أهلّة ناي الرعاة




-
   المصوِّر‏


أكِنُّ على سيرتي‏
حدَّ يلقط هذا المصوِّرُ حالي‏
وأبعثني شاهداً باتجاه الرمايةِ‏
حقلَ طيور‏ٍ
وإذ أجلبُ الشعرَ من مائهِ‏
أستوي كالندى مع ظلالي‏

أكِنُّ بأرض المرايا‏
وأفتحُ بابي‏
وأدخلهُ من خلالي‏


2-   خَبْأة المعنى



مرّوا على الهدهدْ‏
في ساعةٍ شمسيةٍ‏
فرقى الندى أسماءَهم‏
مرّوا عليهِ  
كأنني في خبْأةِ المعنى‏
رميتُ دمي
فطوّح ماءَهم‏

همْ طوّفوا مائي
وأشعاري بشقوتهم‏
فجنّحتُ الندى‏
وهبطتُ فجراً حالَهم
وغناءهمْ‏
لا يستقيم الشعرُ في المعنى‏
إذا ما النايُ حدَّ سماءَهم‏


3-   علامة استفهام


ألأنَّهمْ
حَدَبوا على كأسي، وغابوا‏
أسقطتُ من أسمائهم حرفاً‏
ألأنّهمْ وَرَعاً على الصفصاف
قد‏ رشقوا رمادَ الريح
أجَّلني الغيابُ‏

أوْلى لهمْ أن يقطفوا
من ملمح الأيام أنفاسي‏
وأن تظمى‏
ولو بالريحِ عمّدني الترابُ

4-   الذبيح


مثل طيرِ العجوز
على‏ سور بيتِ القصيدةِ
يوماً هويْتُ‏ُ
أمامي صفاءُ الندى‏
وجيوشٌ من العشبِ‏
حقلُ بنفسجَ يهفو
على‏ غابتي إن بكيتُ‏

مثل  طير العجوز
أرومُ المدى‏ واقفاً‏
وإذا عاد كبشُ السّوى‏
من سوايَ هويتُ‏
لا ألوم أخي الموتَ‏
لكنني لا أصدّقُ‏
أنَّ نومي هنا 
كالذبيح‏
هنا في الحديقة
موتُ‏


5- فضاء الحبّ


لغةٌ من الياقوتِ‏
نهرٌ من فضاء الحبِّ‏
أنسنةُ المتاهةِ باتجاهي‏
هي نصفُ ما عَمَدَ الندى
في وردهِ‏
ألأجلهِ‏
كَوَّنتُ أسرتيَ الوحيدةَ يا إلهي؟‏
ألأجلهِ‏
قطفَ الردى حقّي من المبنى‏
وباع مياهي‏؟


6- بعد الأربعين


وأقطرُ من شارع الأربعين‏
ميادينَ آهلة بالحنين
وعزفا‏
تظلُّ رياحي محنَّطةً بالغيومِ‏
فأنوي وجودي على بابها‏
بالمدائح وَصْفا‏
أنا غائبٌ عن جليد الزمانِ‏
          …زماني
وأقطرُ نزفا  


7- ساعي الحبّ


هنا في مراعي المدى‏
جئتُ أصدعُ بالخيلِ‏
سرّي تمامُ أهلةِ ناي الرعاةِ‏
وبابي طللْ‏

تطاول عني السُّدى‏ بالكثير
من الممكناتِ‏
وكنتُ أنا ساعيَ الحبِّ وحدي‏
بريدي مساءُ الخميس‏ِ
وأجمعُ نفْسي على نفْسها‏
في مساء الغزلْ‏ 
أكِنُّ على سيرتي في غنائي‏
وأحرصُ أن يستقيمَ‏ هنا
في مراعي المدى‏ صاحبي
إن وصلْ‏


8- باب الزمن



كما أنني جئتُ من حالة المحوِ‏
أشهدُ أنِّي الفتى إن فعلتُ‏
هنا في الحدائق بيتاً
وما‏ من هبوبٍ حميمٍ يؤنّبني‏
أنا اللامكانُ
ووحدي أنا‏ من أتمَّ البناءَ
ولَم يتخذ‏ من رحابةِ بيتك بيتاً‏
وليس مقامي يقومُ أبي
إن نزلتُ‏
    ‏
بلا أيِّ منحى
وحيداً أبي‏
إلى الشعر كان اتجاهي‏
وخلتُ الندى مفعماً
في كؤوسي‏
ونفْسي
وما زلتُ أشهدُ أنّي الفتى‏
أوقِّعُ صوتي هنا فوق باب الزمانِ‏
لأمحو نطاق المدى
إنْ صحوتُ‏



9- طلل



لَم أشترطْ عَدَمي
لأُ‏بعثَ من ترابي‏
طللي عميقٌ
مرَّ في طللي كتابي‏
لَم أشترطْ دَمَها‏
ولا طللٌ تسبَّبَ في عذابي


10- رؤيا


أخبِّئُ مرجانةً من همومٍ‏
وأقطعُ بالشكِّ
حتى أُظلل نصف اليقينِ هنا‏
وهناك
وأبذلُ وسعي‏
لأدخل كهفَ الغيومْ‏ ‏

أخبِّئُ مرجانةً عن غصوني‏
أدلُّ الرعاةَ عليَّ‏
أنا نفْسُها
وهي نفْسي‏
وأقطعُ نصفَ الوجود‏ِ
إذا ما تنزَّلَ فيَّ بإيماءة‏ٍ
كنتُ أهلاً لروحي‏
كأني تفصَّدَ عن خاطري‏ شبهُ كأسٍ قديمْ‏
أنا من تعدّدَ في لعبة الموتِ‏ِ
حتى تنهّدَ كالموت‏ِِ
وهو على كلِّ حالٍ سقيمْ!!



11- أنثى الشعر


حين رأى
تابوتَ العتمةِ أسودْ‏
ورأى قمراً في الشرفةِ أسودْ‏
ورأى مفتاحَ الحيرةِ أسودْ‏
والزنبقَ
أسودْ‏
حجَّ بأنثى الشِّعرِ‏
إلى مرآة المَشْهدْ!‏


12- كاف الرهبة


الشاعرُ
يحفرُ كافَ الرهبةْ‏
خبباً كالريح على عَتَبَةْ‏   ‏
إذ تنعقدُ الحكمة‏ُ في مصباح الشعر‏ِ
وتنحتُ نفْسي
في تابوت الغربةْ‏
والشعرُ يقول الشاعرُ
مسألةٌ صعبةْ!!‏ْ


13- بوابة نوح


كانا يشتغلان
على أمرٍ قد أُوْكِلَ لي‏
مذ أمَّ الماءُ خليّة روحي‏
كانا لا ينعتقان بأمري‏
حين أَجُرُّ العقربَ في ساعة حائطنا‏
وأمرُّ على شخصٍ طوَّحَ‏
في زمن الشعر ضريحي‏
وبأمرٍ ما قد أُوْكِلَ لي‏
كانا أبوين وينتسبانِ‏
إلى بوابة نوح.‏


14- مأتم المبنى


مذ كان ذئبُ الريح
يأوي وحدَهُ‏ُ
ويعزّزُ المعنى بآخر ما يقالْ‏
مذ كان يشبهُ في البوادي
حمأة الصلصالْ‏
مذ كان يكسرُ مأتمَ المبنى‏
ويدخلُ في نشيدٍ
طمطمَ الأبدية الأولى‏
أقامَ الشمسَ في رئة الكواكب
واستقالْ‏
عن فكرةٍ بدم الغزال‏ْ


15- رئة المكان


في ساعة الحسراتِ‏
مَهَّدتُ الصخور لأبلغ الجبلا‏
فتناقصتْ رئةُ المكان من القصيدةِ‏
والسماءُ من الكواكبِ
هالةُ العشاق من تيجانها‏
حتى إذا آبتْ طيورُ الحبِّ في رئتي‏
ومكَّنني الثرى من كأس غايتهِ‏
وحمّلني الندى السهلا‏
يمَّمتُ روحي باتجاه قصائدي
ومسحتُ عن بيت القصيدةِ‏ِ
صاحبي الطللا‏



16- دعاء


أنتَ كما أنتْ‏
فهيِّئْ لي من عرشكَ
ما كنتَ خلقتْ‏
هيئْ لي تربةَ أشواقٍ صالحةً‏
وميادينَ أظاهرُ في سلّتها‏ فرحاً أنسيِّا‏ً
وحدائقَ غُلبَا‏
هيِّئْ لي خامة أوتاري‏
وأباريقَ معلقةً بنياشين المعنى‏
ومنازلَ أبَّا‏

أنتَ كما أنتْ‏
علَّمَني شيخي‏
أن لا أُحجبَ بالمبنى‏
لو كنتُ رأيتْ‏
نوراً يصَّاعدُ من روحي‏
أو ذنبا.‏


17- صورة


وسّدني سعة الإطلاق
وحوّطني بالتنزيل المُحْكَمْ

كنتُ
عميّاً
قبل أراه

منذ تعرفتُ على نفْسي
أوقفني في الرؤيا
نام طويلا في بطن الحوت
وأتمّ التسبيح
بدائر الحَمْد الأعظمْ


18- حنجرة

وحذفتُهُ من باب رحلتهِ
وكان قميصهُ رثّاً
فبيّتُ الندى في بيت حنجرتي
لأنهضَ من وضوحي!

لغتي بناء المفرداتِ
وشيّعتني في المدى علماً
وأفردني غموضي!


19- شبّه للناس


في رحلةِ تكوينٍ
كنتُ أنزّلُ مائدتي
وأقوّسُ شمس الكلماتِ
لأنزل من عصب الشعر
أساقطُ من إيقاعي
نُزُلاً يتراءى كالكوكب حين أنام

طفحتْ مرآةُ الشعر بمائي
حين تعدّى قرنُ الشمسِ بيوتاً
لَم تُسكنْ من قبلُ
ولكنْ شُبّه للناس
بأني كنتُ هناك!


20- صورة أخرى


أبعد منكَ
وأبعدْ
تنسلُّ الفضةُ من صورة أحمدْ
وتعاد إلى طينتها من غير رتوشْ
وبلا أمكنةٍ
وإطارٍ تتجدّدْ
تنسخ هيئتها من مزمار الموتِ
ومثل حقولٍ غيّبها بعض ندامى الريح
وهم يرثون غبار المصعدْ
تصعدْ!


21- مسرح


المسرحُ مُعتِمْ
وتضاءُ جوانبُهُ بالشعرْ
وحياديّاً كان الراوي
حين أتى في الفجر
ثيابَ قصيدتهِ
وأقام النَّصْ

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x