تفاح المسافة

تفاح المسافة


  

الأرضُ غابة ذكرياتٍ

والمفاتيحُ الكثيرةُ فُرجةُ المنفيِّ

في جسدِ المكان إلى المرايا

هي نصفُ كأسٍ شُرِّدَ العشاقُ في يدها

وكانوا يعتلون حصانَ من ذهبوا

إلى باب الحكايةِ قبل عشرين سنةْ

وخاطوا ثوبنا بيدٍ مملَّحةٍ

ومرّوا في النقيض من الصورْ


كانوا يُسَمُّونَ القصيدةَ باسم بيدرها

كانوا يعدّون الحصى في البحر

ينطلقون من سور المكانْ

كانوا يخيطون الترابَ بغيمةِ الماضي

كانوا يمدُّون النشيدَ بلحمنا

فأقامنا الماضي غبارا


هي نصفُ كأسٍ شُرِّدَ العشاقُ في يدها

وقابُ القوس

مفتاحُ الحكايةِ

وزرُ سيدةٍ ولا تزروا بها

وكان أكثر من غزالٍ غيْر ذي عوج

وكان البحرُ تفاحَ المسافةِ

نتبع السببَ القديمَ نُميرُ أمَّتنا بياضا


ذَهَبَ البريدُ إلى الرسالةِ

قلتُ يستترُ الندى عن سطرها

ما كان يشغلهمْ حوارُ الشعرِ

تفاحُ المسافةْ

كان السحابُ مسافةً للموتِ

 

هل كنا نعي الدانوبَ في حركاتهِ

هل كان ينقصُنا التحدّث للتراب؟


الممكنُ الموجودُ
في عَدَم القصيدةِ غامضٌ
وأنا أوضِّحُ ما أشاءُ من الصورْ
تركوا مكاني خالياً
فرأيتُ بعد الريح مفتاحي يئنُّ
من الحكايةِ
قلتُ أسلمُهُ إلى جسدي 
وأنصفُ حبة التوتِ الوحيدةَ
في بطون العارفين
لعلَّ أحداقي تمرُّ على البيوتِ

دخلوا إلى أسماء أبنائي من المنفى
وَغَذّوا السَّيْرَ
مَهلاً أيها المفتاحُ
إني فاتني أمرٌ

أظنُّ وجدتُ أهلي يرحلون إلى المنازل
بعضها من غير ماءْ

دخلوا إلى سرِّي
وعن سرِّي قرأتُ هناك في حيفا:
أغيثوا عاشقاً وَرَدَ السنابلَ تحت قوس الريح
أمطر لؤلؤاً
ومضى لسيدة الخطاب


دخلوا فرادى في المدينةِ
نسّبوا الموتى إلى رئةِ السماء
وكنتُ أرقبهمْ على جسر المعلّق  
كان يرقبهمْ معي صوتي
وكنا نهتدي بالنجم
مات السيفُ قبل طلوع شمس الأغنياتِ
من التراب
ورتَّبوا صوتي على وترٍ جديدْ

كتبوا على كأسي كلاماً
من نحن أيتها الحكايةْ؟
من سرَّبَ الموتى إلى الدانوب           
من نخر الشجرْ؟
من نوَّسَ القنديلَ
من سَرَدَ الردى عن لحمة الأبواب؟

كنا أنا أنتَ القريبُ من الغناءِ
ومن تفاصيل الغمامِ
وكان يَجْمَعُنا مقامٌ واحدٌ
رئةٌ تُرشِّحُ في البعيدِ هواءَها
كانت مسافتنا القصيدة بين حيفا والمعلّق
واختبار الموتِ
والخيل المسوَّمةِ الجموحةْ
كنا نشاهدُ معطياتِ الأرض في حيفا
ولادَتنا
البئرُ
والجميزُ أنسَبُها لنا

ويقال إنِّا قد تطيَّرنا على جسر المعلَّقِ
جاءتِ الأحمالُ كالجبل الطريدِ على البيوتِ
وكان تفاحُ المسافةِ عاشقاً مثلي
تجاوزنا حدودَ النخل
أنْبَتنا الحصى في الرمل
أنْبَتنا السماءَ كواكباً
وبزينةِ الماضي أقمنا أرضَنا فوق التراب

دخلوا إلى الوحشيِّ في الزمن الجديدْ
حُشِرَ الكلامُ عن الحقيقةِ
لا مرايا في بيوتِ الناس
كان يؤمّنا الدانوبُ
كان الشعرُ تفاحَ المسافةْ
صعدوا المنافي مثقلينَ بما ترجَّلَ عن يد الدانوبِ
كانوا يشغلون الوردَ بالنحل الفلسطيني
وكانوا غائبينَ عن الحضور
ولَمْ يصلْ نصفي إلى التابوتِ بعدُ
ونسّبوا موتي إلى المعنى وجوداً آخراً

غيْرَ الذي قد كان في ثوب النشيدِ
فقلتُ: أيُّ الأبيضين على ثيابي؟

صعدوا معي
كنا نعرّقُ ثوبَنا
في أيِّ ركنٍ كان يعطينا المعلمُ حصَّةً؟
في أيِّ مقهى كان ينتسبُ النشيدُ لنا؟

كانت مسافتنا القصيدة بين حيفا والمعلَّقِ
أمَّنا الجبريُّ في اللغة الجريحةِ
كان يشتقُّ المها من مهرجان الموتِ
كان يفضُّ أترابَ القصيدة بالغناء المرّ
يشتقُّ الندى من حالة النسيان عند الشعبِ
يدخل قاصداً غرناطة الأولى
بماء الشّعر
لكنّ الوقوفَ على المرايا كالشظايا
هم أدلجوا السرَّ الخفيَّ
ونوَّسوا ماء البرايا

ذَهَبَ الكلامُ إلى الدفاع عن المرايا
ذَهَبَ البريدُ إلى الرسالة بالجواب
أوَلَمْ نكسّر ثلثَ مرآةٍ حناناً من لدّنا
أوَلَمْ نجرِّب حظنا في الموتِ يا أهلي
وكان الشعرُ ينبتُ كالزَّغبْ
تلك أيامٌ خلتْ
شهِدَ المكانُ وجودَنا
شهِدَ الغبارُ الرملَ في لحم الغياب
شهِدَ السؤالُ جوابَنا
البئرُ
والجميزُ أنسَبُها لنا



المقال السابق عائلة الغناء
المقال التالي أثر الرياح

كُتب بواسطة:

مقالات أخرى قد تهمّك

  • باب القصائد -1- كانت تجتازُ همومَ عشيرتها، وتنامُ كانت إن نام المنزلُ تفتحُ للعاشق بابَ بصيرتها و…
  • عائلة الغناء        بينا أنا في البيتِ أكتبُ سيرة الشعراءِ مرَّ الفتى بالكأس قال رها…
  • أثر الرياح     مدنٌ مصغرةٌ هنا وهناك بابٌ للقصيدةِ في السماءْ مدنٌ مصغرةٌ أنا أرَّختُها بال…
  • تفاح المسافة    الأرضُ غابة ذكرياتٍ والمفاتيحُ الكثيرةُ فُرجةُ المنفيِّ في جسدِ المكان إلى ا…

0 Comments: