وأُسْقِطُ واو الجماعةِ من سيرة المرحلة



1-  وفي الأمر شيءٌ مُعمّى



وفي الأمرِ شيءٌ مُعمّى
على فِعْلِهِ في الإزاحةِ    
نَقْرُ الخطى في شواطئَ رمليَّةٍ
لا تُخاطُ عليها رسومُ الأمانِ
وأسماكُها

هنالك والمدبراتُ على الفِعْلِ
ريحٌ هلاميّةٌ 
وَخَرْقُ الأساطيرِ
سَردُ المواقيتِ للنَّاسِ
إذ يَجبرونَ حديثَ الألى
والموازينُ أفلاكُها.
وفي الأمر شيءٌ مُسمّى
فَعُدْ للبهاء المُسمّى صُعوداً
وَحَبِّرْ لغاتِ الصَّدى بالرُّجوع
لِتُبْنى على الفِعْلِ أملاكُها

كذلك
والجنُّ بَعْدُ يُحاولُ أنْ يستردَّ العوافي
من الحصَّةِ اللاهيةْ
لأنَّ المنازلَ مسكونةٌ بالحَسيسِ
وفي عُرْفها زينةُ المُرشِدينَ 
إلى ما ترتَّبَ عنْ فزعةِ الخوفِ
في لمحةٍ قاصرةْ
حيثُ تمشي البناتُ إلى غَزْلِ
أثوابِهنَّ المُميلاتِ والكاسياتِ بروجَ الوَرَقْ!
كأيِّ نَسَقْ
يُعدِّلنَ ياقةَ هذي الرِّياحِ
وياقةَ أفراحِهنَّ
وَيَسْأَمْنَ حين يَجِئْنَ فُرادى
إلى مُغرياتِ الحياةِ
مرايا تُؤَجِّلُ أحَزانهنَّ
وهُنَّ يُدَرْبِكْنَ: هذا أوانُ التَّسَلُّقِ
هذا أوانُ الغَرَقْ!!

كذلك
والجِنُّ يَعْدِلُ عن صفحةِ الأرضِ
لمّا يَكرُّ ابنُ شيبانَ كَرَّ الخيولِ
ويأوي إلى سُورةٍ في كتابِ الفَلَقْ

نسيتَ مظاهرَ هذا التَّجلّي
وأنتَ تقودُ أمامكَ سِربَ حَمامٍ قتيلٍ
وتأنسُ باللهوِ والعبثِ الفوضويِّ النزيلِ
بأرضٍ جنوبيةٍ في البلادِ
وأنتَ تشاهدُ زينبَ تخفرُ لي
وردتينِ
على باب زاغربْ؟"1"
لماذا فَزَعْتَ مِنَ الصَّبْرِ ليلاً
على نزعتينِ: احتفالِكَ بالنردِ في ملعب الجامعةْ
وانتصارِكَ للحبِّ في آخرِ الليلِ؟
لماذا قَفَزْتَ عن السَّردِ
في تَبِعاتِ النَّهارِ الأخيرِ
وكان يميلُ إلى سحنةِ الغيمِ نَهْرٌ
يُسميهِ أهلُ الغزالةِ " سافا "؟"2"
لماذا بَسَطَتَ جناحيكَ في آخرِ الأمرِ
حتّى إذا جاوَرَتْكَ الصَّبايا
فَزَعْتَ إلى الشَّرقِ
زينبُ بنتُ الشروقِ
وريشُ المرايا
وفي الشَّرقِ زينبُ تلبسُ جرحَ المنافي

____________
1-عاصمة جمهورية كرواتيا 2-نهر يمر في مدينة زاغرب


2- اعتكافي رهينُ يديها



اعتكافي رهينُ يديها
إلى أنْ يجيءَ ابنُ شيبانَ قبلَ الدُّخانْ!
رهانُ الحقيقةِ هذا الرِّهان
رهانُ الصُّعودِ إلى قِمَّةٍ في حصارِ المنازلِ
والناي
والإنسِ
والجانْ
رهانُ أبي أنْ أُداري خُروقَ الزَّمانْ
رهانُ النِّساءِ على سِكَّةِ الأُرجوانْ
رهانُ استواءِ المدى مُقلتانْ
رهانُ الهُبوطِ إلى جَنتينِ
إذا الموتُ دانْ!
وليس لقلبِ الغلابا
إذا ما تجلّى دَمٌ في بساتينِ روحِ الحقيقةِ
أنْ لا يجيءَ الحوارُ شَفيفا
_ تركتَ البلادَ على رُكْبَةِ البحرِ
كيف استطعتَ الوصولَ إلى رَحْمِها؟!
_ كَمَشْتُ ظِلالَ يديها
وَشَحَّمْتُها بالكتابةِ حتى اسْتَوى
لَيِّناً عُودُها

_ وكيف نَقَشْتَ على سُوقِها صُورتينِ
من المِسْكِ والماءِ
كيف اتَّخذتَ الغيومَ رسولا؟
_ حفرتُ عميقاً بتربتها مرَّتينِ
لأَنسخَ ما جاءَ في سِفْرها من عتيق المرايا
وَأَفْلَتُّ ريحَ الغلابا على سُوقها مرَّتينِ
فزادتْ وضوحا

_ وكيف نَشَلْتَ الحصى من دِهان الممرِّ اللصيقِ ببيتي
وَخُضْتَ الحروبَ
ولم يكُ يأسٌ هنا
واسْتعدتَ لقلبِ الغلابا مناديلَ مريمَ
ثمّ اتَّخَذتَ الجَلالَ مسيحا؟
_ تفقدتُ ظنّي
وأفنيتُهُ في مَهَبِّ الغبارِ
وعدتُ إلى سُورِ محرابها بالدُّعاءِ
الدُّعاءِ الذي مرَّ بين يديَّ
فألهمتُهُ: لا تكنْ بعدَ هذا الكلامِ
على سَروةِ الصَّمتِ
مثلي طريحا

_ وكيف نشأتَ على غير ما يَنبَني طائرٌ في الرمادِ
وكيف حَجَزْتَ إلى النَّمْلِ
درباً مهيلا؟
_ تطيَّرتُ مِنْ واقعي
والتمستُ خيالي
لأعرجَ
_ هل أنتَ تعرجُ؟
_ بيني وبين الغَلابا حوارٌ شفيفٌ
ورؤيا أشفُّ
وقَصْدُ السبيلِ
وإذكاءُ بحرٍ لَهُ في المرايا تموُّجُ سَطرينِ
ذروةُ هذا النشيدِ المُلِمِّ بِفِعْلي
ورملٌ سريعُ الليونةِ
خصرٌ لأنثى على بابها حارسانِ
أنا والبهاءُ الأخفُّ

لأعرجَ
لا بدَّ مِنْ قُبَّراتٍ على سفحِ بابلَ حتّى
أوازنَ بين اتجاهاتِ روحي ونفْسي!
كذلك ليسَ لقلبِ الغَلابا سَبيلٌ سِوى
أنْ تَمُرَّ الأساطيلُ منْ قاع كأسي!

3- ألمْ يأنِ للماءِ أنْ يتخيّر غيمي



أَلَمْ يَأْنِ للماءِ أنْ يَتخيَّرَ غيمي
ويفرشَ بئري بموقفهِ منْ دِلاء الأخوةِ في الركضِ
خلفَ انسحابِ المدى عن جبينِ السَّماءِ
أَلَمْ يَأْنِ أنْ يستطيرَ إلى واحتينِ
من الشُّكْرِ والسُّكْرِ
قبضَ يَدٍ لم ترَ البحرَ يَزْرَقُّ
والشَّعرَ يُنسبُ للأدعياءِ

لَهُ أنْ تنامَ الفراشاتُ ذات رعاشٍ
على بَسْطَةِ الضُّوءِ
والضُّوءُ يَسْكُتُ
هل يَسْكُتُ الضُّوءُ؟
مُرّي إذنْ
واحجبي قَسْوتي
واتركي دَهْشَةَ الحرفِ للأصفياءِ
لِنَأْسُرَ أرضاً بكاملِ أثدائها
ثمّ نُغري أراجيحَها بالهواءِ

أَلَمْ يَأْنِ لي أنْ أُلاحقَ مُهْرَ الأصيلِ
ويعدو إلى أرضِ ببيسانَ تَشْبكُ لي حَرَماً آمناً
كي أعودَ إلى جُبَّةٍ في تَوافُقِ هذي السَّرايا

سَرِيَّةُ زينبَ أُمُّ الغوايةِ في بابِ لُد!
سَرِيَّةُ نهرٍ لهُ مقلتانِ وفوضى
سَرِيَّةُ سُوق النَّخاسةِ في شرقِ هذا المقامِ الغريبْ
سَرِيَّةُ يونسَ 
إذ أغْلَقَ الحوتُ نونَ الوقايةِ عن سِرْبِها
سَرِيَّةُ مريمَ إذ عُلِّقَتْ بالجنينْ
سَرِيَّةُ بغدادَ وهيَ تُحاكي عُدولي
عن القوسِ في شأنها
سَرِيَّةُ رَبْطِ الحزامِ على صُورةٍ
لا تُحاذي الحقيقةْ
سَرِيَّةُ روما
وهيَ تشيلُ غمامَتها عن بلادٍ بعيدةْ
سَرِيَّةُ فوضى الجريدة!
سَرِيَّةُ طَيْرِ أبابيلَ في قاع نَجْدْ!
سَرِيَّةُ مِصْرَ الكنانةِ تمشي
إلى (قُطُزٍ) إذ يُباركُ نِيلَ المسافاتِ ليلاً بِضمَّةِ وَرْدْ
سَرِيَّةُ دِيكِ الجنون وَوَرْدِ الذي في أعالي البلادِ
يمارسُ فِقهَ اللجوءِ إلى صُورةٍ بائسةْ!
سَرِيَّةُ بلقانَ وهي تعدُّ يديها
لتلقفَ حزني
وبلقانُ كوبٌ من الحزنِ في خيمةٍ ناعسةْ 
سَرِيَّةُ فَتْحِ الشّمالِ على سيرةٍ في الجنوبِ
لِتُنْعِشَ سِحْنَتها الدَّارِسةْ
سَرِيَّةُ هذا الربيعِ الذي لنْ تَضيعَ ودائعُهُ
في اختلاطِ الرؤى
سَرِيَّتُنا الجامِعة!


4- كَلَيْمُونةٍ في حدائقَ غُلبا



كَلَيْمُونةٍ في حدائقَ غُلبا
يَمُرُّ عليها المزارعُ وهوَ يُعدُّ الفطورَ لِعُمَّالِهِ
والحجارةَ مِنْ أجلِ تحفيزِ أفعى
ستسلُكُ هذي الطريقَ إلى كَهْفِها في الأعالي
لِمِيراثِ أحفادِهِ إذ يَمُرُّونَ في ساعةِ النومِ
حتّى إذا ما أتوا واديَ النَّمْلِ
قال لهم: لا تَرُشُّوا فَناءَ الجدارِ على الرَّسم
لا تَهْدِموا صُورة القمحِ في السُّنبلةْ
لأولادهِ بعد طيِّ المسافاتِ
والجري خلفَ القُصورِ
إذا ما تعرَّضَ في الليلِ للجارياتِ
على سُنَّةِ القُنبلةْ
أعيدوا إليهِ رسومي
لِيَنْفَكَّ عنْ سيرةٍ في خيالي

كَلَيْمُونةٍ في حدائقَ غُلبا
وَرُمَّانةٍ في الأزقةِ ترعى ذبولي
وتنشَطُ لمّا يراها الرَّدى مُتْعَبَةْ!
لجيرانهِ الأبرياءِ مِنَ اللغْطِ
والْقيلِ
والدَّربكةْ
تعالوا إلى مُهرةٍ
لا تبالي برمْلِ الجيوبِ المليئةِ بالقهرِ
حُثُّوا عليها رِحالي
إلى أنْ تحطَّ على جبهةِ الأتربةْ!

وابنُ شيبانَ ليسَ معي
وأنا أَنسخُ الماءَ عن سَلَّةِ العابرينَ
وأستلُّ من شجرِ الكُحْلِ لي
ما تلاطمَ
في
غابةِ النهاوندْ

كَلَيْمُونةٍ في حدائقَ غُلبا
وإمرأةٍ سَرَّها ما رأى ابنُ شيبانَ
في حدائقِ "سَمَرْقَندْ"!
رأى الوجهَ في حُلَّةٍ يرفَعُ الحالمينَ إلى صُحُفٍ
في سماءِ الجمالِ
ويُذكي على النَّهرِ بنيانها
رأى عالماً واقعاً في خيالِ التفاصيلِ
ينهضُ بالسنديانِ
إلى عالمٍ مُشْبَعٍ بالهواءِ اللطيفِ
على شاطئٍ طائرٍ في ضلوع " تيمورلنك "

وابنُ شيبانَ يجمعُ هذا المدى
لانحيازِ الطُّيورِ إلى رَفْرَفٍ من حَنينْ
لِنُسْقِطَ هذا البنفسجَ منْ أجلِ رؤيا
تحطُّ صباحاً على أرضِ زينبَ أُمِّ الغوايةِ
بحرِ الروايةِ
تُفَّاحَ آدمَ منذ التقى بالهبوطِ الأخيرِ
على أرضِ مَسرى الجمالِ فلسطينْ

تَغَمَّدتُ ضِلعي
وأنزلتُهُ في بلادِ المرايا
المرايا التي لا شظايا لها في افتئاتِ الخطى
وأنزلتُهُ في بناءٍ مِنَ المِسْكِ والياسمينْ
لِيَعْلَمَ أنّي وُلِدتُ على غيرِ عادةْ!
طريداً لِعُمْقِ صَدى ما تأمَّلَ
هذا الخلاصُ المُبينْ
وحيداً على رَفْرَفٍ مِنْ يقينْ
بأنَّ اصطفائي الذي جاءَ خَلْوَ الورى
في الجراحِ مقامٌ
لينجوَ آدمُ مِنْ ذَنْبِ هذا الخرابِ
ويعلوَ
حتّى اصطفاء "ابنَ شيبانَ"
منْ حزمةِ اللاجئين!

