المهرة

 

أقربُ منها

أقربُ من شفة الريحِ

وأقربُ

إذ أتوحَّشُ من ليل آخر

من ليلٍ مثقوبْ


أقربُ منها

وأحاولُ أن أتفادى وحشتها

وأذوبْ


أقربُ منها

حين يغيبُ الحارسُ عن شفة الريح

_ مراراً_ وأغيبْ

تلك الليلةُ

 

قمتُ أشاكلُ زاوية الحارةِ عن هدأتها

لأمرِّر نفْسي عبر ثقوب الخزانْ

قمتُ

وقابلني الجيرانْ

فرأيتُ منابتَ شتّى لي

ورأيتُ مدًى تخبو

فوق يديهِ الشهبُ

 

بعد حوارين على الشبّاك

قمحٌ طوَّحَ عمقَ السهلِ

فعششَ طيرٌ دون جناحين هناكَ

وعششَ أخضرَ

ما كان عليهِ الشجرُ

وطوى شفة الريح على كفيهِ

فنام الزَّغبُ


فاطمةُ الهبلةُ

ذات الشعر المائلِ للشمسِ

تهادتْ عن أصفرها

وغفتْ خمسينَ خريفاً دون مرارتها

قمحٌ طوَّحَ عمقَ السهل بحجرتها

فرمتهُ بماء الفضةِ

خفَّضتِ السقفَ عليهِ

وعلَّلتِ الموتَ هنالكَ فوق الجسر

بأنَّ الماءَ تطاول عن سرَّتها

فَنَمَتْ بين يديهِ السُّحبُ


فاطمةُ الهبلةُ

ذات الشعر المائلِ للشمس

قليلاً ما تشبهُ عبّاد الشمس

كنتُ رعيتُ لها في الغربةِ حرمتها

ورعيتُ لها تابوتَ السوق

ورعيتُ كما هي حال المجذوبِ

على طرقات المعنى خمسينَ خريفاً

 

ما بلَّلنَ الثوبَ بماء الفضةِ

ما بلَّلنَ الثوبَ

وما كان لبوسَ الحارة

طينُ الطوبْ


بعد حوارين على الشبّاك

وغمغمة السوقْ

كنتُ رأيتُ الساحةَ فارغةً منّي

من يدِها

فارغةً مِمّا

أدخلُ في لغةِ السوقْ

فأرى في السوقِ أخي

وأباهي كلَّ الناس بهِ

وأجرُّ على يدهِ سوقَ الرمانْ

وأخي يدركُ أسرارَ البوقْ

يدركُ كلَّ خراب الشارع

ومرارة تلِّ الحرمانْ

وأخي كان شديدَ الغبطةِ

 

كان إذا مرَّ الناسُ أمامَ الدكانْ

يدركُ أنَّ الأنَّةَ مرعى النوقْ

والمرعى شفةُ الريح  الحيرى

خانةُ مفتاح الحدادينْ

وسباقُ السيارات أمام التلِّ المنظورْ

وأخي يكبرني بثلاثةِ أعوام

كان كثيراً حين أنام

يفتحُ نافذة النُّورْ


غافلتُ أخي فرأيتُ المستورْ

المرأةُ نفْسُ المرأةِ

الجرعةُ نفْسُ الجرعةِ

النطفةُ نفْسُ النطفةِ

لا غير أخي في الموتِ

ولا أقنصُ فاتحة السورْ


الموتُ هنا  

الموتُ هناكَ

 

ولا أثِبُ

حطبُ الطَّعانِ

وتلُّ الطَّعنِ

وقمحُ الطَّحان

أسماءٌ نَثرتْ عِقْدَ البحرِ

على شَبَكِ الديجورْ


فاطمةُ الهبلةُ بعضُ هِناتِ أخي

ورَّطها التلُّ بخاتمة السرِّ

فقامتْ كالمعنى المسحور

ذلك من تأويلِ الشِّعر

ومن تأويل الخمرِ

إذا فوَّضهُ العنبُ

أكتبُ عن تلٍّ

إن عادَ

أعُدْ  

وأعودُ

ولا أغتربُ


يشهدُ ذلك سوقُ البالةْ

يشهدُ ذلك سوقُ الرمانْ

يشهدُ سوقُ الصاغةْ

يشهدُ مقهى الطّعانْ

يشهدُ طابونُ أبي عُقلةْ

يشهدُ راضي السكرانْ

يشهدُ في السوق سليمانُ

الطفلُ المائلُ للحمرةِ

يشهدُ سوقُ الحدادينْ

تشهدُ سيدةٌ في السبعينْ

يشهدُ تلُّ الطَّعنِ

بأنَّ المهرةَ أوقفتِ الجريَ هناكْ

يشهدُ  

يشهدُ  

يشهدُ 

تشهدُ فاطمةُ الحرَّةْ!!

 

 


المقال السابق بأس شديد

كُتب بواسطة:

مقالات أخرى قد تهمّك

  • ولد أعمى                            …
  • صافي نبعك الغرق                            …
  • البئر   أتلمّسُ ماءَ الركبةِ أنهرُ ماعزَكَ المرميّةَ فوق البئرْ وأراكَ تمرّْ بقليلٍ من نارٍ …
  • أقواس مرمّمة أقواس مرمّمة -1- جرَّةٌ فارغةْ كنتُ عبَّأتها بالنبيذْ _ ذات ليلٍ _ وعبَّأتهُا بالكلام ج…

0 Comments: