تلَّة الشعر

تلَّة الشعر



 إلى عرار

 

 

جئنا لنفتحَ بابَ القصيدةِ

نجري الربابة في المحوِ  

نسألَ عن آخر الشعراء القدامى

جئنا لنفتح بابَ القصيدةِ

من تلِّ إربد حتى عشياتِ وادي النشامى

لنفتح بابَ القصيدةِ في الصحوِ

نمسكَ أغصانَها

حين تبدو المرايا ندامى

 

قديماً تعلَّلتُ بالماءِ

حين وجدتُ يدي بالنسيبِ لها حكمةٌ  

وانفردتُ على باب أمي


لكي أعلمَ الأمرَ

يا أمرُ هل جاء بالمفرداتِ الأيامى؟

قديماً رأيتُ الذي قد رآني هنا

ومن نيزكِ الأرض كان أبي بالنسيبِ

يمدُّ جناحين

حتى أرى ما أرى من خزامى

إليَّ بهِ يا أبي يا جليسَ الندى

ويا هرماً قد دنا من حصاني

إليَّ بهِ يا أبي

يا طريدَ المدينةِ عاماً فعاما


أبي

من هنا عَبَرَ العابرونَ دمي

واستحلّوا حصاني

وخلَّوا سريري سجينَ اثنتين:

يدي ولساني

ولَمْ يعلموا شأنَ رمحي

فرمحي لهُ بصمةٌ في نسيج الأغاني

 

أبي من هنا يا أبي

كان مثلي يراني

أخي

وابنُ عمي

وسيفي اليماني الذي قد دعاني إماما


إذن

المقامُ الغجرْ

وظلُّ الصنوبر في برِّ إربد

ليلُ الحساسين تشدو سلاماً سلاما

لنا حانةُ الشعر والمعسرات

فمن رَسَمَ الماءَ في نفْسهِ ليس يفنى

وإن قوَّمته القيامةُ قاما

لنا مئةٌ من تراثِ أبي في الحديقةِ

مأوى الصعاليكِ

أسفارُنا حين نغدو كراما

لنا آيةُ الصافناتِ

"وهبْرُ" الكلامِ

 

ووادي اليباس الذي قد أُحيل غراما

لنا يا أبي ما لنا

والهوى شائعٌ في مديحي

وسرِّي نقيُّ السريرةِ 

إنّي أخذتُ اغتلاما

لنا يا أبي ما لنا

والهوى بعضُ ما قد تربَّى على ساعدي

حين كنتُ هنالك في الحيِّ أسعى

وأسعى

وأسعى

لكي لا يظلَّ الكلامُ كلاما

 

رأيتُ على صفحةِ الشعر ألفاً

من الشعراء القدامى

يُحيكون أشعارَهم عند باب الخليفةْ

وأنتَ بنا قد تخطَّيتَ أعتابَهم

واحتملتَ لوحدك إرثَ العربْ

فغنِّ إذن يا أبي

 

نحن جلاسُكَ الأصفياءُ

أقمنا لنا سورَنا، وانسحبنا

إلى صفحة الماءِ حتى نقيها الحِماما


ترابي معدٌّ

وأخضرَ ما كان في صوتهِ

نايُهُ حين بُحَّ الصدى في وترْ

وأخضرَ ما كان لي أن أراه

هنا يا أبي أصفراً

في بيوت الشَّعرْ

ولم أنتظرْ

سوى دمِنا في الحديقةِ

بيضاءَ كانت

وكان بها ثلةٌ من غجرْ 

فعدِّ بنا في القصيدةِ

قعوارُ ماتَ

وماتتْ جيوشُ الندى

والغناءُ على شمعة الخوفِ

 

والنحلُ ماتَ

وماتتْ ورودُ المقامِ

وجلعادُ ماتَ

وكنا نياماً 

فصاح الندى في يديكَ

فَعَدَّ المنامُ المناما



إذن يا أبي لا عليك 

ولا فضة في سبيلي إليك

تعال إذن يا حبيبي

إلى ريحِ هذي السنابل في بيتنا من جديد

وحاذر إذا مرَّ بي صاعقٌ أن أرى الحزنَ

في مقلتيك

فإنَّ وجودي على تلَّةِ الشعر

بعضُ انتسابي  

إذا أمْكنَ الماءُ أن يحتوي الموتَ

عاماً فعاما


وما من شآمٍ تحضُّ على الحبِّ  

ما من يدٍ فوق نَهر الحياةِ

فغضَّ عن السيف سربَ القطا

واتَّئدْ

قد رأيتُ انفعالَ الوجودِ

على تلَّةِ الشعرِ يكسو

على تلِّ إربد منك العظاما

 

أبي يا أبي ووحيدي

أدرْ كأسك الآن نحوي

وخضَّ الندى في يديك، لأعلمَ أمرَ القصيدةِ

بعد الذي جاءني من هدى

وغنِّ نشيدي: خرجنا معاً من مقام الزبدْ

وخضنا غمارَ المدى في جسدْ

وطِرنا نرمِّمُ بابَ السماءِ البعيدَ

ونُعلي الغماما


أبي يا أبي ووحيدي

 

أدرْ كأسك الآن حولاً علينا

فمِنَّا سكارى بخمر الوجودِ

ومِنَّا بُعيْدَ عشيات وادي النشامى

رئامٌ أحطنَ رئاما

ومِنَّا حيارى على تلَّةِ الشعرِ 

كانوا صياما

وكانوا يتامى

وما من شآمٍ تعانقُ شاما

 


المقال السابق
المقال التالي غداً يكتبون لنا

كُتب بواسطة:

مقالات أخرى قد تهمّك

  • عائلة الغناء        بينا أنا في البيتِ أكتبُ سيرة الشعراءِ مرَّ الفتى بالكأس قال رها…
  • باب القصائد -1- كانت تجتازُ همومَ عشيرتها، وتنامُ كانت إن نام المنزلُ تفتحُ للعاشق بابَ بصيرتها و…
  • تفاح المسافة    الأرضُ غابة ذكرياتٍ والمفاتيحُ الكثيرةُ فُرجةُ المنفيِّ في جسدِ المكان إلى ا…
  • مجلى الكلام   وجدتُ مكاني وما كان لي من أناس ونوماً شفيفاً يداعبهُ الحبُّ في لحظةٍ مثلَ ما…

0 Comments: