ربما أجدُ الآنَ كوخاً صغيراً لأمّي


1- ويمشي على الماء



ويمشي على الماءِ
هلْ قلتُ يمشي على الماءِ
ليس وضوءاً
ولكنْ لتنهضَ فكرتُهُ
بِدَمِ الكائناتِ
كذلك ينهضُ باللازوردِ
مِنَ الطِّينِ يَخْطُفُ أبصارَنا
كلَّها
ثمّ ينهضُ بالجوعِ
لا جوعَ إلا ولادةَ صَبّارِ
هذا الشُّيوعِ الأخيرِ
على نهرِ قُدَّاسِها
وينهضُ مِنْ ناسِها
لا يُخاتِلُ زوجيّْ يمامٍ
على شجرٍ طافحٍ بالأنينِ   
كذلك يأتي على ظَهْرِ بَيْرَقِهِ
في نداءِ الغُيوبِ
ليمسِكَ في كلِّ بيتٍ شعاعاً
ومرعى
وتسعى
لهُ سورةُ الأرضِ مبسوطةً
بين كَفِّ الحُضورِ
وَكَفِّ الظهور على الحقِّ
حتّى إذا ما تَفَتَّتَ حِجْرُ الزمانِ
رأى النّاسُ شيئاً غريباً يعودُ
إلى قهوةِ الصبحِ
رغمَ انحسارِ المدى
واتِّساعِ الصَّدى
والوقوفِ على نَسَقٍ طالعٍ مِنْ يديهِ
يديهِ اللتينِ تميطانِ شَوكَ الأذى
عن طريقِ الحَجيجِ
وتستصلحانِ الكتابَ المُزوَّرَ 
عندَ فُروجِ الجبايةْ

كذلكَ تأتي النهايةْ
تُوزِّعُ هذي السِّلالَ على بائعينِ يتيمينِ
يختلطانِ مع الوعي حتّى إذا أُشْبِعا
واستدارا إلى قامةٍ في الرُّقيِّ
أقاما على تربةٍ _ صيْدُها الماءُ والعشبُ _
رسماً قريباً من الأرجوانِ
وحطَّا على نزوةٍ جاثيةْ!!

وَيَضْحى على الريحِ رملٌ تعيسٌ
ويخفُتُ تحت الرَّصيفِ الزّبَدْ
لكي تُشرِقَ الرُّوحُ منْ جُعبةِ النهاوندِ
تُحاورُ في عَرَضِ البحرِ أيقونةً:
-   لا تغوصي إلى القاعِ
بعضُ حُطامٍ هناكَ
وأسماكُ معروضةٌ في الشُّعَبْ
وباخرةٌ ليسَ فيها أحدْ!
ويلتفُّ رملٌ تعيسٌ على إِثْرِ ما يصنعونَ
ويحتارُ فينا الأبدْ!
كذلك
- والأمرُ بينَ الولوجِ إلى سَعَةِ البحرِ
والنايِ-
سِفْرُ الصُّعودِ إلى آيةٍ في الجسدْ!!
لِتَحْكُمَ أسرارَها الأرضُ
والنّاسُ
والجِنُّ
حتّى الذينَ لهمْ شَبَهٌ بالملائكةِ العائدينَ
إلى النُّورِ
سَعْياً إلى ربْطِ ما قطَعَ الواهمونَ
منَ الحَيرةِ الواهنةْ!


2- وأحراشُها غايةٌ



وأحراشُها غايةٌ
ونواعيرُ تصْعدُ طيَّ القلوبِ
لِتَهْمزَ بالغيمِ في لعبةٍ
لم نكُنْ حَذِرِينَ لنسعى إليها
وأحراشها بامتدادِ السُّهولِ مِنَ الغَيْبِ
في قَلْبِ أغنيةٍ في جَرَشْ!

كَتَمْنا طوابيرَها
فاخْتَلَفْنا
أريحا
وسِلْسالُ خَصْرٍ نحيلٍ على جسرِها
وإيقاعُ مريمَ خلفَ الهواءِ الذي
نادَمَ الناي
حُزْنَاً لِصَوتٍ أجشْ

_ وماذا لو الماءُ كسَّرَ لي هيئةَ الطِّينِ
ثمّ ارْتَعَشْ؟
وخاتلَ صلصالها وانتعشْ!
أتبقى الكواكبُ عالقةً في جبالٍ من الغيمِ
أم أنّها تُفرغُ العَطشَ المُستبدَّ
بِقَلْبِ العَطَشْ؟!


3- وألْفَيْتُ شيئاً غريبَ الملامحِ




وألْفَيْتُ شيئاً غريبَ الملامحِ
قلتُ: عسى أنْ تُباركَني الأُعطياتْ
ولكنَّ حرفاً مِنَ المَسِّ والحَدْسِ
لمْ ألتفِتْ ذاتَ وقعِ الخطى
ليديهِ
تدلّى، وأسعفني
كي يُبرِّرَ خَطْفَ الحديثِ عن الذكرياتْ
فَجُبْتُ الصَّحارى
لعلَّ يدي تُمهِرُ الريحَ
أو تنحني لانحدارِ الجبالِ:
اكْنُسي ما تعفَّرَ مني لأجلي
ومنْ أجلِ أهلي الذينْ رأوا
سيرتي تتخفّى!
ومن كلِّ زَوْجينِ إلْفا!

ورافقْتُهُ لانخفاضِ المساحةِ
بين الثرى والثريا
وبين المرايا وبين التكايا
وبين المسيرِ وبين المصيرِ
وبين الضَّعيفِ القويِّ وبين الحُضورِ الشهيِّ
وبين يدي في جلالِ الغيابِ
وبين يدي حيث يُكمِلُ هذا الصبيُّ خيالي!

ومِنْ كلّ زَوْجينِ
قلتُ: سأختارُ جِذْعَيْنِ ما خَطرا لي
أو بدا شأنُ هذا الحديثِ ببالي
إذنْ فاكْنُسي ما تشائينَ مِنْ مَرْمَرِ الوقتِ
زَرْزَرَ هذا النهارُ بُذورَ الدوالي!
وَزَرْزَرَ حالي
فآنستُ روحاً على قدِّ روحي
وأَبْدَلْتُها حصَّتي
لِأَعْدو إلى غرفتي
ربما أَجِدُ الآنَ كوخاً صغيراً لِأُمّي
وبيتاً صغيراً لِهِرَّةِ جاري الغليظِ
وسَقْفاً لدكانِ زينبَ وهيَ
تمارسُ بَيْعَ المزاج



4- توارتْ على دكّة الغُسلِ زينبُ



توارتْ على دكَّةِ الغُسْلِ زينبُ
قالت: نهاري نهارُكَ
فالزمْ يمينَكَ
والزمْ رياحينَ صدري إذا هَبَّتِ العاصفةْ
كذلك والزمْ بساتينَ أمّي
وقهوتها في الصَّباحْ
وإنْ جادلوكَ على غيرِ عِلْمٍ فلا تَبْتَئِسْ
ففي كلِّ نفْسٍ هنا
تَخْرُجُ الأرضُ في شهر آذارَ
تُلقي على الناسِ أسرارَها
وما مِنْ نبيٍ ينامُ على صَهْوَةِ الخوفِ
ما مِنْ رقابٍ تمرُّ على العشبِ
ما مِنْ فراغٍ هنا في الجدارِ
لتكشفَ ضوءَ الغيابِ
وما مِنْ صَفيرٍ أخيرٍ لترتاحَ مِنْ قهوةِ الريحِ
يا قهوةَ الريحِ
ها أنتِ تغلينَ في مائكِ المعدنيِّ
ولا تَسْألينَ عنِ الروحِ في النكهةِ النازفةْ!!

توارتْ على دكَّةِ الغُسْلِ زينبُ
قالت: ولِدْتُ
وفي نَسْمةِ العُمْرِ شيءٌ من الأرجوانِ 
افْسَحُوا لي وجوداً جديداً
لأَكْتُبَ عن غَزَلٍ لا يجيرُ صَداهُ المُغنّي
وعنْ حُلُمٍ للقراءةِ في ظلِّهِ
لا قرينةَ فيهِ لشاعرْ
وعنْ بيتِ جاري على سَعَةٍ في المساءِ
تعالي
لأغلقَ شُبَّاك أمّي
وأهربَ من حكمةٍ في اللسانِ
وعن سَبَبِ الريحِ في كلِّ شيءٍ
إذا ما خَلَتْ تحتَ عزفِ النساءِ
وعنْ سِكَّةِ لا تُجيدُ الوصولَ 
إلى زلّةٍ في اللسانِ
لسانِ الهُويةِ

وزينبُ لا تشتهي في الجبالِ رجالاً
يكيدونَ كيْداً
ويندفعونَ إلى سُمْرَةٍ في خيالٍ عَمي!
لهذا توارتْ على دكَّةِ الغُسْلِ
حتّى إذا صالحوها
تُربّي الأيائلَ في جنَّةٍ صالحةْ!

وللآنْ
لم يُفصِحوا عن ثيابي
ورؤيا غيابي
وخلوة أياميَ الواضحةْ!
وللآن
قتيلانِ نحنُ لِأَيامِنا
مذْ تأصَّلَ فينا الهواءُ النقيُّ
حييّانِ
والماءُ مجرى الوجودِ على هيئةٍ
في أعالي الغيوم

وللآن
لا تُفْصحوا عن وجودِ البنفسجِ  
لا تُكثروا منْ قُشورِ الجبالِ على الأرضِ
كان حَرِيَّاً بأهلِ الجموحِ
ابترادُ المعاني
ولصقُ الخيالِ على شاطئٍ في البلادِ القصيّةْ
وكان حَرِيَّاً بأهلِ النوايا احترابُ الجنوبِ
على طفلةٍ في الشمالِ
تُعاني مِنَ الزنزلختِ
ونقصِ الهُويةْ!!


5- كلؤلؤِ هذا المزاجِ



كلؤلؤِ هذا المزاجِ
أتى عابراً شاطئَ الأغنيةْ
حَفيَّاً
ويُمْسِكُ خَصْرَ البنايةِ
منْ طُوبها السَّرْمَديِّ الذي لم يُعمِّرْ طويلا
لأنَّ الغوايةَ في زِيِّها المُسْتَقِلِّ عنِ النّاسِ
حافتْ على كلِّ حَرْبٍ
سَرَتْ داخلي حاجةٌ
فَبَدَّلَ قلبي كنايتَهُ
واستهلَّ الكتابةَ يوماً ثقيلا

ولا بأسَ
أنْ يَسْتَجيرَ الغَمامُ بهبَّةِ ريحٍ
لينجوَ منْ ورطةِ الفِعْلِ
والأغنياتِ الحزينةِ في عُرسِ هذا الكناري
ولا بأسَ للكائناتِ
تمرُّ الحقولُ
وتُلْبِسُ ثديَ الرّصيفِ اخضرارَ المدى في الصَّحاري
ولا بأسَ ينجو كفِعْلٍ أخيرٍ
لقارعةٍ جرَّبتْ زحفَها باعتلال الخطى
فأَتتْ سعيَها مرَّتينِ
وأَيقنَ صدري مروراً لهذا الهوى زنجبيلا

وَعَضَّتْ أزاميلَ نحتي النهايةُ
هلْ أوشَكَتْ أنْ تغيمَ كما الماءُ
أوشكَ أنْ يستدلَّ على طينتي
أو يمرَّ على النبعِ مرَّ السّحابِ
لأنجو قليلا؟!

كأنَّ الغوايةَ مثلي تُحاصرُ ذاتَ الرؤى
ثمّ تلْمحُ خَيْطاً على إبرةٍ قد تُضيءُ ثيابي
وتلمحُ أمراً قريباً مِنَ الناسِ
أمراً بدا مخملياً
ولكنَّ بَسْطَ الخيالِ أتى 
والجمالَ أتى
والجلالَ على سُورِ جدَّاتنا الغارقاتِ بِوَشْمِ الإبلْ
فغمغمَ: لا تنقُشوا للحوانيتِ حقلاً
لهُ أنْ يقيسَ المسافةَ
بين انحدار الحوارِ الأخيرِ
وبين الجَبَلْ
لينهضْ حوارُ ابن شيبانَ
بالأعطياتِ إلى شارعٍ يَخطرُ العاشقونَ عليهِ
كما لو ضلالة أيامهِ تستقرُّ
بوجدانهِ المنفتحْ!
كما لو يصيرُ البنفسجُ أُمَّاً لهذي المسافاتِ
والنايُ يمنحُ رحلتَهُ في الصُّعودِ
إلى الماءِ غيماً بديلا
ورعدُ بن شيبانَ
حارسُ هذي السُّطوحِ
وحارسُ أوقاتنا إذ تجلُّ عنِ الرملِ
في كلِّ شيءٍ بطيءْ
وحارسُ ريقِ العذارى
وَهُنَّ يُمازحْنَ صَقراً بريئاً
وينهينَهُ عنْ ترصُّدِ قلبي البريءْ
ورعدُ بن شيبانَ ليس يُطيحُ بمملكةٍ
في أتونِ المعاركِ
لا يربطُ الحبلَ في سقفِ خيمتهِ
أو يرابطُ عند المدارسِ
كي يستريحَ من البئرِ
ليس يُدافعُ عن حبرِ روحي المُضيء
لأنَّ المرايا طِباقُ الندى
واستراحةُ نادلْ!!
وليس يمرُّ على بابِ زينبَ كالنَّهرِ
أو ينتمي لِفراغٍ مقابلْ!
وليس لهُ أنْ يُبادلَني بالظِّلالِ
فلي حصَّةٌ في يديهِ
ولي دهشةُ النَّهرِ
لمّا يضجُّ بما خلفَ ريحِ النصوصِ
وأصحو عليلا


6- أعيرُ سطوحي حماماً



أعيرُ سُطوحي حَماماً
وبرميلَ ماءٍ
وطُوباً لِأَجْلسَ
ظلاً لِأَسْقي الورودَ
وأرجيلةً للشتاء المُدلَّلِ
عوداً مِنَ الأيْكِ
حتّى إذا ما سَرى طائرٌ في الضحى
يستريحُ عليهِ
وباباً لأكشفَ عُريَ اللصوصِ
وهمْ ينهبونَ تراثي
لهذا أعيرُ سُطوحي فِراشي
وناياً لأحلمَ بعد انقضاء الصَّليلِ
وبعدَ انحسارِ الحديثِ عنِ النَّحتِ
في كلِّ شيءٍ
لأكمشَ إسْماً مُسمّى
وأرقُمُهُ في المساءِ
وأجثو على هيئةِ الطينِ

ليستْ تَئِنُّ التماثيلُ منْ زُرقةٍ في النُّصوصِ
وليستْ تُناطحُ أزميلَ هذا الخروجِ عنِ الموتِ
لكنني في الإعارةِ
أسردُ قمصانَ رعد بن شيبانَ هذا الفتى الإربديِّ
وأسْلَمُ منْ غلظةِ في طنينِ الأبدْ  

قميصٌ لِرَأْدِ الضُّحى في عيونِ المهالكْ
قميصٌ لذنبٍ يُعيرُ الكتابةَ خَبطَ يَدٍ في سؤالِ الأنا
قميصٌ لإيلاجِ فَصْلِ العزوبةِ في ثقبِ إبرةْ
قميصٌ لِحَجْرِ المجرَّةْ
قميصٌ لِدَفْعِ الرّدى عن يدينِ ضبابيتين
قميصٌ لريحِ المسالكْ
لميقاتِ شِعْرٍ يعيشُ على بنيةِ الماءِ
في كأسِ ثورةْ!
قميصٌ لأهلي
قميصٌ لأجلي
قميصٌ لِحَجْبِ الطُّيورِ عنِ الفخِّ
عنْ سيرةِ الأرجوانِ على رأس هِرَّةْ!
قميصٌ لِرَفْعِ الخُطى فوق بابِ الممالكْ!

