دمٌ مُطمئنٌ على أهلهِ


1- وأعرجُ، لا للخروج على الناسِ



وأَعْرجُ، لا للخروجِ على النَّاسِ
لكنْ لأمشي إلى رُوزنةْ"1"   
وأصعدَ معْ كلِّ هذا البيانِ إلى جَبلٍ شاهقٍ
لا يدلُّ عليَّ
كما جاء يُودسُ"2" مثلي على هَيئةِ القَرْحِ
كانَ شَقِيَّاً لِيُوْلِمَ ما لا يُرى
أو شَقاء النوازِلِ إذ بَيَّتُوا حَتفهمْ
لانتشالي من البئرِ
كانتْ تفيضُ رضاباً لِأُصْلَبَ
لكنَّها لم ترَ الماءَ في سيرةِ الحبِّ
إذ بَيَّتُوا حَتفهم
وأرادوا الشَّبَهْ!!
كَدَأْبِ الجلوسِ إلى حذفِ ما لا أراهُ
يُناسبُ نصّي
ولو أُثْقِلَ النصُّ بالمُعجِزاتِ
أقايضُ زينبَ حيناً بمريمَ
ثمّ أقايضُ نصَّ المسيحِ الأسيرِ بكأسي
لأُفْرِجَ عنّي
أقايضُ أرضَ المَسرَّةِ بالنّاسِ
والكأسَ بالنّفْسِ
والحبرَ بالعشبِ إذ ينتمي للرَّصيفِ
ولا أدَّعي أنني رابطُ الجأشِ

لا صَبرَ في الممكناتِ
ولا مرضٌ في الضُّحى

كَدَأْبِ الذي في الطَّويةِ
مرَّ على صبرهِ وانمحى
أحاولُ قنصَ الجهاتِ وسكّانها
كيْ أُوفِّرَ لي باتِّباعِ القليلِ
منَ النُّسْكِ شيئاً
لأدمجَ سَردينِ في خصلةٍ واحدةْ!!

كَدَأْبِ الجلوسِ على المائدةْ
أُقَشِّرُ صبراً
لِتَحْمِلَ زينبُ حمْلاً خفيفاً
وأدفعُ بي باتجاهِ المرايا نُموَّاً قريباً
من القبضِ ليلاً
على حاجةِ في مَعين اليقينِ
ولا مِنْ مُعينٍ هنا في النُّصوصِ!!


__________
1-كوّة في البيت الذي يقال إن المسيح عليه السلام رفع منها إلى السماء
2-الشاب الذي ألقي عليه شبه عيسى وصلب مكانه


2- أتيتُ على سَبَخِ الأرضِ حُرّاً



أَتيتُ على سَبَخِ الأرضِ حُرّاً
وما مِنْ مُذيع
ولي شاهدٌ في الوَصِيَّةِ
هذا أنا في اللحاقِ بماءِ السماواتِ
أُجري الينابيعَ في خيمةٍ قانطةْ!
وأُذكي المَصَبَّ ليمشي على سِيرةٍ هابطةْ!
وأَستلُّ حبراً
لأَقطعَ شوطينِ:
شَوْطِ الخلاصِ مِنَ النصِّ
إذ يَنْبني للغيابِ
وشَوْطِ اللقاءِ بإمرأةٍ في الكتابِ
رأتْ في اللجوءِ إلى الصَّمتِ حصَّتها للخلاصِ
ليمشي على الماءِ إبنٌ رضيعٌ
يُكلِّمُ ناسَ الغوايةِ في المهدِ
يُبْرِئُ أَبْرَصَ هذي الحكاياتِ
يحيلُ الرَّمادَ إلى لغةٍ حيَّةٍ ناشِطةْ!

ويمشي
ويقطعُ دابرَ أوثانِ هذي البلادِ
ليُرزَقَ بعدَ اللجوءِ إلى دهرهِ المُستريحِ
على كَتِفِ الماءِ
ما قدْ يُعينُ الغيومَ على أنْ تَقَرَّ هنالكَ
حيثُ القيامةُ تسعى
إلى حُفرةِ العابرينَ
وحيثُ النَّبيُّونَ أكثرَ قُربْاً إلى النَّاس
لا يُسرجونَ الخيولَ بدونِ قصاصْ
ولا يُمهرونَ الطريقَ إلى الرُّوحِ
مأوى الخيولِ الأصيلةِ
والزنزلختِ المُقوَّى بأسنانِ مِشطْ
ولا يهرعونَ إلى تربةِ السنديانِ الوفيرةِ 
كلُّ الأيائلِ مرهونةٌ للأمامِ
وكلُّ السُّطوحِ تمارسُ بعد انتشارِ الحمامِ
جِدالَ الخفايا
ويُبْرَمُ قِسطْ!

ويمشي
وَيَقْطَعُ - سَرْدَ اليقينِ- : وُلِدْتُ
وفي لغتي
ما يشي بالذهولِ
ويعلَقُ قِرطْ!!


3- يضجُّ الندى في مِهادِ الزهورِ



سُرُوراً يَضجُّ النَّدى في مِهادِ الزهورِ
لتكتبَ زينبُ حَرفاً ولُوداً
لشاعرَ أَقصى الخيالَ الوليدَ عن الزَّنْزلختِ
وعاشَ وحيدا
وفضَّ صُخورَ الطريقِ لترْشُدَ أرضُ الحياةِ
وإنْ ضايقوها
ومرّوا عبيدا

تهافُتُ هذي الحكايا
رُواءُ أجِنْدَةِ رعدِ ابن شيبانَ
حيثُ التقاطُ المُصوِّرِ للنَّاسِ
في لعبةِ الإنتشاءِ الأخيرةِ في النَّصِّ
مثلُ التقاطِ المرايا لِبرقِ السَّريرةِ
مثلُ انتجاع الحصى للسُّيولِ
ومثلُ احتباسِ الحرارةِ في جسمِ زينبَ
وهْيَ تمرُّ مرورَ السَّحابِ على سيرتي

سُرُوراً
وَيُولَدُ عَهدٌ وفيرُ السَّرايا
يُحوِّطُ هذي النوايا
ويمنحُ نصّي رِهاناً أخيراً لِسَردِ اللغاتِ
وَنَشْرِ الحوارِ على الأبجدية!
لتنهضَ زينبُ أمُّ الغوايةِ
أمُّ القضيةْ!

وَيُنْشِئُ في النُّورِ " ابنُ شيبانَ" نصَّاً فريداً
يُوازي الأَساطيرَ في مَتْنِها
ويزيدُ على النصِّ روحَ الهُوية!!  

4- مرايايَ في واقعٍ مُبهمٍ طارئٍ



مرايايَ في واقعٍ مُبْهَمٍ طارئٍ
غيرَ أنَّ انعكاسَ الأُمورِ لها خلْوةٌ
للنزولِ إلى شارعٍ مُبهمٍ ناتىءٍ
والرَّحيلُ ابنُ هذا المُخلَّعِ
لا تستوي فيهِ تفعيلتانِ
ولا عِلَّةٌ للزّحافِ

اتَّكَأْنا على صُورةٍ في المَجازِ الأخيرِ  
فَأَفْرَدَنا شاعرٌ خاضعٌ للنوايا
وبعضُ الحُبارى على طُرُقٍ آهِلةْ!
ولكنَّ قَلْبَ الميادينِ حَنَّنَ ضلعَ الخيولِ
على صُورةٍ ذاهلةْ
وأوقفَ جريَ المساءِ على مدخلِ السنديانِ
ورؤيا سنونوةٍ في جيوبِ الكلامِ

مراياي في واقعٍ مُبْهَمٍ طارئٍ
عَدَّلَتْ غُربةَ السَّيْلِ في عالمٍ بعدَ أيلولَ
لم أنتبهْ أنَّ ليلَ ابن شيبان أحرزَ في عُمْرِهِ شَمعتينِ
لِرَقْصِ الرؤى الآيلةْ!
لذلك مرَّ على سِكَّةِ الحرفِ
حتّى إذا ما جَنى حُفرتينِ لتفعيلةٍ خاملةْ!
أدارَ السماءَ إلى قبّةِ الماءِ
وانحاز لي

لواءٌ تهرَّأَ من مِسْحَةِ الصَّمتِ
غادرَ فجوةَ روحي
ولم يَتَسَنَّ لهُ أنْ يُقيلَ الترابَ عن الناشطينَ
هنا في دمشقَ
دمشقَ التي غرَّها الحُكمُ
والإتكاءُ على صُورةٍ في الحواري القديمةْ
ولي أنْ أقولَ بأنَّ الزَّمانَ تَغيَّرَ
أنَّ الركونَ إلى الحُبِّ أضْحى قصيدةَ
روحِ الميادينِ
أنَّ الحديثَ عن الكَشْفِ
والسُّورةِ القادمةْ
مُلكُ ابن شيبانَ
وهو يطيرُ إلى شرفةِ الخضرةِ الدائمةْ!!



5- ولي من حبالِ السفرجلِ:



ولي من حِبالِ السَّفَرْجَلِ
فوق الحدودِ
سلالمَ تعلو
ولو شُتّتوا في أقاصي البلادِ البعيدةِ
في الهندِ
أو في جبال الهملايا
أو في القتالِ على ساحل الغربِ
أو في توازنِ ألعابِ روما
ولو سَرَبوا باتجاهِ الجنوبِ
الجنوبِ المُغطّى بثلجِ ألآسكا

ولي في المقاهي سيولةُ هذي المعاني
وأحزانُ قُبرصَ
بين التوحُّدِ والجري فوق النزوعِ إلى الغَرْبِ
والْمَيْلِ نحو الصحيح إلى شَرْقِنا
المُستباحْ

كذلك لي ما يُهيِّئُهُ الماءُ منْ رغوةٍ
في أعالي الشَّجرْ
ولي عَصَبٌ حين أدخلُ في ساحةِ النردِ
أُلقي على رقعةِ الطِّينِ أقدامَ أفريقيا
لأشهدَ مولِدَها في الصَّباحْ
ولي كلُّ هذا
ولي أنْ أقَرَّ على بَسْطَةِ الجِنِّ في الريحِ
أمحو عن الحربِ آثارَها
ثمّ أخلو بقمبازها في ليالي فرنسا

رأيتُ فرنسا
فحمَّلَني عِطرُها ما يليقُ بهذي البلادْ
وَحَمَّلَني عِنباً ونساءً
لِتُولَدَ أسطورةٌ منْ دمي المُستعادْ

ولم أتوكَّأْ على ماءِ قلبي
لأنَّ شوارَعها فرصةٌ للحنينِ
إلى زمنٍ كنتُ فيهِ صَبيَّاً
هناكَ رأيتُ على الكهرباءِ يَدَاً صالحةْ
فَجُزْتُ بها غربتي غارقاً بالنبيذِ
وأَنْفَقْتُ عمرينِ حتى أُضاهي براءة قلبي  
لأمشي
وأصعدَ
أو أشتري في لهاثي عناوينَ مُفْرَغَةً مِنْ ظنوني
هناكَ تعرَّفتُ وحدي على صاحِبٍ منْ بلادي
فأَوْقَفني
قال لي: لا تُضاهي
وأوجزَ لي حُزْنَهُ في المقاهي!

مقاهي هي الأرضُ في الحالتينِ
امتدادُ يدي في جيوبِ الطريقِ
أو الرّكضُ في عالمٍ منْ حَجَلْ!
وَصَلْتُ إلى الماءِ ما إنْ وصَلْ!!

وَصَلْتُ إلى رَكْوَةٍ في ضواحيَ بلقانَ
كانت تُهَيّئُ لي رَكْوَةً
في الخريفِ المقيمِ على شفرةِ الأمنياتِ
فغازلتُها
أَنْبَتَتْ لي حصَّةً للفراغِ
وأخرى لميلادِ قلبي
وغازلتُها
واتّكأْتُ على مائها الأزرقِ المُنتمي
للجيوبِ الأخيرةِ في الحربِ
أو في لُموع الصدى

كذلك تفعلُ الأشياءُ بالأشياء
لو خِيطَتْ على يدِها مرايا
جذعِها المصلوبْ!


6- وَصَلْتُ إلى بيتِ زينب



وَصَلْتُ إلى بيتِ زينبَ
كانت شوارعُها لا تُضيءُ
فأَجَّلتُ نَفْخةَ روحي
وَبِتُّ على نهاوندِ الكلامِ
وأَفرغتُهُ منْ ذهولي

وكانَ هناك على بئرِ شيبانَ
خيلٌ
وَوَسْمٌ
وشيءٌ من النّهاوندِ الحزينِ
على مَنْ تدورُ العِصيُّ
لِيُذْبَحَ زينُ الشبابْ
وزينُ الشبابِ عَصيٌّ على الموتِ
كَهْلُ المآتمِ يُفدى بماءِ الطّهارةِ
حتّى تدورَ الجهاتُ على ساكنيها
بنبرِ الحياةْ!

كذلك إبنُ السَّليلينِ
حارسُ معنى الرجولةِ في النصِّ
راوغَ أمرينِ في عَصْرِ رؤيا العوالمِ
سِبْطِ الرؤى
وانحيازِ المروءةِ للماءِ
للنارِ
للعشبِ
والإنعطافِ السريعِ لِمَرعى الحقيقةِ
عينِ الحقيقةِ
والإبلِ إذ تنتمي للصَّحارى

ولكنّها العِيرُ إذ تُبتلى بالهجيرِ
إلى بئر قحطانَ
تُغرى بسندسِ هذي البلادِ المنيعةِ
والكهفِ
مَولِدِ هذي البقيةِ منْ آلِ عيسى
ومولِدِ روحِ البهاء

كذلكَ إبن السليلينِ
مرَّ على واحةٍ في الشآمِ
لتجري ينابيعُ منْ نهرهِ
والطريقُ إلى المهدِ
سلْمٌ مِنَ الأرضِ خضراء في آخرِ الماءِ
وقتٌ لنا
والطريقُ إلى الماءِ قوسُ انتماء!

