أشباه مُعطّلة


كفى أرقاً
ومُدَّ جناحكَ الوافي
ولا تعذرْ سرابَ اليومِ
لا تعذرْ خراباً في منازلهِ


كفى أرقاً
وخذْ شيئاً من البلّوطِ
لا تجرحْ غيومَ القلبِ
كُنْ حَجَراَ على سطحي
ولا تضربْ حمام الروحِ
وانسلْ صوفَ  نائلهِ
كفى
وامتدَّ مثل السَّيْلِ قُدّامي
فجفّتْ أمّةٌ غزلتْ لها جسداً
وبعد صريخِ أطرافي
رمتْ حِملاً على بابي
ولَمْ تعذرْ رماحَ البيدِ
إذ عبرتْ قوافلُهُ
وسهمي لَمْ يقمْ من غمدِ ساحلهِ

هنا في الساحل المكشوفِ عن ليلى
سما نصفي وكشّافي
فأفلحَ عن سلالِ الهجرِ ميّالاً
إلى لغةٍ تُهاجرُ مثل أوصافي
إلى الأسواقِ
لا بيّاع
لا ولدٌ يغار الآنَ من تفاحهِ أبداً
أرى أمّي
ستائرها قماشٌ من حرير الجوعِ
تنظرُ نحو جدّتها
وتندبني أنا القرويُّ للميزانِ
ذنبي طال جرّتها
وأوغلَ كالندى في الزهرِ بعد الفجرِ
لَمْ يهدأ
أنا القرويُّ
أسراري مؤجّلةٌ
ونصفي
كم لنصفي من مدى
والليلُ رمحي
لَمْ أذقْ شجري
فقد آليتُ أنْ أحذو تجاهِ الجزمِ
في تعليلِ أطرافي
وأنْ أغري نبالَ القمحِ
لا بستانَ يُزهرُ عند طلّتها
ولا قمحٌ يدير رحى المصاطبِ عند قهوتها
ويغزلُ في جنينِ الرَّحْمِ ما كانتْ تخبئهُ
ذيول الشمسِ
فارمحْ أيّها القرويُّ
ها سكانُ أرض اللهِ
لا بابٌ تخطّفهم
ولا أرضُ هناك الآنَ في الكلماتِ
تأخذُ من صفا الأرواحِ مِهنتها
ولا شجرٌ يقامرُ فوق جسم الأرضِ مَهزوماً
لأبكي حيرةَ العتّالِ في سوق الطواحينِ التي
أنّتْ قبيل عبورِ حاملهِ
كما لو أنني وحدي
وأسكرُ من تناسلهِ

مُرّي على جذع القصيدةِ
قد كَسَرْتُ الوزنَ قبل دقائقٍ
موشومةٍ بالبوحِ
ردّيني إلى عنبي
إلى عتبي
إلى غضبي
وهزّي داخلي
حتى أباركَ طينتي
مع روحِ قائلهِ

مُرِّي على قصرِ الشموعِ
أذبتُ في نفْسي هواءَ الوجدِ
ردّيني لأمسكَ غفلتي وحدي
أنا المسكونُ بالحنّاءِ ردّيني
فإمّا صبرُ أيامي
وإمّا نحرُ أحلامي
وردّيني
فقد أشجيتُ في قلبي طيورَ الماءِ
فاختلتْ موازينٌ
وقانونٌ
وأفيونٌ
سرى في مقلةِ الأمصارِ رُدّيني
لأكتبَ سيرة العشّاق
محكمتي هنا في الحلِّ
والتمثالُ أشباهٌ معطّلةٌ
لقوسٍ بعد غيم الصّيف يدنيني من المرآةِ
قلْ يا وجهُ من أعطاك حيلتهُ
لتأخذ موجتي
والبحرَ
والأسماكَ
من أعطاك حبل الريحِ
 كي تمشي بعيداً عن مفاصلهِ؟!!!