لأنَّ المسارَ تحوَّلَ عن لَكْنَةِ الفِعْلِ
في جسِّ نبضِ التكتُّلِ
في قُطْرِ دائرةٍ حوَّلتها الأمومةُ عن ثديها
طار فَرْخُ الرِّضى عن سُقوفِ الأباطيلِ
حتّى يظلَّ السُّؤالُ:
إلى أين هذي المساراتُ تأخذُ ابنَ شيبانَ
وهوَ النزيلُ بأرضِ التَّحَوُّلِ
منْ صبغةِ المشي والهَرْوَلة؟!

هنا في الجِوارِ حدائقُ
أو فرصةٌ للنفيرِ هنا مُقْبِلةْ!
لِشَمْعِ القيامةِ
رَهْطٌ مِنَ الكائناتِ، ولا بوصلةْ!
لهذا تبدَّدَ ضُوءُ النَّفَقْ
كأيِّ نَسَقْ!
ورافقَ أنفاسَ حُلْمٍ قصيرِ المداركِ
مدَّ إلى الطَّيفِ روحَ التماسِ الطريقِ
وعاد إلى النومِ
كَيْما يَضيعَ الذي أوَّلهْ! 
وابنُ شيبانَ ما أجملهْ!
تداركَ فِعْلَ القلوبِ
الذنوبِ
الحروبِ
وَأَسْقَطَ واوَ الجماعةِ من سيرةِ المرحلةْ!



5- لعلَّكَ تمضي



لعلَّكَ تمضي
إلى بقعةٍ في عَراءِ المسافةْ
تقولُ الحكايةُ
لكنَّها لم تعِ الأرضَ تَبْسطُ أَلْفَ جناحٍ
لِتُحْكِمَ أمرَ الوصولِ إلى ميزةٍ
في العرافةْ

هيَ الريحُ تَنْبتُ بين الضُّلوعِ
لِتَحْجبَ - فجراً-  يديكَ أمام الطقوسِ
فَهَيِّئْ لها مدخلاً كي تَمُرَّ
فكلُّ أيائِلكَ الآنَ عَطشى
وَهَيِّئْ لها مِنْ لَدُنْكَ العناصرَ محفوفةً بالخرافةْ
على إبطِ نايٍ
غريبُ الملامحِ يبدو عَيِّياً
وأكثرَ لُطفاً أمامَ زرافةْ!

كأنّك ما جئتَ
أو ما ركضتَ
ولا هُنَّ أَرْجَأْنَ حُلْمَ الفراشةْ
لتصبحَ أكثر وعياً
تطاردُ شَهْقَةَ هذي البداياتِ في سُوقِ إربدَ
سُوقِ الأثاثِ على حَدِّها باتجاه الجنوبِ
وسُوقِ الملابسِ
سُوقِ الصِّياغةِ
سُوقُ العطارةِ في شارع الهاشِميِّ
وسُوقِ الحِدادَةِ عند التِصاقِ المخيمِ
بالسنديانِ المُعتَّقِ عند بريدِ التلال القريبةْ

كأنّكَ ما خُضْتَ وادي الحمامِ
لِتَحْكُمَ طيراً قليلَ الرِّياشِ
وما كنتَ تَخْطُرُ سَعياً وراءَ البناتِ
بوادي الخَفَرْ
وما كنتَ ترصُدُ بوحَ القَمَرْ
لترشُدَ
أو لتعودَ صَبيَّاً مُوَّلَهْ
كأنّكَ أبلهْ!َ
ترى عادياتِ البكورِ
فتُشمِسُ معنى التَّسَكُعِ
خلفَ زرافاتِ عينِ النِّساءِ اللواتي
يُطاردنَ نحلةَ روح البقاءِ
النِّساءِ اللواتي يَخِطنَ التميمةَ غَيْبَاً
لبنتِ الأكابرِ ليلى
ويُملِحنَ ماءَ الوجودِ على صَدر زينبْ
لعلَّك تشجُبُ قلباً 
وتنسى عرافَةَ بابِ الحراسةِ
تنسى يَدَ التَّلِّ منحوتةً كأظافرِ ثَعْلَبْ!
ولا شيءَ أَصْعَبُ
مِنْ رقصةٍ في الملاجئِ
لمّا تَخافُ عليكَ النُّفوسُ الأبيةُ
لا شيءَ أَصْعَبْ!
فَذُبَّ الذُّبابَ عنِ الثَّوبِ
رقّطْ عباءةَ أشجارِكَ الموجعاتِ
وَصَدْرَ المكانِ المُعلَّبْ!!


6- فضاءٌ منَ السّردِ



فضاءٌ مِنَ السَّردِ
حَبْلُ نَعامةْ!
وحُبٌّ قصيرُ الإقامةْ
وذكرى لمولدِ أُمِّ البنينَ
وأُمِّ البناتِ
غلالةُ رَسْمٍ على صفحاتِ النُّفوسِ الزَّكِيَّةْ
طنينٌ لممشى الأَوابدْ
وللدَّلوِ بُرْجٌ وشاهدْ
طقوسٌ لجيشِ سُليمانَ
شَهراً يروحُ، وشَهراً يجيءُ
وجِنٌّ يُصارعُ معنى الخلاصِ
وكيفَ يُكابدْ!
وللدَّلوِ برجٌ برأسِ الحقيقةِ
شمسٌ لهذي الجُموعِ التي تتوافدُ في رأسِ كانونَ
بعدَ التهامِ الحصى في عُروق السَّنةْ
وللدَّلوِ بُرْجُ الخيالِ
وهمزةُ وصْلِ النِّساءِ قُبَيْلَ نَشاطِ القِططْ!
وقَبْلَ الصُّعودِ إلى رأسِ آذارَ
قَبْلَ انشراحِ الحرارةِ
طقسٌ لميلادِ زينبَ إذ تختلي بالبلاء الجديدِ
وتمحو النُّقَطْ!!
أليسَ
بهذا
القياسِ
شَطَطْ؟!

حَبَسْتُ نوافيرَ صدري
فأَرْهَقَ حِبرُ الحواري كتاباً لتفريعِ
وَرْدِ الحدائقِ
كنتُ أغازلُ بلقيسَ: مُرّي
فمرَّتْ
وألقتْ سلاماً عليَّ
وجاءتْ لِتُعْلِنَ أنَّ السَّواقي قليلةْ
وأنَّ العبورَ إلى شاطئِ الأمنياتِ
سؤالُ الهوامشِ:
كيف استراحتْ على لُجَّةٍ من لُجينِ البطولةْ
وبلقيسُ كانت تعيشُ اختصارَ النجاةِ
لِتَرْبَحَ سَهمينِ:
سَهم الهوى
واتصال الحنينِ بِمَوْلِدِ رؤيا الحياةْ



7- وأفقأُ عينَ التراب



وَأَفْقَأُ عينَ الغيابِ
لِيَنْبَعَ قلبي بأفراسِ هذي النهاياتِ
أحتلُّ جزءاً بليغاً مِنَ السَّردِ
أُصغي لِشَلالِها
لِيَكْتَملَ السَّردُ في سرِّ روحي
هنيئاً
لهذي الفتاةِ
لِمَوْجَتها في انتصارِ الحُضورِ
لِتَحْميلِ ساقٍ جرائرَ خلخالِها
لخيطِ الكناري الذي مَرَّ في ثوبها الليلكيِّ
لِفَوْرَةِ صلصالِها   
هنيئاً لها
وأتركُ في رئةِ النَّصِّ جزءاً من الآدميَّةِ
حتى يوازِنَ بين الصُّعودِ
وبين الهبوطِ
لأصعدَ
تصعدُ زينبُ
أهبطُ
تهبطُ زينبُ
ثمّ تُعيدُ يدي لاتِّساع النَّوايا

لأصعدَ
تصعدُ مريمُ
أهبطُ
تهبطُ مريمُ
ثمّ تُعيدُ يدي لِاتِّقاءِ الشَّرارةِ
في لُحْمَةِ النَّخلِ
تربو على كلِّ بحرٍ قَنوطْ

أليسَ
بهذا
النَّسيج
شَطَطْ!

تعالوا إذنْ لاقتسامِ الخلايا
وَخَلُّوا سبيلَ ابنِ شيبان يَحْثُ الترابَ
على منكبيهْ
سلام عليهْ
على فرصةٍ نامَ فيها
قُبَيْلَ التفاتِ النِّساءِ على رُعبهِ
على صُورةٍ في تناسخ هذي الصُّورْ
على مَرْجِ بن عامرَ
وهو يُلَمْلِمُ لي بعضَ ما أرجأتْهُ العباءاتُ
في شهرِ حزيرانْ
سلامٌ على نَهاوندِ ابنِ فرناس
وهو يُجَرِّبُ حَمْحَمَةَ الطَّيرانْ
على كَعْكَةِ العيدِ تفرُكُ أمُّي عيونَ أخي
كي يمارسَ شهوتَهُ في تبادلِ أسمائهِ
بعد هذا الخرابِ الطويلْ
سلامٌ على نسخةٍ الأندلس
تُعادلُ أرجوحتي في كراريسِ هذا العويلْ
ولم أبكِ مُلْكَاً
فلا مُلْكَ لي
فَخَلُّوا سبيلَ ابنِ شيبانَ فجراً
ليختارَ سَبعينَ بحراً
لميقاتهِ
في الجليل!



8- على مَتْنِ هذي القصيدةْ:



على مَتْنِ هذي القصيدةْ
فلسطينُ كانت ظِلالاً بعيدةْ
وليس لها غيرُ حِزْبِ الجُموحِ
وحَرْبِ الفُتوحِ
وميعادِ جَمْهَرَةٍ في البلادِ السَّعيدةْ
وأمَّا الذينَ رأوا في القصيدةِ مُهرَ الصَّهيلِ
تنادوا هنا مُصبحينَ
لكي يَسْلَموا من جَناحٍ مَهيضْ
وإيقاعِ رَسْمٍ مَريضْ

وفلسطينُ جولةُ هذي الجماهيرِ
وهيَ تُهرِّبُ منشورَها
وترسمُ في الليلِ منظورَها
للنِّضالِ
وتشحذُ هِمَّةَ رعدِ بن شيبانَ
حتّى يُفارقَ شَحْمَ الخطى
وفلسطينُ ليستْ صَدى
وقيل لهُ
لابنِ شيبان
أنْ يستعيدَ بطاقتَهُ من يَدِ الرِّيحِ
- حتى إذا وازنَ الماءَ بينَ الهُروبِ
إلى البرتقالِ
وبين اللجوءِ إلى الأرضِ- منفى

وما بين هذينِ قِرْطٌ مِنَ النُّورِ
في سَفْحِ عِيبالَ
لَفَّ عمامَتَهُ واختفى
وصاهَرَ دانوبَهُ بعد ليلٍ طويلٍ
وبعضَ المقاهي على شاطئ مُترفٍ بالنساء
وقيلَ لهُ في حوارٍ أخيرٍ مع المطرِ الهَشِّ
كيفَ أجَزْتَ العُبورَ إلى ساحلٍ غارقٍ
بالحنينِ المُجفَّفِ
كيف التجأتَ إلى بابِ هذا الخرابِ المُقيمِ
على شرفةٍ نائحةْ؟!

ومِنْ عادةِ ابنِ شيبانَ أنْ يتراجعَ
عن صمتهِ
ثمَّ يُنجي يديهِ مِنَ الرِّيحِ خارجَ
حدِّ الرؤى الفاضحة!
لهذا يجيءُ على فَرَسٍ من كلامِ الندى
ويعيدُ لقنديلِ زينبَ أشجارَهُ الواضحةْ!

عُبوري إلى الطِّينِ ضَرْبٌ من الأمنياتِ
وضَرْبٌ من الإلتفاتِ إلى مَكْمَنِ السِّيرةِ المالحةْ!
وَمَيْلي إلى ضِيق هذي المسافةِ
خيرٌ من الشَّطحَ في آخر الأمر وحدي
على صُورة الأرضِ قبلَ اليباسْ!
أعي ما يدورُ بِنارِ الرِّهانِ
وأَقْدِرُ أنْ أستزيدَ من الشُّعلتينِ
شموسي المليئةَ بالياسمينِ
وظلاً لمرآةِ مريمَ
وهيَ تعُدُّ السَّبيلَ لها
لابن شيبانَ
لي
للمسيحِ
ليُؤمَنَ كلٌّ على قَدَرٍ
جاء يسعى إلى ماءِ هذا الرِّباطِ المُقدَّسْ!

أعي ما يدورُ بِنارِ الحقيقةِ
لمّا أزاوجُ بين الخريفِ وقُطْعانهِ
أعي مفرداتِ السَّماءِ
تفاصيلَها
والبناءَ على كلِّ شِبْرٍ من الأرضِ
حتّى إذا ما أتيتُ إلى ساحةٍ
في قلاعٍ عديدةْ
جَمَعْتُ الهواءَ هنا في ضميري
وقيل لهُ
كيف تمشي الإناثُ إلى غرفةٍ ضيّقةْ؟
وكيف تصُبُّ الغيومُ مناديلَها
في رهانٍ مِنَ الوجدِ خلفَ انهدامِ الجسدْ؟

تداركَ أمرَ اللجوءِ
وقال أعي نَفْرَةَ السِّنديانِ
فلسطينُ ليستْ مضاربَ حَفْلٍ لسكّانِ روما
وليستْ شيوعاً
لِهَرْوَلَةِ الكونِ في خَبْطَةٍ هالكةْ
وليستْ جُنوحاً لِفَكِّ الحصارِ عن الماراثونِ الأخيرِ
وليس نَفَقْ!!

