قراءة في تجربة الخطيب الشعرية

قراءة في تجربة الخطيب الشعرية


 في الأمسية التي نظمها فرع رابطة الكتاب الأردنيين بإربد، مساء أول من أمس، واحتفاء بتجربة الشاعر أحمد الخطيب، وصدور مجموعته الشعرية الجديدة « حارس المعنى»، قدّم كل من الشعراء: نضال القاسم، عمر العامري، وعلي هصيص، قراءات نقدية اتجه فيها الشاعر القاسم إلى محاورة التجربة منذ بداياتها وحتى الديوان الأخير للخطيب، فيما تناول الشاعر العامري ديوان « حارس المعنى» بالتحليل والرصد لمكوناته اللغوية والإيقاعية، أما الشاعر هصيص فقدم نصاً إبداعياً اتكأ فيه على عناوين المجموعات الشعرية للشاعر الخطيب للوصول إلى شعرية النص.
في قراءته التي قدمها الشاعر القاسم تحت عنوان « تحولات الدلالة في تجربة أحمد الخطيب»، أكد أن التجربة الشعرية للخطيب تراهن في مستوييها الكمي والنوعي على استشراف متعة التلقي، الذي يزاوج بين الحرص على تحقيق تراكم بوتيرة معقولة وتطور في التجربة الجمالية.
وأضاف في الأمسية التي أدارها الناقد د. عبد الرحيم مراشدة أن تجربة الخطيب الشعرية تعد واحدة من التجارب المهمة في المشهد الشعري الأردني، حيث استطاع الشاعر أن يحقق لها تميزا في اللغة والأسلوب والرؤية لتشكل نسيجا خاصا به، لافتا إلى أن الخطيب يكتب من أقاصي تجواله بين الزمن والفكرة والواقع، ومن هذه الأقانيم الثلاثة ننتبه إلى حضور جملته الشعرية.
وأشار إلى أن نص الخطيب الشعري يتدفق سلسا لا تظهر فيه الصنعة إلا نادرا، مستخدما بحذق كل ما تراكم من تقنيات قصيدة التفعيلة الإيقاعية ومضيفا إليها مع احتفاظه بوحدتها العضوية.
إلى ذلك تناول الشاعر القاسم مجموعات أحمد الخطيب الشعرية، بدأ من الديوان الأول « أصابع ضالعة في الانتشار»، ولغاية ديوانه الأخير، ومميزات كل مجموعة، ومآل تطورها وتحولات الشعرية في مفاصلها، وما قدمته كلّ مجموعة من بنيات جديدة على المستويات المتعددة.
ومن جانبه أشار الشاعر العامري في ورقته « قراءة في ديوان حارس المعنى»، إلى أن الشاعر الخطيب يعلن في هذه المجموعة الشعرية عن موهبة عالية، ورؤى متفردة تسعى إلى النفاذ إلى مكونات الوجود من خلال اجتراح طرائق وأساليب لغوية وإيقاعية متنوعة، وانزياحات أسلوبية عملت على تثوير اللغة وإغناء محمولاتها الإيحائية والدلالية والسيميائية.
وقال إن هذه الرؤى التي تفيض في هذه المجموعة وتتدفق بغزارة يقابلها لغة غنية تضارع اتساع الرؤى ونفاذها، لافتا إلى العالم الضاج بالحركة والإيقاع والمفارقة والغرابة التي تصل أحياناً إلى حد الدهشة، لافتاً إلى أن الخطيب شاعر يمتلك حساً واعيا لتناقضات الكون وتجاور الأضداد والثنائيات الكثيرة لا سيما ثنائية الموت والحياة التي كان لها حضورها المتميز في مجموعة « حارس المعنى».
إلى ذلك رصد الشاعر العامري بعض التحولات الإيقاعية في المجموعة، والتناصات القرآنية، ودلالة المرايا، لافتا إلى أن مفردة المرايا تنتظم شعر الخطيب كافة وتشيع فيه، وأن دال المرآة يرد مقترنا بالظل ودواله الأخرى التي تشي برغبة عارمة لدى الشاعر في الكشف والمعرفة والنفاذ إلى كنه الأشياء من خلال التحديق في موجودات الكون والحياة والذات.
وقال الشاعر هصيص في نصه الذي رسم فيه ملامح سيرة الخطيب الشعرية، كنت صاحب الورق القديم كأنه الرمل ممتدا من أول الصحراء حتى اشتعال السهل بالخصوبة والبهاء، كل هذا الفضاء الذي يسبح في حبرك ويدور في مدار أوراقك، كل حرف منضد هو لك، والأبنوس الندي، والخشب المعتق، وصوت المطر الخفي كله لك.
وتابع الشاعر هصيص لكم أتعبتنا في تتبع جهاتك، لكم غاب حضورك، وحضر غيابك، معناك كثير لو نتركه للغيم شهيقا وللزرع سلالات من قلق وسرور وحقل خيول، مضيفا لأحمد إذ يلزم المكان صمته، وإذ يسكن الليل في مساكنه يأبى الشعر إلا حضوره البهي، ولكنه ليس لأي حضور، وليس لأي سماء، ربما هو البدء النقي الذي يسبق السروات ويعبر العالم السفلي متخذا من صلوات وساعات مواعيد لخلوة قمرية تتزاحم فيها أفكار الفتى حتى لا مناص من إعلان البدء، ولا مناص من إعادة الأشياء إلى تصاويرها الأزلية.

المقال السابق
المقال التالي

كُتب بواسطة:

0 Comments: