ملاعبُنا في الجِوار لنركضَ عشرين ميل


1- الرَّصاصُ على بُعد عُمرينِ مني



الرَّصاصُ على بُعدِ عُمرينِ مني
ومِنْ نَسْلِ ياقوتةٍ في السماءْ
فلا تكترثْ للنساءْ!
أقاليمُ هذي التي عَبَرَتْها خيولي
وحلَّ على دربها السَّيْلُ ضَيْفاً
فكانتْ هباءْ

كم لاجِئاً من صَريرِ الكتابةِ يلزمُ
حتّى نُسَجِّلَ أسماءَنا
في سِجلِّ الخلودِ المُسمّى
وننسى الحجلْ
وكم ساعةً للعملْ!!
يُريدُ الكلامُ
لينهضَ بالروحِ منْ رَقْدَةِ اللحظةِ الدَّارِسَةْ

سويعاتُنا جُثَّةٌ للرياح الأخيرةِ
ذَبْحُ الخلائقِ في خَلوةِ الحَرْبِ
تهمةُ ناي
توابيتُ أغنيةٍ بائسةْ
وأولادُ يَرقونَ جدّاتِهمْ، وينسحبونْ
مرَضٌ عابرٌ في حوار الحصى
حامضٌ منْ زنازينَ مكتظّةٍ في الجِوارِ
الجِوارِ الحزينِ الذي أَوْكَلَ الشَّمسَ للنائمينْ
غيرَ أنَّ يدي فوق تلِّ النهارِ
سرادقُ بيتٍ العزاءِ
وإيقاعُ دفلى!
وفوضى هيَ الأرضُ
أمَّا زوابعُها ( مثل نحنُ )
إلى جنَّةِ اللاجئينْ!!

2- جسدي لم يكنْ نائماً



جسدي لم يكنْ نائماً
كانَ كالماسِ في مُسْتَقَر!!

الرُّجوعُ إلى ذِمَّةِ النُّورِ شيءٌ
يلازمُهُ الليلُ
أَشْكَلَ لي في الجهاتِ مرارةَ أيامِهِ
لم يكنْ ليفوزَ بِسَهْمٍ شديدِ التقوُّسِ
كان كالماسِ في مُسْتَقَرْ!!

ونحنُ صَبَوْنا
كعادتنا في اللجوءِ إلى أخضرِ الريحِ
فُزْنا بميعادِنا
وانتظرْنا حمائمَ جدّاتنا فوق سطح النجاةِ!!
لنأخذَ سِربينِ منها
وَنُحْشَرَ ما بين أرجوزتينِ
وَمَلْعَبَ لي
ولها
للملوحةِ
بعدَ
شِجارِ
الشَّجرْ!



3- في الطريقِ إلى الفضّةِ الذَّائبةْ



في الطريقِ إلى الفضَّةِ الذَّائِبَةْ
حَمَّلَتْهُ الشِّقاوةُ أسبابَها
وأمراضَ جارتهِ منْ زكامٍ قديمٍ
وبعضَ السّعالِ الذي طاردَ النحلَ
في رحلةٍ شائبةْ
فعادَ إلى الشَّكْلِ
ريشتُهُ منْ يدِ النَّحتِ
صارتْ هُلاميةَ الظلِّ
لم يتوكأْ عَصاهُ
فطالَ الشُّقوقَ دَمٌ عارِفٌ
بانهدامِ الجسدْ
كلُّ شيءٍ
على سَبَبٍ مُفْرَدٍ في الخيالِ رَقَدْ
فالتقى الماءُ باللاجِئاتِ
وَوَسَّدَهُنَّ على سَعةِ الأرضِ
خُلَّبَ طينٍ سَقيمٍ
ومجرى الحصاةِ المَنيعَ
ورأسَ الجبالِ
وعاد تهدَّمَ
ألقى عَصاهُ
ومجرى الطريقِ طويلٌ
ولكنَّ شيئاً من اليابسِ الخُلّباتِ المنيعةِ
أرغى وأزبدْ!

كوكبٌ في جفونِ السماءِ القريبةِ
من نحنُ؟!
عاد لهُ سوسنٌ كانَ يسعى إلى زهرةٍ
في حقولِ المساءِ
لكيْ يَتَاَسَّى بنهرينِ من خُلَّبٍ
في الحضورِ
تَأَبَّدْ!!
وعادَ
وَسَدَّدْ!!
فأبكى طيورَ الضُّحى يا إلهي

وطيّبةٌ
هذهِ
الأرضُ
والنُّورُ رَقَّعَ لي ثوبَ أمّي
فأَنْشى حليباً
وبعضَ وصايا
لِتَكْبُرَ روحُ المرايا
ولم تَصِلِ الغيمةُ الحارسةْ

ملاعِبُنا في الجوارِ لنركضَ عشرينَ ميلْ
لتركضَ شَحرورةٌ عالقٌ فَخُّها في ذهولِ الطفولةِ
جيلاً على إِثْرِ جيلْ
لتركضَ هذي البيوتُ
وسِيّارةٌ تدَّعي أنَّها لا ترى غيرَ حكمتِها
في الوَرَقْ!
ليركضَ جُرمٌ
وَيَرْكَبَ أشجارَنا طَبَقاً عن طَبَقْ
ليركضَ هذا الذهولْ!
عَبَرْنا طقوساً لأشيائنا في مَمَرِّ البكاءِ
وأَذْهَلَنا صَمتُنا
عن مراتبِ هذي السيولْ
وتُذْهِلُنا ما تقولُ عِبارَتُهم

 ..." هذي مساكِنُكمْ فادخلوها
ونحنُ هنا قاعدونْ "!

ولم تَصِلِ الغيمةُ الحارسةْ
المدى جثّةٌ ناعِسةْ
الحكائيُّ أكثر طيباً، وينسى
ونحنُ كذلك ننسى لغاتِ الهوى
ونَغفلُ عن طيِّ أسرارِنا في الصُّدور
لنأخذَ حِرْزَاً حَيياً إلى حُورِ عينٍ
وننسى غوائلنا في الذنوبْ

كأنّا ولِدْنا على لحنِ مريمَ
هُزّي جذوعَ الكلامِ لِتُنْبِتَ حَيَّاً
على كلِّ حيْ
كأنّا أزَحْنا المنازلَ عن لونها الليلكيِّ
الليلكيِّ اللعوبْ
ولا شيءَ ينعَسُ أكثرَ منّا
ونحنُ لها في مزايا الشُّحوبْ!
ولم تَصِلِ الغيمةُ الحارسةْ
فَعُدْنا إلى بيتِنا مرَّتينِ
كَنَسْلِ العجينِ بهمزةِ ليلٍ غريبْ!
لِنَنْشَطَ بعد انكسارِ الخطى مرَّتينِ
على بُعدِ أحلامِنا


4- عَيِّيونَ نحنُ



عَيِّيونَ نحنُ
ولا مَرَضٌ في الأصابعِ
أو هَزَّةٌ في الجفونْ

عَيِّيونَ أكثرَ منْ نبتةٍ في الخريفِ
تُضارعُ أوراقَها
ثمّ تأوي إلى الظلِّ
عُمري قصيرٌ
وجسمي ضَنينْ

عَيِّيونَ فوقَ الرَّصيفِ
نُصارعُ هَبَّةَ ريحٍ
وشكلَ الرُّسومِ على جُدُرٍ شبهِ مائلةٍ
ثمّ نقرأُ
هذا مسارُ الحصى

عَيِّيونَ نحنُ
هنالكَ في كلِّ أرضٍ، وننسى
_ على كلِّ حالٍ_  تَصاهُرَ زوجينِ في الماءِ
قتلَ النبيينَ في ظاهرِ الأمرِ
رقصةَ سيزيفَ من ثورةٍ في أعالي الجبالِ
ومِنجلَ هذا الحصادِ الأخيرِ
وموتَ الذكورةِ في النَّحلِ
بعدَ احتباس الحرارةِ في النَّحلةِ الماكرةْ!

عييونَ مثلَ حوارِ امرئِ القيس مع نَفْسِهِ
وانتشالِ البراءةِ من روحِ كَهْلٍ تَشَبَّبَ
ثمّ هوى في جِدالِ عقيمٍ
ومثلَ الغوايةِ في شِعْرِ قيسِ الحنونْ!!
عييونَ أكثرَ
نحنُ العييّونْ
لهذا فَتَحْنا منازلَنا للجهاتِ
وَنِمْنا لنسرُدَ للحربِ
شيئاً من الزَنْزَلَختِ الحزينْ!!

كما لم نكنْ
أو تكونُ القبائلُ
هُمْ حالمون!!
بأشياءَ تَكْبَرُ في غابةِ الذَّبحِ
أو بالثقوبِ التي في مدارِ الرحيلِ
وَسَلْبِ الحياةِ من اللاجئين


5- للنساء اللواتي منَ الزّهرِ ينبتنَ



للنِّساء اللواتي مِنَ الزَّهرِ يَنْبتنَ
أو يَنْدَفِعْنَ إلى غيرِ ما أَشتهي
أُريقُ مساءً من اللازوردِ، فأشقى
فتأتي المقيماتُ
يَنْبشْنَ رملاً لهذا الخمولِ الأخيرِ
لأقطعَ نِصْفاً من الشاطئِ المُضْمَحلِّ
فأرقى على ساعدينِ من النهرِ
والقاعُ في النهرِ
سرُّ المحارةِ في الدورانِ العجيبْ

للنِّساء اللواتي إلى السَّيْلِ
يَقْبضْنَ قلبي
أغنّي أغاني
تزيحُ الجدارَ عن الروحِ
حتّى تُكاشفَ نفسي
أغاني تضيءُ جوانبَ كأسي
أغاني برأسي
ولكنَّ بابي الوسيطَ تَشَقَّقَ
أَوْغلَ في حَطبٍ عالقٍ بالنجومِ
تَكَسَّرَ
صار الفضاءُ ربيبَ يدِ الخوفِ
جئتُ
ولمْ أرتفعْ للغبارْ

ربيعي المَجازُ من العُمْرِ ولَّى
وكلُّ المحاراتِ خبط مَجازْ

_ هذا غناءٌ قديمٌ
فهلْ منْ فرائضَ أخرى؟
_ نزولي إلى شارعٍ طافحٍ بالنواحِ
وشكّي القريبُ بأنْ تتجدَّدَ رؤيا الحياةِ
وجلْبُ المرايا إلى قارعاتِ الهوى
_ فكيفَ تُزاولُ صَحْنَ الحديدِ 
وبريَ الخطى
واستلابَ الردى؟!
_ أقيمُ مسائلَ رقْعِ الثيابِ لآخرِ سطرٍ
وأُنجزُ جسماً سليماً إذا ما رآهُ
الحبيبُ تَعَرّى!

_ وهذا غناءٌ قديمٌ
فكيفَ تصُبُّ على النارِ ماءً؟
_ أُراجِعُ نفْسي
وأتركُ خلواً منازلَ عُمري
وأنهضُ طفلاً كليماً يُجاري الكهولةَ
سرّاً
وجهرا!!
_ وهذا غناءٌ قديمٌ
قديمْ
وللغيمِ قبل بلوغ المياهِ اللطيفةِ
أنْ يتحرَّى بياضَ الرّقيم!

تنهضُ أمُّ الغوايةِ زينبُ
ينهضُ عبّاسُ من بؤسهِ في المعاملِ
أمّي كذلك تنهضُ
سِرْبُ الحزانى
وعُمّالُ إربدَ عند حدودِ الوسطْ
وتنهضُ هذي النُّقطْ!
بيوتُ التراثِ
وشكلُ الشوارعِ في رَحِمِ الأرضِ
قوسُ النهار الغريبِ على بابِ سوقٍ
قريبٍ يُسمّى بُخارى!*
ونهرٌ يطاردُ غزلانَهُ في بقاعٍ تئنُّ
على إِثْرِ ما يفعلُ الناسُ
بالنّاسِ
والكأسُ بالكأسِ
والنردُ بالعابرينِ إلى ظلهم!
كذلك ينهضُ فَصْلُ المتاعِ الأخيرِ
من الشَّهرِ في شارعٍ السينما
ورؤيا الطفولة 
وهيَ تكزُّ الرَّصيفَ ليهدأَ نخلٌ
وبلوطُ ماءٍ
وقيعانُ أسرارِنا في الصَّباحِ
وبيتٌ يُعيلُ اليتامى

وللقلبِ
أنْ يتحدَّى المزاجَ السَّقيم

تنهضُ أمُّ الغوايةِ زينبُ
ينهضُ ظلُّ المغنينَ
جاري الذي أفزعَ العُمْرَ سَرْدَاً
وإذ يتمارى يُقلقِلُ
هذا أنا
وهيَ لا تكتري خطوتينِ عن الريحِ
تدفنُ ما لا يراهُ فيبكي
يعودُ إلى أهلهِ
مترعاً بالحنينِ المُقفّى

وللخَيْطِ
 أنْ ينثني في النسيج السليم!

تنهضُ زينبُ أمُّ الغوايةِ
رملُ البيوتِ التي كنَّسَ الطينُ
والقشُّ أركانها
لكي تَعْلَمَ السِّرَّ فيما يجوزُ لماءِ القصيدةِ
أنْ يتجنّبَهُ
من ظلالِ النِّساءِ
على المائدةْ!!


6- أبحثُ عن زلَّةٍ في المناخِ




أبحثُ عن زَلَّةٍ في المناخِ
المناخِ المُبَلَّلِ بالقانطينَ
وأنفثُ عن طيبِ خاطرَ ما ينبغي للحياةِ
ليسري دمٌ من جديدٍ
فينهض أهلُ القبورِ
يصافحني الموتُ في كلِّ حينٍ
فألقي بأحماليَ المُنتقاةْ

تخلَّفَ عنّي الرُّواة!!
وجيءَ على كلِّ معنًى
لتنهضَ أيقونةُ العالمينَ
لردعِ الغزاة!!
كأنّي أُحاكي يدي
يا ابن شيبانَ في المنتهى
لا خليلَ هنا في المرايا
ولا ولدٌ طافحٌ بالندى!

سأرجِعُ منْ صُفْرةِ الشَّمسِ
أُذكي جُموعاً بمقهى الكمالِ"1"
وأسندُ رأسي غدا
لأدخلَ سُوقاً عَزوفاً أعالي المدينةِ
 كي أجتبي مُهرتينِ
وأنسى
يقابلني طائرٌ شاردٌ عاثرٌ حائرٌ بالرِّياشِ
أُهَدْهِدُ أمرَ الخيام
أقيلُ عنِ الازدحامِ خطايَ
وأفرشُ دمعي
لأنسى!
فتأسُرني بالنهوضِ الأخيرِ على غير عادتها
حيلةُ المشي بينَ البناتْ
وصيفاتُ زينبَ أمِّ الغوايةِ
شارداتُ الضفائرِ
والغادياتُ إلى بئرِ وادي الحمامِ"2"
هناك على صحنِ أمِّ الجدائلِ"3"
في قلبِ كَفْرِ الشمالِ
يمارسنَ زحفاً بطيئاً إلى أمِّ قيسٍ
" جدارا ""4"
ويُنعِشنَ حُلْمَ الرِّجالِ
فأهفو إلى طبريا
-          وريحٌ على نَهرٍ قلبٍ عتيقْ -
لأشهدَ جيلاً ينوءُ بحِمْلِ المفاتيحِ
ينظرُ من عينِ أعمى
لصورتنا الواضحةْ!

وفي طُرقٍ خبَّأتْ نَسْلَها
شَمَمْتُ وجوداً لهُ رائحةْ
وأرجيلةً أَنزلتْ في جُذوعِ المكانِ غوايتها
ثمّ كانَ لها سُلَّمُ الفاتحة!

كان جيلٌ يُشاكسُ لونَ الغيابِ
قريباً مِنَ الزنزلختِ
ويدفعُ بالماءِ في المدنِ المالحة!
فقلتُ أدورُ إلى خلْوةٍ فاضحةْ!  
هنا كانَ أسلافُنا يعقدونَ المنايا
ويتَّكئونَ على جُزُرٍ في سرابِ الجيوشِ
فينتشرونَ صعاليكَ
لا خَبَلٌ في الحديثِ
ولا مُرْجِئةْ!
ولا ذقنَ للعابرينِ إلى حتفهمْ
أو وساوس جنيةٍ إمرأة!
ولا عزلَ للضيفِ
أو للضعيفِ الصبيِّ
العجوزِ الدفينِ من الخوفِ
لا عَزْلَ للراقدينَ
على صيغةِ الأمرِ
والفِعْلِ
والخارجينَ إلى الصيْدِ
والقابضينَ على شجرٍ ناعمٍ
في الحصادْ
هنا
كان تفاحُنا
مثلَ قوسٍ تكاملَ
ثمَّ استوى بين ظفرينِ
كان القرنفلُ وحيَ النَّباتِ
حفيدَ يدٍ
من جنون الهوى
صالحةْ!! 

__________
*أماكن في مدينة إربد


7- مبرّأةٌ بلدتي منْ عواء الذئابِ




مبرّأةٌ بلدتي منْ عواء الذئابِ
براءةَ هذا القميصِ المُعادِ
لعينِ ابن شيبانَ
منذُ حلولِ الترابِ على جثةِ البحرِ
حتى نعاس يدي في القمرْ

مُبرّأةٌ من بذورِ العدسْ
ومِنْ كلِّ حيٍّ خَنَسْ!

ومِنْ سلَّةِ الكائناتِ الضَّعيفةِ
تَقْوى على خَبطِ خيطِ العناكبِ
منْ سبحةِ الخطِّ في كلِّ نَحْتٍ
يضيعُ لأنثى
رآها على الطينِ شَقْشَقَةً
ولدٌ في الجنوبِ
وَسَلَّمَها للحروبِ بآخرٍ وقتٍ دَرَسْ!!

وراحَ كمثلِ القُرى يستطيبُ التَّخَيُّلَ:
هذا مُغنّي
غريبٌ
وهذا نخيلُ الولادةِ
سَرْدُ التعاليم ليلاً بوادي الحَرَسْ!!
وهذا تَعَلَّمَ سِفْرَ الوصايةِ
ضربَ الحديدِ بِمِعْوَلِ نارٍ هُلاميّةِ الشكلِ
مارسَ بَسْطَ الجموحِ، دنا وتدلّى
وفرّتْ يمامتهُ والفَرَسْ!

مُبرّأةٌ بلدتي
يا نَفَسْ!!


8- ويشبههُ الأزرقُ الأبديُّ




ويشبههُ الأزرقُ الأبديُّ
السماويُّ والنيلُ
قلبُ الفراتِ
وجُبّةُ عِرفانِ أمّي
وليلٌ مقيمٌ على شارعٍ في دمشقَ
يكافحُ في الطِّينِ
من أجلِ أنْ تتمشَّى معي
وتشبههُ سيرةُ الأَصْمعي
وشِعْرٌ على بابِ هذي المعرَّةِ
سجنُ الوليدِ الأخيرُ
الأخيرُ الذي قضَّ روحَ الخَوارِ
وعاد إلى نفسهِ خافتاً لانتدابِ الرِّمايةِ
واللونُ أحمرُ في طَرَفِ البيتِ
حيثُ الخليجُ قناعٌ
وبلورةٌ في قميص النجومِ
تهزُّ على الريحِ إيقاعَها
لِيَمُرَّ الفتى بردى!
ويشبههُ ما أرى!!

دانوبُ"1"  كان يرى حيرتي
في المساءِ
فيلهمَني حُجَّتي
لأعودَ إلى سَكَنٍ غارقٍ بالحكايا
أمامَ " الترامِ" الذي يربطُ الأرضَ بالحالمينَ
ويربطُ أشجارَهُ بالثَّمَرْ

ويشبههُ الأزرقُ المُبْتَكَرْ
لتعزِفَ زينبُ لحنَ الأغاني
وإذ يمرحُ الطِّينُ في غفلةٍ لا تراها
تعودُ لتعرفَ أنَّ ضجيجي مطرْ
ودانوبُ كان يُفاضِلُ بين ابن شيبانَ والريحِ
يُرْجِئُ فَصْلَ الخطابِ إلى شمسِ يثربَ
كانَ يُفاضِلُ بين طَنيني وإيقاعِ زينبَ
كانَ سَيُنْبِىءُ
-          لولا ضُلوعي التي كُسِّرتْ في المنافي
 ويُنْبِىءُ _
عن صُورتي في بلادٍ ينامُ بها أهلُها حالمينَ
وعن صُورةٍ لِتَأَبَطَ شرَّاً
وأُخرى لِهِرَّةِ أعشى
ولكنَّ طَمْيَ النُّحاسِ طَغى
في صَريرِ المفاتيحِ
طَمَّ على كلِّ شيءٍ هنا!!


________
*نهر يمرّ في جمهورية صربيا


9- وَصَلْتُ أخيراً





وَصَلْتُ أخيراً
رأيتُ جماهيرَ تنزَحُ عن حيواتِ الكتابةِ
قلتُ أُعرِّي كلامي
أنا غاضبٌ للحصى
وأُوْلَدُ في كلِّ عامٍ لأنْسَخَ روحي

أنا غاضبٌ مثل ريحي
وأُصعقُ بالكهرباءِ التي تَتَفَتَّقُ
عن جسدي وضريحي
أنا غاضبٌ للحصى
مُشْفِقٌ رحمةً
للخليطِ الذي مرَّ ما بين أيقونتينِ
من الملحِ
والسُّكَّرِ العَذْبِ
عفوَ الخواطرْ

وأجمعُ في حضرةِ الموتِ شيئاً من الماءِ
قُرميَّةً لاختصار المسافةِ ما بيننا
وأدُلُّ على أضلعي
أينما كان لي حصَّةٌ للذهابِ إلى البحرِ
أو للملاهي
لأنقشَ أرجيلةً صالحةْ
هلاميَّةٌ هذهِ الفُرْصَةُ السَّانحةْ!

أُعيدُ تراكيبَ ما شَتَّتَ البحرُ والميجنا
واعتزالَ الصَّباحِ لسرِّ الضُّحى
أُعيدُ لكم ما انمحى
من بياضي
ومنْ حيرتي في اللجوءِ إلى كُتلةٍ في البناءِ الغريب
أُعيدُ لِنَهْنَهَةِ الناي هذا القَصَبْ
أُعيدُ لكلِّ حياةٍ سَبَبْ!!
ثمّ أغزو المدينةَ شبراً فشبرا

هلاميّةٌ هذهِ الفُرْصَةُ السَّانحةْ!

عرفتُ شواطئَ نفسي أخيراً
وَبَيْتَ جدودي
وقدَّمتُ للماءِ سكَّانَهُ من مضاربِ قلبي
فقدتُ جيوشاً من النُّورِ
كي تتحرَّرَ رؤيا النهارِ بعينِ اللّهَبْ
لهذا على البَرِّ أنْ يستعدَّ لِغَزْلِ الثيابِ القديمةِ
والناي أنْ ينتمي للحطبْ!
فلا حُزْنَ ينمو هنا
ثَمَّ أرضٌ لها شمسُها
ثَمّ رَحْمٌ وَلُودٌ
وميقاتُ شَعْبْ!!


10- وتسألني عن غدي



وتسألُني عن غدي
لعبةٌ لا أنيسَ لها غيرها
فأَطردُ وهْمَ النجومِ عن الظلِّ
أسلخُ قوسَ النهايةِ
عن سردِهِ في العراءْ
لكلٍّ هنا
قَدَرٌ
نازلٌ في عطايا النساءْ!
ذهولٌ
وماءْ
ومأوى لسُكّانِ هذي البلادِ التي
لا تُجيدُ الرّثاءْ!
على بَسْطَةِ الحزنِ
تُسْتَرْجَعُ الذكرياتُ إلى أوَّلِ الريحِ
ثُمَّ تُأصِّلُ لي سيرتي في الحَناجرْ
وتنحازُ لي
كَبُلْبُلِ هذا المَجازِ بلادي
فأَحْتاجُها لرفيقي
وأَحْلجُ غيماً لثوبِ طريقي
وأُسعفُها بالغناء!

بلادي
طريقي
إلى
الماءِ

كان الصعاليكُ يَرثونَ أقوامَهم
ثُمَّ ينسحبونَ إلى لغةِ الروحِ
حتّى يُرى في الكلامِ عجينُ الغبارِ
وينسحبونَ إلى شَهوةٍ في الثرى
فماذا تقولُ سماءُ الصعاليكِ في القهقرى؟
حصادٌ مريرٌ
هيَ الأرضُ في آخرِ الوقتِ
طفلٌ بديعُ التأمُّلِ يُلقي بأحلامِهِ
تحتَ نَقْرِ السُّيوفِ على وَهْرَةِ البوصلةْ
سماءُ الصعاليكِ بنتُ الجمالِ
وبوحُ السُّعاةْ!
إلى قَدَرٍ في الكتابةِ يُنشى
لممشى نهارٍ أخيرٍ
وجوباً لنثرِ الكلامِ المُطرَّزِ بالسنديانِ
على رملِ ساحلْ
وجوباً لشاعرْ
أتى منْ بيوتِ الشَّعَرْ
فهلْ من صفاتٍ يُعزِّزُها ساحليُّ الهوى
في مدارِ البهاءِ
ويمشي إلى مُدنٍ في الجوارِ
ولو بلَّلَ الأرضَ ريقُ القُرى؟!

وتنحازُ لي
كَبُلْبُلِ هذا المجازِ بلادي
فأنجو منَ الطَّحنِ تحت حصيرِ الجهاتِ
وأعلمُ
أنْ
أُمَّتي
في خَطَرْ!!
لأرتدَّ منْ فُستقِ الحالِ نحو البيوتِ
وشأنُ القيامةِ إيقاعُها مُنْتَظَرْ!



11- مَجازٌ هو العمرُ في العالمينَ



مَجازٌ هو العُمْرُ في العالمينَ
ولا فرقَ بينَ الحياةِ كفيفاً
وبينَ العَدَمْ
وهذا دمي واقعٌ خلفَ نصْرِ الجيوشِ السعيدِ
بوجهِ النوايا
ومِرْجلِ هَمْ

جِسْمي يَرقُّ قليلاً
لفرطِ الحنينِ إلى الماءِ
من بين فَرْثٍ وَدَمْ
أنا سُمنةٌ للحياةِ
وفي كلِّ طيرٍ جناحٌ يُرَفْرِفُ خلفَ انحسارِ الألمْ
وفي كلِّ غيمٍ هُطولٌ مَريرٌ
ونبضٌ ضَريرٌ، ويَمْ!!

مَجازٌ هو العُمْرُ في الرَّاحلينَ وَسُقْيا
وقفزٌ على كلِّ ريحٍ
ولم تتعظْ صورةُ النَّارِ في الذاكرة!

وأَخَّرْتُ عن سِكَّتي بعضَ هذي العباءاتِ
حتّى يَفِيءَ على كلِّ بحرٍ سعيدٍ
ربيعُ يدِ الكائناتِ
لزينبَ في لُجَّةِ الحلمِ
فَضْلُ أبي حين وَسَّدني رقّةَ البحثِ
عن باطنِ الشيءِ
فَصْلُ الفدائي، ووخزةُ إبرةِ هاجرَ
وهيَ تُداوي جراحاً لِسُكَّانِ هذا المخيم
وحنطورُ جاري
وأخَّرْتُها كلّها
كلُّها في يدي
ربيعٌ جديدٌ تساهلَ فيهِ المُريدونَ
خوفاً على شارعٍ طافحٍ بالنواحْ
وخوفُ المُريدِ مُباحْ
وزينبُ ليستْ كما يُنتدى في الخيالِ جناحاً
لأسطورةٍ الماءِ في الخابيةْ
وليستْ تَقَرُّ على ثوبها في رهان الغدِ

ولي دورةٌ ثانيةْ!
لأكنُسَ ما لا يروقُ لزينبَ
أمشي، وأتعبْ
وأفرشُ لي غيمةً من صهيلِ الوجودِ
وفوضى الحياةْ
وَصَلْتَ إلى النصِّ: قالَ
فقلتُ: تماماً كما يرغبُ الحالمونَ، وأرغبْ
وَصَلْتَ إلى البرِّ: قالَ، فقلتُ: لأُكْثِرَ
منْ جرأتي، في قراءة تأويلِ هذا الزِّنادِ!
وأَكْثَرْ!!