كذلك
ما إنْ وَصَلْتُ إلى الماءِ
قلبي وَصَلْ
فَحُزْتُ الثلاثينَ بحراً
على جانبيِّ المدى
والهبوبَ على كلِّ شِبرٍ
توالَدَ منْ نَسْلِهِ
وخطا في أعالي الجليل!
هنالكَ إذ يُبتلى العابرونَ
عُبوراً قصيراً بماء الرُّقيِّ
وينسحبونَ إلى أصْلِ هذا البلاءِ القديمِ
الجديدِ
ويتَّكئونَ على غايةٍ في النزوع المُقضِّ
لدولةِ أحبارِهمْ!

كأنَّ الكتابةَ تسعى لردمِ التشابهِ في الحُكْمِ
هذا توسُّطُ جيلينِ
جيلِ الحمامِ
وجيلِ العرافةِ
بين الخرافةِ والشَّكِّ والغُولِ في ليلِ آبارِهمْ!
هنالكَ حَطَّ على الأرضِ ناموسُ
هذي السماءِ
لِيُبْلِغَ سُكَّانها بالبَلَلْ!!

وَصَلْتُ إلى الماءِ ما إنْ وصلْ
وَزَكَّيْتُ رحْمَ الطوائفِ في ليلةٍ
وانسحبتُ إلى لُمَعٍ في الحكايةِ
كان إذا اشتدَّ رملُ الصَّحارى هبوباً
على البئر تمضي الطوائفُ
نحو اجترارِ الإِبِلْ!



7- ولا حاجة الآن لي



ولا حاجة الآنَ لي
أنْ أعيدَ إلى بقعةٍ في السَّرابِ
ملاذَ الصَّعاليكِ
أو  يركضَ الابنُ في هَيْئةِ اللاجئينَ
ولا حقَّ لي بالنزولِ إلى شارعٍ طافحٍ بالنُّواحِ
كذلك لا شأنَ لي بالنَّسيجِ
لِيَصْرِفَ قلبي هوايتَهُ بالصُّعودِ
إلى البرجِ
في نبضِ هذا الخليجْ!

بِنْتٌ لها في المرايا حوارٌ مع الذَّاتِ
إذ تَصْطفيها اللغاتُ
وبحرٌ لَهُ في المزايا رهانُ الولدْ!

كأنّي تركتُ لِمَريمَ أنْ تستريحَ
لِيَخْرُمَ ابنُ خالتها
وجهَ هذي الرياحِ
وَيُقري النَّوارسَ عنّي السَّلامْ!

وما كنتُ في بيتهمْ
إذ توارى الرِّهانُ مع القابضينِ
على آيةِ النّهرِ  في سُوقِ هذا البلدْ!
شفيفٌ أَشَفُّ مِنَ الثلجِ سُورُ الأبدْ
ويخلعُ عنا السؤالَ عن الأُعطياتِ
يُقيمُ الطريقَ على نِصْفِ هذي الإجاباتِ
عن رؤيةٍ في الحديقةِ تخضعُ للناي
والسَّالكينَ إلى غُربةٍ في القَصاصِ
يُداري يدَ الخوفِ
رملَ الشُّقوقِ التي في الأصابعِ
حُزْنَ الأراملِ في عالَمٍ مُشْبَعٍ باللجوءِ
إلى ثقبِ بابٍ كسولٍ
وثوب منازلَ عُريانةٍ من هَبوبِ الأساطيرِ
تخدشُ حُلْمَ الجسدْ!

شفيفٌ أشفُّ من الريحِ هذي الشفاعاتِ
إذ ينبضُ الحبُّ في الماءِ
والماءُ في غُرَّةٍ مِنْ مَدَدْ!
فلا توقفوا زحفَها
واستديروا إلى بؤرةٍ في الأعالي
أعالي الطقوسِ الغريبةِ
والقُبّعاتِ الوفيرةِ في سُوقِ يوم الأحدْ
هناكَ ستفنى الحكاياتُ بعدَ النزولِ الأخيرِ
وتبقى على حالِها
هناك ستمنحُ مريمُ أحلامَها للنساءِ جميعاً
وتقرأُ آيةَ هذا الجمالِ
وتعرجُ نحو الأيائلِ مَزْهُوَّةً بالحنينِ
إلى ظلِّ مرآتها


8- وابنُ شيبان خفَّ عن الشّيبِ



وابنُ شيبانَ خَفَّ عن الشَّيْبِ
رمَّمَ هذي النهاياتِ
فالتفَّ رأسُ المكانِ على صُورةٍ القافلةْ

