحديثِ المُبلّلْ
وينسفَ عيناً من الريحِ
تعبرُ في نقرةٍ للخواءِ
وتمهلُ من كان يشطحُ
في المغرياتِ بطونا

لكَ الآنَ أن تُفرِغَ الممكناتِ من الشكِّ
تصحبَ نجماً إلى بيتهِ في الضحى
وهناك تُعيدُ إلى الانشقاقِ يدينِ
وإنصات قلبٍ إلى مرفأ في الأعالي
لتخلدَ
أو لتعودَ بريئاً من الظنِّ
كيف انبطحتَ
وكيف ارتجفتَ
وكيف إذ قيلَ سوّوا الطريقَ
استويتَ
فمتَّ
وعدتَ كثيراً على علّةٍ في القصاصِ
ودرتَ إلى النائباتِ إذا طاح شيءٌ غريبٌ
على بزّة الأرضِ
واخترتَ بيت السفرجلِ
ريحَ الهبوبِ
وميزانَ كنعانَ قبل انتشار الوباءِ
وفاض على سِمسمِ الوقتِ ملحٌ
وخانكَ جيلٌ
وبضعُ نوازلَ
حتى احترفتَ الدّيونا

لك الآنَ أنْ تستردَّ الديونا
وتعطي الصبايا جلالاً مُبجّلْ
جمالاً مُعطّلْ
وماساً لهبّةِ دُنيا
وتضحى على كلّ حالٍ
فما عرفوكَ
وما عرفونا

ولي أنْ أصافحَ بيتاً غريباً
من الشعرِ
أقربَ مني إليَّ
ويمشي على حرصهِ للمديحِ
وينأى
ويقرُبُ
يدخلُ أرضَ الوزارةِ
يلضمُ خيطاً على رسلهِ في المساءِ 
ويهجر رأد الضحى
ثمّ يغدو كفيفَ انتظارٍ
وتمشي لهُ الأعطياتُ، فينفر
تمشي إليهِ البلادُ القصيّةُ
تغرقُ فيها البلادُ القريبةُ، يمشي
وينسلُ صوفَ الحياةِ ويغدو عصيّا
ولي أنْ أصافحَ فيه قرايَ الدفينةَ
خلو الشتاءِ لريحِ الشمالِ
وباباً إذا أوصدتهُ المرايا أتى مطمئناً
ويعرفُ أني خِلافَ الذين استعدّوا
وعادوا شظايا
وما أمسكوا منْ تباريحهِ
غيرَ نقصٍ شديدٍ
بوعي شديدٍ
وظلّوا جُباةً
سوى شاعرٍ ظلّ مثلي وفيّا
وفيّاً لأبنائهِ إذ يُحيلُ البناءَ إلى سيرةٍ
والحياةَ إلى سورةٍ في كتابٍ عتيقٍ
ويملكُ مثليَ  حصناً حصينا

سلامٌ عليَّ
على الشعرِ يغبطُ أفراس نفسي
ويفرُشُ لي عند موتي
سجاجيدَ منْ عنبرِ الفقهِ
فقهِ الخلايا
لأنهارها في الخيالِ
وفقهِ السؤالِ عن الابتكارِ الجديدِ
إذا تمّ عَكْس الرّضا في ضرامِ التحوّلِ
عن مغرياتٍ أزغنَ عيونا

على منْ أطاحَ بأسلاكهِ المنجياتِ
ومنْ لفَّ لي في المساءِ غطاءً وقوراً
ومنْ هزَّ كفّي
وخالفَ عصفي
وأفردَ لي في مرايا من الحربِ
بعض التخيِّلِ
حتّى أقيم لهُ في سماء البلادِ بلاداً
وأغري بهِ عصفَ هذي المرايا
هوى مالحاً
ثمّ أُخلي لأصحابهِ في الحرابةِ
جرحاً ثخينا
لأصعدَ كالروحِ منْ قَدَمِ الشيءِ
ألفَ كتابٍ
وأُفْرِجَ عني
عنِ الماءِ في غيمة بائسةْ
لأقطعَ ما لا يُراعى من الأرضِ
هجرَ يدينِ
وميلادَ أغنيةٍ ناعسةْ
وإنْ بدّلوا لي ثيابي
هُمُ الأشقياءُ
ووحدي الذي أيقنَ الأمرَ
في جملةٍ دارسةْ
خلوتُ بها
فانكسرتُ
انهزمتُ
انتصرتُ
اختلفتُ إلى الشكَّ ليلاً
وبابي مدينٌ لأيقونةٍ حارسةْ
خلوتُ بها
وانتبذتُ المكانَ المُحرّمَ
جُزتُ اتّساع الينابيعِ
ثمَّ اختصرتُ المسافة بيني وبينَ رُهابِ الخلايا
لأدخلَ في سُمنةٍ الوقتِ
حتّى إذا ألبسوني التماثيلَ زحفاً
إلى سطر هذا الزمانِ
خلوتُ إلى العصرِ روحاً
وأنزلتُ لي من سماء النّحاسِ نجوماً
ومن أرضها البِكْرِ ما قد يليقُ بكأسي
ومن تحت هذي الكمائنِ سرداً
أجولُ بهِ كلّ شبرٍ
ومنْ فوق ليل المدائنِ شبراً
لأنحتَ شيئاً قريباً من المُنجياتِ
انحساراً لمجرى السدينِ على الجسمِ
فصلاً لميقاتِ نومي وبعثي
سلامٌ عليّ
على السابحاتِ انسلخنَ من الزنزلختِ
وعدنَ إلى النبعِ ماءً مَعينا

إذنْ أكملي جملتي
جملةَ الصبرِ عنْ خِرقةٍ في الحروفِ
ولا تصلبي صورةَ الانتظارِ
فحُسْنُ التخلُّصِ
أنْ تدفعي بالخيالِ إلى حُجرةِ الشعرِ
عصفاً متينا
وأنْ تزهدي بالمرايا
وأنّاتِ ليل الصبايا
وأنْ تَفرجي عن أصابع منْ مرمرٍ الحدْسِ
أنْ تزحفي كالهواءِ المُبجّلِ في قطرة الغيبِ
حتى إذا ما اتّكأنا عصا الأرضِ
مالتْ شقاوةُ هذي الحروفِ
وقالت: هنا الأرضُ مفتاحُ جنّتنا المُقبِلةْ
ومفتاحُ سردِ الحكايا أمام الضيوفِ
وأهل الدفوفِ
وأهل الصروفِ
وأهل التواصلِ بين المُتاحِ من العشبِ
والقُبّراتِ
وأهلِ النزولِ إلى شارعٍ طافحٍ بالحنينِ المُنقّى
هنا الأرضُ تبقى
وجوداً صغيرَ المساحةِ
لكنّه باتّساعِ المدارِ من النّاسِ والطيبينَ
وإنْ غمزوا لفتةً باتجاهِ دمي
يحضرونَ فرادى
وينسجمونَ مع الأرضِ
مثلَ الثقاةِ الحضورِ
عُراةَ النحورِ
على راحة العشبِ مثلي تماماً
ولا يُرْجِعونَ إلى وِزْرةِ الشكِّ ثوباً
ولا يُرهِنونَ الغيومَ
ولا يحجبونَ الصعود الأخيرَ إلى الشمسِ
لا يبرحونَ دم الزنزلختِ
ولا يشجبونَ الغوايةَ ميلاً هتونا

وحصباءُ هذي البقاعِ
أواخرُ جسرٍ عتيقٍ تجرأَ أن يشتري الناس
قبل الفراغ الأخيرِ
وقبل انتشالِ الضفيرةِ من رأس أنثى
كأنّكَ تنسى
هنا كانَ موعدُها الأبديُّ المُغبَّرُ
حتى هضاب الجبالِ التي كفَّ عنها الرّعاةُ
وهمْ ينزِلونَ عُراةً
وفيهمْ هنا حجةٌ للمرايا
وإيقاعُ توريةٍ
ومزادٌ أخير
وفوضى تجبُّ البداياتِ
أكثرَ مِمّا يرى الطيبونَ الكسالى
وفيهم مزايا
يردّونَ للوقتِ أنفاسهُ الأخرياتِ
ويمتحنونَ البناتِ اللواتي
يجئنَ من الجرحِ، لا جرحَ يصبو
ولا جرحَ يخبو
ولا ناي إلا إذا ابتعدَ الطيبونَ
عن الريحِ
ثمّ استداروا هنا طيبينَ
يطيبونَ مثلي
ويقتلعونَ الخطى
صورةً إِثْرِ ما يصنعونَ من الشعرِ 
عجلاً لهُ الريحُ تُغري الكلامَ
ليفقهَ ميلادَ هذي الغواياتِ
والنّاسِ بكراً
ويعرف زيَّ النبيِّ: اتبعوني
هنا يخسرُ الوردُ والمفلحونَ
ومكيالُ نثر الحقيقةِ في الشعر
صبرُ البنفسجِ والروحِ
عنبرُ هذا التراخي لكلّ الجهاتِ
الجهاتِ التي لا يُراد لها
أنْ تقيسَ الغروبَ، ولو زيّنوها
وشيَّعَ مثلي لها في الحديث فنونا

وفيهمْ بقايا سلامٍ
وأمراضُ عينِ التفاتِ النشيدِ إلى بؤرةٍ
لَمْ يطأها سوايَ
وقد ناشلوها المهادَ فكرّتْ
وفرّتْ
ووحدي الذي قاس بين المرارةِ والنبضِ 
ثمّ اهتدى للطيورِ الكثيرةِ في حقلهِ
للحجارةِ في حرفهِ
للنساء الصبايا على كلّ حالٍ
وقرَّ على أنْ يعيدَ الجهات إلى أصلها
في السلالةِ
ثمّ إذا قرَّ في الصمتِ
أرخى عليها ثياب الطفولةِ
نهرَ انشغالِ الجمالِ
وشيئاً من الخلْقِ
جِنَّ الحراكِ الأخيرِ على سطح دارٍ
لها ألفُ شيخٍ
وَظَلَّ يماري الغيوبِ
يماري السطوحَ
ويقطعها كَيْدَ سحرٍ
ومأوى لأجدادهِ المتعبينَ
وجيتارة ألبستْ لحنها
في المنامِ مَنونا

كأنّ القصائدَ أرجوحةٌ للمغنّي
ولا يستريحُ المُغنّي
هوَ الأبديُّ الطريدُ منَ العِطرِ
عطرِ الفتى
لو تغبّرَ مثلَ العجوزِ سنينا
ولا يستريحُ منَ اللحنِ
لكنّه لو أتى يستعيدُ النوايا
يضلُّ قرونا
ويحلجُ في الفجر كاف الخلودِ
وينسِلُ من رايةِ الشعر نونا
إذنْ
أكملي
جُملتي
ولا تكسري الريحَ فينا



إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x