12- لهذي الجموع




لهذي الجُمُوعْ
أُسايِسُ سَطْرَاً  وَلُودَاً
تأبَّتْ عليهِ الكنايةُ يوماً
وأَمْنَحُهُ ثورةً في الضلوعْ

أَسْتَرِدُّ من القافيةْ
كتابةَ ما ضَيَّعَ البحرُ منْ لؤلؤٍ
أو محاراتِ جُرْمٍ قنوعْ


لِمِيزانها كفَّتانِ
ونبضٌ سريعْ
لِمِيزانها إذْ يَخفُّ الجميعْ
تَوازُنُ قِرْطَيْنِ في لُجَّةٍ غافيةْ!

_ لماذا أنِسـْتَ بِغَلَّتِها
وانسحبتَ إلى يدِها
كي تُوازنَ بينَ الخريفِ وسحنتِها الصافيةْ
وأنتَ على رَبْوَةٍ ضافيةْ؟!
_ لأَشْهَدَ ميقاتها

_ لماذا أذِنتَ لها أنْ تَقرَّ على هيئةِ الماءِ؟!
لا شَكَلَ للماء:ِ قالتْ:
سَأدْرجُ في هبَّةِ الرُّوحِ
ما للقصائدِ منْ طينةٍ تستريحُ
على شارعٍ طافحٍ بالنُّواحِ
ولي صورةُ الذَّرِّ في لغةٍ نافيةْ!
_ لأَشهدَ مريمَ
تأوي إلى زينبِ المرأةِ المُجْهدَةْ
تؤوبُ إلى رحْمِها
والنِّساءُ كذلكَ في صُورةِ المرْحَمةْ
ولي مثل ما للرَّصاصِ من الأفئدةْ!
أَصولُ على كلِّ حيٍّ
لأَدْفعَها باتِّجاهي
وأترَكَ غزلانها
ثمَّ أمحو عن البابِ ظلَّ الملاهي
_ لماذا إذنْ تستريحُ المقاهي؟
وما زالتْ الريحُ في حاجةٍ للضعيفِ
 إذا ما تقلَّدَ صُورتَهُ المُفْرَدةْ

كأنّي أحاولُ جرَّ القصيدةِ نحو البهاءِ الأخيرِ
لكي أعلِنَ الفوزَ في لعبتي
والمجازَ على زينب المُجْهَدةْ!!

وأُوْصي بَنيَّ اليتامى
إذا أُشْكِلَ الغَيْبُ، أنْ يحضروا
قُرّةً للحبيبِ
جنازةَ هذا الحبيبْ
وأنْ يستظلّوا بداليةٍ في أعالي الكرومْ
وأنْ يُرشِدوا هِرَّةَ الخوفِ للنُّورِ
حيث الجبالُ التي نَسَفوها
وما عَقلوها
وحيثُ جدودي القُدامى
رأوا في الكتابةِ شيئاً مقيماً
وحيثُ أنا أستعدُّ لِغَزْلِ ثيابي
على ضفتينِ
رياحين معنًى
وسرٍّ كتوم! 



13- بلادي توازى على كُمِّها في الجبالِ حفيدانِ



بلادي توازى
على كُمِّها في الجبالِ حفيدانِ
لا ينفيانِ
صُعودي إلى رَبوةٍ قاسيةْ
ولا يَعْلَمانِ بأنّي أتيتُ من الجاريةْ
لأسكنَ أرضي، ولا يَعْدِلانِ
ولا يمشيانِ إلى سيرةٍ في الرؤى صافيةْ
لأنِّي كتمتُ النهايةِ في نَحْرِها
واسْتَبَحْتُ السُّؤالَ عن العافيةْ!
_ لِأَيِّ قلاعٍ هنا
في الكلامِ تُغامرُ بالممكناتِ
وخلفَكَ سورٌ من الأممِ الجاثيةْ
_ على رُكْبَتَيْنِ لِسُوقِ النّخاسةِ
والجَمْعِ بين الوظيفةِ والبحرِ
والإنتظار الرَّتيبْ

_ لِأَيِّ سؤالٍ تُعيدُ الإجابةَ عنّي
وتُغلِقُ عينَ اليمامةِ
سَعْيَاً إلى لعبةٍ في الفضاءِ الغريبْ
_ لأَدخلَ إيقاعَ صوتِكَ
هذا زمانٌ مُعنّى، وهذا بلاءٌ
ورغوةُ  سَيْلٍ من الأرضِ في محنةِ الضِّحكِ
أو في جُنونِ البقرْ

_ لِأَيِّ يَدٍ تُجْتَبى نِعْمَةُ الحَقِّ
يا سَردَنا المُجْتبى بالخطرْ
لِأَيِّ نُذُرْ
تُريقُ البساتينُ أغلالَها اللاهيةْ
وأنتَ على بُعدِ ميلينِ
منْ قَلَقٍ في الهوى مُدَّخَرْ!!
ولا بأسَ لو عدَّلَ الكونُ
أجرامَهُ السَّاهيةْ
هناكَ سنُبطِنُ ريحاً لقاحاً
ونُرزَقُ بالضِّفَّةِ الثَّانيةْ
ونقطعُ أشواطَنا كلَّها
كلَّها يا حفيدي
لنفتحَ باباً إلى حُجَّةٍ في اليقينِ
يقينِ السماءِ الذي وَهَبَ الطِّفلَ
في حلْمهِ
شربةً شافيةْ

بلادي نَضَارةُ هذي السَّماءِ
وإنسانيةُ الطَّبْعِ في كلِّ حينٍ
بلادي جَسارةُ هذا العجوزِ الذي خَفَّ عنْ رؤيةِ
الأرضِ فجراً
وهاجرَ قسراً
ولم ينسَ جلبابَهُ في تمارينَ خاضعةٍ للحياةِ
كما أنَّهُ في أعالي الجهاتِ
يُحاورُ أحفادَهُ: يا بَنيَّ هنا في ضُلوعي
مرايا المكانِ
وصُورةُ بيتي العتيقِ
وفي  جُعْبَتي لِلمَمَرِّ اللصيقِ ببيتي صُورْ
يا بَنيَّ اعْدِلوا
واتَّقوا فِتْنِةً نائمةْ!