أمشي
وخلفي نصفُ حافلةٍ
أرى الطرقات تنهرها
وتدفعُ ناسها نحوي
وتغلقُ بعد جرعتها سماءً
لا أرى مدناً على الطرقاتِ
يهجرُ ناسُها موتي
فأدفنُ غايتي
وأعود بالمعنى إلى لغتي
لأنسخَ طاقتي
وأركِّبَ الإيقاعَ من تفّاحتينِ
كأنني أمشي إلى نحتي
فيزهق من يطوف الليلَ مسلوخاً عن الأشياءِ
والأسماءُ لا تعرى أمام الموتِ
لا تعرى
ففي النسيانِ ريحٌ
والمدى سيْلٌ من الأحْجارِ
والأنباءِ
أوقفني على رئتي
ولَمْ يرمِ الحدود بنصل سكينٍ مقلَّمةٍ
ومحبرةٍ
ومائدةٍ
على عجلٍ
وجدتُ الصّبر فيها ذائباً
ويدي تحاولُ طهيَ روح الخوفِ
أرجاني إلى النسيانِ
هل يمضي صداهُ إلى فضاء الفجرِ
يستحيي من الغزلانِ نائمة على قَدَرٍ
أنا ابن الحارتينِ
ولدتُ من كأسي على أثرِ الجمالِ
فهزّني تاريخُ أندلسٍ
مَحاكمُ قبل ريش الفجرِ تستدعي أجنّتنا
وتنهانا عن النّسيانِ
لي لغتي
وأمزجها بماء الوردِ
كي تحيا مصادفةً
ولي لغتي إذا جنّدتُ ساريةً من الفوضى
على قَدَرٍ يعودُ الظلُّ يسعى
نحو حاملهِ
وأبيتُ منفرِجاً على فَرَجٍ
ومن حرجٍ أرى نفسي تقعِّر حيرتي
وتذود عن أبنائها عرجاً
ومن عَرَجٍ أرى فوضى الإمارةِ لا تبيضُ
ولا رمادَ على الطريقِ إلى المدينةِ
زُخرفي عَلَمٌ على درجٍ
وبعض جنائني مفتوحةَ المعنى
ومغلقةٌ شواطئها أمام تزاحم السّياحِ
بعضُ مقاطعي جبلٌ من الألغام
فاهتزّي إذن يا أرضُ
لي جبلٌ
وقاطرةٌ من الكلماتِ
بعض جنائني مفتوحة المعنى
ولي غرفٌ مصفّدةٌ
هنا في فجرها أبقيتُ نصفَ الكأسِ
قلتُ أجيزها للخمرِ والأعراسِ
فاحتملتْ جنوحيَ مع تثاقلهِ
وأتيتُ نصف الكأسِ
كنّا قبل فضفضةِ السحابِ
نطيلُ أقفاص الحياةِ
ونجتبي مُدناً معلّقةً على خشبِ الصّليبِ
نقيمُ متحفها على ورق الخريفِ
ونجتبي أُمَمَاً مسالمةً
وتنهضُ من غبار الصمتِ
تسأل عن غبار الوقتِ
تجمعنا على طبقٍ من الفوضى
فَنَسْعَدُ بالمساءِ
نكوّرُ الجمرَ انقباض يدٍ،  ونبسطُها
ولا خشبٌ
ونحبطُ بعض ذاكرةٍ
إذا فاقتْ على طينٍ تجمّعَ في منازلهِ

بينا أنا
أحمي الندى من شوكهِ
مرَّ الفتى البدويُّ
قلتُ أهيئ الريحَ
اركضي
هذا بيانُ الطاعنينَ على الخلافِ
ولا خلافَ
ولا مضافَ
أضيفُ نصفَ مسالكي
لحقيقةٍ أخرى
وأصدعُ بالنشيدِ:
هنا المسالكُ
والمهالكُ
والممالكُ
والمعاركُ ضربةٌ أخرى مؤجّلةٌ
لموتِ الناسِ عن صفصاف دولتهم
وأصدعُ بالنشيد: هنا البنفسجُ
دولةٌ أخرى لحمحمة الخيولِ
وقهوة الوجد الذي يسعى لنائلهِ
سيوقّع الأميُّ خلف قصائدي
فأجيزُهُ
لا حبر للألوانِ...،
سيوقّعُ المنفيُّ
أرجئهُ إلى نصٍ جديدٍ
كي يمارسَ شهوة الهذيانِ
سيوقّعُ الموتى على جسدِ الذهولِ
ولا طرائقَ للخروجِ على الشّجرْ
ستُوقِّع الأنثى
ويُعتقلُ الذَّكَرْ
سيموت من سيموتُ
والعصرِ الذي دفع الظهيرةَ للتخفي
سوف ينتشرُ الغجرْ
وعلى الأريكةِ سوفَ ألمحُ قطّتينِ
وبعضَ أبناء المطرْ
سيُجنبُ الموتى دمي
وأعيذ أحلافي من القُطنِ القليلِ
ومن تراشق قطّتينِ على سَفَرْ
سيُوقِّعُ المقهى
ونصفُ سجائري معطوبةٌ
والناسُ، يعقلُ حارسي وتري
كالطينِ ينتشرونَ في مأوى سقرْ
وبلا أثرْ
الطينُ نصفُ الكأسِ
والمرآةُ
والعتّالُ
والموتى
وكلُّ أزيز هذا البوحِ
شيءٍ مُدَّكَرْ
سيوقِّعُ المئويُّ
والطفلُ الذي بلغ الفطامَ
ومرَّ متّكئاً يدي
ولهُ غدي
وقصيدةٌ أخرى
سيوقِّعُ الجبليُّ
والشجرُ المصابُ بوردةٍ قرويّةٍ
أرختْ ستائرها
وحجّتْ مع بدائلهِ

ولحالتي قلقٌ
ونصفُ روايةٍ أجّلتُها
لأتمَّ أجمل ما رسمتُ على الصحائفِ
كانت الأمصارُ واقفةً على ظلي
وكان يقودها ألَمٌ
فهبّتْ من طرائقها
إلى جسدٍ تبللَ بالحنينِ
وكنتُ لا أشوي على جبلٍ
غزالاً فاقداً للموتِ
يمّمتُ الخطى
لأبي الذي فقدَ المكانَ بظلهِ
والشمسُ لَمْ تأخذ نياشيني
ولَمْ تمطرْ لها الصحراءُ
شعراً قابلاً للوقتِ
يمّمتُ الندى سرباً من الحسُّونِ
فارتجّ الفتى من جمرِ ما ألقتْهُ ريحٌ
حاجةٌ
تاءٌ مشتْ فيها حروفُ المدِّ
دمعٌ عائدٌ للبوحِ
ريحٌ لَمْ تعدْ من حوضِ سائلهِ

فوضايَ أنّي لَمْ أكنْ متردِّداً
حين التمستُ الكهرباءَ على شواطئ
نزوةِ التاريخِ
هجّاني على الإسفلتِ ثُعبانٌ
وسيّدةٌ تحاورُ ظلّها
فوضايَ أنّي كنتُ أسترقُ الخطى
من جمرة الإسفلتِ
كانت تستريحُ
وكنتُ جاوزتُ الحبيبَ بخطوتينِ
وكان يسألُ عن نصيبي
من مقارعة الخطوبِ
فقلتُ أرشُدُهُ إلى كأسي
وكأسي نصفُ عاريةٍ
وأشربها
 وتشربني
وأنسلُ من بلادي رقصةً وتريّة الميلادِ
لا أيقونةٌ في الريحِ
لا بابٌ إلى المبنى
ولا فوضى سوايَ
أنا الذي قرأ الجريدةَ مرّتينِ
ولَمْ يسارع بالتقاطِ الحربِ
من خبرٍ ذوى في صفحةِ الموتى
ولَمْ يسأل يد الزّوارِ عن تاريخ أجدادي
ولَمْ يفصلْ رؤى النارنجِ عن عرسِ المها
وأنا الذي مزجَ الخيالَ مع الجلالِ
ولَمْ يجاملْ في الحقيقةِ سنديان الأرض
لَمْ يقرأ على جسد الرمالِ
مدينةً أخرى مؤجّلةً
ولَمْ يفتح لباب البيتِ قنديلاً
ولَمْ يمدحْ شتات الخوفِ
لَمْ يعرجْ عليهِ دمٌ
وبعضُ النّاس أَخَّرَهمْ خروجيَ
عن مقايضة النُّشوءِ
أنا النُّشوءُ
ودارتي مرهونةٌ للموتِ
لا صدري يبيحُ لوردةٍ أن تنحني
لِتَلُمَّ نصفَ قميصيَ الأوّلْ
وأنا النُّشوءُ
وأوّلي أوّلْ
والبابُ نصفُ مقامهِ زيتونةٌ
عرجتْ إلى نخل القصيدةِ
قلتُ أتبعُها
وسيّدةٌ أتاحتْ لي
على عجلٍ دمي
وصلاتها
ونشوء قامتها برغم الموتِ
رغم ضراوة التهميشِ
رغم غبار أطراف المدينةِ
وهيَ تسعى باتجاه تكاملِ التُّحف القديمةِ
لا متاحف ينطوي ظلي على أرجائها
لأموتَ ثانيةً
ويتبع خطوتي ولدٌ تناحلَ كالغيومِ
ولَمْ تماشي الريحُ في الأهواءِ
معنًى من رسائلهِ  



إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x