كأنَّ لَهُ في المداراتِ
بعضُ يقينِ الحمامِ
وشهقةُ أزرارهِ الناحلةْ

وابنُ شيبانَ مثلي يُجيدُ التنقُّلَ
بين الخيامِ
وبين الحِمامِ
وبين الرِّهان على صُورةِ الموتِ
والخلْوةِ العاقِلةْ
وبين دَبابيسِ ثوبِ الصَّلاةِ
وجُنحةِ وِزْرِ الحديثِ عن العَوْرَةِ الغافِلةْ!
لأنَّ المرايا بدايةُ هذا الخروجِ
عن الشَّكلِ
والسنديانِ الذي لم يشأْ
أنْ تنام الطيورُ على غُصْنِها المُرْتَجِفْ!

وابنُ شيبانَ صَدْرُ التَّحَوُّلِ
عنْ شأفةِ الناسِ في طينةِ البحرِ
نحو السرابِ
كذلكَ صَدرُ النزوعِ إلى بحرهِ المُخْتَلِفْ

وابنُ شيبانَ أيقونةٌ لم تشأْ
أنْ يُمَسَّ من الريحِ جَوْهَرُها المُعْتَكِفْ!!
لأنَّ النِّساءَ أَحَلْنَ لهُ فضَّةَ الشِّعْرِ
والماءَ، والعِطرَ
والليلكيَّ المهيّأَ للعابرينَ
ببروازِ هذي الصُّدَفْ 
ومنذ رأى النَّهرَ
يعبرُ بين الضِّفافِ إلى روحهِ
والمساء إلى بيتهِ في جنوبِ المدارِ
وأوقعَهُ الحرفُ في رُقْعَةٍ
من جَليلِ الخَزَفْ!
حَتَّ شيئاً من الصَّخرِ
جيلاً على إِثْرِ جيلٍ
ورمَّمَ بعضَ التُّحَفْ!

كذلكَ لم ينتهِ بعدُ
منْ صَكِّ هذي الخُروقِ على ضَعْفِها
ثم لم ينتهِ منْ صقيعِ الغُرَفْ!
ولم ينتهِ منْ مُناظرةِ الناسِ
بعد المتاع الأخيرِ
وكان إذا مرَّ قلبٌ لزينبَ
قلبٌ
ولم يستوِ الماءُ مع رُكْبَةِ الأرضِ
فرَّ إلى نُطفةٍ ذاتِ حَبْلٍ قصيرْ!

وابن شيبانَ لا يستحي من تراشُقِ ضِلعينِ
في لعبةِ المدِّ والجزرِ
كانَ إذا خَرَّ نجمٌ
يُريقُ دَمَ الجِنِّ
حتّى إذا ما استراحَ الكلامُ
انثنى
وتقوّسَ
شَدَّ حبالَ الفراسةِ للعائدينَ من الحربِ
هيَّأَ أنفاسَهُ للخلاصِ
ولكنَّ زينبَ، أمُّ الغوايةِ
كانت تُعِدُّ لَهُ زهرةَ الأقحوانِ
ليهدأَ في دورةٍ للفصولِ الضَّريرةِ
كي لا يظلَّ عميّاً
أمام انفتاحِ الحياةِ على مِنكبيهْ!

سلامٌ عليهْ
تقولُ الرّوايةُ
إنَّ المناخَ لهُ في المَقام العَليّْ
وإنَّ البنفسجَ كان على كَفِّ ريحٍ
وَيَدْ!

سلامٌ عليهِ مِنَ الذئبِ حين تخلَّصَ
في آخرِ الليلِ من نَشْوَةِ الجُبِّ
مِنْ جُبةِ للصِّواعِ
ومِنْ زُرْقَةٍ في عُيونِ الصَبيْ

سلامٌ عليهِ
على ظِلّهِ الإربديْ!!
الذي كانَ يمشي على الماءِ حتّى يُكرِّمَ أشياعَهُ
سلامٌ على شَأْفة الجُرحِ في بابِ أنطاكيا
التي فرشتْ لي ضفيرتها عند بابِ القصيدةِ
حتى أَمُرَّ على العُشْبِ
أو عند وِزْرِ المدينةِ
وهيَ تُراهنُ أنّي وُلِدْتُ حديثاً

سلامٌ على قُبّراتِ تُنقنقُ في سَهْرَةِ العُشْبِ
إذ يغسِلُ الماءُ جفنَ باب الهوا "1"
سلامٌ على أهلها الطيبينَ الغلابا.

وهلْ يُشترى المِسْكُ؟
هلْ من طريقٍ إلى سَهْرَةٍ في ضَواحيَ كَشمير
تلك الجبالُ التي أَنْعَشَ الغيمُ أعشاشَها
حين وسَّدتُ مرضى الحنينِ إلى النَّومِ ضَجيج؟!
وكم مشترٍ كان يسعى
إلى الكهفِ ليلاً ليأوي الحَجيج؟!
وكم كان صَدري مُتاحاً لزينبَ
تخطبُ عينَ الغزالِ الولودِ
وترشقُ عينَ المها
وكم كنتُ أحذفُ شبرينِ من أرض نفسي لها
لِتَخْلدَ بعد انشطارِ المدى؟!
وهلْ يُشترى الملحُ مِنْ نهرِ دجلةَ؟!
هلْ من طريقٍ إلى الناي
يرفعُ للخوفِ قُبَّعَةَ الريحِ
يأنسُ بالمشتهى؟
هنالكَ حيثُ الفرزدقُ
كان يُرهِّفُ أبناءَهُ المتعبينَ الحيارى
ويَرفضُ أنْ يتنازلَ عنْ نزعةِ
في السؤالِ العجولْ!
ولا أدَّعي ما أقولْ:
ولكنَّ بيتاً منَ الشِّعرِ فضَّ عنِ السَّطرِ أسرارَهُ
وانتحى جانباً في مرايا الحراكِ الأخيرِ
على بابِ أندلسِ الحُزْنِ
مرَّ على ورقِ الأرضِ بالسِّنديانِ
وحطَّ بكاءً مريراً على بُقْعَةٍ في الخرابِ!

سلامٌ عليهِ
على أهلهِ الطيبينَ الغلابا
على فَزْعَةٍ لِجَريرِ الْمَلولْ!
______________
1-    منطقة حدودية بين تركيا وسوريا


9- بناءُ القصيدةِ في الماءِ تحكمُهُ الزوبعة



بِناءُ القصيدةِ في الماءِ
تَحْكُمُهُ الزَّوْبَعَةْ!
كُمونُ الضُّحى بعد سَرْدِ الغيومِ لأحزانها
وشتلةُ وردٍ على نهاوندِ الكلام المباحِ
وغُصنٌ يُزقزقُ قلبي كثيراً مَعَهْ!

وليسَ لِمُنْجَز هذي الحكاياتِ
أنْ يستردَّ من البئرِ ما كانَ يُوحى
لحكمةِ ماءٍ تقاسمَ في الليلِ عَصْرينِ
عَصْرِ الغوايةِ
والسِّجنِ
عَصْر انفتاحِ السُّيولةِ في المَعْمَعَةْ!
ويوسفُ سَطرٌ على الأرضِ
بابٌ لهذا النشيدِ الذي يُستنارُ بتأويل رؤيا
ونوحٌ بدايةُ عَصْرِ المرايا
انعكاسُ المياهِ على فرقدينِ حَيينِ
مرّا على جبلٍ فاستوى
وعيسى اختزالُ النِّساءِ بقبضةِ مريمَ
إذ تنحني للنخيلِ
فيقفزُ ظلّانِ من سُورةِ الماءِ
حتّى سرايا النبيِّ مُحَمَد إذ يَنْبَني كلُّ شيءٍ
وتُفرِغُ ميقاتها الأرضُ في حُجَّةٍ مُسْرِعةْ!

وليسَ لهذا الكلامِ انعطافُ البريقِ
لغيمٍ يُنَقِّطُ بعضَ النُّقطْ!
فكلُّ القبورِ شواهدُ
كلُّ المنافي قبورٌ
وكلُّ خَوارٍ شَطَطْ!


10- وأرجِفت الأرض




وأُرْجِفتِ الأرضُ
بَعْلُ الدكاكينِ
صبرُ ابن ياسينَ جاري
وأُرْجِفَ صَدرُ البُنيّةِ في آخر الحيِّ
كانت تُقيمُ وليمةَ أعراسِها
كي يُفتّحَ زهرُ الرَّياحينِ
في مِلءِ  داري

وابن شيبانَ
كان يُعيدُ تقاسيمَ أمّي التي هَرَبَتْ
من جحيمِ الغزاةِ
إلى بيتها في القُرى
ومنْ دَهْشةٍ في جفون النِّساء اللواتي
هَرَبْنَ إلى آخرِ الموتِ
كُنَّ إذا ما نعسْنَ يُهدْهِدْنَ طيرَ القوافي
لتملأَ زينبُ أشجارَها بالهبوبِ البديلِ
وكُنَّ إذا ما صَعَدْنَ إلى التلِّ
يُنْجِزْنَ مجرًى من السَّلسبيلِ
ويحصرنَ ليلاً حديثَ الرِّجالِ
العوافي!!

العوافي على نَدْهَةِ الصَّدْرِ للأمنياتِ
العوافي لتزويجِ كلِّ البناتِ
العوافي لخيلِ الحراثةِ في السَّهلِ
العوافي لِسَهْرَةِ أمِّ البنين الذين رأوا ساحلَ عكا
العوافي لِمُلكِ سُليمانَ
يرشدُ هدهدهُ للسؤالِ عن الشمسِ
في حضن بلقيسْ
العوافي لهذا اللجينِ الحبيسْ 
العوافي لِستِّ البناتِ
العوافي لِكهفِ ابن آوى
وملحِ الرُّعاةْ!
العوافي لهاجرَ تعدو إلى باطنِ الأرضِ
تمسحُ ريقَ الجبالِ
ليهدأَ طفلٌ ذبيحْ
العوافي لمعنًى فصيحْ
العوافي لجاري المُدلَّلْ
لريحِ المُهَلْهَلْ
وللناسِ في بِرْكَةِ السَّهلِ ينتبهونَ
لقلبِ ابن شيبانَ
تُغريهِ زينبُ بالبرتقال!

كأنّي أُحَدِّثُ مَعنى التَّنصُّلِ في النَّصِّ
مِنْ حانةٍ تَتَلَصَّصُ
أو رَكْوَةٍ للخلاصِ المُبينِ من البردِ
حتّى إذا ما تنازلَ ضُوءٌ عن القَصِّ
كَثَّفَ لي لِحْيَةً
واستعارَ مَجازَ دخولي إلى لوحةٍ في القصيدةِ
عفراء من كلِّ شيءٍ
سوى أنها لا إطارَ لها
وَكَثَّفَ لي  قولَها
فاستندتُ إلى غُربةٍ في الوضوحِ
لأُكملَ عطفَ الغُموضِ
وأُنْشِئَ مِنْ كلِّ طودينِ بحراً لَهُ ساريةْ!

وفي البحرِ
حوريةُ البحرِ
في الأرضِ قنصُ الخفايا
وفي أُفُقِ الغيمِ بيتٌ من اللازوردِ المُعتَّقِ
ضلعٌ
وفي كُمِّهِ سيرةُ الماءِ
في القافيةْ!!

11- لا بدَّ منْ سُرُرٍ في الهوى عاليةْ




لا بُدَّ مِنْ سُرُرٍ في الهوى عاليةْ!
قريباً من النَّاسِ
لكنّهُ لمْ يرَ البيتَ
سِردابَهُ في الأعالي
ولم يقتنصْ فُرصةً لاندهاشِ الصبايا
لهذا أتى من بعيدٍ
وَقَنَّنَ شكلَ الحديثِ عن الناسِ
عنْ دورة الأرضِ في شهر آذارَ
عنْ صُورةٍ في الكتابِ الأخيرِ
عن الغَزْو، عن صَبْوَةِ الخيلِ
في لغةِ الأُمم الجاريةْ!

أتى من بعيدٍ
فقال لهُ أجنبيٌّ
هنالك حيث ترى سلَّةَ المُهملاتِ
على جانبيِّ الطريق: كثيرونَ أنتمْ
فقال: تَخيبُ الغُصونُ إذا ما تجرَّدَ عنها
قميصُ الثمرْ
وأدركَها عُقْمُ هذا الحَجَرْ
فمدَّ ذراعينِ مِنْ سَوءةِ الجسمِ
معْ كلِّ أمْرٍ مُريبِ
وعاد لِيَرْشُدَ في الحرفِ 
قال: الطريقُ إلى خَصْرِها شائكٌ
والممراتُ أَضيقُ مِنْ كُوَّةٍ في قمرْ!

ولا بُدَّ من جسدٍ لائقٍ بالحديثِ
وينجوَ مِنْ ريحِ غلوائهِ
في تَتَبُّعِ هذا الأثرْ!

وابن شيبان
يعرفُ أنَّ الفواصلَ مسكونةٌ بالتوجُّسِ
يعرفُ أنَّ الحديثَ عن الأمرِ شيءٌ
لَهُ في الظلالِ غوايةُ هذا البَصَرْ
ويعرفُ أنَّ الكناية محفوفةٌ بالخَطَرْ!



12- تَلَكَّأْتُ في بَسْطِ أمري



تَلَكَّأْتُ في بَسْطِ أمري 
لِيَصْرفَني عن دخولي إلى غابةِ الشَّكِّ
مِلْتُ، فأَسْكَرَني
ثُمَّ أَوْصلَني إلى خَلَلٍ في تقصّي الجبالِ
لأشهدَ لي مَوْقِعاً في مدائحِ سقراطْ
أو في منازلِ فَكِّ ارتباطِ الرِّباطْ
وأشهدُ أنّي عثرتُ على طُرقٍ غيرِ آمنةٍ
فامنحوني جناحينِ منْ غيمةٍ
لا تُقطِّرُ مائي بلا أجوبةْ!
وامنحوني خلاخيلَ بنتِ الأكابرِ
 كي أستردَّ نضارةَ روحي
تلكأتُ
فانبسطَ الأمرُ
أغوى يديهِ الهوى
والهوى سِبْطُ أشجارِ كينا
نَمَتْ في ضريحي!
أريحي ابنَ شيبانَ منْ لعبةٍ في تعقُّبِ
ماءِ القوافي
وسيرتهِ، واستريحي
هنا في صروحي!

