صَبَوْنا إلى شبر ماءٍ.. ولم نكْتَرِثْ


1- يهُزَّ ابنُ شيبانَ عينَ الرُّطبْ


يهُزَّ ابنُ شيبانَ عينَ الرُّطبْ
فلسطينُ كانت جوارَ القصيدةِ في الغورِ
عاشتْ لِتَنشُرَ أبناءَها الطيبينَ على الأرضِ
مَثنى فُرادى
ويمضونَ للنايِ
حتّى إذا ما استعادَ النبيّونَ وحيَ الخطى
واستداروا إلى لغةٍ في السَّماءِ
وعادوا إلى مَسْقطِ الرأسِ بيسانَ
غَنَّتْ آويها
وَحَمْحَمَ ثقبُ القَصَبْ!

وَعَدَّلَ أخوةُ يوسفَ ثوبَ الرُّعاةِ
ومرّوا على قرطبةْ!
تنادوا هنا مصبحينَ
وجاروا على الذِّئبِ
حطّوا حطاماً لهذي الجسورِ
أزاغوا
فزاغَ مدًى قاحلٌ في اللجوءِ
إلى حيلةِ الرَّقصِ فوق الخَشَبْ!

ولم ينتبهْ إبنُ شيبانَ
لم يقرأ الرِّيحَ في عينِ بصَّارةٍ الماءِ
كَلَّ عن المتنِ
لكنّهُ اختار أنْ يتوضأَ في عينِ
حكمتهِ المقبلةْ!


2- صباحاً تجيءُ الحماماتُ



صباحاً تجيءُ الحماماتُ
تُبْطِئُ في السَّيرِ
تُخْطِئُ بالفَيءِ 
تَرفُلُ بالظلِّ تحت جناحِ سُلالتِها
ثمّ تقفلُ
لا تَنْبَني للمُضارعِ في الفِعْلِ
تَرْبطُ أمرَ المُضافِ إلى الشَّمسِ
في شهرِ آبْ
تُداري الغُرابْ
وَتَفْقَهُ رَيَّ الرِّياحِ بمنقارها الوثنيِّ
سَليلِ التزاوجِ بين السَّرابِ
وبين السَّحابْ!!
صباحاً تَمُرُّ الحماماتُ
تُنْجِبُ ريشَ الصَّبايا اللواتي يُطَرِّزْنَ
ثوبَ الغِيابْ
لِيَهْجُرْنَ غايةَ هذا الصباحِ
وينفرْنَ مِنْ وجبةِ البيتِ بعد اكتمال الضُّحى
ويقرأنَ فيما تيسَّرَ من سَوْسَنٍ في كتاب
وَيُرْجِئنَ شأنَ الخطى للمساء القريبِ
القريبِ من الحدْسِ والأمنياتِ

ولا شأنَ لي بالكلامِ الأخيرِ عن الحُبِّ
معْ صاحِباتِ المراسيلِ في المدرسةْ
ولا شأنَ لي بالذين استعادوا  مِنَ الجَرْوِ
هيئتهِ المُفْلِسَةْ
وحطّوا على سُور بيتِ المليحةِ حبرَ الرُّسومِ
وإيقاعَ ألفاظِها المؤنِسَةْ
وعدّوا النُّجومَ
لتبزُغَ  رائحةُ الليلكةْ!
وإذ يتناجى حبيبانِ
والرِّيحُ تحمِلُ ملءَ الجيوبِ
سفوفَ الترابِ
لِتَخْلطَ بين البرايا
يَحِلّانِ في مُؤْنِساتِ الهديلِ
ويختلطانِ معاً
لِتنفرَ أصقاعُ "برلين " في شاطئيِّ المكانِ
ويبدأَ "غوته" بالرَّبطِ بين الحُلولِ
على الأرضِ حُرَّاً
وبين اكتمال مواسمِ حَبِّ الحَصيدِ
وينتهرانِ فرنسا
لينجوَ نَهْرٌ من السِّينِ
سينِ المديح من الزَّوبعةْ!

وإذ يتناجى حبيبانَ
يصعدُ نجمُ البلادِ مِنَ الأرجوانِ
ويعلو إلى إبطِ نارٍ هلاميةِ الشَّكْلِ
لا شكلَ للماءِ
لا لونَ
لا طعمَ
لا رائحةْ!
لهذا أَصَرَّ على الرِّيحِ
أنْ تحمِلَ ماءَ السمواتِ والأرضِ
في قُبّعةْ!

يَظْهَرُ بالنُّونِ فوق البناياتِ بُرْجٌ لزينبَ
إذ تستردّ دموعي
وَبُرْجٌ لمريمَ إذ تنثني لكلام اليسوعِ
وتمشي إلى زكريا
وَبُرْجٌ ليحيى
كما هيَ تمشي
ليظهرَ فوقَ الجميعِ
ويمسحَ زرقةَ هذي العباراتِ
يُبْرِئَ جفنَ العُبورِ إلى قِشْرَةِ الأناناس
ويُبْرِئَ أَبْرَصَ هذي الشُّكوكِ
ويمضي
هوذا يبدأُ الآنَ غزْلَ ثيابِ الحفيدِ
حفيد النخيلِ يَمُرُّ على بُرْجِهِ
مِنْ رهانِ الحُروبِ
ويظهرُ بالنُّونِ في زمنٍ قادمٍ
يُصْلِحُ الشَّجرَ الأصفرَ اليابسَ المُرَّ
مُرّي بِرِفْقٍ على غيمتي المُتْعَبَةْ              
ولا تَخْرُجي من مدارِ ربيعي!

ولم تبلغ الأرضُ أسبابها
كلُّ شيءٍ تُسبِّبُهُ الكائناتُ
حُوارُ النسيجِ لِسِجّادةٍ
بعد طيِّ السمواتِ في قبضةٍ مُؤمنةْ
وكلُّ نَشيجٍ شَجا في شؤونِ الحياةِ رأى
حَدْسَ قُرْبانهِ في ظِلالِ الخطى الواهنةْ
لهذا تقامُ الصلاةُ
وتُفرِغُ ميقاتها الأرضُ
في لوحةٍ لَيِّنةْ!

هبوباً على جذعِها تستريحُ الأنوثةُ
تختارُ شيئاً قريباً من اللمسِ
تُورِقُ في لحظةٍ الدَّهشةِ الدَّانيةْ
ومنها تُقيمُ الغواياتُ سِفْرَ الرّجوعِ
إلى وطنِ الماءِ
والمفرداتِ
ونشوتها في اللجوءِ لِسُرَّتِها الحانيةْ!

كأنَّ ابنَ شيبانَ يُغْرَمُ بالالتفاتِ
إلى صُورةٍ لا إطارَ لها
أو ثنايا لِجَمْهَرةٍ في البلادِ الفَسيحةْ
لِتَعْلَمَ أنثى الكتابةِ
أنّي سَكَنْتُ لها ذات نصٍّ فريدٍ
تخطّى أعالي اللغاتِ
وطاولَ سُكّانَها الأقدمينْ.
ابن رُشدٍ
وتَشْعيثه للمرايا التي تتهاوى
لينأى إلى نِصْفِهِ مُشْبَعاً بالتعاليمِ
من أجلِ فَرْطِ السَّحابةِ في سنديان الرؤى
و"شيخوف" لَمّا يميطُ عن الطِّبِّ
حقلَ الكتابةْ
ومَنْحى "المعرّي" إلى قُبّةٍ في مدار اللزومِ
و " درويش" إذْ حَصْحَصَ الماءُ
في جُبّةِ اللاجئينْ
قبض هذا اليقينْ


3- أعينوا عليَّ الكواكبَ


أعينوا عليَّ الكواكبَ
حينَ أزيحُ ستائرَ هذا الصُّعودِ  
إلى المُنتهى
وحين أُرَمِّلُ أصقاعَ نَفْسي
ومشهدَ هذا العُبورِ الأخيرِ
لِوَقْعِ السَّحابِ على الأندلس

هنا يُفرِجُ الماءُ عن حَظوةٍ في الممالكِ
يَدْخلُ في كلِّ بيتٍ فَخاراً
لإرجاءِ شُحّ المَصَبِّ
وتغيير مجرى السُّؤالِ عن المُضْمِراتِ الجِيادِ
ويُرجِىءُ قوسَ الصغيرِ إلى حِضْنِ "فيرناندو""1"
لتخرجَ غرناطةُ عنْ سَروةٍ في حدائقِ
( أبو عبد الله الصغير )"2"
وفي ظلِّ تنصيرِ عينِ الشبابِ
الشبابِ الذي أحرزَ النَّصْرَ عنْ تُقيةٍ
بعد فَتْكِ المحاكم زُلفى

كذلك شَمَّ ابنُ شيبانَ
ما كانَ يُضْمَرُ للناسِ
شَمَّ من الحدْسِ شيئاً من العثراتِ الأخيرةِ
فاختارَ منفى
لِيَحْبِسَ دمعَ المَجازِ على أنفِهِ
أعينوا عليهِ الكواكبَ
جريَ المياهِ على ضَعْفِهِ!

وزينبُ أمُّ الغوايةِ كانت هناكَ
تأبّطَها الوقتُ عَبْرَ انزياحِ المدى
عن جُسورِ الخِلافةِ
كانت لصيقةَ عينِ الغُرابِ
ووشمَ الصَّدى بالخرافةِ
كانت تُؤنِّثُ أنفاسَها
كي تُديم وصالَ ابنِ زيدونَ
حُزْناً على النَّاسِ في شمعتينِ على غير ما تشتهي
في جُوارِ الضَّياع الضَّريرْ
أعينوا عليهِ الكواكبَ
_ خَلْوَ الكواكبِ_ حتّى يمارسَ هذا المصيرْ!

__________
* فيرناندو الثالث ملك قشتالة قائد معركة العقاب الذي هُزم فيها الموحدون
عام 1212م، واحتل قرطبة عام 1236م


4- ومريم دهشةُ هذا المخاضِ



وَمَرْيَمُ دَهْشَةُ هذا المخاضِ
أتى مِنْ عَلٍ ظافراً بالذي يهدمُ الشَّكَّ
عَبْرَ اتّساع اليقينْ
أوابدُهُ المُستقرّاتُ عند القيامةِ
مأوى لظاهرِ قولِ الجَنينِ

تجيءُ إلى فاعِلِ الوقتِ
تعْمُرُ أصلابَ هذي الأوابدِ بالنَّمْنَماتِ
ويتّسعُ الطُّينُ
بابُ الوصايا
وميلادُ أرضِ النُّبوءاتِ
تكْفُلُ ريحي منازلَها الشَّاهقاتِ
ولي في السُّلالةِ صوتُ الصَّليلِ
وإيقاعُ هذا الحنينْ
لأعبرَ بوابةَ المُتَّقينْ

وزينبُ أنثى
وصَدرٌ حنونْ
وميقاتُ ربٍّ حليم
وقبضةُ فوضى البداياتِ
جريُ الممالكِ في ساحةٍ للظهورِ
على كلِّ شيءٍ
وإرهاقُ ابنِ شيبان
لمّا يُضارعُ في الشمسِ ظلَّ اليمينْ



5- لتهلك أشياع روما



لتهلكَ أشياعُ روما
ليهلكَ قصرٌ لكسرى
ليهلكَ خفّاشُ ليلِ الممالكْ
لتهلكَ أحراشُ غاباتِ أوسلو
لتهلك أمريكيا
وبيتُ الخرابْ
لتهلكَ سَروةُ كلِّ القياصرةِ الأولينَ
والآخرينْ
ليهلكَ ابنُ شيبان
إنْ كان في السَّردِ يَضْعَفُ ذات ضُحى
أو ضُحًى كان يَشْطُبُ ما لا لزومَ لهُ
في تآكُلِ هذا الكمانْ!
ولستُ أردُّ لِنَسْلِ السَّبيلِ إلى السَّاقيةْ!
تضاعيفَ لونٍ،
-          سماويةٌ سَعةُ الأرضِ فيهِ-
وبعضَ حديدٍ يُناصبُ ضَعْفي ولُوجاً
إلى هيئةِ الأُمَمِ الخاملةْ
ولستُ أجايلُ جيلينِ في حانةٍ لا خَراجَ لها
لِيَنْهضَ هارونُ
أو ليحجَّ إلى لغةٍ كاملةْ!

وها أَنَذا أتمرَّسُ بالفِقهِ
فقهِ اللغاتِ إذا اصطبغَ الغيمُ مأوى لها
وفقهِ البناتِ إذا ما أحَلْنَ الرجوعَ
إلى زمنٍ مُضْمَرٍ في المرايا
لِيَكْشفنَ عن سيرةِ زيدِ الهلالي
ويحلمنَ بالبَجَعِ

وها هيَ كلُّ المآذنِ مصفوفةٌ بالجلالِ معي
لأظفرَ بالغيمِ
والأرجوانِ
وممشى النَّدى

وها أَنَذا أتفرَّسُ بالقُبَّراتِ سَبايا الطَّريقِ
وأدفعُ بالحِرْزِ للأصمعي
وما من " حدا "
وما في المعادنِ من صُورةٍ لابن شيبانَ
إلا تَطابَقَ فيها الخيالُ مع الماءِ 
وها هو ذا في شُيوع الصَّدى
صُورةٌ تقتدى!


6- أعاقَ التَّحوُّلُ ليلاً سؤالَ الهُوية



أعاقَ التَّحَوُّلُ ليلاً سُؤالَ الهويةِ
حتى إذا أثخنَ الطَّينَ في هيئةِ البَشَرِ القادمينَ
من المعركةْ
أحالَ اللظى واحةً في النزوعِ الأخيرِ
لِمَوْتٍ قديمٍ
وَكَفَّ عن الرَّكضِ
كَفَّ
اسْتَكَفَّ
فأكملَهُ
حارسُ الليلكةْ!

وما لِحُبُورِ السَّرايا المقيماتِ ليلاً 
سوى أنْ تضجَّ الأمورُ كعادتها
في ضُحى اللغةِ الأُمِّ
أو في سراديبِ أمنيةٍ الملكةْ!
ليبقى من المَصْلِ رَسْمٌ طليقُ اليدينِ
يراودُها عن رُفوفِ المدى الحالكةْ!

كَمَصْلٍ دفينِ الضُّلوعِ
وإشراق جُرحٍ على قُبَّةٍ في حِمَى الأرجوانِ
تطايَرَ
طارَ
وَكَفَّ
اسْتَكَفَّ عن الخوفِ
كَفَّ
اسْتَكَفَّ وَخَفَّ إلى الماءِ في لجَّةِ الجريان!
وما في المعادنِ من صُورةٍ
لابن شيبانَ
تصدعُ بالأمرِ في قفزةٍ التَّهْلُكَةْ!
أصيخوا إليَّ إذنْ
لا تُوافوا عُقودَ الرؤى
في منامِ الرُّواةِ
فقد آنسَ ابنُ شيبانَ نصراً
جديداً
فَكَفَّ عن الخوفِ
كَفَّ
اسْتَكَفَّ
عن السّيرَةِ الحالكةْ!!


7- لستُ رهينَ يدين ضبابيتين



لستُ رَهينَ يدينِ ضَبابيتينِ
ومُكِّنتا من فضائي الخَفيضِ بأعباءِ هذا النِّزالِ
ولكنني قادرٌ أنْ أعيدَ لها صَبْوةَ الشِّعرِ  
لستُ رهينَ يدينِ
ومُكّنتا
غير أنّي وجدتُ لعنّابها مخرجا
فأصيخوا لعنابها
صُورتي في البراويز بصّارةٌ لم تجدْ زَوْرَقاً
كيْ تحلَّ على الجنِّ من غفلةِ الناسِ
بعد العشاءِ الأخيرِ
لِمَوْلِدِ هذا الفتى
أو تقاضي الغُبارَ الملولَ الذي جاءَ بالجّنِ
-          محكومةٌ في يديهِ جلابيبُ عرَّافةٍ-
من قُرى الهندِ
أو من تعاليلِ روما
صُورتي حِدَّةٌ للإطار القريبِ من الطيّبينَ الحيارى
ومِنْ قاعِ بيروتَ وهي تداوي
فراغ السِّياسةِ مِنْ لعبةِ الإحتكامِ
إلى المصلحةْ!
ومِنْ حالةٍ في رياحِ الفصولِ الشَّبيهة بي
صُورتي في البراويز سنّارةُ الأضرحةْ!
فأصيخوا لها مرتينِ
وهُزّوا على صَدرِ هذا البريقِ
تُراثاً
خسرناهُ
بالأسلحةْ!!



8- لكمْ أنْ تثيبوا




لكمْ أنْ تَثيبوا
ولي أنْ أشُدَّ على الذَّنْبِ
ذنبِ اغتسال الحمامِ
ولي أنْ أعيدَ ضياءَ العيونِ بحكمةِ
هذا القميصِ
ولي أنْ أُرافقَ هذا الغمامِ
ليبلُغَ حيفا
ولي أنْ أصُفِّفَ ليمونها - في سِلالٍ منَ العائدينَ -
المقدّسَ بعد الهبوبِ الكبيرِ من الأنبياءِ

لكم أنْ تَثيبوا
وللجُبِّ أنْ يُخرِجَ النّورَ منْ مائهِ
وأنْ يبتني ثقةً لانتشالِ الغُلامْ
لكم أنْ تُصلّوا صَلاة مُوَدِّعْ
وأنْ تتركوهُ وحيداً
ليبلغَ شأنَ سُجودِ المقامْ

وابنُ شيبانَ يمشي إلى أنْ تُضاءَ الرؤى
وتُصفّى على الأرضِ غاباتُ مملكةٍ
في جيوبِ النُّفوسِ المريضةْ!
وأنْ ينبني عالمٌ ليس فيهِ شتاتٌ
ولا لاجئونْ

وابن شيبان هذا الفتى النبويُّ الحنونْ
سيمشي تقولُ الرّوايةُ
يمشي إلى أنْ تكونَ المنازلُ في الأرضِ
تفاحةً للغوايةِ أو لا تكونْ!

_  سأتركُ هذا الخَيارَ لألحقَ بالجنِّ
بعضُ اللطائفِ طيرٌ
وبعضُ القصائدِ رَجْعُ تَرَفْ!

_ وأينَ ذراعُ الأساطيرِ في الأرضِ؟
 قال المَدينُ لدائنهِ في الصباحِ
_ هناكَ على الريحِ في قريةٍ مِنْ بقايا الخَزَفْ!!
يُعلِّمني الجِنُّ أنْ أستطيبَ العَوالم
في دارةِ السِّنديانِ العليلِ
وبعضُ التعاليمِ مَحْضُ صُدَفْ!

 _ وهل ينبني للحضورِ غيابٌ
وإيقاعُ ذكرى
وهبّةُ نسْلٍ كثيرِ الملامحِ
في لحظةٍ
لاصطفاءِ المريدينَ مِنْ سُورةِ اللونِ في مُحْتَرَفْ!

زرافيلُ بيتيَ حاضرةٌ في الكلامِ
وزينبُ نائمةٌ في سريرِ الصُّحُفْ!
وابنُ شيبان يَشوي على الجمرِ
ما لا يُؤنَّثُ
يمشي إلى أنْ تُضاءَ الرؤى مرّتينِ
تضجُّ القصيدةُ بالمورياتِ
أثَمَّ نهارٌ هنا في اللقاء الكسيحْ؟!
جليدٌ يذوبُ بزاويةٍ في المُحيطِ الفسيحْ
ذبيحٌ تناسَلَ حتّى استوى
كلُّ شيءٍ ذبيحْ
وكبشٌ عظيمٌ هنا في حداثةِ هذا السؤالِ الفصيحْ!!
أثمَّ تصالحُ مع خاتمةْ؟!
أثمَّ رياحٌ خفيفةْ؟!
لتعرجَ مريمُ مع إبنها للسَّماء اللطيفةْ
وتنظرَ هل تتزوَّد هذي المرايا بميقاتها
أم ستعود إلى أهلها صائمةْ؟!
كأنَّكَ يا ابنَ شيبان تَقْعُدُ لي
على كلِّ بابٍ
لِتشهدَ مَوْلِدَ روحي


9- وأحفادنا طيبون



وأحفادُنا طيبونَ
كسالى
ولكنَّهمْ طيبونْ
ويشتغِلونَ ثلاثةَ أرباعِ وقتِ الحياةِ
ولكنَّهمْ طيبونْ
تراهمْ على البابِ يحتكمونَ لأشجارِنا
ثُمَّ إنْ عَبروا ساحة الأرضِ ينشغِلونَ بأسرارِنا
كيف صَرَّتْ مُخَيِّلةُ العزفِ مجرى الحديثِ
عن النّهاوندِ؟!
ولكنَّهمْ طيبونْ
ينامونَ في شارعٍ سرمديِّ الجهاتِ
وفيهم حفيدُ ابنُ شيبانَ
رعدُ بن شيبانَ يمشي إلى مَوْطِنِ
السَّرْدِ في البحرِ
أو معقلِ السِّرِّ في القلبِ
أو مَرْقَدِ العُشْبِ في الأرضِ
يَبْسُطُ أَذْرُعَ هذي الممراتِ في وعيهِ
حَدَّ نَعْي التقاطِ الحصى

لزينبَ أنْ تتداركَ هذا الجنون
لزينبَ أنْ تتزيّنَ لي في المساءِ
كأيِّ فراشةْ
لأمسحَ بعضَ الزغبْ
كرجعِ صَدى
أو كرسْمٍ على فضَّةِ الزنزلختِ
وعاد إليهِ إطارُ السَّماواتِ والأرضِ
أمُّ الغوايةِ عادتْ
وعاد الكناري وحيداً
إلى سيرةٍ في الجبالِ طواها الرعاةُ
فلم يفلح الصَّخرُ في ثنيهِ
عن تجاوزِ هذي الجبالِ
ولم يقطع الحرفَ سَيْفُ الجُمَلْ
طواها الرعاةُ أجلْ
ومرّوا على إثرِهِ مشفقينَ

نعُاسٌ ثقيلٌ هوَ الرَّدمُ
خلفَ انسحاب الأماني من الكأسِ، مرّوا
فأيقنَ سَرَّ انسحابِ الجيوشِ عن التلِّ
ثغرة ريح الشمالِ
وصلصالها في مساءِ الظهيرةِ

كذلكَ يلتفُّ حولي سُقاةُ الإبلْ!
كرجعِ صَدى
أو كأنهارَ تغدو على طَبَقٍ مالحٍ
حالةً للجنوحِ إلى غيمةٍ عارضةْ!


10- أراقبُ هذا الشتاتَ وأمنحُهُ كوثراً



أُراقِبُ هذا الشتاتَ وأمنحُهُ كوثراً   
جَسَدَاً للنُّهوضِ بأعباءِ يومي
صُورةً للبناتِ المقيماتِ في دارةِ الشِّعْرِ
رُمْحَاً لابن شيبانَ إذ يتقصَّى منازلَ أهلي
وِعاءً لِتِرْياقِ نَحْلِ الجبالِ
وأضمومةً للحبيبِ البعيدِ
وللناسِ والطيبينَ
وأمنحُهُ سُكَّرَاً للحُلولِ الأخيرِ على طَبَقٍ راعفٍ
مثل رجْعِ صَدى
أو كَرَجْعٍ أخيرٍ
لمريمَ إذ تنبني مِنْ بهاءْ!
"وليست ككلِّ النِّساءْ"
ولكنّها قبضةٌ للأمومةِ
مأوىً لكلِّ الذين حيارى يموجونَ في الأرضِ
أو يَقْصُرونَ عن الحقِّ في شُبْهَةِ الاصطفاء!

كذلك لي
أنْ أزورَ ابن شيبانَ في المُعتقلْ
وأنْ أصطفي ليديهِ إزاراً جميلاً
وربطةَ عُنْقْ  
وأنْ أستهلَّ لقائي بهِ
بالنشيدِ الذي كانَ يعشقُ
لمّا نزورُ البيوتَ البعيدةَ
أو أنْ أقولَ لهُ: بيتُ أُمِّكَ صارَ فضاءً
لجري الوحوشِ
ومأوى لِجِنِّ الطُّرُقْ!
ولي أنْ أقولَ لهُ:
كيف مرَّتْ على ناقةِ الماءِ زينبُ
بعد احتشاد الضميرِ
وكيف تجلّى نهارُ الحوارِ
على موجتينِ من الزنزلختِ
وأطفأَ لي بعدَ هذي الزيارةِ ضوءَ الإجابةِ
ضوءَ اتِّصالِ الإناثِ بفوضى السَّريرِ
ليعرفَ كيف سيطلقُ لي حاجبيهِ
يمدُّ ليَ الأمنياتِ الجليلةَ عَبْرَ انصهارِ السِّياجِ
ويقضي على الخوفِ في جانبيِّ الزيارةِ
يهدي لأمي أكاليلَ منْ خَرَزٍ وحريرْ

كذلك لي
أنْ أعودَ بأوْفرِ ما راودَ النّفسَ
منْ نقطةٍ في سوادِ الأفقْ
لأنشُرَ رأدَ البداياتِ في كلِّ بحرٍ
وأنشرَ ضعفي
وهمّةَ روح الأسيرْ!!


11- وللخائفينَ مَجازٌ قصيرٌ



وللخائفينَ مَجازٌ قصيرٌ
تبوءُ الثعالبُ بالقاصراتِ 
ونحن إذا ما اشْتَرَكْنا، اشْتَبَكْنا
وإنْ شَارَكَتْنا النوارسُ عُرسَ الحواسِ، اشْتَبَكْنا
بهجراننا للمساءِ
وشاطئ هذا الدليلِ
لكي لا نَرُدَّ الجُيوبَ إلى رسْمِها في المتاحفِ
أو نستظلَّ بوخزِ النَّخيلِ
وإنْ شَارَكَتْنا النوارسُ عُرسَ الحواس، اشْتَبَكْنا
بمضمارِ هذي الخيولِ
سنبدأُ من ها هنا
بالتَّحَوْصُلِ في حِرْفَةِ النَّجمِ
نمشي إلى جُبَّةِ العارفينَ
لنقرأ فَصْلَ أريحا
أريحا التي عاشَ فيها الأبدْ

رماةٌ يجيئونَ من ثَغْرِ نَهْرٍ تقاطَعَ فيه الصَّدى
والحفاةُ على ضفتينِ
وخاضوا عُضالَ القلاعِ الخفيضةِ
مرّوا على حَدْبَتَيْنِ منَ الطِّينِ
طقسِ اشتهاء الغناءِ لِمَوْلِدِ روحِ المددْ!

رعاةٌ تجاسرَ فيهمْ سؤالُ النُّقوشِ
ومرّوا على صُورةِ الأرضِ في قاعِ هذا الجَسَدْ
لتظهرَ أمُّ الغوايةِ زينبُ
تحملُ كَهْفَ اللقى منذُ عَصرٍ قديمِ الأَثَرْ
خضوع الحياةِ إلى مُستَقرْ!

وللخائفين مَجازٌ قصيرٌ
أريحا رُكوبُ البرونزِ على جَفْنِها المستريحِ
على عينِ مأوى الرياحِ
وميزانُ حقلِ الزِّراعةِ
شَدُّ الحبالِ إلى روضةٍ في التلالِ القريبةِ
مشتى " لهيرودس""1"
قصرٌ لهشام بن عبد الملك"2"
ونصٌّ " لميسونَ " "3" يفتُكُ
بالمودياتِ المُخلّاتِ بالنَّقْرِ فوق دفوفِ الرياحِ
وعشقِ الخيامْ
كذلك لي
أنْ أقولَ لهُ فَصْلَ هذا الختامْ
أريحا التحاقُ الجَنينِ بحبْلِ الأُمومةِ!
في عهدِ رأسِ الدِّباغةِ
كانَ لزينبَ أنْ تَسْرُدَ الثَّوبَ بعد العشاءِ الأخيرِ
وأنْ تُقْفِلَ البيتَ حتّى أعودَ لمريمَ
هذا
نزولٌ
لرغبةِ رعدِ بن شيبانَ
كان لها أنْ تُداري الحصى
في عُروق الطَّريقِ
لكي أُخْضِعَ الطيرَ، والجِنَّ لي
ثمّ أعلو عُلوَّ انخفاضِ الرؤوسِ
لِأَمْرِ الترابِ
وأعلو عُلوَّ الجُموحِ
إلى حضرةِ النُّورِ
في كلِّ شيء

________
1-إشارة إلى قصر هيرودس الشتوي في أريحا
2-عاشر خلفاء بني أمية المولود عام 72ه
3-إشارة إلى ميسون بنت بحدل الكلبية
زوجة الخليفة معاوين بن أبي سفيان


12- الذي يفصل الآنَ بيني



الذي يَفْصلُ الآنَ بيني
وبين مدار اللغاتِ المُدلّاةِ  
أَلْفُ زجاجةِ كولا
خيانةُ شيءٍ بريءٍ
براءة هذا السَّبيلِ المُعمّى
-        وفيهِ سماءٌ نباتيةٌ
لا تَقَرُّ على بابِ رَحْمِ الأقاربِ
بعد اختلاءِ الضَّميرِ بِسُكّانِهِ القائمينَ-
على طينِ هذا الشَّتاتِ
تنامُ بُعيْدَ انفجارِ النُّجومِ
على بُعْدِ مِيلينِ
من شمسها المُستدامةْ!!
ولو أشغلوها بنصِّ اليمامةْ!
وحطّوا على جذعِها خُضْرَةَ التِّينِ
أعلى من السَّفحِ هذا الكِتابُ
يكنُّ على وقعِ أجراسِهِ في القيامةْ!
لذلك يبدو على إبن شيبانَ مسحةُ حُزْنٍ
ويمسحُها بالرجوع إلى الذَّاتِ
عند انكسارِ الظلالِ على رَفْرَفٍ
منْ هواءِ الملامةْ!!

لو البحرُ يَقْرُبُ من حاجتي
لانتبهتُ إلى الموجِ، وهوَ يُحاورُ أيامهُ
بانحدارٍ شديدٍ على صَخرةٍ  لا نُحُوتَ لها
أو سَكَنْ
ولو أنّهُ قام إلى عَبَثٍ في الضُّحى
لاستدرتُ إلى لغةٍ
لا مجازَ لها
واحتفظتُ بنكهةِ هذا الوطنْ!


13- وسيّدةٌ غاب عنها سؤال المرايا



وسيّدةٌ غابَ عنها سؤالُ المرايا
فأَزْهَقَتِ المِشْطَ
حتّى تأَنْسَنَ
كيف لها أنْ تقولَ لصاحبها: خانني
سَرْدُ جاري
على باب داري
وكيف لها أنْ تُعَزِّزَ فيَّ انتباهي
إذا ما سَهوتُ عن الأرضِ يوماً
أنا الأبديٌّ الذي لا يُضَعْضِعُ بوحَ المرايا
ولا يُشْمِسُ الماءَ في غيمةٍ قربَ ناري!
جلوتُ لأجلِ رضاها
وعاندتُ صَبّارَ ريحي
وعلّمتُهُ بالنوايا
ولكنَّها لم تزرْني 
فَجُزْتُ ثلاثينَ شَطَّاً
وصَدراً من اللايقينِ
اقتفيتُ بناتِ الهوى
واتَّصلتُ على النُّورِ
لا نورَ في الأرضِ يُمرِضُ فيَّ الحُلولَ
على اللحمِ

كنْ
شاهداً
يا
أنا

تميلُ هيَ الآنَ فوقَ النَّوازعِ في النَّفْسِ
تأخذُ قِرْطَ النَّجاةِ من الغَيْبِ!!   
الغيابُ أخُ الجوعِ
ابنُ الطُّقوسِ المريضةِ في العالمينَ
وفي صَدْرِ جاري
ولكنّها لا تُداري
فَحَلَّتْ حُلولَ الغيابِ على شرفةٍ طاحنةْ!
وقالتْ لزينبَ لا حَيرةٌ كامنةْ
في مقام الخُشوعِ
ولا ناي
لا سُكَّرٌ في المسافةِ بين الغيومِ
وَزُرقتها الآمِنةْ!
فاتَّصَلْتُ على الظلِّ بعدَ خَماسينِ هذا المرضْ
وجئتُ لأَقْمُرَ طيني
أنا اللايقينُ سؤالي!!


إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x