14- يمرُّ المسيحُ على رجلٍ عارضٍ في البوادي




يمرُّ المسيحُ على رَجُلٍ عارضٍ في البوادي
يقولُ إذا أحجمَ الطِّبُّ عن إِبْرَةٍ
في الهُدوءِ الأخيرِ
لِتَمْشِ النصوصُ إلى خِدْرِ ريحٍ 
تُعلِّقُ غُصْنَ الهبوبِ على ولدٍ
في الكتابةِ صابئْ
لتمشِ الهوينى
لشاعرَ مثلي 
يُريدُ اختيارَ الصَّدى مِنْ منازلِ قارئْ

كما سوفَ يغدو الحديثُ عَنِ الوزنِ
في شهر آذار
هلْ شهرُ آذار بعد غَسيلِ الشوارعِ
يرفو ثُقوبَ الخريفِ
ويَسْدلُ ثوبَ الحنينِ المفاجئْ؟!
ويمشي لحِجْرِ الكوابيسِ
يَحْجُرُ عينَ الخطيئةِ
عينَ المرايا التي يُبطِنُ الجِنُّ فيها
غوايةَ طينٍ
ويعبرُ بي خَبْطَ ريحٍ
إلى جَوْقةٍ في مهابةِ شاطئْ

ويجدُرُ بي أنْ أعالجَ
في كلِّ نصٍّ قديمٍ ضلالةَ أعمى
لتهدأَ روحُ الطريقِ انفتاحا
على كلِّ شيءٍ
هنا في القياسِ مُعمّى
وطارئْ!!

15- أريد من الناس صبراً جميلا



أُريدُ من النَّاسِ صبراً جميلاً
لِأُبْرِئَ هذا الغزالْ

على أيِّ حالٍ تعلَّمتُ فَنَّ الخفاءِ
وتهريبَ نفْسي
من الركضِ خلفَ اعتقالِ الخيالْ
وجئتُ إلى جارتي بالحلالْ
لِأُبْرِئَ هذا الغزالْ

على أيِّ حالٍ تكلَّمتُ مع طائرٍ مُفردٍ
بينَ زوجينِ ضَنَّا عليهِ بريشِ القصيدةِ
ثمّ استعادا لهُ سعفةً من نخيلٍ
رهاناً على فَخِّ أنفاسهِ
شَفةً من حقولٍ بدائيةِ القمحِ
طفلاً يؤثثُ في غرفة النومِ
أحلام هذا الزَّغبْ 
فقلتُ له: لا تشي بالجسدْ
فمدَّ جناحيهِ
ثمّ اقتربْ

_ أنا صُورةُ الإذنِ
فيَّ الوجودُ الحكيمُ
وفيَّ تناسلُ هذي الصُّورْ
ولكنْ أُريدُ مِنَ النَّاس صبراً جميلاً
لتخلُدَ مريمُ في بيتها
مثل باقي النِّساء

أريدُ مِنَ النَّاس صبراً جميلاً
لأنَّ التماسَ النَّدى
حاجةُ الصَّخْرِ للإنفجار العظيم
ووسواسُ هذا الحَجَرْ
وأمشي
لِأُبْرِئَ أهلي
وأدفعَ عن صاحبي بعضَ ما يُهلِكُ الحَرْثَ
أفتحُ للغيمِ أبوابَهُ، وأغنّي:
قليلٌ هو العُمْرُ بعد انقطاعِ الحصى
عن رصيفِ الحياةْ
رهينُ يدي المُلْكُ
بَعْثُ الرُّواةِ من الخطأِ المُستقيمْ
رحيمٌ هو القَوْسُ بعد الضَّلالِ العَقيمْ
مُنادى هو الأبديُّ الرَّهينُ
على ما يَرى من سديمِ الجنازةِ
في كلِّ يومٍ تمرُّ على حالِها
في خُطوطِ الكَرى!
سديمٌ إذنْ ما أَرى

وأَمشي
لِأُبْرِىءَ أهلي بنفْسي
وأَعقِلَ شيئاً قديماً
لِيصْلِبَني التائهونَ
خلافَ مقاصِدِهم غَيرةً
أو جنوناً على أيِّ حالْ

أُريدُ مِنَ النَّاس حُزناً عميقاً
يليقُ بهذي الرِّجال!!
ليستفتحَ النَّاسُ بعدي بأشياءَ مختومةٍ مغلقةْ
بأمراضَ تأتي مِنَ البَطْنِ
يعجزُ هذا النَّسيجُ على حذْفها
بريحٍ تفيضُ جنوباً
وتُضْمِرُ عَقرَ الشّمالِ بألفِ رَسَنْ
بنارٍ ستأتي وَلُودَاً
لِتَحْرقَ رَهْطاً من الجبليِّ الصَّريعْ
بِكُمّي الذي وَسْوَسَ الحُسْنُ
فيهِ بِشَيءٍ حَسَنْ!

كأنّي أُعيدُ عبارتها
وهيَ تأخذُ مني مناديلَ زُرقتِها
وتُفْصِحُ عنْ سُورةٍ في الأعالي
لتَسْقُطَ بين الهُويةِ والنارِ
بين الغُبارِ وصورتهِ في المرايا
ولكنّهُ الأمْنُ
إذ يُرضِعُ النصُّ قلبي
ويفتحُ لي ما أشاءُ
مِنَ اللغةِ البِكْرِ في صوتهِ النبويِّ العَجولِ
أنا سرمديُّ الجسدْ
وأُصْبحُ في غُرّةِ الأمرِ غيماً يُنقّطُ
في حلقِها
ما تشاءُ طمأنينةً مِنْ مدد!