أنا الآنَ في مِهْنَةِ الرَّعي
أعدو إلى فائضٍ في جيوبي
لأنحرَ شاةً على النهرِ
منْ أجلِ صدِّ الرياحِ عن النهرِ
أو أقتفي خطوَها
في تَتَبُّعِ ماءَ وضوحي


13- وليس لهُ



وليسَ لَهُ
لابنِ شيبانَ
لي
أنْ أذودَ عن النَّبْعِ نونَ الوقايةِ
إذ تعقدُ الأنثيانِ
غوايةَ صمتِ اللجوءِ إلى الظلِّ
تعقدُ حَبلاً على الأرضِ
حتى إذا ما انتشى الماءُ
في بئرِ شيخِ القبيلةِ
رددتا:
ليسَ من كَسَلٍ
هُدْبُ هذي الغوايةِ
بلْ طاقة لانفعالِ المديحِ على جِسْرِ
هذا الحياءِ
إذنْ فالوشايةُ تَجْلبُ سُكَّرها
واقترانَ الغصونِ مع النَّارِ
في سِرِّ هذا القَبَسْ!

وليسَ لَهُ أنْ يُجفِّفَ صَبرَ السِّنين الخَوالي
وأنْ يحبسَ الآنَ روحَ النّفَسْ!
ويعقدَ في سِرِّهِ أمرَهُ
واتّباعَ الطريقِ المؤدّي إلى سُور عكا
لينشقَّ هذا المدارُ عن الطَّيبينَ
ويعقدَ أضلاعهُ للحَرَسْ!

وليسَ لَهُ
لابنِ شيبانَ
لي
أنْ أخاطِبَ نفْسي
فكلُّ الخساراتِ مرهونةٌ للعَسَسْ

والبلادُ متونٌ لِأَصْلِ البلادِ التي ضايقوها
وما عقلوها
وما كسَرَوا فوق تربةِ هذا النسيجِ لها
في كثافةِ هذا الحنينِ مرايا الخَرَسْ

تدورُ الرّوايةُ في كَنَفِ السَّردِ
يدورُ الحبيبُ إلى ساعةٍ في الظهيرةِ
من أجلِ زينبَ
يُمارسُ إغواء ذِئبِ البراري
يلمُّ من الأرضِ أشياعَ دَهْرٍ دَرَسْ؟!

وابنُ شيبانَ صَدرٌ لإغواءِ طينِ البدايةِ
قبضُ الحنينِ على واقعٍ طائرٍ
في عوالمَ ليسَ لها
أنْ تغيبَ عن اللهوِ
أو أنْ تُرجِّفَ رَحْمَ الغيابِ
وأنْ لا تُوَسْوِسَ إلا لطينةِ هذا المقامِ
وَبَحَّةِ ريقِ الجَرَسْ

وابنُ شيبانَ يغدو نبياً
على ساحلِ الأرجوانِ المُفارقِ للنَّهرِ
في أرضِ بيروتَ
عِمْ أيُّها  الكَسْتناءُ
ممرّي يَضيقُ
وأَمْري لصيقٌ بماء الصُّورْ
وعِمْ أيُّها الجبليُّ
فقد آثَرَ الماءُ أنْ يَسْتَتِرْ
لتمشي الخوابي إلى حَيرةٍ في حرارةِ روح القصيدةِ
تمشي إلى حانةٍ في شوارعِها
والليالي المضاءةُ بالأرزِ تمشي إلى الثلجِ
تَسْكُنُ في قمَّةِ العنفوانِ
وتعزفُ لي: يا مدارَ الضَّحايا
ويا آمِنَاً في الخُلودِ الأخيرِ أقمْ سُلَّمَكْ
لتدخلَ أرضَ الغزالةِ منْ قَرْنها
مثلَ حَيِّ ابن يقظانَ
أو مثلَ سِربِ حَمامٍ يُقيمُ هديلَ الدوائرِ
سَعياً لحصَّةِ ريحٍ شماليّةٍ
في المنافي

على أيِّ قبرٍ سَتأوي 
يطيرُ المدى
ثمّ يَطوي النوافذَ في تربةِ الحيِّ طَيَّاً
لتدخلَ بيتَ الظباء

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x