كأيِّ نَسَقْ
أعيدُ لها أمرَها المُسْتَحَبَّ
الذين تقاطرَ فيهم زُلالُ الشَّفَقْ
وصاروا على الأرضِ أُسطورةً واحِدَةْ!
هُمُ الطَّاعنونَ بِحَبِّ الندى
في عُروقِ البلادِ
وهمْ صُورةُ الماءِ في ضُوءِ جَنَّتها الخالِدَةْ!

من البحرِ للبحرِ
مِنْ رُكْبَةِ الرِّيح في آخرِ الأرضِ
حتى مقام أبي حين كانِ يؤشَّرُ لي:
مِنْ هنا عَبَرَتْ سيرةُ الماءِ في القافيةْ!
ومِنْ وَهْرَةِ الأُمِّ حين بكتْ صُورةً في الجدارِ
وجاءتْ لتخطبَ لي سَعيَها في المنافي
وكانتْ إذا كَلَّ لي مَتْنُ هذا النشيدِ
أعادتْ بُكاءَ الحمامةِ
أُمّي أحاطتْ بكلِّ سُيولةِ هذا الكلامِ نوافذَها
واستراحتْ لأنظرَ
هل إبنُ شيبانَ يحفظُ عنها سُؤالَ الهُويةِ
أمْ يستريحُ على رُكْبَةٍ غافيةْ؟!


9- كذلكَ يَصعقُ هذا البهاءُ خيالي



كذلكَ يَصعقُ هذا البهاءُ خيالي
ويرفَعُني خَلْوَ أيامهِ للحُضورِ
أُريدُكَ لي
فانتظرْني على بابها

ويرفَعُني لانصهارِ النُّجومِ
وخذلانِ ابن آوى!!

أُريدُك لي في تَصَفُّحِ هذا الكتابِ
ومعنًى لصيرورةِ الماءِ في النَّبْعِ
كان الفتى عارضاً للذبولِ
ولكنَّ حَدْسَ الحصى
كان يعلو على النَّهرِ:
لا تختبرْ عينَ هذا السَّبيل
فللعينِ مجرى تفيضُ عليَّ بأسبابها

لأنّي أردتُ مِنَ اللازوردِ غطاءً
لفائضِ هذي الجُيوبِ الفقيرةِ
ظلَّ الرَّصيفُ شهيداً عليَّ
أُكَرِّرُ مَعنى التَّصالحِ معْ زهرةِ العابرينَ
إلى مُدني
وهلالي
أُكَرِّرُ لَوْحَ الكِتابِ الأخيرِ
لأنّي أردتُ المَبيتَ على كلِّ شيءٍ
قَطَفْتُ يَدَ الأرخبيلِ
وأسكنتُها فسحةً في خيالي

يعيشُ هنا بيننا شاعرٌ
قَرَّ في حَيرةٍ لا تغادرُ صيفَ رضاها
وفي الأرضِ مُتَّسَعٌ لِسواها
وابنُ شيبان يستأثرُ الملحَ منْ أُعطياتِ الأساطيرِ
لا تُرْهِنوا ساحةَ العُرسِ بعد الظهيرةِ
بوذا
ونيرودا
ابنُ الغريبةِ في العُرسِ
رقصُ السُّيوفِ على الجُلجلة!
وكذبةُ نيسانَ
أَمْرُ السُّلالةِ في قلبِ جلجامش
وانضمامُ البناتِ إلى الحَنْجَلة!

ولم أتصالحْ معِ الشِّعرِ في الأرضِ
كنتُ أُدرِّبُ سُكَّانهُ للذهابِ إلى سيرةٍ
في المَجازِ
لِتنهضَ أمُّ القُرى
بعد الذي كابدَ ابنُ شيبانَ منْ حُرقةِ
الحرفِ في الحَنجرةْ!
وبعد اتّساعِ العُطوبِ
وإرباكِ ريحِ البداوةِ في شهرِ أيارَ
بعدَ انقطاعِ الحُضورِ عن العادياتِ
إلى مَوْطِنِ الجِنِّ
جِنِّ الصِّفاتِ التي تُورثُ الجسمَ أصقاعَهُ
في الكتابةِ

لا تُرْبِكوا رصْدَها
فالسَّماءُ يَدٌ مُضْمَرَةْ!

