يحاول أن يصطاد الضوء



حين يمدُّ الأعمى يدَهُ في الليل

إلى مفتاح النور الأعمى

يتوكَّأُ ضلعَ امرأةٍ

تبحثُ عن فستانِ السَّهرةِ

 

بعد قليلٍ

وهوَ يُداري سحنتَهُ

عن أحلام الناسِ المنسيينَ

وقد أشغلَهُ المفتاحُ كثيرًا

يُشعلُ زرَّ القلبِ

فتسرَحُ مِنْ يدهِ رغوةُ أحلامٍ

لَمْ يحفظْ تاريخًا لصلاحيتها

تتهاوى مِنْ جوفِ العتمةِ

أيامٌ

وبنونَ

ليدخلَ في الغرفةِ

ثمّ يمارسُ صحوتَهُ

في تحييدِ العجزِ أمام السُّكانْ

تتهاوى

ويدقِّقُ في وجهِ الطفلةِ

في وجه النور المتدفِّقِ مِنْ شريان الغرفةِ

يمسح عن أجفان المعنى

بعضَ ملامح أخرى

فيراها واثقةً

حين يمدُّ يديهِ إلى العكّازِ

ليشعلَ ميزانَ النسيانْ

كان يضارعُ أمنيةً بعد صلاة الفجر

وينهضُ بالأعباء إلى الشارع

لكنْ حذفتْهُ الدنيا

فانحاز إلى بيت الجيرانِ، ينادي:    

يا جارُ عليك الآنَ

-كما النخلة-أنْ تفتح نافذةً خضراءَ

ليدخلَ بعضُ بصيصٍ مِنْ نورٍ

فأنا ما زلتُ عييًا

لا أقدِر أنْ أُشْعِلَ في البيتِ

نوافذَ أخرى للعصفورْ

 

وتجلّى في الحارةِ

صوتُ الناس المنسيينَ على الطرقاتِ

بأنَّ الضوءَ رفيقًا

كان بصاحب عكّازٍ

أفلتَهُ الليلُ مِنَ الرِّقِّ المنشورْ

إذ عدَّلَ ياقتهُ الجارُ

وقال لآخر عنقودٍ في البيتِ: أرح جاري

مِنْ وحشةِ هذا الديجورْ

 

الرجل الأعمى كان وحيدًا

لا يملكُ غيرَ قصيدتهِ الحبلى

يقرأُ في صحن الزيتِ

ويُنشئُ ذاكرةَ لليخضور

كان العشقُ مزاجًا صوفيًا

ونهارًا مِنْ شِقٍّ مفطورْ

يُفرَقُ هذا الأمرُ على مائدةِ الأشباهِ

فيركل بعضَ حنين الأرضِ

بجثتِهِ

 

هذا الأعمى

يصعدُ بالريش وحيدا

لكنَّ الظلَّ على هدأتهِ  

كان يحاول أنْ يصطاد الضوءَ

فقابلهُ الليلُ، فأرهقهُ

في الهمِّ صعودا

إرسال تعليق

حقوق النشر © موقع أحمد الخطيب جميع الحقوق محفوظة
x