16- كأيِّ نَسَقْ




كأيِّ نَسَقْ
أرى حَوْصَلاتِ القلوبِ التي تختفي
خلفَ دمعٍ حَرونٍ
تُضيءُ جوانبَ هذي الجبالِ
تُقَدِّسُ رسمَكَ
يأوي إلى كهفها الجائعونَ الحيارى
تُريهمْ نزوعَ المدى
باتجاهِ التلاشي
وتُسلِمُ آيتَها بنتُ هذا الغزالِ
إلى صُحفٍ للقُرى هابطةْ

تلاشى الطَّنينُ هبوباً
إلى مَنْ يُصدِّقُ
صَدَّقَ قلبي
وميزانُ قِرطٍ مُدلَّى على خدِّها
وَصَدََّقَ رُمّانُ هذي الكتابةِ
كانت تُضيءُ المتاحفَ
والخيِّرينَ
ونُسَّاكَ لحمٍ
وبيتاً تراجَعَ عنِ شَهوةِ العَطْفِ
حتّى أضاءَ منَ الخَبَرِ المُستقيمِ منازلَ
بيتِ لحمِ المدينةْ!
بجانبِ طُور الهُدى والهدايةِ
خلفَ اتّشاحِ المياهِ بضِّفَّةِ رُوحينِ
حطّا على الأرضِ شرقاً وغربا

وكانتْ تميلُ إلى النذرِ
تضعفُ حيناً
وحيناً تُقرِّبُ أوجاعَها مِنْ صلاةٍ أخيرة!
وحيناً تمرُّ على شاطئ الأمرِ
مَشغولةً بالسَّكينةْ
لترفعَ وجْهَاً إلى فضَّةِ النَّجمِ
هذا اليتيمُ الذي لا  أَبَ لَهْ
وكانتْ تميلُ إلى النَّذْرِ
تضعَفُ حيناً
وحيناً تُقرِّبُ أوجاعَها مِنْ شتاءٍ عَتيقٍ
تُؤخِّرُ فيهِ المُنادى
لتنجوَ منْ غضبٍ قادمٍ في الغيابِ
وفي عِرْقِها نبعُ ماءٍ لهذي الحياةْ

وكانتْ تُصلّي لِتَحْفَظَ لي مَوْطناً طاهراً
ثمّ تَخرُجُ في وهْرَةِ الليلِ
تُشْمِسُ أرضَ النبوءَةِ
تدنو قريباً من النّاسِ
تَصْهَرُ رؤيا المواقيتِ للنايِ
كيْ لا تَفِرَّ القلوبُ إلى مَوطئٍ في العَدَمْ
وكانت تميلُ إلى النّذرِ
حتى إذا انتبذتْ من خيام القبيلةِ
نَخْلَ النجاةِ
توارتْ
فأعقبَها بالكلامِ: وهُزّي
فهزَّتْ
وأَحْدَثَ إيقاعُها ثورةً في تجلّي الجنينِ
على صُورةِ الماءِ أَحْدَثَ في لُغةِ الكَيْفِ
أَمْرَ الإلهِ
- أنا صُورةٌ مِنْ تجلّي القَلمْ
وَقَعْتُ على الأمرِ أمشي
وخالَفني كلُّ مَنْ هَدَّهُ العَقْلُ
ثمّ انهدمْ!



17- لماذا تُحاصرُ نفْسَكَ


_ لماذا تُحاصِرُ نفْسَكَ
بين الرِّثاءِ القديمِ
وبين الصُّعودِ إلى رَبوةٍ في الأعالي
خليطاً
لأشياءَ تُحْصَرُ في آنيةْ!!
وأنتَ على بُعدِ قلبينِ مِنْ وَجَعٍ في الخيامِ
تَرُشُّ على الأرضِ ليلكةً فاهيةْ؟
_ أُريدُ توازنَ قِرْطينِ حَطَّا
على خدِّ هذي البداياتِ
ثمّ استطابا وقوعَ الحَوادثِ
لم يكْشِفا عنْ صُعودِ النباتِ إلى فِطنةٍ
في الحياةِ
بماءِ الهوينى
ولم يُصْلِحا للجهاتِ البديلةِ صَدراً
تعدَّى بمقياسهِ
جُمْلةً نافيةْ!!

 _ لماذا تُوَسِّعُ بيكارَ هذي النهاياتِ
والأمرُ في جُمْلةٍ عارية؟
_ لِأُنْجزَ نصَّاً شَبيهاً بقلبي

_ لماذا تَخُطُّ على سِكَّةٍ في الضُّحى داليةْ؟
_ لِأَمنحَ أسرارَ نفسي لِأُمْنيةٍ في المَجازْ

_ لماذا تعودَ مِنَ الحِكْمَةِ المُصْطفاةِ؟
_ لِأَمْسَحَ ما بَدَّلَ النَّاسُ
وَهُمْ ينتمونَ إلى صُورةٍ واهيةْ!!

كذلك هُمْ
يلفظونَ الحروفَ على ذاتِ حَمْلٍ
ولا يُرجئونَ الخطابَ
ويستجلبونَ ضُيوفاً على بِضْعَةٍ منْ سَفَرْجَلَ
أو يحرُثونَ مِنَ الأرضِ شِبْرَاً
لبضعِ تماثيلَ في أوَّلِ الليلِ
شِبْرَاً لروحِ النهوضِ من المأزقِ
الأبديِّ الذي لا رهانَ عليهِ سِوى
أنْ يعيثوا هنا
وهناكَ بخلخالِها

كذلك هُمْ أَوْصِياءُ الهَلاكِ
ونُحَّاتُ قبرِ الحياةِ
وممشى العراءِ على نبضِ أوحالِها


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x