ولم أتصالحْ مع النثرِ
عيني على صُورةٍ في إطارِ الحياةِ
الحياةِ التي سَرَّبتْ لابن شيبانَ صُورتَهُ في أثينا
ولم أتصالحْ مع السَّردِ في خُلَّباتِ المقاهي
وريشِ ابن محفوظَ في القاهرةْ!
لِأُوْصِلَ بعد الجَفافِ المُحيطِ بنا
ما تشاءُ قناديلُ أُمِّ الغوايةِ
في عتمةٍ ظاهرةْ!
أو ما تشاءُ مرايا الضَّريرِ
إذا ما تصالحَ عشبُ النِّهاياتِ
معْ هامةٍ طاهرةْ!

ولي ما تظاهرَ من سَلَّةِ القَمْحِ
فوزُ القُشورِ على هبَّةِ الريحِ يومَ الحصادِ
طردُ الجرادِ عن السَّيْلِ في آخر العامِ
إخفاءُ سَرديَ عن إبنِ آوى!!



10- ملأتُ الخوابي



مَلأْتُ الخوابي
وَزَيَّنْتُها بالقماشِ من الهندِ
طقسٌ فريدٌ لشمسِ حزيرانَ
كانت على السُّور أُمّي تُرتِّبُ نصفَ الغَسيلِ 
وتدفعُ للقِطِّ لحماً طريَّاً
وترجعُ بعد الصَّلاةِ إلى بيتها
كي تُرمِّمَ لحمي
وأمّي كَمِثْلِ الذين رأوا في المنامِ
تطايُرَ أشلاءِ بيتِ العرافةِ
هزَّتْ لفنجانها إصبعينِ
لتمسحَ قَعْرَ السَّوادِ
وقالت: يعودُ من الهندِ
حتّى إذا ابيضَّ شَعْري
أُداري المرايا
وأَغْسِل هَمّي
وأمّي تُحاولُ ثنيَ الخيوطِ  بقلبِ القماشِ
على قَدِّ كُمّي
وأمّي تُضارعُ حبرَ الدروس صباحاً
وتكتبُ لحنَ الرُّجوع مساءً
برغم انعطافِ الحروفِ عن الأبجديةْ
ورغم انفلاتِ الطُّيورِ من الأزبكيةْ!
ورغم انهدام المساحةِ بين أبي
واجتراح القضيَّةْ!
وتركضُ لمّا تراني أقارعُ جاري الصبيَّ المُدلّلْ
لأحفظَ ماءَ الوصايا
وَصِيَّة شيخِ التكايا
لِتُلْغي أنايَ
أنآك
ويبقى مدارُ الهُويةْ!
ملأتُ الخوابي
وزيَّنتُها بالقماش من الهندِ
جارةِ كشميرَ
حتّى إذا ما تَنَمَّرَ شكلُ الحوارِ
أتتْ بالخفايا
لتخطفَ بابلَ هاروتَ ماروتَ
ثنيَ الحجابِ على غيرِ رسْمٍ
وكيّ العيونِ السليبةِ
أو لتُعيدَ جذورَ القرابين للبربريةْ!
ونحنُ فُرادى
ونجزمُ أنْ قدْ وعَيْنا المصالحَ أرضاً
لِنُصْلِحَ شَرَّ البليّة!

وللريح رُقيا
وللناسِ أرضٌ تضجُّ ببيكارِ هذي الدوائرِ
مريمُ ليست تُضارعُ حرفَ القبولِ
وحرفَ النزولِ
إلى شارعٍ لا يُقيمُ لها في القُبولِ
حرارةَ شوقِ الإناثِ على سيرةٍ في السَّريرِ
ولكنّها لا تُضارعُ معنى التَّوَجُّسِ
معنى التَّصالحِ مع سورةِ النخلِ: هُزّي!!
فكانتْ أيائلُ خضراءُ في المنحنى
وكانت بلابلُ في كهرباء المدينةِ تسعى
وجاءتْ لِتُنكرَ ما قد يُخاطُ على ثوبها من ذنوبْ
لِتُعْلِنَ أنْ صَيَّرَتْني الحقيقةُ مأوى لكلِّ القلوبْ
وللريح رُقيا
وللماء نَبْعٌ
وللسَّردِ حقلٌ غريبْ
ولكنْ سأمضي
إلى أنْ تُتاحَ النهايةُ لي في المَمَرِّ اللصيقِ
بهذي الصُّورْ
وهذا مخاضٌ عجيب!
وقولٌ مُريبْ!
وشرُّ البليَّةِ ما يُضحكُ!!!

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x