ولم أَبْتَعِدْ

قميصٌ لرعدِ بن شيبانَ كان وَصيفاً
وكان شَفيفاً يَشفُّ عن الذنبِ، لا ذنبَ لي
غيرَ أنّي بَسَطْتُ يدي للرياحِ
بَسَطْتُ لهمْ حاجةَ الشِّعرِ
للإنزواء قليلاً
لِرَدْمِ المسافةِ بينَ إطارينَ للنصِّ
نقدِ البصيرةِ
والإتكاءِ على عَينِ صَقرْ
لِجَلْبِ الحصى
في سِياقِ الخروجِ عن الذاتِ
للناسِ إذ يمعنونَ بِجَلْدِ الأفاعي
لِحِفْظ الصُّنوبرِ في غرفةٍ مُظلمةْ
لتشعيثِ رؤيا
ومدِّ الجسورِ على غير ما يَأْلَف الناسُ
إذ يبرحونَ يدَ الخوفِ
ثمَّ يجيئونَ مِنْ واقعٍ مُشْمِسٍ
وغناءٍ قريبٍ
وينصهرونَ على هيئةِ مؤلمةْ


7- لماذا تعيدُ الكلامَ عنِ الفعلِ في شهر آذار



لماذا تعيدُ الكلامَ عنِ الفِعْلِ في شهر آذارَ
إبنِ البساتينِ
والشَّمسِ إذ تَتَّقي حَرْثَها
في ميادينَ شاسِعةٍ
ثمّ تأوي إلى ظلِّ من يلعبونَ الكُرَةْ؟!

لماذا يُقاضي الكلامُ زواجاً على غيرِ
ما تشتهي كاعِبٌ
من نُفورِ الجبالِ إلى سَرْدِ حقلِ الذُّرةْ؟!

لماذا تُوَسْوِسُ جِنيَّةٌ
قلبَ طفلٍ أتى حبوَ ريحٍ
إلى لعبةِ الغَيرةِ العادلةْ؟       

لماذا؟!
وَسَهْلُ اللظى حاذقٌ
والمنابعُ أكثر إصغاءَ منّي
ومنْ حَجَلٍ راحَ في دربهِ مُولعاً
بالحنوِّ على صُورةٍ
لا تُخاطي الحياةَ مَعهْ!!
وَرَسْمِ الدِّلاءِ على غيرِ
ما صُورةٍ مُفْزِعَةْ!

كأنَّ ابن شيبانَ أقلقهُ البوحُ
عُذراً
فليس لنارِ الرِّضى حِرْفَةٌ في المدينةِ
غير اكتنازِ يدي
وانصهاري البَطيءِ

كأنَّ ابن شيبانَ يخرجُ مني
تباطأَ بي لحدُ هذي الحياةِ
ولمْ ألتحفْ تربةً في ضُلوعِ المكانِ
لِيُثْمرَ بعدي كلامٌ قديمٌ موشَّى
وفي كلِّ ممشى
هَبوبٌ رخيمٌ
وسَردٌ حميمٌ
ومِيقاتُ عُرسٍ
وبأسٌ شديدٌ تأبَّطَ أشجارَهُ

وابنُ شيبانَ ما زالَ ينقشُ سِفْرَ الخروجِ
إلى البيدِ
يسألُ عن زينبَ، أمِّ الغوايةِ
أينَ أتاها المخاضُ
وكيف تلقَّتْ شحاريرَ أرضي؟!

وابنُ شيبانَ لم يلتحقْ بالجيوشِ
ولا بالوظيفةِ
لكنَّهُ قادَ شَعباً إلى الماءِ
من أجلِ أنْ تستعيدَ البلادُ رحالَ أبيهِ
وكانَ يُضارعُ جيلَ الغرابةِ
حتّى إذا أثمرتْ نخلةٌ في الممَرِّ اللصيقِ بداري
أضاءَ لِسُكّانِ هذي العوالمِ كلَّ تعاليمهِ

وابنُ شيبانَ يَسْكُنُ ضفتَهُ في الغيابِ
ولا ينثني للتشكُّلِ في الكُوخِ
لا ينحني لانحسارِ المداخلِ
إبنُ الرِّضى
هُوَ
وابنُ الهَديرِ على شاطئٍ
مُوغلٍ في القِدمْ
كليمونِ غزّةَ في حالة الحربِ والسِّلْمِ
أو في التداعي الأخيرِ
إلى صِيغةِ الفِعْلِ عند الضُّحى 
أو كَرُمَّانةٍ في أعالي الكلامِ لها جيشُها
وهْوَ إبن الخيامِ
وحارسُ أوقاتها

وشتانَ بين المُنشَّى
وحبرِ النسيج على صفحةٍ في الجريدةِ
يَصْفرُّ من واقعٍ
لا أمانَ لهُ
وسيَّانَ طحن القماشِ
يُمارسُ فِعْلَ الحياكةِ عند الثيابِ
ويُنذِرُها
ثمّ يختارُ لوناً قريباً من الليلكيِّ المحاصَرِ
لا أسودٌ في الجهاتِ ولا أبيضُ
وشتانَ بينِ الشَّتاتِ وأدغالهِ
إذ يُحاذي مِنَ اللونِ
ما احْمَرَّ
أو يتعامى

وَلِلَّوْزِ أنْ يَصطفي حاجةَ الريحِ بعد الغروبِ
وأنْ ينسخَ الأرضَ لي
كيْ أذبَّ عن الحبِّ بعضَ القُشورِ
وَلِلَّوْزِ هَدْيُ البلابلِ بعدَ الفناء الأخيرِ
إذا هَبَّ في ساعة اللومِ شيءُ منَ الوحي
للنَّاسِ إذ يَصِفونَ الغَزالْ
وفي حالةِ الحربِ والسِّلْمِ
شيءٌ يقال:
توزَّعَ معنى الإرادةِ بين قبول المناخِ
وبين ابتهال الطيورِ لأجلِ الحياة!
وبين التميمةِ في عرسِ إبن المدينةِ شيبانَ
والموتِ عند السُّطوحِ الأخيرةِ في زيِّهِ الرَّعويِّ!

وشيءٌ يقال:
إذا نامَ راعي الحَلالْ
تأذّى السَّفرجلُ في حقلهِ الأنثويِّ
ومرَّ على حاجِبٍ
لا يحيكُ مِنَ الليلِ غيرَ بواريدَ
ناصعةٍ للقتال!


8- ربَطنا على قلبِ أحلامنا



رَبَطْنا على قلبِ أحلامِنا
فاستدارَ إلى البحرِ وجهُ الصبيةِ
وهيَ تمرِّرُ موجَ الكلامِ على شَفةٍ من بهاءٍ
فقلتُ لها: يا ابنةَ البحرِ والميجنا
كم تبقّى لنا منْ حياةٍ هنا في المنافي
لنقرأَ ما أَنزلَ الوحيُ
من ثمرٍ ناضجٍ في حدائقِ نفْسي؟!

ويبدو على جَبَلِ خافِتٍ في سِلالِ القُرى
وجهُ دنيا
ونخلَعُها مِنْ يدِ النّاسِ
لا بأسَ أنْ نتعاطى
ثغاءَ القطيعِ على كلِّ ناحيةٍ
في الضَّلالةِ
هذا كلامٌ خفيفٌ
وفي البَيْنِ بِضْعٌ وسبعونَ شُعبةَ حَدْسٍ
وإيقاعُ رؤيا
وزينُ الشَّبابِ
هنا لا يُهادنُ غربالَ شمسٍ
بدائيةٍ لا ترى في المغيبِ سِوى ليلها
وهذا كلامٌ ثقيلٌ
على كلِّ شِبرٍ من الأرضِ يزهو البعيرُ
ويخلطُ بين السَّفرجلِ في غير سَطحٍ
وبين الذهابِ إلى جُرْفٍ رملٍ سحيقْ
وقلتُ لها: كم عواءٌ منَ الذئبِ برَّرَ سَحقي
لأَغزو سبايا الطريقْ؟!
فقالتْ: ترجَّلْ
إلى أينَ، قلتُ
فقالتْ: إلى قلْبِ هذا المضيقْ!
فكركرتُ حتى رأى سحْنتي
شجرٌ عالقٌ لا يُماري
إذنْ أستعيدُ من الأمرِ شيئاً بسيطاً
وأسألُ مريمَ _ ليستْ ككلِّ النساءِ _
اصطفاكِ الإلهُ
فجئتِ إلى بَرِّهم بالحنانِ اللصيق!
لماذا إذنْ كركروا
ثمّ ألقوا على الأرضِ أحمالَهم
واستداروا إلى الشَّكِّ
ملأى جُيوبُ الرّضا بالبريقْ!



إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x